• أمام ثورتنا .. أسئلة كبيرة .. لا تقف عند السلفيين وضرباتهم .. ومصير المسلمات الجدد .. وملاعيب الإخوان .. ومناورات الثورة المضادة .. وتوهان القوى السياسية .. ولخبطة أولى الأمر .. وأهم سؤال هو مصير هذا الوطن .. مصير مصر بعد 25 يناير الثورة
  • لست ضد النوايا الطيبة للشيخ حسان وتابعه الشيخ صفوت حجازى وجولاتهما المكوكية فى ربوع مصر لحل ما استعصى على الدولة وما صعب على الحكومة وما فشل فيه أولى الأمر، لكن الدولة دولة قانون
  • أعرف جيدا .. أننى حزين الأن .. لإقتران لقب "أبو العيش" بأمور فساد مالى وإدارى .. بعد أن كانت مثالا للإقتصاد الرحيم .. والتنمية التى لا تنقطع .. ونشر الثقافة .. والتوعية بقضايا البيئة .. والأعمال الخيرية .. وأتمنى من الله .. أن تزول تلك الغمة بظهور الحق وبيان الحقيقة التى لا يحتكرها أحد الان
  • وبين الأب الذى "لم يكن ينتوى" .. والإبن الذى "كان ينوى" .. كانت هناك شهورا قليلة فاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية نفسها .. ولكن أيا منهما لم يكن قد أعلن عن تلك النوايا وكأن مصر ستظل أسيرة نواياهما
  • بينما أولئك المُصنفون "فرز تانى وتالت ورابع" من لصوص ومنافقين.. يحاولون تبديل وجوههم وتغيير مبادئهم وسلخ جلودهم القديمة كالثعابين والأفاعى

السبت، ٢٩ ديسمبر ٢٠٠٧

أسمنت السبعينات


كشفت صحيفة البديل فى تغطيتها لحادث انهيار عمارة لوران بالاسكندرية والتى تحولت الى كومة من التراب فوق ساكنيها فقبضت أرواح 31 منهم حتى الان، أن العمارة واحدة قد تكون واحدة من آلاف العمارات والأبراج التى بنيت فى نهاية السبعينات فى هوجة بناء الأبراج وزمن "خلو الرجل" بأسمنت مغشوش تسرب الى الأسواق.
ولسنا هنا فى محل حساب الفاسدين الذين سمحوا بتسريب هذا الأسمنت بكميات هائلة الى الأسواق فى هذا الزمن التائه كما نحن تائهين الأن، ولا مهندسى ذاك الزمان ممن أقروا سلامة القواعد الخرسانية التى بنيت عليها تلك الأبراج والعمارات الشاهقة، لكننا وبعد ان تكررت وقائع الانهيار المفاجئ بهذا الشكل .. بدءا من عمارة هليوبوليس مررا بعمارة عباس العقاد وأخيرا عمارة لوران فإن التحذير واجب لأن فترةالسبعينات شهدت بناء معظم عمارات كورنيش الاسكندرية ومدينة نصر ومنطقة جسر السويس وبعض المدن الجديدة "القديمة"، ومناطق كثيرة فى القاهرة شهدت طفرة عمرانية فى الاعوام الثلاثة الاخيرة من حقبة السبعينات ومنها شبرا ومنطقة الهرم وفيصل، وتنتظر فقط وجود سبب لتنهار مثل عمارة عباس العقاد التى انجرت ماسورة المياة أسفلها فتحولت الى كومة تراب.
نحذر ولا نريد ان نزرع الرعب فى قلوب الناس حتى يسعى كل ساكن فى مصر الى طلب لجان لمعرفة مدى تحمل العقار الذى يسكن فيه لتصحيح أخطاء الماضى، فحياتنا هى أغلى ما نملك، وبعدها لا يوجد ما نبكى عليه.
لابد أن يتحرك السكان انفسهم سريعاً ولا ينتظرون الأحياء ولا مهندسيها وأن يسعون الى اشراك الدولة ممثلة فى وزارة التعمير فى الأزمة من خلال معاينة عماراتهم والتأكد من سلامتها، فاذا ثبت وجود خلل او خطأ ما بالعمارة فعليهم التصرف فوراً.
وقبل السكان يجب أن تمارس الدولة مسئولياتها فى حفظ أرواح الناس، فهى لديها السجلات والأوراق التى تؤرخ لكل برج من الأبراج، ولا أعرف كيف لم تقم الدولة بهذا الدور خلال السنوات الماضية، بينما يعلم الجميع أن هذا الاسمنت المغشوش شيدت به عمارات يسكنها الموت.
وحين يتم العثور على تلك العمارات المهددة بالانهيار، لا يجب التوقف والتفكير والتعاطف مع الملاك والسكان، بل ازالة المخالفات فورا، وعدم ترك الأمر فى أيدى المحليات المنقوعة فى الفساد والرشوة، وتدخل الدولة لتعويض السكان بمسكن لائق يوازى ما خسروه، حفاظا على أرواح الناس .. هذا هو دور الحكومة وهو حماية أرواح المواطنين .. و"لا الواحد فاهم غلط".

الفساد والبطالة والفقر والمرض والتزوير والقهر وانهيار الاخلاق



لعنات مصر "السبعة"


حسن الزوام

عندما تسطع شمس اليوم الأول من العام القادم 2008، يكون الرئيس مبارك قد أتم فى قيادة مصر 9582 يوما بالتمام والكمال فى طريقه لليوم رقم 10 آلاف الذى يقضيه رئيسا للبلاد، والذى يحين فى 21 فبراير 2009.. ومصر مرهقة لأى حاكم بهمومها وامراضها وآفاتها.. وفى نفس الوقت سهلة القيادة بشبعها الصبور الكتوم القادر على التحمل
ومهمة حكم مصر تكون صعبة فى حالتين.. الأولى حين يفقد المصريون صبرهم، ويقسو قلبهم، ويجهرون بآلامهم، والثانية حين يتعذر تشخيص الأمراض التى تواجهها، وتبقى الحالة الأولى على مرمى البصر لكل متابع لما يدور فى الشارع المصري مؤخرا، فالناس فقدت الأمل والصبر معا، وأصبح تنفيس غضبها فى الشارع.. أقرب لها من أى مكان أخر، حتى بات مبدأ "انتزاع الحقوق" أكثر تأثيرا من شعارات دولة القانون والمؤسسات
أما الحالة الثانية فمن الصعب حدوثها لأن أدراج المسئولين مليئة بالدراسات التى تحدد أمراض مصر.. وتجتهد فى تقديم الحلول.. ورغم ذلك قررنا فى "الميدان" أن نجتهد فى حدود ما لدينا من شواهد لرصد أهم 7 أمراض تهدد مستقبل مصر.. بعد استفحل المرض وصار غولا ينهش فى جسد الوطن.. لنحذر أولى الأمر.. ونذكر من يهمه الأمر.
الفساد
لم يعرف تاريخ مصر محطة غاب عنها الفساد، وكأنه هبط علينا مع لعنات السماء التى أصابت مصر فى عهد فرعون موسى، ليصبح الافة التى تاكل خير مصر وتنهب ثرواتها لتضعها فى أيدى الفاسدين واللصوص.
وخطورة الفساد أنه يدمر منظومة الانسياب الطبيعى للثروات فى مصر، فيزداد الأغنياء غنى، ويذهب بالفقراء الى القاع البعيد، فيصنع الفقر بوصفه الاب الشرعى لأمراض مصر.
والفساد فى مصر هو بطل الأرقام القياسية.. فهناك 11 ألف قضية ضد مسئولين بالجهاز الإدارى للدولة تتعلق باختلاس المال العام والاستيلاء عليه والرشوة والتزوير ولا تزال تلك القضايا منظورة أمام القضاء، لم يتم حسمها حتى الآن، و54 ألف مهندس بالإدارات الهندسية بالمحافظات والمدن والأحياء تمت احالتهم لتحقيقات النيابة الإدارية والعامة خلال العام الماضى، وهناك مليار جنيه يحصل عليها الفاسدون فى المحليات وحدها سنويا، لمنح من لا حق لهم ما لا يستحقون، ونزع هذا الحق ممن يستحقونه، مع العلم أن ما تم رصده من قضايا الرشوة فى المحليات لا يمثل أكثر من 5% فقط من إجمالي حالات الرشوة وأن أكثر من 95% من الحالات لا يتم ضبطها.
مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أجرى استطلاع حول الفساد في مصر، أظهر أن 73% من المصريين يرون أن الفساد منتشر بصورة تثير الانتباه، وأن أعلى مظاهره هي الرشوة والإكراميات ومجاملة الأقارب والاستيلاء على المال العام (1).
وتحظى مصر بفساد فى كل القطاعات، فساد يقتل الناس تحت انقاض عمارات الموت، ولنا فى عمارة لوران بالاسكندرية خير عبرة، أو يحرقهم فى قطارات السكك الحديدية، والأخيرة كانت تدار بأكبر كم ممكن من العشوائية والفساد، الذى كان من أتفه صوره انفاق ملايين الجنيهات كحافز لقيادات شرطة النقل والمواصلات، من حساب أجور العاملين، الذين لم تكن حوافزهم تتجاوز الـ 15 جنيها شهريا، مقابل ألفى جنيه لكل قيادة منهم، فكان الفقر هو المسيطر.. والفقر أبو الاهمال.. والاهمال أوسع أسباب الموت الجماعى (2).
الفساد منتشر فى البلد فهو لم يترك أخضر ولا يابس فى مصر الا وغطاه.. حتى وصل الى البحار.. فأغرق ألف بنى ادم فى عبارة الموت، لدينا فساد يخلط بين سطة الوزير وثروته.. كما يختلط الامر بين سلطان الحكومة وجبروت الحزب الوطنى.. لتصبح مصر كلها مقرا للحزب الحاكم.
باختصار لدينا كل أنواع الفساد.. حتى أن الأمم المتحدة وضعت مصر فى مركز متقدم للدول المصابة بالفساد الإدارى بنسبة تتجاوز الـ 95% بالمائة (3)، كما احتلت مصر المركز 72 في قائمة الفساد العالمى،وفقا لتقرير منظمة الشفافية الدولية (4).
البطالة
اذا كان الفساد هو الاب الشرعى لكافة لعنات مصر فإن البطالة هى "أم" كل الموبقات فى المجتمع، فكل شاب عاطل هو قنبلة موقوتة وطاقة مكبوتة قابلة للانفجار فى اى وقت، ونحن لدينا ما لا يقل عن 6 ملايين شاب عاطل بنسبة تقترب من الـ 10% من السكان، وهو ما يمثل خطورة كبيرة لأن الدراسات الاقتصادية تري أن الحد الآمن لنسبة البطالة في أي مجتمع لا يجب أن تتخطي حاجز الـ 4%.
وخطورة البطالة ليست فى أرقامها التى لا نعرف أيها أصدق، ولكنها تكمن فى المشكلات والجرائم التى يرتكبها العاطلون، ولوجود علاقة طردية بين زيادة معدل البطالة وبين انتشار الجريمة (5)، ولأن العاطل له احتياجات كلها لا يقدر سوى المال على تحقيقها، فاذا لم يحصل على المال بطريقة شرعية، فإن الجريمة هى السبيل أمامه، طالما أنه لا يجد عملا يحتوى طاقته، والا فإن التوجه الى أحضان اسرائيل سيكون بديلا مطروحا.. لأن البطالة تقتل الانتماء.. واذا مات الانتماء تنهار الأمم.
بسبب البطالة لن تتوقف مراكب الموت عن الخروج من مصر الى أى مكان، وستتوالى اخبار غرق المئات من شبابنا فى مياه البحر المتوسط دون توقف.
ولأن البطالة مرتبطة بتأخر سن الزواج فإن العاطلين يمثلون 78% من مرتكبى جرائم هتك العرض والاغتصاب، وبشكل عام فان 65% من إجمالي الجرائم التي تشــهدها مصر سنويا يرتكبها عاطلون، و29% من المتهمين في الجنايات من العاطلين، وكذلك 60% من المتهمين فى جرائم سرقات المساكن، و71% من سارقى السيارات، و80% من جرائم القتل التي تقع في نطاق الأسرة ترتكب بسبب وجود عاطلين بها (6).
وخطورة البطالة المصرية تحديدا أن 99% من عدد العاطلين ممن تتراوح أعمارهم بين 15، و30 عاماً أى من الشباب (7)، وأنها بطالة متعلمة من خريجي الجامعات والمؤهلات المتوسطة، وهو ما يعد على المستوى القومى إهدار استثمارات انفقت في العملية التعليمية دون أن ينتج عنها عائد، بالاضافة الى أن تزايد البطالة فى الريف، وهو ما يزيد من معدلات الهجرة إلى القاهرة والمدن الكبرى، والاخلال بالتوزيع الطبيعى للسكان هربا من جحيم البطالة.
الفقر
إنه الرباط المقدس الذى يجمع بين ما سبق وما هو آت.. بين الفساد الذى يفرق فى الحقوق.. فيصنع البطالة، كما يصنع الفقر.. فالفقر يوجد فى الأوطان التى لا تجيد العدل فى توزيع مواردها، ومن شدة الظلم فإن فقراء مصر يزيد عددهم عن 35 مليون نسمة يقل دخل الفرد فيهم عن 10 جنيه يوميا، لينفق منه على الاكل والشرب والمسكن والصحة والملبس والمواصلات والتدبير لمستقبل أفضل.
وللفقر فى مصر جرائم خاصة، رصدها أحد التقارير الحقوقية من خلال رصد وتحليل مضمون "صفحات الحوادث" بالصحف، والذى يستعرض الآثار السلبية للفقر التي تؤدى إلى ارتكاب جرائم تتسم بالوحشية هرباً من الفقر وهو الأمر الذي لا يمثل فقطتدمير للتنمية بقدر ما هو تهديد لاستقرار البشر فى مصر (8).
التقرير سجل خلال ثلاثة شهور فقط ارتكاب 197 جريمة فقر قام بها 360 شخص، منها 75 جريمة داخل نطاق الاسرة، بمعدل 1.6 جريمة يومياً، ومثلت جرام الفقر 10% تقريبا من الجرائم التى شهدتها مصر فى هذه الفترة، وكانت قيمة المال فى هذه الحوادث ما بين 5 جنيهات إلى 2000 جنيه، ووقعت نصف هذه الجرائم تقريبا فى القاهرة والجيزة، والنسبة الباقية فى محافظات مصر، وكان الفقر وراء وإنتحار 15 مواطن، 98 جريمة قتل، و43 جريمة سرقة.
ويمكن للفقر أن تصل خطورته الى أبعد مدى.. ففى سيناء يهدد الفقر أمن مصر القومى، فالبدو الذين يعيشون بين مطرقة مطارادات الأمن وسندان الفقر، يندفعون نحو الانحراف، ويعملون فى تهريب كل شئ وأى شئ.(9).
يهدد الفقر الشارع المصرى بغياب الامن.. لأنه السبب الرئيسى لـ 99% وراء 2 مليون من اطفال الشوارع المتروكين للكلاب الضالة تنهش لحمهم، او عصابات الكولة تغتصب برائتهم، أو مشارط معدومى الضمير الذين يتاجرون فى أعضائهم، كما يهدده بالانهيار الاخلاقى لوقوف المال وراء جرائم الدعارة والقوادة... فكلما زاد الفقر فى الأوطان.. أكلت نساؤها من بيع الجسد.
المرض
تحتل مصر مواقع متقدمة عالميا فى اللعنات المصابة بها.. ومنها المرض فهى من اعلى دول العالم من حيث عدد المصابين بالسرطان والالتهاب الكبدى الوبائى والفشل الكلوى وأمراض القلب والجهاز التنفسي، ولا يكاد جسد مواطن مصرى يخلو من واحد على الاقل من تلك الامراض أو يعتبر إصابته بها مصير منتظر، فمصر بها 300 ألف مريض بالسرطان على أقل تقدير، و12 مليون مريض بالكبد و4 مليون مصاب بالسكر، و5 مليون مصاب بالفشل الكلوى، والنسب مرتفعة فى عدد مصابى الدرن وأمراض العيون وامراض أخرى.
والأزمة الحقيقية فى ملف مرض المصريين هى أن الشعب المريض لا ينتج ولا يتقدم بل يتراجع باستمرار.. ويهدده مستقبل مظلم.. ما لم يتدارك القائمون على صحتنا - وقبل منهم المواطنين - الأمر، ويعالجون الخلل الذى جعل أرض مصر ملجأ للأمرض والفيروسات، ويكفى أن نتذكر أن مصر كانت من أعلى دول العالم خارج أسيا إصابة بفيروس انفلوانزا الطيور، كما عادت اليها فيروسات مثل السل والجديرى المائي والحصبة الالمانية التى أصابت 3000 طفل وفقاً لبيان صدر عن وزارة الصحة والسكان.
يجب أن نضع أيدينا على قلوبنا بعد أن أصبحت مصر واحدة من أهم ثلاث دول فى العالم فى تجارة الاعضاء البشرية نتيجة زيادة عدد مرضى الكبد والكلى بها، بل وأصبحت مقصدا لسياحة زرع الاعضاء بعد أن تحولت تجارة الكلاوى فى مصر الى بورصة تجمع بين مريض يبحث عن النجاة ووسيط يتاجر فى البشر وطبيب يحمل مشرط استثمارى، وشخص يبيع أعضاؤه تحت ضغط الفقر، فيتحول من خانة الأصحاء لينضم الى صفوف المرضى.. لدرجة ان سعر بيع الكلي انخفض فى مصر مؤخرا نتيجة الإقبال المتزايد على البيعليتراجع من 70 ألف جنيه عام 1996 الى 20 ألف جنيه عام 2007، أو مقابل عقد عمل فى دولة خليجية.
وحين يجتمع الفقر مع المرض.. تتحول حياة الناس الى أزمة عملاقة، أزمة لا تحتملمغامرات خصخصة التأمين الصحى تحت أى مسمى مسمى سواء كان انشاء شركةقابضة للرعاية الصحية أو غيره، خاصة أن أن أكثر الدول فقرا يفوق دعمها ما تقدمه الحكومة للقطاع الصحى الذي يحتاج إلى 29 مليار جنيه في حين أن ما ينفق عليه يبلغ 6.4 مليار جنيه (10).
التزوير
تعانى مصر من مرض التزوير منذ زمن، لكنه استفحل بعد الثورة لنعرف زمن استفتاءات الـ 99.9% وانتخابات تقفيل الصناديق ومنع الناخبين من الوصول الى صناديق الاقتراع ولو باطلاق الرصاص المطاطى على الناخبين او حصار اللجان بالمئات من عساكر الأمن المركزى.
وتعانى الأوطان التى تزور ارادتها من التسلط الذى يولد الفساد.. ففى النظم الديمقراطية هناك برلمان يحاسب المتجاوزين مهما كانت مناصبهم، لأن رجال البرلمان ممثلين حقيقيين للشعب الذى انتخبهم بارادته الحرة، وقادر على اسقاطهم فى أى وقت، ولكن فى مصر.. يتبع نواب التزوير من منحهم الحصانة.. والحصانة ثروة للبعض وتأشيرات وأراض ومميزات وأشياء أخرى.
وأينما وجد تزوير الارادة.. تربع المال على القمة.. وأصبح لكل شئ ثمن.. وحين يسيطر المال تنهار الأخلاق وتتداعى القوانين وتداس القيم تحت الأحذية.. فيبيع الانسان ارادته بعشرون جنيها مقابل صوته الانتخابى، ودون ان يعلم أن الدور قد يأتى عليه ليبيع كليته أو ضميره أيهما أقرب.
القهر
ما الذى يمكن تحمله .. الفقر أم القهر .. عمليا أثبتت التجارب على المصريين أنهم قادرون على تحمل الفقر والتعايش معه الى حين، ولكن لم يعد أحد يحتمل أن يتعرض للظلم مرتين.. فإن كان فرضا عليه أن يعيش فقير .. فمن الأفضل أن يكتفى بقهر واحد وهو قهر الحرمان، وليس قهر الاذلال والتعذيب.
وربما كان هذا القرار الذى اتفق عليه المصريون بشكل ضمنى هو الذى ساعد فى تفجر قضايا التعذيب التى تتكشف يوما بعد يوم فى أقسام الشرطة وسجون المحروسة، فعلى الرغم من انتهاء موجة كليبات التعذيب بانصياع الضباط لتعليمات وزارة الداخلية بمنع دخول الموبايل الى أقسام الشرطة، الا أن الناس أدركت ان لها حقوق وأن الطريق الى القضاء ليس نهايته عزرائيل.
وحين ينتهى القهر .. قهر تعامل السلطة مع الناس وكأنهم أعداء الدولة .. فإن امورا كثيرة سوف تتغير .. أولها اكتساب ثقة المواطن على الأقل حتى ينصاع للأوامر .. فزمن قيادة الشعوب بالكرباج انتهى، لأن العالم أصبح أضيق من شقق الشباب فى المدن الجديدة.
انهيار الاخلاق
تؤرخ حادثة التحرش الجنسي بالفتيات فى وسط القاهرة ليلة أول أيام عيد الاضحى قبل الماضى الى انهيار الاخلاق فى مصر.. فالشاب المصري الذى كانت ثقافته هى حماية الانثى التى هى بمثابة الاخت من اى مضايقات، تحول فى ذلك اليوم على يد عينة عشوائية اجتمعت فى مكان واحد الى كلاب تنهش دون حساب.
ولا يقف الانهيار الأخلاقي الذى نقصده فى مصر عند قضايا الاغتصاب والتحرش الجنسي التى تقدر بـ 20 ألف قضية سنويا (11)، ولا جريمة الاعتداء الجنسي على الأطفال التى تمثل 18% من إجمالي الحوادث المتعلقة بالطفل، والتى يكون مرتكبها فى 35% منها له صلة قرابةبالضحية (12).
ولكنه الانهيار الذى أشعل العنف العائلي وأيقظ شيطان عقوق الأبناء للآباء وزنا المحارم وعدم احترام العمل وسيادة مفاهيم الفهلوة والسطو على حقوق الغير.
كلها أخلاقيات لا يجب التعامل معها على انها شاذة ودخيلة على المصريين، قبل اعتبارها مردود طبيعي للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
لم يعد الكذب جريمة ولا النفاق آفة ضارة فى المجتمع ولكنه صار الطريق نحو الترقى والصعود ..وكأن ميكافيللى صاحب نظرية "الغاية تبرر الوسيلة" صار هو نبي العصر.
غاب التسامح فأصبح من الممكن وقوع ابشع الجرائم لأتفه الأسباب .. وتوسع المجتمع فى صنع الفضائح حتى باتت تجارة وثقافة .. وأصبح التربص سيد الموقف.
ساد العرى كل شئ فى حياتنا .. فانهارت النخوة .. وتكاد تتحول مصر الى قبلة للاسفاف فى زمن الغناء للحمار و"حط النقط فوق الحروف".

مصادر للمعلومات
(1) استجواب للنائب رجب هلال حميدة ومعلومات نقلها عن دراسة بحثية للباحث عبد الخالق فاروق.
(2) حيثيات الحكم الذي اصدرته محكمة جنايات الجيزة ببراءة 11 متهما من العاملين بهيئة السكك الحديدية بعد حادث حريق قطار العياط.
(3) تقرير حركة كفاية عن الفساد فى مصر
(4) دراسة صادرة عن "ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان" بعنوان " الخطر الكامن : الفساد في مصر" والتى قدرت عدد الفاسدين من كبار الموظفين بضعف عدد صغار الموظفين.
(5) دراسة أعدتها الدكتورة نادرة وهدان الخبيرة في مركز التخطيط الاجتماعي التابع لمعهد التخطيط القومى
(6) المصدر السابق
(7) بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
(8) تقرير "جرائم الفقر فى مصر" الصادر عن "ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان" عبر دراسة وتحليل مضمون الصحف.
(9) تقرير لوكالة أنباء رويترز فى اكتوبر 2004
(10) النائب الدكتور حمد السيد نقيب الاطباء فى مجلس الشعب
(11) دراسة الدكتورة فادية أبوشهبة أستاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية
(12) دراسة للدكتورة "فاتن الطنباري" - أستاذة الإعلام المساعد في معهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس

الثلاثاء، ١٨ ديسمبر ٢٠٠٧

مؤتمرات الأقليات .. للداخل "دُر"؟


جاء توالى الاعلان عن مؤتمرات تعالج القضايا المتعارف على وصفها بأنها تخص الأقليات فى مصر، مثل ملفى الأقباط بالأساس والقضية النوبية بدرجة أقل، لتسلط الضوء على تساؤلات مهمة حول جدوى المؤتمرات الداخلية ومدى إعتبارها عودة للداخل فى مواجهة توجهات بتدويل تلك الملفات الساخنة التى طالما أرقت السياسة الخارجية المصرية نتيجة الضغوط التى تمارس عليها، بدعوى الاضطهاد حينا أو عدم الاعتراف بحقوق أصيلة أحيانا أخرى.

واللافت للنظر أنه سواء فيما يتعلق بمؤتمر "المواطنة" الذي عقد فى القاهرة ونظمه المجلس القومي لحقوق الانسان، أو مؤتمر "الهجرة بين الحاضر والمستقبل" الذى ينظمه نادى النوبة العام بالقاهرة قد حظيا برفض داخلى لاعتبارات تتعلق بالأهداف التى ترمى اليهما، حيث واجه مؤتمر المواطنة القبطى الذى عقد بالفعل فى الأسبوع الاخير من شهر نوفمبر الماضى انتقادات قبل انعقاده تعلق بعضها بجدوى دعوة المجلس القومى لحقوق الانسان لقيادات أقباط المهجر لحضور المؤتمر طالما أن أقباط الداخل قادرين على عرض مطالبهم، فى حين ووجه مؤتمر "الهجرة بين الحاضر والمستقبل" رفض نوبى شعبى فى ظل مخاوف من أن يحاول القائمون على المؤتمر من فرض ورقة إعادة التوطين في وادي النقرة، بينما يطالب غالبية النوبيين بالعودة إلي النوبة القديمة حول ضفاف بحيرة السد العالي.

من جانبه أكد المفكر والسياسيى القبطى جمال أسعد عبج الملاك أن مشاكل الأقليات مصرية ويجب أن تظل مشاكل مصرية فى الاساس لأنها تخص مصريون، ومن الخطأ طرحها خارج مصر عبر أجندات خارجية تستغل مثل هذه الازمات - على حد تعبيره – ومن خلال أناس لا يعيشون المشاكل، الامر الذى يفرض وصاية خارجية على أمور داخلية من خلال استغلال مصريون فى الخارج.

ويضيف أنه بعد دعوة بعض أقباط المهجر لحضور مؤتمر "المواطنة" الذي عقد فى القاهرة ونظمه المجلس القومي لحقوق، اكتشف هؤلاء أن طرح هذه القضايا فى الخارج لم يمثل لهم مكسبا معينا، ولذلك وافقوا على الطرح فى الداخل ليس اقتناعا منهم بأنها مشاكل داخلية، ويجب أن تجد طريقها للحل على أرضية مصرية، ولكنهم قرروا السعى فى إختراق المجتمع المصري من خلال هذه المشاكل، وهو ما ظهر بوضوح من خلال استدراجهم لبعض الشخصيات السياسية المرموقة المرموقة تحت بند الليبرالية التى يرى عبد الملاك بأنها على تماس مع الأجندة الامريكية، وتنفيذ أجندته بالداخل دون ان يطالها أى تغيير عن لهجته التى كان يطرح بها القضايا بالخارج.

ويطالب عبد الملاك فى سبيل ابقاء القضايا الداخلية فى محليتها، بضرورة تبنى النخبة الوطنية المصرية والاحزاب والحكومة حل مشاكل الأقباط، وتنمية مجتمع وطنى على ارضية سياسية يتبنى القضايا مهما كانت حساسيتها بغرض الوصول الى حلول.

وتحفظ جمال أسعد على دعوة المجلس القومي لحقوق الإنسان لأقباط المهجر من الأساس، معتبرا ذلك نوع من الخضوع والاستسلام متساءلا هل أقباط المهجر أوصياء على أقباط مصر حتى يتم توجيه الدعوة إليهم، وهل أقباط مصر لا يستطيعون التعبير عن مشاكلهم حتى يدعو المجلس القومي لحقوق الإنسان أصحاب المصالح السياسية في الخارج والذين لا يشغلهم مصالح أقباط مصر.

من جانبه اعترض الأديب النوبى - أول من طرح القضية النوبية خارج مصر خلال المؤتمر الثانى لأقباط المهجر الذى انعقد فى واشنطن خلال شهر نوفمبر 2005 – على التعامل مع القضية النوبية بإعتبار أنه قد تم تدويلها من قبل، مشيرا الى أن حضوره لمؤتمر الأقباط والذى ناقش مشاكل الأقليات فى مصر قبل عامين تقريبا لم يلقى اهتمام دولى ولم تدول كما لم تتدخل فيها أى جهة خارجية سواء مدنية او حكومية.

وشدد أدول على أن شريحة ضئيلة فقط من الاعلام الخارجى هى التى اهتمت بكلمته التى عرضت للقضية النوبية، مرجعا ذلك الى أن القضية النوبية لا تحمل طابع الخطورة.

وشدد أدول على أنه ظل ينادى لفترة طويلة منذ السبعينات بعقد مؤتمرات داخلية لحل المشكلة النوبية التى تتلخص أهم نقاطها فى منح النوبيين اولوية العودة الى موطنهم القديم - على ضفاف بحيرة ناصر الأن – ومشكلة مساكن النغتربين، وتم عقد لقاءات شعبية عديدة فى قرى التهجير وبالقاهرة والاسكندرية، معتبرا أن المؤتمر الحقيقى الاول الذى ناقش القضية النوبية عقد فى ابريل الماضى والذى نظمه المركز المصرى لحقوق السكن تحت عنوان " النوبة بين التوطين والتطوير" بالتنسيق مع لجنتى المتابعة بالقاهرة والاسكندرية وشمل ورش عمل وتوصيات وحضره حوالى 170 نوبى.

واعترف أدول أن حضوره للمؤتمر الثانى لأقباط المهجر حرك المياه الراكدة حول القضية، لكنه رفض حضور المؤتمر القبطى التالى نزولا على اتفاق لجنة المتابعة المنبثقة عن الهيئات النوبية بالاسكندرية - وهو عضوا بها – رغم توجيه دعوة له بالحضور، بعدما رأت اللجنة أن التأثير الكبير الذى حدث نتيجة حضوره ترك نتائج ايجابية، وبناء عليه تم ترقب النتائج الاخرى لعل الحكومة تقوم بشئ ايجابى بدلا من مواصلة نقل الصوت النوبى للخارج فينظر للامر على انه تحدى للسلطة.

وأشار الأديب النوبى حجاج أدول أنه لم يسعى للمشاركة فى مؤتمر زيوريخ لنفس السبب السابق ولمنح القيادة السياسية فرصة بعد التصريحات الايجابية التى أكد فيها الرئيس محمد حسنى مبارك أن الأولوية فى توزيع الأراضى الزراعية على ضفاف بحيرة السد العالى لشباب النوبة.

وسضيف أدول أنه شارك فى فى مؤتمر النوبة بين التطوير والتوطين بكلمة حرص على تلطيفها رغم عدم تفاؤله بالتحركات الحكومية التى لم تفعل تصريحات الرئيس وتحولها الى قرار ملزم، قائلا بلهجة تأثرت باقامته السكندرية "ما حبتش نضرب كرسي فى الكلوب" مؤكدا أن الحزب الوطنى لو فعل التصريح الرئاسي وحوله الى قرار ملزم لكافة المسئولين فإن 90% من القضية النوبية تكون قد حلت ولا يتبقى سوى امور يتشارك فيها جميع المصريين حول البية الاساسي والخدمات ودور الدولة.

وحول المؤتمر النوبى الذى دعا اليه نادى النوبة العام، قال أدول أن مؤتمر "الهجرة بين الحاضر والمستقبل" يناقش القضية النوبية من زاوية الحديث عن إعادة التوطين في وادي النقرة، بينما يطالب غالبية النوبيين بالعودة إلي النوبة القديمة حول ضفاف بحيرة السد العالي.

وذكر حجاج أدول، الروائي والناشط النوبي، أن جميع الهيئات النوبية بالإسكندرية قررت تجميد الاتصالات مع النادي النوبي العام بالقاهرة، ورفضت حضور أي مؤتمر أو اجتماعات خارجة عن لجان المتابعة النوبية، وقال إن الاتجاه الأغلب لدي معظم النوبيين هو رفض حضور المؤتمر.
وكشف أدول عما وصفه بالعامل المستجد على القضية النوبية وهى اظهار بعض رجال الاعمال مطامعهم فى الاستيلاء على 200 ألف فدان حول بحيرة ناصر النوبية، معتبرا أنهم أصبحوا عاملا اضافيا يمنع عودة النوبيين الى الأرض التى يريدونها، مشيرا الى أنه حذر من ذلك قبل عام كامل دون ان يلتفت لتحذيره أحد.

ونوه أدول الى ما وصفهم بالنوبيين الذين يتحالفون مع رجال الأعمال للحرص على ابقاء النوبيين فى الارض التى هجروا اليهم فى الستينيات والتى لا تصلح للمعيشة عليها وهى وادى النقرة التى يميها الاديب النوبى "وادى جهنم"، وهؤلاء يصنعون إنشقاق ظاهرى بين النوبيين، بالرغم من تأكيده أن الاغلية الساحقة من النوبيين من الاسكندرية لأسوان وقعوا على وثيقتين تشددان على حقهم فى العودة الى الموطن النوبى.

ويخشى الاديب النوبى من أن يكون المؤتمر القادم المزمع تنظيمه فى القاهرة مجرد حصان طروادة ضد الاجماع النوبى، مشيرا الى أن الرد على هذا المتمر سيصل الى القائمين عليه فى اللقاءات الشعبية بقرى التهجير خلال عيد الأضحى.

وقال أنه لا نية لنقل الصوت النوبى للخارج، ما أن النوبيين لا يملكون القوة لعقد مؤتمر فى الخارج وسيسعون للحل الداخلى.

من جانبه أشار نبيل عبد الفتاح الخبير بمركز الاهرام الاستراتيجى ورئيس تحرير تقرير الحالة الدينيه فى مصر الى أن التوجه نحو مناقشة أى مشكلات فى الإطار الداخلى تحظى بالتأكيد على تأييد الجميع، ولكن الاهم من عقد المؤتمرات او جذب الملفات الساخنة للداخل هو جدية الحلول المطروحة والتعامل بجدية مع التوصيات.

وأضاف أن الدولة على سبيل المثال اختزلت تعاملها مع الأقباط وكافة ملفاتهم من خلال الكنيسة مما أدى الى تقوقعهم وابتعادهم عن المشاركة السياسية، فتعمقت لديهم حالة الاغتراب الداخلي، وسعيهم لنقل أزماتهم الى الخارج، وبالتالى حينما نسترد ثقتهم داخليا عبر تدابير حقيقية، فهنا يمكن الحديث عن ايجابية الحلول المحلية، شريطة تفعيل دور ودولة القانون والابتعاد عن الحلول الأمنية للمشاكل.

ونوه عبد الفتاح الى خطورة استدراج القضايا الداخلية الى الخارج وربطها بأية تصرفات للسلطة، مذكرا بمحاولة اقحام قضايا النوبيين والأقباط مع قيام الامن بتفريق اعتصام السودانيين فى ميدان مصطفى محمود بالمهندسين فى محاولة للتعميمات السهلة التى تعقد الازمات، واستغلال الجهل الخارجى بتفاصيل القضايا وأسبابها الحقيقية، وهو ما يمكن القضاء عليه بهضم مشاكلنا داخليا .. الا انه ربط بين نجاح ذلك وبين جدية الدولة فى تنفيذ التوصيات التى تصنع حلولا واقعية.

أما القضية النوبية فهى وان لم تخرج الى الاطار الدولى، فذلك يرجع على امكانية حلها عبر اجراءات تنفيذية تعيد اليهم الاولوية فى التوطين حول بحيرة ناصر، وبالتالى هى الأقرب وبقوة للبقاء داخليا، طالما حرصت الدولة على ذلك.


حسن الزوام

الخميس، ١٣ ديسمبر ٢٠٠٧

لو أنى أعرف خاتمتى .. ما كنت عبرت



نقاط النزيف الأخيرة تتساقط من عام 2007 لتعلن مرور العام الثانى فى مرحلة ما بعد العبور للمسقبل وانتخاب رئيس الدولة من بين عدة مرشحين للمرة الاولى فى تاريخ مصر.


عامين مرا واكثر منذ اعلان ادارة مصر بفكر جديد ومنطق أخر وثقافة مغايرة لتلك التى تربينا عليها، بعد أن رفع الحزب الوطنى شعاراته فى وجهنا مبشرا ايانا بالاصلاح فى كل المجالات.

والسؤال .. ماذا حصدت مصر خلال العامين الماضيين؟ وما هو مؤشر هذا الحصاد ودلالته على تحول الشعارات الى كلام فعلى، والخطط الى مردود ايجابى .. فالحكومات ما لم تسعى لتقدم حياة الشعوب .. فما هى وظيفتها اذا؟

حصدت مصر الغضب .. ولم يشهد تاريخها هذا الكم من المظاهرات والاعتصامات .. كل فئات الشعب أعلنت غضبتها .. طلاب يطاردهم الأمن حتى قاعات المحاضرات .. ومحامون يعلنون غضبهم من معاملة موظفى المحاكم .. وقضاة يتكتلون ضد تصرفات وزير العدل ..ومعلمون وأطباء يبحثون عن كادر .. وصحفيون يطاردون وعد رئاسي بالغاء الحبس فى قضايا النشر .. وعمال يضعون حياتهم فى كفة وحصولهم على حقوقهم فى كفة اخرى .. وموظفين يبيتون على الأسفلت خلف مكتب رئيس الحكومة طمعا فى مساواة مع أقرانهم فيحصصدون التجاهل تلو الاخر .. وفلاحون هجروا أراضيهم لأن الأسمدة فى يد المحتكرين وانتاجهم بلا ثمن ولأن الفلاحة لم تعد منها فائدة .. ومواطنون دفعهم العطش أو غياب الامن لقطع الطريق أملا فى شربة ماء .. وبشر يحلم بحقه فى الديمقراطية والحرية.

كل هؤلاء وغيرهم الكثير والكثير .. اعلنوا غضبهم منذ أن عرف الشارع طعم التظاهر ومواجهة عام 2005، لأن حقوقهم أهدرت، دون أى أمل فى استرجاعها .. وبات مرور اليوم دون ان تستفز الحكومة شعبها حدثا يستحق الذكر والوقوف أمامه .. فوزراء حكومتنا صاروا يتنافسون على تصدير الصدمات للشعب .. فوزير يخرج مبشرا بنهاية عصر الدعم .. ينافسه اخر معلنا نهاية زمن الطعام الرخيص .. كأن الحياة كانت ممكنة فى ظل الدعم .. او أن الجوع الذى أنشئ لمكافحته بنكا فى مصر كان مستبعدا فى أيام الطعام الرخيص.. لكن السادة الموظفون على مقاعد الوزراء يتصرفون وأنهم يحكمون شعبا يكرهوه .. شعبا يريدون الخلاص منها وحرقه بجاز، مع الحفاظ على مستثمرى المنتجعات ورجال البورصة ورموز ثورة الاتصالات و"الدوت كوم" ومحتكرى الحديد والاسمنت وملاك عبارات الموت ومستوردى الهواء معبأ فى "أزايز" وجزء من البشر لزوم خدمتهم والترفيه عنهم وتوفير قطع الغيار البشرية فى سوق تجارة الأعضاء الذى أصبحت مصر فيه من الرواد عالميا.

ننتظر 2008 عاما يافعا .. يختفى فيه الظلم والقهر والاستعباد والإفقار والتهجير والخلع من الجذور .. عاما يعبر بكل الشعب - وليس جزءا منه - الى المستقبل حقا.

وصدق الشاعر حين قال "لو أنى أعرف خاتمتى .. ما كنت عبرت"

الأربعاء، ١٢ ديسمبر ٢٠٠٧

انطلاقا من "حشر الاستجوابات" .. كل الطرق تؤدى الى جدول الاعمال




اعتبر نواب مستقلون ومعارضة ضم مجلس الشعب 20 استجوابا جديدا قاموا بتقديمهم ضد الحكومة، الى 65 استجوابا أخر سبق وقامت بأجيل نظرهم لحين تحديد موعد لها، عملية تمهد لقتل هذه الاستجوابات كما يحدث كل عام، ومنع النواب من محاسبة الحكومة على تجاوزاتها، بحكم أن الاستجوابات تمثل أهم سبل وسائل الرقابة البرلمانية وأكثرها تأثيرا اذا منحت الفرصة للمناقشة، فيما اعتبر بعضهم ان كثرة الاستجوابات تقلل من تأثيرها وقوتها التى لا تتجاوز حشد الراى العام، نتيجة قدرة حكومة الأغلبية على وأد أى استجواب بالانتقال الى جدول الاعمال فى أى وقت تريده.

ووصل عدد الاستجوابات المقدمة من نواب مجلس الشعب المستقلين والمعارضين لحكومة الدكتور احمد نظيف إلى 85 استجوابا، وذلك بعد ان جمد المجلس 65 استجوابا منذ أسبوعين ورفض الحكومة مناقشة أي استجواب منها فى الحال أو تحديد موعد قريب، باستثناء خمسة استجوابات تدور حول ارتفاع الأسعار، سيتم مناقشتهم فى جلسة واحدة عقب اجازة عيد الاضحى المبارك.

من جانبه قال مصطفى بكرى النائب المستقل بمجلس الشعب أن السياسة التى وضعتها هيئة مكتب مجلس الشعب هى مناقشة إستجواب واحد فقط شهريا، وهو ما يعنى أن عشرات الاستجوابات لن تجد مكانا لها، خاصة أن الدورة البرلمانية لا تزيد عن سبعة شهور، مر الأول منها دون مناقشة أى استجواب وبالتالى قد يناقس خمسة أو ستة استجوابات خلال الدورة الحالية على أقصى تقدير بعد ضم عدة استجوابات يرى المجلس انها تتعلق بموضوع واحد لمناقشتها فى جلسة واحدة.

وكشف بكرى ان استجواب حول غلاء الأسعار ومعه استجوابات اخرى ضمت اليه مثل الاستجواب الذى تقدم به عن اختفاء الطبقة الوسطى حدد موعدا لمناقشته بعد عيد الأضحى، بينما لم يحدد موعدا لمناقشة أية استجوابات أخرى، فى انتظار قرار هيئة المكتب.

وشدد بكرى على أن النواب طالبوا بمناقشة استجواب اسبوعيا، الا أن هيئة مكتب مجلس الشعب أصرت على موقفها بمناقشة استجواب واحد فى الشهر، ولا زالت المحاولات مستمرة، حتى يتم تفعيل الاستجوابات كافةـ مشيرا الى أن استجواباه عن الفساد فى المؤسسة الصحفية المدعم بـ 1200 مستند لم يناقش رغم تقديمه من قرابة العامين ونصف، وكان هناك اصرار على تجاهله، مشيرا الى ان هذا الاسلوب الذى يتبع مع استجوابات النواب يحول بينهم وبين مهامهم الرقابية على الحكومة، خاصة ان غالبية الاستجوابات المقدمة جادة وتناقش قضايا هامة ومصيرية للمواطن والوطن، وأغلبها تناقش قضية الفساد.

وقلل بكرى من حدة ما نشر حول استبعاد الاستجوابات التى تحتوى على قصاصات صحفية، قائلا أن الدكتور احمد فتحى سرور طلب ذلك ولكن النواب أبداو اعتراضهم على أساس ان الصحف تعد مستندات وتنشر بها تحقيقات مدعومة بالمستندات التى يعترف بها القضاء المصرى، فأبدى الدكتور سرور احترامه للصحافة واعتبارها سندا على وقائع معينة، لكنه شدد على ضرورة القصاصات ضمن مستندات أخرى رسمية كأدلة تدعم الاستجوابات المقدمة.
أما النائب رجب هلال حميدة عن حزب الغد فأكد أن ما طريقة تعامل المجلس مع الاستجوابات تشير الى تنازله عن حق أصيل واضعافه لأداة هامة فى مراقبة الحكومة وهى الاستجوابات، معتبرا أن أن انتظار البرلمان أن تحدد الحكومة المناسب لمحاكمتها أو محاكمة احد أعضائها وبالرد علي الاتهامات الواردة فى الاستجوابات أمر لا مثيل له في جميع برلمانات العالم.

وأضاف حميدة أن عمر الدورة البرلمانية لا يتجاوز 7 شهور، والمجلس يعمل 6 ايام في اسبوعين بإجمالي 12 الي 14 جلسة شهريا وهو عدد غير كافي لمناقشة الاستجوابات وطلبات الاحاطة ومن هنا يأتي القرار المعيب على حد وصفه بتاجيل الاستجوابات، وهو ما يؤدي لاضعاف المجلس وتنازل القائمين عليه عن حماية مصالح الشعب.

وأكد أن الحكومة تتبع سياسية تكديس الاستجواباتلتتهرب من الرد عليها، ودائما ما تساعد هيئة مكتب المجلس الحكومة فى الخروج من مواجهة النواب بطرق شرعية دستورية وسياسية، خاصة في الاستجوابات التي تحرجها.

ويرى حميدة ان تأجيل نظر الاستجوابات وعدم تحديد موعد لمناقشتها يعد دليل قاطع علي قوة هذه الاستجوابات، وقدرتها على احراج الحكومة.

وأشار نائب حزب الغد الي ان المجلس يختار الاستجوابات التي تستطيع الحكومة تقديم مبررات لها وهي عادة متعلقة بالجوانب الخدمية كالتعليم والصحة والتموين والاسعار وهي قضايا فضفاضة تجد الحكومة مخرج من مواجهتها، أما القضايا المتعلقة بأمن الوطن فيتم تاجيلها لانها تفضح النظام.. فمثلا حينما أتقدم – والكلام على لسان حميدة - باستجواب مصور عن تهريب الاثار ويتم تأجيله فان هذا امر غريب، وحينما أتقدم باستجواب عن اهدار مليار جنيه في قطاع الاعلام ويتم تاجيله فهو امر غاية في الخطورة، مشيرا الى أن الحل يكمن في تطبيق ديمقراطية حقيقية وبرلمان حقيقي منتخب يحترم حقوقه الدستورية وحقوق المواطنين ويراعي مصالح البلاد اكثر من مصالح الحكومة.

وأرجع النائب المستقل كمال أحمد تأخر المجلس فى حسم عملية تحديد مواعيد مناقشة الاستجوابات الي كثرة الاستجوابات المقدمة من النواب، فتقرر المجلس تأجيلها الى موعد لاحق بعد العيد الأضحى لحين فرزها الى مجموعات وفقا لسياسة الفرز الحالية التى تقوم على تجميع الاستجوابات المتشابهة من حيث الموضوع لمناقشتها فى يوم واحد.

وأشار الى أنه يتم مناقشة كل مجموعة علي حدة حسب نوعية الاستجواب، فتناقش الاستجوابات التى تدور حول الأسعار والغلاء والخلل الطبقى في جلسة واحدة، واستجوابات الخصخصة ومشاكل العمالة في جلسة اخرى، وهكذا.

وأضاف أنه على الرقم من ان المدة لا تكون كافية لمناقشة الاستجوابات، فانه يجوز للمجلس ببعض الاحيان تمديد وقته للسماح بمناقشة هذه الاستجوابات وان قلل من امكانية حدوث ذلك.

وقال كمال أحمد ان الحكومة لا تحتاج الى التدبير والتخطيط لحشر الاستجوابات فى فترة ضيقة، لأنها تملك الاغلبية القادرة فى النهاية مهما وصل المستجوب الى ذروة التعاطف من النواب جميعا على انهاء المناقشة والانتقال الى جدول الاعمال، من خلال مجموعة العشرين المجهولين الذين يقدمون دائما الاقتراح بالانتقال الى جدول الاعمال وكأن شيئا لم يكن، وأحيانا بدلا من توجيه اللوم للمسئول المستجوب، يتحول الاستجواب الى مناسبة لذكر انجازاته العبقرية والتصفيق له وتوجيه الشكر اليه فى النهاية.

ورجح كمال أحمد أن تكون بعض الاستجوابات مؤجلة بسبب نظرها امام القضاء، خشية خلق جو عام يضغط على سير العدالة ويؤدى الى الخروج بأحكام مسبقة.

وأرجع النائب المستقل كثرة الاستجوابات المقدمة ضد الحكومة والتى وصلت الى 85 استجوابا الى كثرة أخطاء الاجهزة التنفيذية، معتبرا أن هذا الكم من الاستجوابات يضغط علي وقت المجلس المطلوب منه القيام بدوره التشريعى الى جانب مراقبة الحكومة، وأن كثرة الاستجوابات تقلل من قوتها ومن مناقشتها بموضوعية.

وأضاف أنه قديما كان الاستجواب يناقش في يوم كامل مستوفيا عناصره وأدلته والمستندات المؤيدة، بينما الان لا يتجاوز وقت عرض النائب لايتجوابه أكثر من 20 دقيقة، ليفقد قوته وتأثيره حتى على الرأى العام ويصبح مثل "خيال المآته" على حد تعبيره، مطالبا بتفاعل أوسع من الحكومة مع النواب.



7 طرق لهروب الحكومة من الاستجواب


ويقول الدكتور عمرو هاشم ربيع الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية صاحب الورقة البحثية التى تحمل عنوان " قيود ومعوقات الرقابة البرلمانية" أن لائحة مجلس الشعب تمنح الاستجواب الأسبقية على سائر المواد المدرجة بجدول الأعمال بعد طلبات الإحاطة والأسئلة، أن الحكومة تتدخل عادة بدعم من أغلبية الحزب الوطني بالمجلس في تحديد موعد مناقشة الاستجوابات الموجه إليها، حيث تنص اللائحة الداخلية للمجلس على تحديد موعد مناقشة الاستجواب عند إدراجه لهذا الغرض "بعد سماع أقوال الحكومة"، وعلى الرغم من أن المجلس هو الذي يقرر موعد المناقشة، إلا أن الحكومة هي التي تقوم عادة من واقع الممارسة بتحديد الموعد، ولا يملك المجلس عملياً إلا الموافقة عليه في معظم الأحيان.

ويضيف ربيع أن هناك سبع حالات معروفة تمارس فيها الحكومة والأغلبية ضغوطها في وأد الاستجوابات، الاولى هى تحديد توقيتات يكون المجلس فيها غير منعقد، من خلال تحديد مواعيد وهمية، يكون دورة المجلس المحدد لها نحو 7 أشهر قد انفضت، كأن يتخذ المجلس والحكومة قراراً بمناقشة استجواب ما في شهر يوليو، رغم إدراك أن المجلس سينفض قبل حلول هذا الشهر أو مطلعه.

الحالة الثانية هى تحديد توقيتات مفاجئة أو فورية للمناقشة بذات الجلسة التى قدم فيها لإرباك المستجوب، وسبق للحكومة الموافقة في دورات برلمانية على المناقشة الفورية لاستجوابات حول سياسة الإعلام الحكومي إزاء المعارضة، والمخالفات في عقود بناء القصر العيني، وإساءة وزير الداخلية لسلطاته في العمل بقانون الطوارئ، وفشل إستراتيجية الأمن الغذائي، وعجز الحكومة عن حل مشكلة الإسكان، والاستجوابات الثلاثة الأخيرة طرحت الحكومة مناقشتها فوراً بعد علمها بانسحاب المعارضة - التي قدمتها- من قاعة المجلس احتجاجاً على مد العمل بقانون الطوارئ فى احد المرات.

أما الحالة الثالثة لقتل الاستجوابات عدم مناقشة الحكومة للاستجوابات رغم حلول وقت المناقشة فهى تخلى الحكومة في بعض الأحيان عن مواعيد مناقشة الاستجوابات التي سبق أن شاركت بفاعلية في تحديد موعدها، سواء بتأجيل المناقشة، أو بعدم المناقشة حتى فض الدورة البرلمانية، وفى الحالة الرابعة تضع الحكومة بدعم الأغلبية توقيتات غير محددة بدقة للمناقشة، الأمر الذي يؤدي في أحيان كثيرة إلى تجاوز المناقشة لتلك الأوقات، أو عدم المناقشة على وجه الإطلاق، مثل تحديد الحكومة وموافقة المجلس على موعد مناقشة الاستجوابات منسوباً إلى شهر ما، أو في جزء محدد منه دون تحديد يوم بعينه، او تحديد الحكومة وموافقة المجلس على موعد مناقشة الاستجوابات، عقب مناقشة بيان الحكومة وتقرير لجنة الرد عليه، بعد مناقشة الاستجواب الذي قدمه العضو...فلان الفلانى، الذي سمته لم تحدد له الحكومة أصلا موعدا للمناقشة.

ويضيف ربيع فى الحالات الأخرى قد تتنصل الحكومة من مناقشة الاستجوابات من خلال الإيعاز لأغلبيتها داخل المجلس، لتقديم طلبات رقابة تتضمن أسئلة وطلبات إحاطة في قضية قام أحد الأعضاء بتقديم استجواب بشأنها، لكنه لم يأت موعده في الإدراج على جدول الأعمال لتحديد موعد المناقشة، ثم يتم إحالة تلك الطلبات إلى أحد اللجان لإعداد تقرير حولها يعرض على المجلس، مما يقتل الاستجواب المستهدف لأن الائحة المجلس تنص على عدم جواز إدراج الاستجوابات المرتبطة بموضوعات محالة إلى لجان المجلس، بينما يعد وضع قيود على زمن مناقشة الاستجوابات من اهم طرق قتلها، من خلال تحديد وقت محدد بالدقيقة، لا يتجاوزه مقدم الاستجواب، ويصل احيانا الى 5 دقائق أو 10 دقائق، وأحيانا لا يتبقى وقت للمستجوب من خلال إغراق جلسة الاستجواب بالعديد من الأسئلة وطلبات الإحاطة المتفق عليها، حتى يتقاسم مقدمي تلك الطلبات الوقت مع المستجوب أو المستجوبين في حالة وجود أكثر من استجواب، وتبريد الجلسة، وحدث ذلك فى مناقشة استجوابان حول الموارد المائية فى مارس 2005 مع 37 طلب إحاطة و5 أسئلة مقدم غالبيتها العظمى من حزب الأغلبية.

الحالة السابعة والاخيرة هى طريقة انهاء الاستجواب من خلال اقتراح بالانتقال إلى جدول الأعمال وهو الاقتراح الذى ينال الأولوية على أية اقتراحات مقدمة، فإذا لم توجد اقتراحات بشأن الاستجواب، أعلن انتهاء المناقشة والانتقال إلى جدول الأعمال، بمعنى أن شيئا كأن لم يكن، وعلى هذا الأساس انتهت عشرات الاستجوابات التى تعالج قضايا تهم قطاعات عريضة من المواطنين فى ظل الوضع الراهن إلى لاشىء، بالانتقال إلى جدول الأعمال، وتوجيه الشكر إلى الوزير (المعنى بالاستجواب) على الجهود التى يبذلها.



حسن الزوام

الخميس، ٦ ديسمبر ٢٠٠٧

عودة عصور الحطب


"الحكومة تفكر" .. اذا علينا جميعا أن نضع ايدينا على قلوبنا، فهى ان فكرت .. دبرت، وان دبرت .. دمرت .. وقل على دنيا المواطن المصري البسيط السلام ومليون سلام على طول السلام.

والحكومة تفكر هذ الايام فى الغاء الدعم العينى واستبداله بالدعم النقدى.. (بمعنى انها لن تدعم الدقيق المستخدم فى رغيف الخبز) لكنها بدلا من ذلك ستعطيك ايها المواطن الـ"كام قرش صاغ" الذى تدعم به الرغيف الواحد، لتشترى أنت الرغيف من الفرن بربع جنيه أو حسب سعر السوق و"زى ما يطلع" بدلا من الشلن اليتيم الذى تدفعه الان، ولن تدعم دولتنا المصونة الكهرباء ولكنها وفقا لمستوى استهلاكك ستعطيك الفرق بين السعر القديم وسعر الكهرباء "زى ما يتكلف"، وهكذا ستبيع لك أنبوبة الغاز بسعرها قبل الدعم ويقدر بأكثر من 25 جنيه، وستعطيك الفارق "كاش مونى" وانت براحتك تشترى "غاز" .. تشترى "جاز" ولا حتى تستخدم "الحطب" فى الطبيخ وعمل الشاى السادة) انت حر.

ويذكرنى الحديث عن صرف الدعم العينى بدلا من الدعم النقدى، بصرف المعاش المبكر للعمال الذين صرفتهم الدولة من مصانعها التى خصخصت، فنصف هؤلاء العاملين الذين "قفشوا" مبلغ المعاش المبكر على الأقل إما تزوجوا من أخرى تعيد لهم شباب لن يعود، أو صرفوا القرشين على جواز البنات والصبيان وبعضهم لم يصدق وهو المغلوب على امره أن فى يده "كام ألف جنيه" فذهب الى أقرب "خمارة" لينسى أيام الضنك، وخرج من الخمارة على "الكباريه" ومن الكباريه على الشارع، لا شغلة ولا مشغلة ولا فلوس ولا مستقبل ولا مشروع يلم عرق جبينه الذى لم يعد له مكان يتساقط فيه.

لذلك أدعو الدولة وحكومتها وسلطانها بأن يرفقوا بالمصريين ويتعاملوا معهم "بشويش" لأننا شعب مش حمل "اقتصاد السوق" و"أسعار السوق" وغدا حينما يصبح سندويتش الفول بـ 3 جنيه وطبق الكشري بـ 10 جنيه، لن يفهم المواطن أن تعليمات صندوق النقد الدولى واقتصاد العولمة هو الذى فعل فيه ما فعل، ولن يفهم أن فشل الدولة فى توزيع الدعم العينى بعدالة، هو الذى دفعها الى "تكبير دماغها" ورفع سياسة "شيل ده عن ده .. يرتاح ده من ده".

ولا اعرف كيف ستتعامل الدولة مع البنزين والسولار المدعوم .. وكم سترتفع "بنديرة" التاكسي و"أجرة" الميكروباص، وعلى اى أساس ستوزع الدعم .. هل طبقا لمستوى الفقر .. أم منح الدعم لمن يقدر ولمن لا يقدر على أساس أن الكل سيدفع الثمن، ولا أفهم كيف وهى الحكومة العاجزة عن السيطرة على الاسعار لأنها بلا آلية لضبط السوق – أى سوق – ستواجه قفزات الاسعار المتوقعة والتى تهدد بعواقب وخيمة.

كل ما أحلم به أن يفكر سادتنا فى القرار من منطلق أنها حكومة الشعب وانها تحبه وتخاف على مصلحة كل فئاته، وليست الحكومة التى تكره شعبها وتتجاوز عن طحن الملايين منه تحت خط الفقر ولا تتوانى عن إعادة عصور "الحطب" الى القرن الواحد والعشرين.

الجمعة، ٣٠ نوفمبر ٢٠٠٧

المرشد والاستاذ والمشاغب والعنيف والطريد والوصيف والذئب العجوز

7 رجال يكرههم النظام
على الرغم من تباين توجهاتهم وطموحاتهم والخلفيات القادمين منها أو المبادئ التى يعبرون عنها، يجتمع هؤلاء على أمر واحد وهو ان جميعهم لا يحظون بحب النظام ولن نقول أنهم يحصدون كراهيته المطلقة، فهم إما معزولون فى الداخل او معتقلون فى السجون أو مهددون بالمصير المشئوم، وبعضهم مطارد فى الخارج خشية الوقوع فى فخ الحسبة السياسية، ومنهم من يطمح فى السلطة ومنهم من ينتظر.

انهم الرجال الموصومون بالعار السياسى من النظام، الملاحقون دائما .. تحسب عليهم أنفاسهم .. تحركاتهم .. تصريحاتهم .. نقاط الحبر التى تعبر عن أفكارهم .. هتافات الحناجر التى تنادى أسماؤهم .. وذاكرتهم التى تحمل شفرة التاريخ بكل مراحله .. وفى التاريخ عبرة.. وفى العبرة مقارنة .. والمقارنة أحيانا لا تروق للبعض.


محمد حسنين هيكل .. "الاستاذ"

كثيرون الذين تحدثوا عن توريث السلطة من الرئيس مبارك الى نجله جمال.. لكن تصريحات محمد حسنين هيكل وحدها كان تجاهلها أمرا غريبا معيبا من النظام .. لدرجة ان تقارير خرجت تتحدث عن ارتباك فى مؤسسة الرئاسة بسبب ما قاله هيكل عن أن عملية التوريث سوف تتم خلال العام الحالى 2007، وأن الارتباك كان مصدره معرفة من الذى نقل تلك المعلومات لهيكل التى لم تعتبر كلماته مجرد تصريحات ولكنها معلومات يجرى تداولها فى الدائرة الضيقة المحيطة بأروقة السلطة فى مصر.

ولا أعتقد أن تلك التصريحات لو كانت خرجت من غير هيكل لما كان التعامل معها سيخلق ارتباكا وأن يتم التعامل معها كمعلومات مؤكدة، ولكن لأنه هيكل الذى عاصر الزعيم جمال عبد الناصر وساهم فى صنع زعامته وكان الصحفى الاستثنائى فى بلاط الحكم فى تاريخ مصر، ولأنه كان الرجل الذى ساهم فى تشويه صورة السادات بسطوته الاعلامية وخاصة عبر كتابه "خريف الغضب".

لهذه الأسباب تعد ذاكرة هيكل وقدرته على اجترارها، هى مشكلته مع النظام حاليا .. فالمواقف التى تحملها، قابلة للرجوع اليها فى كل وقت، واستدعائها مع كل موقف ومقارنتها بالواقع .. والواقع لا يخفى على احد من حيث الدور المصرى والحال فى عواصم العرب.

لهذا يعانى هيكل عزلة داخلية من الاعلام الرسمى، بل ويلقى الهجوم من الصحف الحكومية، بسبب تصريحاته بل وأسماء المحاصرون فى مؤسسته "مؤسسة هيكل للصحافة العربية"، وكانت أخر الهجمات قد تلت مقال روبرت فيسك بصحيفة الاندبندنت بعنوان "محمد حسنين هيكل.. رجل الشرق الأوسط الحكيم" والذى نقل فيه عن هيكل قوله، أن الرئيس مبارك يعيش عالماً من الخيال فى شرم الشيخ، وانه لم يكن مجهزاً أبداً للسياسة، التى بدأها فى الخامسة والخمسين عندما عينه السادات نائبا له قبل اغتياله.

العلاقة المتوترة بين هيكل والنظام بدأت منذ الافراج عن رجال اعتقالات سبتمبر الشهيرة بقرار رئاسى، ولقاء الرئيس بهم، قبل أن يتحول مكتب هيكل المطل على النيل الى قبلة للمثقفين القلقين على مستقبل مصر، وازداد التوتر بمنع "كتاب خريف الغضب" من دخول مصر عام 1983 فى أعقاب نشره خارج مصر والذى تضمن هجوما على شخص وسياسات السادات، فى وقت كان فيه الرئيس الراحل يلاقى اتهامات بالخيانة من أنظمة عربية معينة.

ظل هيكل يتنقل من هنا الى هناك وتواصلت تصريحاته عن النظام ومنها عام 95 أثناء أزمة قانون الصحافة الشهير حين قال هيكل فى رسالة بعث بها لمجلس نقابة الصحفيين "إن القانون تعبير عن أزمة سلطة شاخت فوق مقاعدها" وانتقل كلمات هيكل بسرعة الصاروخ، وكذلك تصريحاته عن عدد المعتقلين السياسيين التى كمانت الاولى من نوعها، وتأكيده على وجود 150 ألف خط تليفونى تحت المراقبة فى ذروة مباهاة النظام بالحرية التى يمنحها للشعب.

تلقى هيكل الدعوة للظهور فى التليفزيون المصرى أكثر من مرة قبل أن تلغى الدعوة بسبب اصراره على الحديث فى الوضع الحالى وليس التاريخ، فى حين لم يحتمل النظام ظهوره اسبوعيا على قناة دريم الخاصة، فتم ايقاف البرنامج بعد عدة أسابيع، ولم تكرر التجربة، ليجد خيكل موضعا له فى قناة الجزيرة القطرية من خلال اطلالة اسبوعية يضرب من خلالها اسبوعيا ضربات موجعة، رغم أنه كان قد قرر اعتزال الكتابة عندما بلغ الـ 80 فى اعقاب اصابته بمرض عضال.

أيمن نور .. الوصيف

لم يكن أيمن نور فى حالة عداء فطرى مع النظام قبل أن يؤسس عام 2004 حزب الغد ويقف فى صورة استعراضية مع مجموعة من الأسماء السياسية والبرلمانية اللامعة بوشاح برتقالى تيمنا بالثورة البرتقالية فى أوكرانيا الذى تم الاطاحة بنظامها الدكتاتورى من خلال ثورة شعبية وبدعم امريكى.

فأيمن نور كان صحفيا جريئا حينا .. ومتوازنا احيان اخرى .. وكان برلمانيا مشاغبا فى أكثر الأحيان .. ومتفاوضا فى بعض الاوقات .. لكن رسالته فى تأسيس الحزب لم تكن مناسبة للنظام وكانت علامة تحدى لم يكن قادرا على تحمل نتائجها.

كان نور دوما واحد من المحظوظين بلقاء المسئولين الامريكان .. فخرجت الاتهامات تشير الى عمالته لواشنطن وانه يننفذ أجندتها المعلنة من خلال سياسة الفوضى البناءة، وكان ذلك كفيلا باعلان الحرب عليه من وسائل اعلام الدولة .. لكن نور نجح فى فترة وجيزة فى النزول الى الشارع مستغلا ذروة الضغط الامريكى على النظام المصرى للقبول بالديمقراطية وحق المنافسين السياسيين فى التحرك بحرية.

ولكن قبل أن تمر ثلاثة شهور يتهم نور بتزوير توكيلات تأسيس حزبه وترفع عنه الحصانة البرلمانية ليقدم للمحاكمة، فتضغط أمريكا وتطالب بالافراج عنه لخوض الانتخابات، وتؤجل وزيرة الخارجية زيارتها للقاهرة حتى يتم الافراج عنه بكفالة، وفى مارس 2005، وفى مانشيت عملاق فى صدر العدد الأول من جريدة الغد الناطقة باسم الحزب الوليد يعلن نور ترشيح نفسه فى مواجهة الرئيس مبارك على رئاسة الجمهورية وهو على ذمة قضية تزوير التوكيلات، ثم يطوف المدن المصرية منتصبا ومهاجما نظام مبارك بضراوة شديدة وسط مؤيديه لينال مرتبة الوصيف فى تلك الانتخابات، وفى الإعلان صريح بأنه صار يمثل أكبر حزب معارض فى الحياة السياسية المصرية.


لم ينته عام 2005 وفى ديسمبر يقف زعيم حزب الغد فى قفص الاتهام مثل الأسد الجريح بعد أن ضاعت منه حصانته البرلمانية بلا رجعة فى انتخابات مجلس الشعب عام 2005 امام ضابط أمن دولة سابق، لتحكم عليه المحكمة بالسجن خمس سنوات، وهو فى محبسه يحدث انشقاق فى حزب الغد، يقوده وكيل مؤسسى الحزب موسى مصطفى، وتسمح الدولة بحزبين للغد وجريدتين للتعبير عنه فى سابقة لم تحدث من قبل.

وبينما يواجه نور امراضه "السكر والضغط والقلب" داخل السجن دون الامل فى خروج مبكر ليكتب عليه قضاء مدة العقوبة كاملة حتى عام 2010 قبل عام واحد من انتخابات الرئاسة القادمة، سلبت لجنة شئون الأحزاب من تياره فى حزب الغد الشرعية ومنحتها للجبهة التى انشقت عليه بقيادة موسى مصطفى .. ليفقد كل شيء حزبه ومقعده البرلمانى وحريته وحتى الامل فى الخروج لأسباب صحية.

ابراهيم عيسى .. المشاغب

بين ابراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور والنظام مشكلة ظلت عالقة لعدة سنوات .. فبينما كان الصحفى المشاغب فى أوج تألقه هو يصيغ واقعا جديدا يكسر رتابة العمل الصحفى فى مصر فى تجربة الدستور الاولى منتصف التسعينات أخذ النظام قرار ايقافه عند حدوده بإيقاف المطبوعة بعد نشرها لبيان اعتبرته الحكومة مثيرا للفتنة، ومنع تجهيز وطباعة الصحف القبرصية فى مصر.

كان ابراهيم عيسى - الذى عرف عنه جرأة أفكاره الى حد الشطط لدى البعض - نشازا فى تجربته الأولى وهاجم الحكم والحكومة كما لم يكن واردا فى تلك السنوات، ونقل عنه كلمات فى حق السلطة- أو هكذا قيل - وأدت الى توقف المطبوعة.

وعلى طريقة فيلم عنتر ولبلب بين عيسى والامن ظل الصحفى المشاغب يتنقل من مطبوعة الى اخرى محاولة احصول على إصدار .. وعندما فشل .. لجأ الى الكتب التى يهاجم فيها النظام بطرق غير مباشرة مثل "الملك فاروق" ورواية "مقتل الرجل الكبير"، ورواية "أشباح وطنية".

ووصلت ذروة المطاردة الى حد اتمام عملية سطو سلمى "غير معلن" على صحيفة الديمقراطية التى تصدر عن حزب الشعب الديمقراطى الذى كان يرأسه وقتها أنور عفيفى ويرأس تحريرها عبد النبى عبد الستار رئيس تحرير جريدة الغد حاليا، وإصدار عدد تاريخى خاطف تضمن حوار مع الفريق أبو غزالة الذى لم يكن ظاهرا فى تلك الفترة ولا زال، وشمل العدد هجمات غير محدودة على الحكومة والحكم.

لم تتكرر تجربة عيسى مع صحيفة "الديمقراطية" وفشل كل مشاريع اصداراته وامتهن الكتابة فى بعض الصحف الخاصة، حتى عادت الدستور الى الظهور عام 2006 ليخرج عيسى كل ما فى جعبته من معارضة للنظام، ووصل الامر الى حد اتهام الدستور بأنها لسان حال جماعة الاخوان المسلمين التى يعتبرها النظام جماعة محظورة وفقا للقانون، الى حد اتهامه بالسب والقذف والتحريض والإهانة والتطاول على رئيس الجمهورية، وصدر الحكم ضده فى يونيو 2006 بالحبس سنة مع الشغل وكفالة 10 ألاف جنيه، قبل أن تخفف محكمة الاستناف الحكم الى غرامة مالية كبيرة.

وتصل العلاقة بين النظام وعيسى المصر على مهاجمة الرئيس مبارك وعائلته بلا كلل ولا ملل الى ذروتها فى اعقاب نشر الدستور اليومية اخبار عن صحة الرئيس، اعتبرها بعض المحامون كاذبة ومضرة بمصلحة مصر وأمنها ومستقبلها واقتصادها، ليواجه عيسى المحاكمة التى أجلت إلى يوم 14 نوفمبر المقبل بتهمة نشر أخبار كاذبة، ولا يعرف أحد ما هو المصير الذى سيؤل اليه.

عبد الحليم قنديل .. العنيف

قبل الفورة الاعلامية التى صاحبت موجة الديقراطية المفاجئة على بر مصر فى عام 2005، كان الدكتور عبد الحليم قنديل رئيس التحرير التنفيذى لجريدة العربى، هو اعنف الصحفيين هجوما على نظام الرئيس مبارك، واول من هاجمه شخصيا لا بحكم منصبه، وكان الأكثر شراسة فى استخدام الألفاظ ضد المنصب الرفيع، غير معترفا بقدسية ولا تبجيل.

كان قنديل يكتب مقالا اسبوعيا فى الصفحة الاخيرة لجريدة الحزب الناصرى، وكانت مقالته من اعنف ما يمكن كتابته فى تلك الاوقات (2000 - 2005)، وكان اول من هاجم التوريث بشدة وهاجم وزارة الداخلية وكذب رواياتها أكثر من مرة، كما كان أبرز مؤسسى الحركة المصرية من أجل التغير "كفاية"، التى تأسست فى منتصف عام 2004 للتحرك ضد توريث السلطة فى مصر والمطالبة بالإصلاح الشامل وتداول السلطة، الى جانب اعتباره واحد من اكبر معارضى السياسة الامريكية وسياسة مصر تجاه القضايا العربية.

وبقى شهر نوفمبر عام 2004 هاما لدى قنديل نفسه .. ففيه تعرض رئيس التحرير التنفيذى للاختطاف فى ساعة متأخرة يوم الإثنين مطلع نوفمبر 2004 أثناء عودته إلى منزله فى الهرم على يد مجهولين قاموا بضربه وتجريده من ملابسه وإلقائه فى الصحراء، بعد تهديده بالقتل ما لم يتوقف عن شتائم الكبار.

اشعل الاعتداء على قنديل غضب الصحفيين فتجمعوا وعلى رأسهم النقيب، أمام مكتب النائب العام مطالبين بالتحقيق فى الواقعة باعتبارها "عدوانا خطيرا على حرية الرأي"، واعدات للذاكرة واقعة ضرب الكاتب جمال بدوى رئيس تحرير صحيفة "الوفد" المعارضةفى ذلك الوقت، قبل نحو 9 أعوام على طريق صلاح سالم، وكذلك واقعة الاعتداء على مجدى حسين رئيس تحرير صحيفة "الشعب" المجمدة فى ذروة الخلافات بينه وبين وزير الداخلية السابق حسن الألفى فى نهاية التسعينيات، وضرب الصحفى محمد عبد القدوس فى 21 يونيو 1995 خلال أزمة قانون الصحافة رقم 93 لسنة 1995.

وعندما انتقل قنديل الى جريدة الكرامة المعبرة عن حزب الكرامة القومى "تحت التأسيس" هاجم الرئيس وأسرته بضراوة وتسبب فى ازمة كبيرة بسبب مانشيتات الجريدة، حتى اتهم تقرير المجلس الأعلى للصحافة الجريدة بإهانة رئيس الجمهورية، ووصلت الى حد الاطاحة به من رئاسة تحرير الكرامة، حيث أكد قنديل وقتها أن رئاسة الجمهورية ممثلة فى شخص رئيس ديوانها الدكتور زكريا عزمى، ووزير الإعلام أنس الفقى، وجهاز أمن الدولة طالبوا صراحة بإبعاده عن منصبه قبل أن يتقلده منذ عام ونصف العام، وقوبل الطلب بالرفض القاطع، إلا أنه ومع مرور الوقت تآكلت حصانة الرفض لدى الجريدة، وخضعت للضغوط التى مورست عليها.

مهدى عاكف .. المرشد

بين القوى السياسية مجتمعة يظل منصب المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين هو الاكثر كراهية من النظام وخاصة حين يكون رجلا مثل مهدى عاكف، لأكونه صاحب التصريحات التى لا تتمتع بأى دبلوماسية ولا كياسة، فى مواجهة أكثر الملاحقات عنفا للجماعة المحظورة امنيا وسياسيا، وسيطرت عليه طباعه الشخصية التى جاءت متأثرة بتاريخه كقيادى تنظيمى تعرض للاعتقال أكثر من مرة، وباعتباره من الحرس القديم للجماعة.

كانت الجماعة هى الاكثر استفادة من انتخابات 2005 وحصلت على 88 مقعد برلمانى فى مجلس الشعب، وبسبب ذلك شهدت بعض الدوائر تضييق أمنى شديد لمنع باقى مرشيحها من حصد الدوائر.

وظل الصراع بين النظام والجماعة يتصاعد فى ولاية عاكف، ولم تتوقف المطاردات والاعتقالات وتقديم القيادات إلى المحاكمات العسكرية، ومصادرة أموال بعض مليونيراتها واتهامهم بغسل الأموال، حتى وصل الامر الى ذروته بتاكيد الرئيس مبارك على أن الإخوان خطر على أمن مصر.

فمنذ تولى محمد مهدى عاكف منصبه عام 2004، كانت البداية استعراض قوى كبير فى جنازة المرشد السابق مأمون الهضيبى اعلانا بأن السياسة أصبحت هى وقود الجماعة، فأعلن بعد أسابيع من توليه الارشاد عن "مبادرة جماعة الإخوان المسلمين للإصلاح الداخلى بمصر"، التى ركزت على سرعة الاصلاح من المنظور الإسلامى، مع تبنى آراء أكثر انفتاحا تضمنت قبوله بعضوية الأقباط داخل الجماعة وأبدى استعداده للتحالف مع الناصريين والشيوعيين إذا استدعى الأمر.

مارس المرشد ونوابه الـ 88 ضغوط شديدة على الحكومة والنظام، ومارس النواب رفضا ملفتا لانظار العالم للتعديلات الدستورية والتشريعية والاخيرة، ليصبحوا أكبر نقطة ازعاج من المعارضة مجتمعة رغم اعتبارها جماعة محظورة.

وعلى الرغم من الضربات الامنية المتتالية للجماعة المحظورة، بقيت لديها دائما قدرة تنظيمية أكبر من أى قوى سياسية شرعية، وتعتبر كافة الدوائر السياسية ان الجماعة فى عهده اصبحت البديل الوحيد الموجود للنظام الحالى، وهكذا تعامل الغرب مع الموضوع برمته.

سعد الدين ابراهيم .. الطريد

حينما التقى الرئيس الامريكى جورج بوش، بالدكتور سعد الدين إبراهيم استاذ الاجتماع السياسى ورئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية على هامش لقائه بالمعارضين وناشطى الديمقراطية المشاركين فى مؤتمر الديمقراطية والأمن فى العاصمة التشيكية براغ، كتبت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية أن الرئيس مبارك أبدى غضبه الشديد من سعد، بسبب تحركاته ضد النظام المصرى ومشاركته فى مؤتمرى الدوحة وبراغ حول الديمقراطية، ومطالبته الرئيس الأمريكى بالسعى لإلزام الرئيس بالوفاء بوعوده الديمقراطية، وربط المساعدات التى تتلقاها مصر بتنفيذ هذه الوعود والإفراج الفورى عن جميع المعتقلين السياسيين، لدرجة تأكيد الصحيفة الامريكية أن مسئولين اقترحوا على سعد مغادرة البلاد حتى يهدأ الرئيس.
وعلى الرغم من أن سعد عبر شعوره بالإحباط والخيانة من جورج بوش، لأنه لم ينفذ وعوده بعد أن تعرض للخداع، والخوف من تهديد الإسلاميين، الا أن ابراهيم اتهم بالخيانة والعمالة والإضرار بالاقتصاد المصرى بتحريضه الإدارة الأمريكية على وقف الدعم المالى الأمريكى لمصر، ورفعت عليه أربعة قضايا تصل عقوبة كل تهمة فيها الى السجن ثلاث سنوات، وهى القضايا التى رفعها سياسيون ومحامون وينظرها ينظرها القضاء حاليا، ويواجه فيها شبح السجن الذى مر به خلال تجربة مماثلة فى أول مواجهة حقيقية مع النظام، بعد أن قبض عليه فى يونيو 2000 هو 17 من باحثى مركز ابن خلدون، وووجهت له اتهامات ببث معلومات كاذبة من شأنها الإضرار بالمصالح المصرية، والحصول على معونات من جهات أجنبية بدون ترخيص، والنصب على الاتحاد الأوروبى وسلب أمواله دون وجه حق، وحكمت محكمة لأمن الدولة العليا عليه بالسجن مع الأشغال الشاقة.

وقتها .. هوجم سعد بشدة من الصحف التى اتهمته بالعمالة لأمريكا، التى دافعت عن مواطنها الذى يحمل جنسيتها ومتزوج من امراة أمريكية ظلت صامدة بجواره، لدرجة ان إدارة الرئيس الأمريكى جورج بوش قررت تجميد المعونات الاقتصادية الإضافية المقدمة إلى مصر حتى يتم الإفراج عن المواطن الأمريكى السجين، حتى برأت محكمة النقض سعد الدين إبراهيم ورفاقه من كل التهم التى وجهت إليهم.

ونتيجة للمطاردة الحالية .. هذا اختار سعد، النفى الذاتى خارج مصر بالولايات المتحدة الأمريكية مترددا على عدد كبير من الدول الأوربية والعاصمة القطرية الدوحة التى أصبحت قبلة المعارضين فى الشرق الاوسط، محتميا بقدرته على الإتصال بالولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي بسهولة، وهى النقطة الأبرز التى تجعله غير محبوبا من النظام، خاصة انه أكد على انتهاز كل فرصة لانتقاد الرئيس مبارك ونظامه وحزبه وشن حملة تحريض واسعة ضده فى الصحف الامريكية وفى الارساط الأوربية.


عدلى أبادير .. الذئب العجوز

يعد عدلى أبادير الاب الروحى لأقباط المهجر واحد ان أهم منابع الاساءة للنظام السياسي المصري فى الخارج .. فالرجل لا يكل ولا يمل من اتهام النظام بالعمالة للوهابية السعودية والتعاون مع الاخوان المسلمين من اجل احكام الاضطهاد على الاقباط الذى يصر ذئب المهجر العجوز على وجوده.

ويتهم أبادير بأنه يستغل "فترة انتقال السلطة فى مصر حاليا" للضغط على النظام فى إطار متاجرته بالهموم القبطية، فى حين يتولى حملة لمهاجمة النظام بدعوى اضطهاد الاقباط من خلال مؤتمرات عدة عقدها فى سويسرا والولايات المتحدة طال خلالها بدولة مستقلة للأقباط، وحاول النفخ فى المطالب النوبية لتحويلها الى قضية أقلية مضطهدة هى الأخرى، وإنشاء دولة مستقلة ولو باتحاد كونفيدرالى مع النوبيين.

نجح أبادرير رجل الاعمال الثرى فى دعم الجماعاتالقبطية فى المهجر التى كانت تستقبل الرئيس مبارك خلال زياراته الى الولايات المتحدة بهجوم حاد تسبب له فى احراج شديد أكثر من مرة، وكانوا يركزون على كتابة مقالات حول اضطهاد الأقباط قبل الزيارة بفترة طويلة لحشد المظاهرات والمواقف ضده، كما سعت تلك المنظمات اكثر من مرة الى تحفيز نواب الكونجرس الأمريكي على الدعوة لمعاقبة مصر والتدخل لحماية مسيحييها والتهديد بقطع المعونة الامريكية أكثر من مرة.

دعم أبادير مؤتمر شيكاغو الذى يناقش ما يقولون انه خطة المسلمين لـ"اختطاف الفتيات القبطيات" ولم ييأس من انكشاف حقيقة العلاقات العاطفية وراء حالات اسلام الفتيات التى أثارتها منظمته "الأقباط متحدون"، مصرا على ان الدولة هى التى تدعم اختطاف المسيحيات، كما يستغل أى حادث لاظهاره فى شكل اضطهاد يطارد به النظام المصرى فى كل مكان يحط فيه.

ودعى أبادير فى أكثر من مقال الى محاكمة الرئيس مبارك شعبيا محددا قائمة قال أنها مبدئية من 22 اتهاما، دس فيها اتهاما بالاضطهاد والتآمر على الكنيسة الأرثوذكسية ودعم انشقاقها.

الخميس، ٢٢ نوفمبر ٢٠٠٧

نقابة الصحفيين من حمى الانتخابات .. الى ارتكاريا الخلافات


للوهلة الأولى يصعب الاجابة على سؤال كيف ستكون طبيعة العلاقة داخل المجلس الجديد لنقابة الصحفيين بعد أسبوع واحد من تعافيها من حمى الانتخابات، التى حولتها الى مكان أقرب الى سوق الإمام الشافعى الذى يباع فيه كل شئ ويشترى ، وتعرض فيه السلع بكل كيفية ممكنة بدءا من التسويق بدقائق الموبايل المجانية مرورا بإغراء رائحة رغيف الخبز الافرنجى الطازج نهاية بزفة المزمار البلدى، ووجبات المطاعم التى حطت ساخنة على صوان العزاء المنصوب أمام المبنى فى 4 شارع عبد الخالق ثروت، فى سرادق تم نصبه ليغنى فيه كل على ليلاه.

فالوضع الملتهب تارة والهادئ بوجهة نظر أخرى، دفع زميل مثل ابراهيم حجازى الذى قضى عشرون عاما عضوا بالمجلس الى الخوف من مجرد ابداء تصوراته لمستقبل هذا المجلس، الذى شهد تغيرا (6 أعضاء جدد ونقيب) بدعوى أنه قطع علاقته بالنقابة وبمن فيها وأن أى كلام سيتم التعامل معه بحساسية مفرطة، ومثل حجازى أخرون فضلوا الصمت للمبرر ذاته، حفظا لاستقرار منشود أو ابتعادا عن عش الدبابير أو احتراما لحق الزمالة .. خاصة ان الرأى منقسم بوضوح حول رؤية السنوات القادمة.

الأيام الماضية نفسها والتى شهدت اجتماعات وجلسات عمل للتوافق على هيئة المكتب، تم التعامل معها بتباين شديد، بين فريق يرى أنه تعرض للاقصاء المتعمد، وأخر لا يرى ان ما حدث يمثل أى إقصاء يذكر وان ما حدث خلال تلك الأيام هو أمر طبيعى حدث بعد كل انتخابات، فيما ستظل الصورة بهيئتها لعامين على الأقل بينما تجهز المعارضة نفسها بمرشح جديد للنقيب يقلب الطاولة ويعيد تشكيل هيئة المكتب من جديد حينما يحين الوقت للانتخابات الجديدة على المنصب العالى.

جمال فهمى عضو المجلس لم ترق له المقدمات، معتبرا أن البداية كانت مخالفة قانونية بعدم دعوة المجلس حتى يوم الخميس الماضى، ومحاولة خلق كيان موازى لمجلس النقابة من خلال جلسات فى الغرف المغلقة على حد تعبيره لترتيب الامور وفقا لرؤية الحزب الوطنى ولجنة السياسات مشيرا الى عملية اقصاء شملته هو ويحى قلاش وياسر رزق وصلاح عبد المقصور ومحمد عبد القدوس وعبير السعدى، وهو ما يخسى معه ان ينفرد المجتمعون بالعمل النقابى ويفعلوا بالنقابة ما يفعلونه بالبلد بعد أن ركبوا المجلس على حد تعبيره.

واعتبر فهمى الناصرى اتوجه أن ما يحدث يهدد بحرب أهلية داخل النقابة ما لم يدرك هؤلاء المجتمعون فى الغرف المغلقة - فى سابقة قال أنها لم تحدث من قبل - انهم أخطأوا فى أقصاء زملائهم، مستبعدا أن يصل الأمر الى حد فرض الدولة الحراسة على نقابة الصحفيين، قائلا ان الأور لا يمكن ان تصل الى هذا الحد وأن نقابة الصحفيين ليست كغيرها وبها جمعية عمومية واعية ويمكن دعوتها بالاتصالات التليفونية.

وقال فهمى أن بعض الزملاء الجدد مذهولين من الشللية المبكرة التى تهدد بانقسام المجلس، مشيرا الى أنه يتمنى أن تهدأ النفوس ويحدث التوائم المنشود لمصلحة المهنة والصحفيين، ومطالبا النقيب مكرم محمد أحمد بالتدخل لوقف هذه الاجتماعات والدعوة لاجتماع يتم تشكيل هيئة المكتب به بحضور كافة الزملاء بدون أى إقصاء.

فهمى أبدى تخوفا من ان تعقد جماعة الاخوان المسلمين "كجماعة" اتفاقا مع النقيب ورجاله، بعيدا عن الزملاء عبد القدوس وعبد المقصود، اللذان أبدى ثقته فيهما وفى مواقفهما لخبرتهما فى العمل النقابى، دون أن يوضح تبعات هذا الاتفاق وطرق تنفيذه.

من جانبه أكد حاتم زكريا والذى علمنا أن الجلسات التشاورية – على حد وصفه – بين أعضاء المجلس الجديد الذى قال أن بعضها ضم أكثر من سبعة اعضاء، اقترحت إختياره سكرتيرا عاما للنقابة ليحل محل يحي قلاش، أن تلك الجلسات تحدث بعد كل انتخابات جرت فى النقابة، معتبرا أن الكلام عن مؤامرات وشللية نوع من الدعاية التى لا تفيد العمل النقابى، وأن الغرض منها التشاور حول الملفات المستقبلية ومقترحات تشكيل هسئة المكتب، تجنبا للصدام داخل المجلس، نافيا فى الوقت نفسه أن يكون قد حدث إقصاء لأية مجموعات داخل المجلس وان الاجتماعات شملت أغلبية الزملاء او من يعبر عنهم.

وقال أنه تشاور مع الزميل يحي قلاش فى احد المكالمات التليفونية فى إطار ودى، لأن المجلس وحدة واحدة، وأضاف أن النقيب يفضل فى الوقت الحالى أن يتفاعل الحوار بين كل الاطراف فى المجلس وصولا الى أقصى توافق ممكن، وانه حضر احد الجلسات بالصدفة، مبررا عدم الدعوة للمجلس حتى الأن بأن النقيب كان مرهقا من المعركة الانتخابية وأراد بعض الراحة، وخلال ساعات سيحدد موعد انعقاد أولى جلسات المجلس، نافيا أن يكون الحزب الوطنى قد تدخل باى شكل فى الشأن النقابى للصحفيين.

وقال زكريا أن البعض يؤلف القصص ويتفرغ لنسجها وروايتها، بينما يرى هو الأمور ببساطة شديدة وهى أنه قادم للتفرغ للعمل النقابى بعد أن اختارته الجمعية العمومية لذلك، وأن من لا يريد العمل فليحاسبه الصحفيون، بينما نسعى لترتيب الملفات التى سنعمل عليها وفى مقدمتها ملف سجن الصحفيين والقضايا المنظورة امام القضاء، وموضوع الحبس فى قضايا النشر بشكل عام.

من وجهة نظر أخرى يرى الزميل ممدوح الولى عضو المجلس السابق أن الحكومة أحكمت سيطرتها على مجلس النقابة، وهو ما يتوقع معه تراجع الاداء السياسى للنقابة وحصرها فى الخدمات النقابية والرحلات والعلاج حتى ترحم الحكومة نفسها من الصداع والحرج الذى كانت النقابة تمثله له سواء من المظاهرات على سلم النقابة أو اللقاءات داخل قاعاتها.

وأشار الولى الى أن الدولة تدخلت بشكل وصل الى درجة قيل أن صفوت الشريف رئيس المجلس الاعلى للصحافة هدد بإجراء تغيير فى المناصب القيادية بالمؤسسات القومية ما يتم ينجح مكرم محمد أحمد فى منصب النقيب، وهو ما يبرر حصول النقيب وقائمته على أصوات مرتفعة رغم أن بعضهم ليس له اسما واضحا فى العمل النقابى، الى جانب ضعف
النقيب المنافس، وسطوة الـ 200 جنيه التى جلبها مكرم محمد أحمد كزيادة فى بدل التثقيف، فى ظل مرتبات تصل لبعض الصحفيين فى المؤسسات الصغيرة الى 90 جنيها شهريا.

واعتبر الولى أن نتيجة الانتخابات لها دلالات كبيرة، ويمكن اعتبارها تأميما لمهنة الصحافة وتحويلها الى مهنة خدمية والتأثير على الدور الفاعل للنقابة، لتنضم للنقابات الخاملة، وتحويل الصحفيين الى موظفين.

ويرى عضو المجلس الأسبق ان عدم دعوة المجلس للانعقاد حتى الأن لا يرتقى الى حد المخالفة القانونية، ولكنها مخالفة اجرائية، معتبرا أن الجلسات التشاورية التى تجرى بين بعض الأعضاء حضرها من يمثل كل التيارات، وأن بعض المناصب ما زال الخلاف قائم حولها.

واضاف أن عملية عزل لاشخاص بعينهم قد تمت بالفعل، ردا على عمليات عزل مماثلة تمت فى السابق، من الناصريين والاسلاميين "أساتذة العزل على حد وصفه" ولكن فى كل الاحوال سيحصل كل عضو من اعضاء المجلس على منصب فى هيئة المكتب لأنه ببساطة عدد اللجان اكبر من عدد الأعضاء الـ 12.

وطالب الولى الاعضاء بعدم الوقوف أمام الشكليات، متوقعا أن يخفت صوت المعارضين الذين اعتادوا علىالصوت العالى لأن الأغلبية ذهبت من أيديهم، وفى النهاية سيضطرون الى السعى للتوافق مع المجلس الحالى حتى يصبح لهم دورا ولا يتم عزلهم بالكامل داخل المجلس.

حسن الزوام

الاثنين، ١٩ نوفمبر ٢٠٠٧

مصر تستحق


على مصطبة بنيت بعناية فائقة من الطين اللين .. ضمن مدرجات المسرح الرومانى، وبجوارى عمال مصانعه وشباب من قارات العالم المختلفة وعدد كبير من الصحفيين والمسئولين الذين جاءوا يهنئون بالحدث السعيد .. احتفلت مع الدكتور ابراهيم أبو العيش بمرور 30 عاما على حلمه الذى تحقق.

لم تمنعنى سعادتى من ان أحسد الرجل – حسد حميد بالطبع - لنجاح حلمه الذى تحقق بالعمل والجهد والمثابرة والاجتهاد .. فكم من حلم فى مصر لا ينال منه صاحبه أكثر من الرثاء بعد الفشل .. والبكاء بعد الانكسار.

أبو العيش جاء للصحراء المقحلة منذ 30 عاما قادما من أوروبا، و- لنتذكر سويا كيف كانت مصر فى هذا التاريخ، وكيف كانت اوروبا، لندرك خطورة قراره - جاء ليبنى المستقبل ويبيع سلعة ليس لها سوق، طبقا لأسس اقتصادية نتيجتها الحتمية الخسارة القريبة، ووفقا لدراسة جدوى تنظر الى الربع قرن القادم .. وليس الى ربع العام التالى.

جاء أبو العيش الى صحراء بلبيس ليلقى ثمار مشروعه "شركة سيكم" مستمدا اسمها من جذوره الفرعونية والكلمة تعنى الحيوية من الشمس.. كبرت الشركة فصارت مؤسسة، وأصبحت رائدة ما يعرف الأن بالزراعة الحيوية التى أدخلت مصر فى منطقة "الأورجانيك" لتصبح الان دولة رائدة فى العالم، فى زمن عزت فيه الريادة، ثم أصبحت الشركة مبادرة، تعتمد على "اقتصاد المحبة" التى تنظر للربح نظرة اخرى، وتتعامل مع التنمية الاجتماعية بنظرة مختلفة تماما.

فى أول لقاء لى معه قبل 8 سنوات تقريبا .. كنت أظنه - واعترف بجهلى - أنه مجرد عطار "فتح الله عليه ورزقه من حيث لا يحتسب"، لكننى خرجت من المقابلة بانطباع اخر تماما، هو أن ذلك الرجل عالم جليل .. مفكر حقق طموحات فلاسفة العصور الوسطى فى خلق الجمهورية الفاضلة .. وعلى من يظننى مدعيا أن يزور قرية سيكم فى بلبيس .. وليخبرنى بعدها ما هو انطباعه.

لقد غيرت مقابلتى الأولى مع أبو العيش رؤيتى له شخصيا .. فأصبحت من أشد المؤمنين بما يفعله على مستوى التنمية الاجتماعية .. وتعهدت أن أكتب عنه كلما اتيحت لى مساحة لتعرف مصر كلها هذا الرجل، وليغار منه كل صاحب مال فيحاول تقليده .. وأحلم باليوم الذى ينتشر فيه نموذجه التنموي الذى نال عنه جائزة نوبل، فى ربوع مصر ليغطى كل حبة رمال بها .. أدعوه أن يكرر تجربته فمصر تستحق .. وأقول له لو انتظرت عشرات السنين لن يأتى فارس ليفعل ما فعلته أنت .. فلن يأتى .. فلا تنتظر .. وخذ قرارك وتوكل على الله .. وأكرر .. مصر تستحق.

Elzawam3@hotmail.com

الأحد، ١٨ نوفمبر ٢٠٠٧

الجنيه غلب الكارنيه


انتهى المولد .. وانفض السامر .. وصار أمام من نجحوا فى انتخابات مجلس نقابة الصحفيين مهمة أصعب من تسول الأصوات من أبناء صاحبة الجلالة، لتبدأ المرحلة العكسية وهى تسول أبناء المهنة من أعضاء المجلس لينفذوا وعودهم ويحلوا مشاكلهم، خاصة ان المجلس الحالى بتركيبته الجديدة التى حملت من التوازن ما أكد فطنة "الصحفيين" وسعيهم لمسك العصا من المنتصف .. فإختاروا النقيب القادر على التواصل مع الدولة وهو مكرم محمد احمد، وحافظوا على الاستقرار بتجديد الثقة فى النقابى المخضرم يحيى قلاش، واكدوا أن ميكروفون عبد القدوس لا غنى عنه، وأن "غليون" جمال فهمى مطلوب فى مواجهة عصبية النقيب.


بإمكان أى إنسان أن يصنف المجلس الحالى كما يشاء، فمن يريده معارض سيراه معارض وسيضم الى التيارات السياسية (اخوان وناصريين) بعض المحسوبين عليهم، بينما من يريد المجلس حكومى سيراه كذلك، اذا ما اعتبر أن كل من ينتمى الى الصحف الحكومية هو حكومى بالضرورة، واذا ما رغب فريق أخر فى تصنيف المجلس الحالى ضمن الطريق الثالث، فإمكانه رؤية التوازن وقد اطل برأسه من فرط الاستقلالية التى تسيطر على تشكيلته.


بإختصار لا يوجد للنقيب مكرم محمد أحمد أى حجة يتزرع بها للتنصل من وعوده التى تفرق دمها بين القبائل وملأ بها مرشحون أوراقهم، وهى الغاء الحبس فى قضايا النشر ووقف مسلسل الحسبة السياسية الهابط، وتوفير مرتب أدمى للصحفى واجبار اجهزة الدولة على توفير المعلومات أمامه .. وما غير ذلك من وعود تنفذ تباعا.


اما الملف الأكبر امام النقيب والمجلس ان ارادوا اصلاحا، هو شباب الصحفيين، ولا أقصد هنا الصحفيين أعضاء النقابة من الشباب تحت الـ 40 عاما، ولكن هؤلاء الذين تبتزهم الصحف والمؤسسات و"تشفط" ضرعهم، وتتركهم بلا تعيين لسنوات، واحيانا معينين ومعلقين مثل "البيت الوقف" على خطاب بورقة لا قيمة لها توجه للنقابة ليدخلوا "الجنة" من باب عبد الخالق ثروت.


يجب على النقيب أن يوقف تلك المسخرة، وأن يجبر الصحف على اتخاذ قرار بشان الشباب العاملين بها فى غضون عام على الأكثر، فإذا ما أرادت أن يستمر فى العمل لديها فيجب عليها أن تعتمد تعيينه وترسل أوراقه فورا الى النقابة، أما اذا ما رات ان "البعيد مالوش فى الصحافة" فيجب عليها ان تحدد موقفها منه وأن تبلغه رسميا بذلك بدلا من أن تستمر فى ابتزازه بدعوى انه تحت التمرين لمدة تزيد أحيانا عن خمس سنوات، ليأتى دور النقابة لتحقق فى سبب الاستغناء عنه وهل لأنه ضعيف أم لأن الجريدة لا تنوى تعيينه ولا تعيين غيره .. فهؤلاء صحفيون ولا يوجد من يحميهم من ابتزاز وجبروت الصحف سوى النقابة بمجلسها الحالى ونقيبها مكرم محمد أحمد.


وللحق أن قطاع من الصحفيين سعى لانتخاب رجائي الميرغنى وهو يعلم أن النقيب القادم هو مكرم محمد أحمد، ولكن سعيهم كان لغاية فى نفس ابن يعقوب، وهى جرجرة النقيب الى جولة اعادة تثبت له - حتى وان فاز - أن الـ 200 التى جلبها لزيادة بدل التثقيف والتكنولوجيا للصحفى من فم حكومة الغاء الدعم، لم تكن وحدهم سبب نجاحه، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن، وحسم مكرم المعركة بالضربة القاضية "المادية" وغلب الجنيه الكارينه على حد تعبير الميرغنى فى تصريحه لجريدة الميدان .. فهل يحسم النقيب معركته مع الأعوام الأربعة القادمة بمواقف لصالح المهنة وأبناءها على نفس مستوى قفزة بدل التثقيف .. نتمنى.

الأحد، ١١ نوفمبر ٢٠٠٧

لو لم أكن صحفيا لوددت أن أكون صحفيا


لم أصدق نفسي وما زلت، ولم أكن يوما فى غاية السعادة بعملى الصحفى وانتمائى لنقابة الصحفيين، بقدر السعادة التى رفرفت على هذه الأيام بعد المصير الذى ستؤول اليه حياتى لو نفذ زملائي الصحفيون وعودهم التى أحتفظ بها مطبوعة على أوراق يسميها هؤلاء برامج ويتراوح مستوى طباعتها بين الفخامة والفقر البين.

كل شئ يمكن أن يحلم به شخص مثلى يحمل الجنسية المصرية موجود فى هذه الاوراق، فإذا كنت احلم بشقة أوسع أستطيع أن أمدد بها قدمى مرتاحا دون أن تتعثر طفلتى فيها بالصالة، فإن حلمى سيصبح مستطاعا وفى المتناول وبإمكانى الاختيار بين الانتقال للسكن فى مدينة السادس من أكتوبر أو بالتجمع الخامس أو القاهرة الجديدة، واذا "وسعت معايا شوية" وتمنيت و"لا يكتر على الله" أن ابنى بيتى بعيدا عن مرمطة الدولة لشبابها فى مشروع "ابنى بيتك" فإن الحصول على قطعة ارض للبناء فى المدن الجديدة متاحا من واقع برامج الاخوة الزملاء.

لم أصدق نفسى وانا أرى الكاتب الكبير الذى كنت أظنه من أثرياء المهنة يذيل رسالته لى على موبايلى انا العبد الفقير بقوله أخوك فلان الفلانى.

لقد طبع على خدى هذا الذى سيأكله الدود، عشرات من قبلات كبار وصغار الكتاب والاكاديميين والسرّيحة التائهين فى دروب "السبابيب" الصحفية بحثا عن اكل العيش، وحصلت على وعود بحرية بلاسقف وكلمة بلا سجن، ومعلومة متاحة وقتما شئت، وميثاق شرف يراقب انحرافات من يسيئون الى المهنة ويحاسبهم قبل أن تسجنهم السلطة، ومرتب أدمى يرحمنى من البهدلة، وتصدى نقابى حقيقى لتصرفات الادارة - أى إدارة – معى، وتحمينى من الفصل التعسفى، وسأنال تدريبا مستمرا بلا انقطاع يطور مهاراتى ويعدد مواهبي لأننا فى وطن لا يعترف الا بالقدرات والملكات الخاصة ويقدر الموهوبين، وسأحصل أيضا على علاج مجانى فى مستشفى للصحفيين فقط، ودواء مدفع الثمن من النقابة، ومعاش يرحم شيخوختى، وسيارة وشاليهين للتصييف "واحد فى سيناء والتانى فى الساحل الشمالى" ومستشفى أزرع فيها أسنانى وضروسي التى أكلتها القطة وأرمم "سقف بقى" الذى أوشك على الانهيار وأنا فى ريعان شبابي، وكمان فدادين أزرع فيها ما آكله وأصدر ما يفيض الى أوروبا والدول المتقدمة.

وفقط لأنى صحفيا لن أذهب الى السجل المدنى ولا ادارات المرور لأنها ستنتقل الى مبنى النقابة، ولا مكاتب الصحف العربية لأن النقابة ستؤسس وكالة أنباء ترحم الصحفيين من "البهدلة فى البيوت" وصحف بير السلم، وسأحصل على تخفيضات فى اسعار مستلزمات المنزل وجهاز العروسين، وأصرف الزيت والسكر والدقيق والصابون من شارع عبد الخالق ثروت، وسأوفر أكثر من ربع المصروفات التى أدفعها لابنتى عندما تدخل المدرسة، وكذلك الجامعة أذا ما منحنى الله عمرا أطول، وفوق هذا كله سيتجاوز المبلغ الذى أخذه كبدل تدريب وتكنولوجيا من النقابة حدود الـ 400 جنيه.

حقا لو لم أكن صحفيا لوددت أن أكون صحفيا .. وألف مليار شكر للزملاء الذين منحونى أمل فى الحياة.

الخميس، ٨ نوفمبر ٢٠٠٧

مصر تعيش أزهى عصور "التهجير" .. وخلع الفقراء لزرع المنتجعات


من حكر أبو دومة الى القرنة بالأقصر مرورا بروض الفرج وجزيرة الدهب
* لم تعد الحكومة تهتم باعتراضات الناس .. فاستخدام الكرباج لديها أصبح أسهل من إغضاب المستثمرين
* الأراضى التى يتم نزع ملكيتها للمنفعة العامة وطرحها للاستثمار.. دائما ما يسكنها الضعفاء والمقهورين
* انتظر سكان جزر النيل مدرسة ومستشفى طيلة حياتهم فنزعت الدولة ملكية أراضيهم لبناء المنتجعات
* فى الأقصر ثانى أكبر عملية تهجير واعادة بناء فى تاريخ مصر ضمن خطة للوكالة الأمريكية للتنمية




تهجير يلاحقه تهجير أصبح يطارد المصريين فى وطنهم، حتى بات تعريفا الوطن صعبا فى زمن يروج فيه للمواطنة، فمن أقصى الشمال الى أدنى الجنوب يطارد شبح التهجير الناس، يهددهم يالتشريد والتيه فى دواوين الدولة بحثا عن حقوقهم، ولم لا وواقع التجارب المصرية مع التهجير ليس مشرفا فى معظمه، ويكفى الاستشهاد بتجربة تهجير النوبيين من أرضهم فى الستينيات لبناء السد العالى مشروع مصر القومى الأكبر، وهى عملية التهجير التى صنعت قضية تكاد تهدد أمن البلاد من لا قضية، كمن يصنع النار من وهج الشمس، ويغرق أرضه من قطرات المطر

فى مصر الأن تدور عجلة التهجير على أعلى سرعاتها، تهجير فيه رائحة الدولار، حيث يقف المستثمرون خلف كل عملية يتم فيها شحن قوات الامن المركزى بهرواتهم السوداء وحناجرهم المرعبة، لإجبار الناس على ترك بيوتهم .. لم تعد الحكومة تهتم باعتراضات الناس ولا تجمهرهم، فاستخدام الكرباج أصبح أسهل بكثير من عناء البحث عن مناطق أخرى للمستثمرين الذين يريدون المكان الجاهز الصالح من وجهة نظرهم لمشاريعهم وأبراجهم ومنتجعاتهم، والتى يتصادف دوما ان الفقراء يشغلونها

حدث ذلك فى جزر النيل حين انهارت الحياة البسيطة التى يعيشها أهالى جزيرة "القرصاية" التى تبلغ مساحتها 75 فدانا عندما فوجئ السكان، بطرد عدد من سكانها من 6 أفدنة يزرعونها بدعوى استخدامها للمصلحة العامة

تلك المصلحة التى أصبحت عامة لأنها فى أيدي الفقراء والمقهورين، والتى واجهوا فيها مصيرا سمعوا دائما عنه، وهو طردهم من الجزيرة لصالح بعض المستثمرين، وحين رفضوا الخروج من أرضهم، أطلقت أيدى جحافل الامن بالأعيرة النارية فى الهواء لزرع الرعب فى النفوس والضرب بالهراوات والعصى المكهربة والتهم الجاهزة من عينة محاولة قلب نظام الحكم

أنه التعامل بقسوة لا يفهم لها الناس سببا ولا يجدون لها مبررا سوى كونهم ضعفاء، كانوا ينتظرون عطف الحكومة فلم يجدوا سوى الاذلال والتشريد، وكأن مصيرهم المكتوب أن تؤخذ منهم أرض الدولة لتمنح لأخرون يمنحهم المال والسلطة تعريف أخر فوق البشر

وما حدث فى جزيرة "القرصاية" نقل رعب التهجير الى أهالى جزيرة "الدهب" التى تبعد عنها بأقل من 200 متر وتبلغ مساحتها نحو 350 فدانا، ويبلغ عدد سكانها نحو 20 ألف نسمة، خاصة أنهم يسمعون عن نية الحكومة منح بعض الجزر للمستثمرين، وكذلك جزيرة بين البحرين، حيث تم تجاهل الجزيرتين من برنامج الإحصاء السكانى الجديد، بدلا من أن يمنحوهم حلمهم الذى انتظروه نصف قرن وتلوه على كل مرشح فى كل انتخابات وهو مدرسة ومستشفى لخدمة الأهالى، كما انتقل الرعب ذاته الى جزيرة الوراق التى يخشى سكانها (60 ألف نسمة) اليوم الذى سيهجرونهم فيه من أراضيهم وتسليمها لرجال الأعمال والقطاع الخاص لبناء حديقة ترفيهية, وفندق 5 نجوم

الناس الأن لا تحلم بأن تنال من الحكومة شيئا، فقط تحلم بأن تبتعد عنها بمستثمريها ورجالها القادرين على تحويل التراب الى ذهب، وزراعة الابراج الزجاجية مكان النخيل وعيدان الذرة، فى إطار خطة تستهدف تحويل القاهرة إلى منتجع سياحى كبير على غرار إمارة دبي .. مكان لا موضع فيه للفقراء

وكانت قضية جزيرة الدهب قد لا قت اهتماما اعلاميا كبيرا عندما صدر قرار رئيس الوزراء بنزع ملكية الجزيرة للمنفعة العامة بعد أن أعلن المخرج العالمى "يوسف شاهين" عام 2001 ، عن رغبته فى أن يصور فيلما يفضح المسئولين عن مشروع نزع الملكية من آلاف الفلاحين، قائلا أنه لا يرغب فى رؤية ناطحات سحاب ترتفع وسط النيل

والمؤسف أن حكوماتنا لا تجيد حتى تعويض الناس عن تهجيرهم واقتلاعهم من جذورهم، وأسألوا أهل المنطقة الكائنة خلف مبنى التليفزيون بماسبيرو، ممن قامت محافظة القاهرة بإخلاء وهدم بيوتهم بحجة توسيع الحرم الأمنى للتليفزيون وعلى الرغم من قيام الأجهزة المعنية بتسليم السكان والمستأجرين وحدات سكنية مماثلة بمنطقة النهضة إلا أن التعويضات التى طرحتها لم تزد عن 25 جنيها للمتر فى الوقت الذى يقدر فيه الخبراء ثمن المتر بهذه المنطقة بما يتراوح بين 30-50 ألف جنيه للمتر وذلك وفقا لدراسة للمركز المصرى لحقوق السكن

ولا فى حالة سكان منطقة ميت عقبة الذين تم اقتلاعهم فى التسعينيات لمد طريق محور 26 يوليو الهام والحيوى، حيث تم القاء نصفهم فى مساكن بطريق الفيوم والنصف الاخر فى عمارات غير أدمية ببشتيل وبات مطلوب منهم التأقلم، أيضا ما زالت مشكلة أهالى قلعة الكبش الذين تعرضت عششهم العشوائية للحريق، ليفيقوا فى شهر ابريل الماضى على وقع خطوات 6 آلاف جندى 6 بلدوزرات ومائة عامل لهدم ما تبقى من أشباه المنازل التى تأويهم، محتمين خلف القنابل المسيلة للدموع، ثم خداعهم بالنداء على اسمائهم بزعم تسليمهم مسكنهم البديل قبل القائهم فى الصحراء

وفى الأقصر قامت الدولة بثانى أكبر عملية تهجير طوعى فى تاريخها الحديث لـ 3400 أسرة من منطقة القرنة للتنقيب عن الآثار، الى جانب نزع ملكية 550 فداناً من أجود وأخصب الأراضى الزراعية بقرية المريس وهدم 618 منزلاً بها لإقامة مرسى للمراكب السياحية وفنادق ومطاعم وبازارات سياحية، وذلك فى إطار خطة كبرىتمولها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لإعادة بناء الأقصر وتحويلها إلى مدينة "مفتوحة" خالية من السكان بحلول عام 2030، وكانت البداية بتفريغ القرنة من سكانها، فى موجة من المحاولات بدأت باشتباكات بين الاهالى وقوات الأمن فى 17 يناير 1998، وكانت النتيجة قتل أربعة من السكان وجرح 20 آخرين على يد قوات الأمن، وانتهت مؤخرا بانصياع الاهالى لجبروت القوة، والانتقال الى القرية البديلة
من الأقصر للقاهرة يحلق رعب التهجير، فيحاول سكان وتجار وكالة البلح طرد هواجس المصير نفسه، ذلك المصير المحبوك بسيناريو واحد، وهو نزع الأرض التى تبلغ مساحتها 120 فدانا تطل على نيل القاهرة فى مواجهة وجهاء الزمالك، من الفقراء ومنحها للمستثمرين
احتفظت الدولة دائما بسلطان نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة – دون ان تحدد معنى المصلحة العامة وهل هى مصلحة 15 آلف مواطن مثلا أم مصلحة عموم المستثمرين، فحصلت السلطة التنفيذية على حق نزع الملكية، مع إعطاء القضاء سلطة مراقبة مشروعية ذلك، ولكن ما يحدث من الحكومة فى المقابل هو إصدار قرارات الإخلاء والإزالة والعمل على تنفيذها سريعا بالقوة الجبرية وبتواجد أمنى كثيف للقضاء على أية محاولة للاعتراض، حتى بعد صدور حكم ببطلان القرار الإدارى لكى لا يبقى أمام المواطنين سوى الرضا بالتعويض لترسيخ الواقع

احتفظت الدولة بسلطان تدمير المجتمعات الاصلية ونقلها الى مناطق تتناقض تماما مع تلك التى عاشوا فيها، ليعانوا من الاختلاف التام فى أحوال المعيشة وأماكن العمل والتكلفة الإضافية للمواصلات وغيرها

حتى حينما تنزع الملكية للمنفعة العامة لاقامة محطة مياه فإن الدولة تستخدم القوة الغاشمة لتهديد البشر وسحقهم كما حدث مع اهالى كفر العلو بحلوان ممن طرد سكان 37 من منازله، وتجريف الأراضى الزراعية وتدمير المحاصيل، على أيدى قوات الأمن المركزى

ولن تتوقف خطة التهجير فى مصر وصولا للقاهرة 2050 التى تم الاعلان عنها الا وقد تم تغيير معالم العاصمة لتصبح للأغنياء فقط وتهجير الضعفاء منها الى مناطق على الحواف ليأكلوا بعضهم البعض هناك، فوفقاً لتقرير وزارة الاستثمار ستمتد سياسة التهجير إلى منطقتى أثر النبي, وروض الفرج لإنشاء مراكز للأنشطة التجارية, ومبانى سكنية وإدارية وفنادق بالإضافة إلى ميناء نهرى ومنتجعات نهرية نظرا لتمتع روض الفرج بواجهة مائية 4 كم على النيل، كما سيحدث مع منطقة حكر أبو دومة التى سيهجر اهلها لانشاء مشروعات سياحية وترفيهية ليست لها علاقة بالنفع العام بقدر ما لها علاقة بمصالح المستثمرين

لسنا ضد عاصمة جميلة منظمة .. لكننا ضد التهام الفقراء على موائد المستثمرين .. وقهرهم بعصا الامن الغليظة، ونحذر من أن اتساع موجات التهجير يخلق عزلة وكراهية للوطن الذى فقد معناه ومقوماته .. وفقط من يفهمون يعرفون خطورة ذلك
* الصورة من موقع جريدة البديل التى استعنت ببعض المعلومات المنشورة بها فى صياغة المقال


حسن الزوام

الدولار يغرق .. فطسوه !


اللهم لا شماتة .. يارب أوكسهم كمان وكمان .. أللهم غرق دولارهم كما شبع الجنيه المصري غرقا عندما عومته حكومتنا الرشيدة .. أللهم أرزقهم بتجار من عينة تجار بلادشنا يرفعون عليهم أسعار الهامبورجر والسوسيس وأكل الكلاب وكل حاجة من أساسيات حياتهم لأن عملتهم إنهارت فى السوق، وانفضحت فضيحة اللحمة فى السوق

اللهم أنى اعرف أن تجارنا الذين حرقوا دمنا ورفعوا أسعار الفول والعدس والشاى الناشف بحجة ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه حتى وصل الى اكتر من 7 جنيهات، لن يخفضوا أسعار السلع بعد أن تراجع سعر الدولار امام الجنيه بنسبة 25% تقريبا مقارنة بسعره عندما كان عملاقا وذلك للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات

من يصدق بعد حمى الهرولة نحو الدولار .. يتدخل البنك المركزي المصرى لوقف عملية المضاربة على الجنيه المصرى – تخيلوا المصري - بعد تدافع من معهم دولار للتخلص منه وتحويله إلى الجنيه بسبب بهدلة سعر صرف الورقة الخضراء حتى أصبح "الواحد منها بخمسة جنيه ونص"

لكنى زعلت من البنك المركزى لأنه قام بشراء وسحب المعروض من الدولار الأمريكى لوقف انهياره بعد تراجع سعره 16 قرش وسط توقعات ترشحه لمرمطة أكبر تصل بسعره الى خمسة جنيه وربع، وهو التدخل الذى أدى الى ارتفاع سعره قرشين كاملين فى اليوم التالى، ليصل الى 5 جنيه و52 قرش

ورغم أن ما فعله البنك المركزى يأتى لأسباب اقتصادية الا أنى كنت أتمنى - ولا يكتر على الله – أن أرى الدولار ذليلا يتراجع امام الجنيه المصري "قرش ورا قرش" حتى يصبح الدولار "الخمسة منه بجنيه"، وأدعو كل من معه دولار الى استغلال الفرصة، وبيع أمه بالرخيص ومش مهم الخسارة المادية أمام المكسب المعنوى .. فمتى سنرى أى شئ أمريكانى يغرق لنقوم بتفطيسه، كما يفعل بوش ورجاله فينا دون أن يرف لهم جفن او يؤرق لهم ضمير .. أدعو كل مصرى شريف الى خسارة كام جنيه لاجبار البنك المركزى على التوقف عن مداواة الدولار لعلى أرى فى الدولار يوما وقد صار بجنيه واحد فقط لا غير .. وليفعل الدولار بعدها ما يريد .. فصعوده قادم قادم لأنه عملة امريكا المليئة بالديمقراطية والحرية والعلماء والمصانع والجامعات، ولكن بعد أن يمر بموجة بهدلة لأنه عملة أمريكا الظلم والقهر والخسة والندالة والانحطاط والصهينة وجورج بوش .. اللهم أمين

الهروب من مصر


لماذا يدفع شاب فى مقتبل العمر 35 ألف جنيه ليلقى بنفسه الى المجهول والهجرة الى أوربا، سؤال قديم ومؤرق لم يحصل على اجابات فى عصر السرعة الذى نعيشه والذى لا يسمح بالتوقف لدراسة ما يحدث فيه من هول التكرار المفجع للكوارث فى حياتنا

أزعم أن الأسباب المنطقية هى البطالة والفقر بكل تأكيد، ولكن ضخامة المبلغ المدفوع لسماسرة الموت تجعل علامة الاستفهام أكبر من برج الجزيرة، فأنا أستطيع أرشاد أى شاب من المصريين الذى أرادوا الهروب الى ايطاليا فى قوارب الهجرة غير الشرعية الى عشرات المشاريع الصغيرة التى يمكن بدء الحياة من خلالها بهذا المبلغ، وعدد من الأفكار الاخرى التى يمكن من خلالها تنمية المهارات بهذا المبلغ الضخم لصناعة فرصة عمل حقيقية ومحترمة

ولكن المشكلة ليست فى فرص العمل كما هى ليست فى الفقر ولكنها فى مناخ مصر الان، هذا المناخ الذى يقتل الطموح بسكين الظلم، ويخنق الأحلام بجبروت الفساد الذى أصبح واحد من تكاليف أى مشروع يمكن أقامته فى مصر، وأهم عناصر دراسة الجدوى، كم سأدفع لمن حتى أحصل على الترخيص أو أحمى نفسى من الرقابة أو أجنب مشروعى ويلات بعض الفاسدين من مأمورى الضرائب أو عسكر المرور، ومهندسي المحليات، وموظفى الصحة، ومراقبى التموين، وأمناء الشرطة

فى مصر عمليات سطو مسلح من فئة من الفاسدين على أحلام الشباب، وعمليات قهر من أصحاب العمل ترتقى لدرجة اغتصاب طاقاتهم، وابتزاز لا محدود لقدراتهم بأبخس الأسعار، وكأنها مشاع يمكن استخدامها بالمجان

لهذه الأسباب لم يصدق هؤلاء الحالمين بالهروب من مصر الى جنة الاتحاد الأوربى وعددهم يتجاوز الـ 180 شاب، اعلانات "البلد بتتحرك" و"انت لسه قاعد على القهوة" وقصة الشاب الذى ركب القطار فانتقل من وظيفة لأخرى، فاختاروا الطريق الاخر وهو الهروب، ففى الهروب سبع فوائد، وفى الخروج من مصر 70 فائدة بالنسبة لهم، لذلك لا يتوقف هروبهم على الهجرة بل يتعداه الى طلب التخلى عن الجنسية المصرية بعد أيام من حصولهم على جنسية البلد الذى فروا اليه

هؤلاء كفروا بمصر فأعماهم كفرهم عن سبل احتمال قهرها ايمانا بحبها المزروع فينا، وعشقنا لترابها وناسها وحواريها وسواقيها وطين الأرض، ليلقوا بأنفسهم الى الموت فى عملية انتحار جماعى، وكأنهم يصرخون بأعلى صوتهم حتى نلتفت للمراكب التالية، لكننا فقط سنلتفت الى الخبر القادم الذى يزف الينا خبر انتحار جماعى جديد على سواحل أوروبا، ووقتها ستتضخم علامة الاستفهام أكثر، على أمل أن تتحرك الدولة بكل طاقتها لايقاف هذا الابتزاز الجديد للشباب والمؤكد أن ورائه حيتان صغار يحظون بحماية غيلان كبار (وإضرب معايا 35 ألف جنيه فى 185 شاب وأهو كله فى بطن الحوت بشر وفلوس)

وثيقة الوفد .. تجدد طرح برنامجه .. وتمهد لـ"نوبة صحيان"


حالة من النشاط أشبه بـ"إعلان نوبة صحيان" داخل حزب الوفد الجديد، بدأت باصدار الحزب لأول وثيقة فكرية فى تاريخه تحدد المنطلقات والتوجهات التى ستحكم عمله فى الفترة القادمة، وهى الخطوة التى تلت تحديد الحزب لأهم قضاياه خلال العام القادم 2008 وهى العمل على اسقاط القوانين التى وصفتها جريدة الحزب بـ"المشبوهة"

وتعبر الوثيقة عن رؤية الحزب ونتاج مناقشاته، و تأصيل أكثر لفكر الحزب فى هذه فى هذه المرحلة، وفقا لوصف الدكتور وحيد عبد المجيد نائب رئيس الحزب، الذى أكد أنها ستكون الورقة الاساسية خلال المؤتمر العام الذى سيعقد فى 30 نوفمبر الجارى، بحضور حوالى 2000 مشارك سيدلى كل منهم بدلوه فى كيفية خروج مصر من الازمة السياسية التى تمر بها، وستتضمن المداخلات عدة قضايا منها النوبة وسيناء والتعليم، غير أن سعيد عبد الخالق عضو الهيئة العليا للحزب أكد "للمال" أن تلك القضايا ستناقش من خلال أوراق عمل سيتم مناقشتها وسيقدم امين القصاص الورقة الخاصة ببدو سيناء ومشاكلهم مع الأمن، وسيطرح عباس الطرابيلى ورقة "النوبة"، فيما سيقدم عصمت علام ورقة عمل عن التعليم الى جانب أوراق أخرى سيناقشها المؤتمر

عبد الخالق قال أيضا أن الحزب يكثف نشاطه خلال الفترة القادمة لتفعيل دوره فى الشارع المصرى، واعادة جزء من قوته السياسية، وسيعقد عدد من المؤتمرات المتتالية للاحتكاك المباشر بالمواطنين


فى المقابل اعتبر أن الحزب مقدم على مرحلة من العمل المكثف لا ستعادة الدور الذى كان يمارسه بقوة فى الحياة السياسية، متوقعا أن يستغرق ذلك من عام الى عامين، وصولا الى أكبر قدر من التأثير فى الشارع والعمل الشعبي وهو ما سيعود بالضرورة على نتائج الحزب فى أية انتخابات قادمة، مؤكدا أن حزب الوفد الأن أكثر استقرار، رغم اقراره بعدم انتهاء كافة أثار الاحداث التى شهدها الحزب منذ عام 2005، والتى يسعى الحزب الى محاصرتها والحد من تأثيراتها


اما عن الوثيقة التى حصلت المال على نسخة منها، وتنفرد بنشر بعض تفاصيلها واحتوائها على أفكار ضد توجه الحزب مثل الموقف من الخصخصة التى يؤيدها البرنامج التاريخى، وترفضها الوثيقة، قال عبد المجيد أن الوثيقة تطالب بترشيد الخصخصة وهى ترفض الطريقة الحالية التى تتم بها، لكنها لا ترفضها على الاطلاق

وتتضمن الوثيقة الفكرية لجزب الوفد والتى تحمل عنوان "الحرية .. الخبز .. الوطن .. نحو حياة ديمقراطية ولقمة عيش كريمة .. ومن أجل استقلاق الوطن ووحدته الوطنية" تأكديا على كونها نموذجا سياسيا للأداء السياسيى الذى تنشده الامة ومنهج متميز فى معالجة الازمة السياسية الخانقة التى تزداد استفحالا نتيجة فشل النظام السياسيى فى تطوير نفسه" وذلك وفقا لنصها


وتستخدم الوثيقة تعبيرات مستوحاه من الدور التاريخى للحزب فى مرحلة الاحتلال والملكية ومنها "نضال الامة" من أجل "استقلال الوطن"، كما تحذر فى كلماتها الافتتاحية من فقدان الأمل فى تغيير الواقع وفرض احد خيارين الاول هو استمرار التسلط والجمود – والتى تشير الى احتمالية توريث الحكم دون ذكره بشكل واضح – أو المخاطرة بتغيير يصعد فى ظله من قد تكون الديمقراطية وسيلتهم الى حكم تسلطى يعرض الوحدة الوطنية للخطر – فى اشارة لجماعة الاخوان المسلمين دون التصريح أيضا-

وتنقسم الوثيقة الفكرية لحزب الوفد الى ثلاثة أقسام رئيسية أولها "نحو حياة حرة ديمقراطية" والذى يتضمن تعريف الوفد للديمقراطية من وجهة نظره كآلية تضمن مشاركة الامة بشكل متواصل فى إدارة شئونها، ويرفض اختزالها فى وسيلة للصراع السياسى، أقرار "سيادة الأمة" عبر تمكينها من المشاركة وحق الاختيار والمساءلة للحكام وحرية تأسيس الاحزاب ونزع سلطان الجهة التنفيذية بالتدخل فى شئونها وارساء مبدأ التوافق والتراضى واعتبار تفويض السلطة المنتخبة نسبيا وجزئيا وليس مطلقا شاملا، وأخيرا حفظ حقوق الافراد فى قضاء مستقل واعلام حر وممارسة سياسية مكفولة ومصانة


أما القسم الثانى وعنوانه "نحو لقمة عيش كريمة" فيتضمن التأكيد على الحرية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية وترشيد الخصخصة بوصفها أحدى اداوت الاصلاح الاقتصادى وليست هدفا فى حد ذاته ولا سياسة مستقلة معزولة عن السياسة الاقتصادية العامة، وتطالب الوثيقة بوقف الخصخصة العشوائية وتدعو لاعتماد منهج الخصخصة التى ترتبط باصلاح اقتصادي، رافضة بيع المشروعات القائمة للأجانب، ولكن توجيه استثماراتهم الى مشاريع جديدة

ويتضمن القسم الثانى أيضا مواجهة التهميش الاجتماعى الذذى يطرد أعداد تزايدة طوال الوقت الى هامش المجتمع، وعلاج الاختلالات الجتماعية التى تجاوزت الانقسام اطبقى بين الأغنياء والفقراء الى مجتمع مشوه يفضل المهمشين ويطردهم من المجتمع، كما يدعو الى محاربة الفقر وانقاذ من لا تصل أى ثمار لأى اصلاح اقتصادى لديهم، لكونهم خارج سياق نظرية الانسياب التلقائي لهذه الثمار فى أرجاء المجتمع، عبر التوزيع العادل وحماية الفئات التى يحتاج دمجها فى المجتمع وجذبها من الهامش الى وقت

وتطالب الوثيقة بانقاذ الزراعة وعاية العاملين بها محذرة من اختفاء الفلاح والعاملين بالزراعة من مصر كإحتمال غير بعيد وخطرا غير قليل، وذلك عبر عدة آليات تقدمها الوثيقة ومنها مد مظلة الحماية الاجتماعية الى الأسر فى الريف والتى يعيش أكثر من 30% منها بدخل يقل عن 500 جنيها شهريا، بأقل من الحد الادنى لمعيشة الاسرة والمقدر وفقا للجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء بأ 850 جنيها شهريا

اما أخر أقسام الوثيقة فيدور حول استقلاق الوطنة ووحدته الوطنية، ويركز على سيادة الامة عبر صيانة استقلال الوطن واستقلال ارادته من الضغوط الخارجية، ويطرح موقف الوفد الرافض للاستقواء بأى ضغوط خارجية وضرورة الاحتماء بالأمة وليس بغيرها، مركزا على السياسة الخارجية المستقلة التى تستعيد لمصر دورها العربي والاقليمي والدلوى الذى يحمى مصالحها ويحمى الحقوق العربية، بينما استغرقت نقطة الوحدة الوطنية فى الدور التاريخى للوفد على يد مؤسسه سعد زعلول فى صيانة عنصرى الأمة، الا أن الوثسقة شددت على المساواة فى الحقوق والالتزامات بين المسلمين والمسيحيين، والتمييز بين دين الدولة من ناحية ومرجعيتها القانونية والسياسية من ناحية اخرى وعدم الخلط بينهما، وطالبت بحوار وطنى جاد فى العمق حول الاسباب التى تغذى الاحتقان الطائفى وتخلق التوتر الذى يقع من حين الى أخر

حسن الزوام

الأربعاء، ١٧ أكتوبر ٢٠٠٧

التسول مصلحتك اولا


لا اعرف كيف تطلب وزارة المالية منا أن نصدقها فى حملتها القومية لجباية الضرائب التى أطلقتها وبكثافة على الناس فى شهر رمضان فى صورة اعلانات تهديد ووعيد وتوعية بأهمية الضرائب وكيف انها ارتفعت الى حدود كبيرة نتيجة التزام الممولين وزيادة عدد الاقرارات الضريبية منذ تطبيق قانون الضرائب الجديد

كيف نصدق تلك الحملة التى تعدنا بمستقبل أفضل اذا دفعنا الضرائب لأن تلك الضرائب تستخدم فى بناء المستشفيات والمدارس والجامعات وتزيد من رفاهية المواطنين وتمول الرعاية الاجتماعية، فى الوقت الذى نرى فيه التسول بالشعب المصرى قد وصل ذروته هذا العام

لدينا حساب مصرفى خاص للتبرع لمكافحة الجوع فى مصر – أيوة لمكافحة الجوع – بعد إنشاء بنك للطعام، لأن الجوع أصبح مشكلة فى مصر وده طبعا فى اعلان تبثه القنوات الأرضية والفضائيات، وعندنا تبرع من شركة موبينيل بالاشتراك مع اليونيسيف من اجل تحقيق أحلام أطفال الفقراء فى مستقبل ممكن، وبرضوا ده فى اعلان فضائى، كما تعهدت شركة فودافون بالتبرع بقرش من كل مكالمة لبناء مدارس لأطفالنا بعد ان تجاوزت الكثافة فى الفصول السبعين طالب، واخيرا رزقنا الله بجمعية رسالة التى تجمع الملابس المستعملة لتوزيعها على من لا يجد كسوة تستره

لدينا اعلان لدار الاورمان يدعو للصدقة الجارية على المصريين لأنه هناك أناس تأكل قشر البطيخ وتفطر فى رمضان على ماء الطرشي والعيش الحاف ولا تجد مصدر رزق ولا قلب حنون ولا حكومة ترعى، وأخر انشئ من اجله صندوق يدعى "مصر الخير" يدعو للتصدق على حساب 100 100 لمراعاة الفقراء، متخذا شعار "هتتحسبلك" للتأكيد على أن الله مطلع على عباده اهل الخير، وان تبرعه سيحسب زكاة

ظللنا لسنوات ندعو للتبرع لمستشفى 57375 حتى اكتمل بناءها، وندعو الآن للتبرع لاستمرار تشغيلها، كما ندعو للتبرع لتطوير القصر العينى، والتبرع للمعهد القومى للأورام الذى امتلأ عن اخره بالمسرطنين من أبناء مصر

لدينا حسابات للتبرع للأيتام والمعاقين والمشردين والعميان وهى الحملات المقترنة بالدعاية التليفزيوينة وهناك المئات غيرها تدار فى سرية تامة ودون فضائح

باختصار لدينا جوع وعرى وفقر وبطالة ومرض وجهل .. وبعد كل هذا ورغم نزول هذا الكم الهائل من اعلانات الشحاتة على المصريين، تباغتنا وزارة المالية باعلان تقول فيه الضرائب مصلحتك اولا لكنها لم تقل لنا "هى بتكلم مين"

السادات .. حبكة النصر .. وصدفة الاغتيال



اللذان عاشتهما مصر فى هذا اليوم، بين حدث مثل على مدار 33 عاما نموذجا للعطاء والعزيمة وكل المعانى السامية، واخر هو الغدر والجهل والخيانة بذاتهم شتان الفارق بين ذكرى النضر فى حرب أكتوبر الذى صنع شخصية أجيال من المصريين، وحماهم من الحياة فى ذل مهانة الاحتلال وسطوة المحتل، ليمنحهم العزة والكرامة والرأس المرفوع بديلا لواقع عاشوه مكسورين لمدة 6 سنوات فى اعقاب الهزيمة وبين ذكرى اغتيال الزعيم الراحل محمد أنور السادات يوم عرسه على منصة التتويج، تلك الجريمة التى غيرت وجه مصر فى 40 ثانية فقط

كم هى المسافة شاسعة بين النصر والغدر بين الحقيقة التى صنعها رجال مصر فى يوم العبور العظيم ليعديوا صياغة التاريخ، وبين الصدمة التى لطخ فيها حفنة من القتلة يوم النصر بالدم، ليحرموا السادات من أن يرفع علم مصر فوق أرض سيناء المحررة والعائدة الى الحضن المصري بكل كرامتها، وكم كان الفارق عظيما بين 6 سنوات تم الاعداد خلالهم لكتابة تاريخ النصر فى 12 يوما وبين أيام إحتاجهما قتلة السادات لصياغة تراتيل الغدر والخيانة والتكفير أنه الفارق بين الحدث المدروس والصدفة السوداء اللتان جمع بينهما يوما واحد خالد فى تاريخ مصر فرحمة الله على من صنعوا النصر


الحبكة والمعركة

1 - فى البدء كان الاستنزاف

قبل أن تفيق إسرائيل من نشوة انتصارها وفى شهر يونيو 1967 كان العقيد إبراهيم الرفاعى قائد المجموعة 39 قتال خاصة يتقدم إلى القيادة المصرية مقترحا أن يعبر قناة السويس ومعه بعض الضباط والجنود ليدمر كميات الأسلحة والذخائر التى تركها الجيش المصرى أثناء انسحابه وجمعتها إسرائيل لتستعرضها أمام العالم فى عرض عسكرى بتل أبيب ويعطى عبد الناصر أمره بالموافقة وتشتعل النيران بسيناء ويندهش العالم اجمع من ذلك الذى امتلك القدرة على القتال بمصر بهذه السرعة

وفى يومى 14،15يوليو 1967 أى بعد اقل من شهر ونصف من الهزيمة يقوم الفريق صدقي محمود قائد القوات الجوية المصرية بتجميع بقايا الطيران المصرى ويستخدمها فى قصف قوات العدو بسيناء فى غارة شرسة فى جرأتها وقوتها ومعناها حتى أنها أرعبت قوات العدو إنها نبضات الغضب من قلب مصر والتى تبلغ أوجها يوم 21 أكتوبر 1967 عندما يقف النقيب بحرى احمد شاكر ليلقن العالم كله الدرس الأول فى قواعد القتال البحرى الجديد عندما يغرق بواسطة لنش صواريخ صغير المدمرة الإسرائيلية ايلات وكانت تمثل وحدها نصف قوة البحرية الإسرائيلية وعليها بخلاف طاقمها طلبة الكلية البحرية الإسرائيلية فى رحلة لاستعراض القوة أمام سواحل بور سعيد مما اضطر إسرائيل أن تطلب من الأمم المتحدة أن تناشد مصر أن تسمح لها بإنقاذ الغرقى من طاقم المدمرة وسمحت مصر إنها مصر الحضارة والرقى رغم كل شئ

وتصدر الأوامر من عبد الناصر بحرمان إسرائيل من الاستقرار بسيناء والاستفادة من ثمار نصرهاوتشتعل سيناء بنيران الغضب المصرى ويتوالى عبور الرفاعى ورجاله لقتل جنود العدو واسر بعضهم وتصبح مهمة العبور واجبا ينتظره كل رجال القوات المسلحة وتستغل مصر حرب الاستنزاف ضد إسرائيل كأحسن وسيلة لتدريب القوات المصرية على القتال بالقتال نفسه

وتؤدى حرب الاستنزاف – الحرب المظلومة اعلاميا - هدفها المقصود وتقبل مصر مبادرة وزير الخارجية الأمريكى روجرز لوقف القتال لتستغله فى استكمال بناء القوات المسلحة وإنشاء حائط الصواريخ الذى يوفر الحماية ضد الطيران الإسرائيلي

2 - دروس فى الخداع

حظيت حرب أكتوبر باهتمام واسع من قبل المفكرين والساسة والعسكريين فى الوطن العربى واسرائيل بل وفى العالم أيضا ولعل كتاب حرب أكتوبر وأزمة المخابرات الاسرائيلية للمؤلف الاسرائيلي، لتسفى لائير أحد كبار المفكرين فى مجال الدراسات الاستراتيجية فى اسرائيل نموذج لذلك ومما يزيد من أهمية هذا الكتاب أنه أثار ضجة كبيرة فى اسرائيل عند صدوره أدت فى النهاية الى اختفائه والتعتيم الشديد عليه وتجاهله تماما فى الكتابات العسكرية والاستراتيجية والسياسية الاسرائيلية التى تتناول حرب أكتوبر بالتحليل والدراسة والنقد

يقدم هذا الكتاب نقدا عنيفا للتفسيرات الاسرائيلية التى أعطيت لتبرير هزيمة الجيش الاسرائيلى فى حرب 1973 مؤكدا على ضعف تلك التفسيرات وأنها لا تتناسب أبدا مع هذا الحدث الهائل فى تاريخ العسكرية الاسرائيلية لكونها أول هزيمة عسكرية لاسرائيل على أيدى العرب ولأنها كشفت جوانب التقصير التنظيمية والمخابراتية من جانب الجيش الاسرائيلى فى تحليل عنصر المفاجأة وهل كانت نتيجة لفشل المخابرات العسكرية الاسرائيلية فى تقديم الانذار المبكر المطلوب، خاصة مع التخطيط المصرى للحرب الذى تضمن مجموعة كبيرة من اجراءات الخداع والتضليل فتلقى الضباط الذين تقرر اشراكهم فى الحرب على مستوى السرية والكتيبة أوامر العبور قبل بداية الحرب بساعات معدودة فقط، فقد تم تأخير إبلاغ الخطة والمهام للقيادات الصغرى لآخر وقت ممكن، والتدرج فيها، بحيث وصلت حتى الجندى قبل بدء القتال بساعة واحدة فقط
كما تم الاعلان عن مناورة كبرى، كما قام المصريون فى الرابع من أكتوبر بتسريح حوالى 20 ألف جندى من الاحتياط ونشر ذلك على الملأ، كما نشرت جريدة «الأهرام» فى الخامس من أكتوبر خبرا عن تسجيل أسماء الجنود للحج لمن يرغب فى ذلك، كما لم تعط اعمال المراقبة لما يحدث على مسافة 150-200م حيث تتواجد مواقع الجنود المصريين فى الضفة الغربية للقناة أى اشارة الى الحرب المقبلة بل العكس هو الصحيح فقد قيل بعد الحرب من أن الجنود المصريين شوهدوا صبيحة يوم الغفران وهم يجلسون فى استرخاء على المرتفعات الرملية ويرتدون ملابسهم الداخلية، بينما تم تحريك معدات المهندسين للعبور (خاصة الكباري)، ومصادر النيران الغير تقليدية تحت ستار الظلام ليلاً، وفى آخر وقت ممكن

فى حين تم تخطيط حملة إعلامية، منسقة مع الجهود الدبلوماسية لتضليل القيادة الإسرائيلية وخداع أجهزة الاستخبارات الأجنبية (خاصة الغربية)


3 - التوجيه الاستراتيجى

ارتكزت حرب أكتوبر على استراتيجية تهدف الى اهدار نظرية الأمن الإسرائيلية، وتقويض الاستراتيجية العسكرية لإسرائيل، فإن الهدف الاستراتيجى هو "تحدى نظرية الأمن الإسرائيلى، بالقيام بعملية هجومية، يكون من ضمن أهدافها العمل على تحرير الأرض المحتلة، على مراحل متتالية، حسب نمو وتطور امكانات وقدرات القوات المسلحة، وتكبيد العدو الإسرائيلى أكبر خسائر ممكنة فى الأفراد والأسلحة، حتى يقتنع بأن استمراره فى احتلال الأرض المصرية (فى سيناء) يكلفه ثمناً باهظاً، لا يتحمله"

ويقول قادة الحرب بأن جملة - حسب نمو وتطور امكانات وقدرات القوات المسلحة – وضعت فى صياغة التجيه الاستراتيجيى للحرب، فى إشارة الى عدم الانتحار لوعيه بأن أمريكا لن تترك حليفتها تسقط فى الحرب ولكنها ستتدخل بقوة لدعمها

كان هدف الحرب الرئيسي هو تحدى نظرية الأمن الإسرائيلى، وذلك بالتغلب على الردع النفسى والسياسى والعسكرى الذى تشكله تلك النظرية، والتى تعتمد على الاحتفاظ بالحدود الآمنة ـ من وجهة نظر إسرائيل، وخاصة بعد أن كسرت حرب الاستنزاف، وما تم خلالها من اشتباكات وعبور واغارات، حاجز الردع النفسى لدى الضباط والجنود، والقيادات التى خططت وأدارت تلك العمليات

بينما كسرت القيادة السياسية حاجز الردع السياسى بإتخاذها قرار الحرب الذى كانت القيادة الإسرائيلية، تشيع بأنه "لا يوجد زعيم عربى لديه الشجاعة لإتخاذ قرار بالحرب"، الخطوة التالية كانت بإتخاذ القيادة العسكرية قرار القيام بعملية هجومية شاملة، وليس حرب استنزاف أو معارك محدودة، كاسرة حاجز الردع العسكرى، بعدم قدرة القوات المسلحة العربية وقادتها على خوض عمليات حربية كبيرة

وعمل التخطيط المصرى للتغلب على نقاط ارتكاز نظرية الحدود الآمنة، من خلال تخصيص قوات مدربة جيداً للعمل كعناصر "عاصفة" للإستيلاء على حصون خط بارليف، وإنشاء شبكة صواريخ أرض/جو قوية، متكاملة (حائط صواريخ) ضمن نظام دفاع جوى متكامل يحير الطيران الإسرائيلى ويشل فاعليته، وفرض السيطرة على المداخل البعيدة للبحار فى المنطقة، بواسطة قطع البحرية المصرية العاملة فى أعالى البحار، بعيداً عن السيطرة الجوية الإسرائيلية، وذلك بقفل مضيق باب المندب (المدخل الجنوبى للبحر الأحمر)، والتخطيط لإطالة زمن الحرب بما يؤثر على الاقتصاد والحياة العامة بالدولة الإسرائيلية، والتنسيق مع الجبهات العربية الأخرى (خاصة سورية) لبدء القتال فى توقيت واحد، وبقوة تشتت مجهود القوات الإسرائيلية، وتربك قياداته، والتخطيط لخطة خداع دقيقة، تضلل الاستخبارات الإسرائيلية، إما بعدم حصولها على المعلومات، أو تسريب معلومات مضللة، يصعب كشف خطئها

4 - خطة النصر (جرانيت 2 المعدلة ـ بدر)

هدفت الخطة المصرية للهجوم، إلى القيام بعملية هجوم شاملة على طول مواجهة الجبهة المصرية، محدودة العمق (حتى المضايق الجبلية الغربية)، تؤدى إلى تحريك قضية الاحتلال الإسرائيلى للأرض منذ يونيه 1967، بالتعاون مع القوات السورية على الجبهة الشمالية، لتحرير هضبة الجولان وقد وضعت الخطة على ضوء الاستراتيجية العسكرية لكل من إسرائيل ومصر

تقضى فكرة الخطة باقتحام قناة السويس، بجيشين ميدانيين (الثانى والثالث) على طول المواجهه (175 كم) وإنشاء رؤوس كبارى للجيوش شرقاً، بقوة خمس فرق مشاة وقطاع بورسعيد العسكرى، بعمق 15 ـ 20 كم، مؤمنة بواسطة قوات الدفاع الجوى، وبعد وقفة تعبوية (أو بدونها) تطور القوات المصرية هجومها شرقاً حتى خط المضايق الجبلية الغربى واحتلاله والتشبث به وتأمينه

بالنجاح فى تنفيذ الخطة، تصبح القوات الإسرائيلية فى مناطق مكشوفة وسط سيناء، لا تساعد على إنشاء الدفاعات بها، وهى ذات مواجهه متسعة، بحيث لا تستطيع القوات الإسرائيلية، توفير القوات اللازمة للدفاع عنها، مع تعرضها المستمر للهجمات المصرية، شرق المضايق، حسب تطور الموقف

بيما تؤمن القوات البحرية المصرية السواحل، وتتعرض لخطوط المواصلات البحرية الإسرائيلية، فى مضيق باب المندب، لايقاف الملاحة من وإلى ايلات، للتأثير على اقتصاد إسرائيل، وحرمانها من إمدادات النفط الإيرانية

وللتغلب على مشاكل اقتحام قناة السويس والاستيلاء على خط بارليف الحصين، خصصت القيادة العسكرية (الملحق ح) فى الخطة والذى ركز على إعداد القوات وتجهيزها وتدريبها بما يتناسب مع المهام التى ستنفذها، وتجهيز وإعداد مسرح العمليات، والذى كان قد أوشك على الاكتمال، وقت الانتهاء من التخطيط ووضع تفاصيل الخطة الهجومية

إتاحة الفرصة للمرؤوسين، حتى مستوى الفرق، لإجراء تقديرهم لموقف قواتهم، فى ضوء حجم وإمكانيات القوات الإسرائيلية أمام كل جيش أو فرقة، وحجم التجميع القتالى لقواته المرؤوسة والمدعمة له، والمهمة المكلف بها، وطبيعة الأرض فى قطاعه، ومهام القوات المجاورة له، ليتخذ قراره لتنفيذ المهمة، وإعطاء الأوامر للمستويات الأدنى لتجهز نفسها للقتال

كل ذلك تحت ظروف خاصة تتضمن الاستعداد للعمل فى ظل التفوق الجوى الإسرائيلى، والعمل على تدمير القوات الإسرائيلية، خاصة الدبابات، على مراحل، وامتصاص ردود فعل العدو، والاستعداد الدائم لصد هجماته المضادة، واستمرار الضغط على العدو، والهجوم على طول المواجهة معه، لتشتيت قواته، وإرباك قياداته

5 - لماذا السادس من اكتوبر؟

يوافق يوم 6 اكتوبر فى ذلك العام يوم كيبور هو احد أعياد إسرائيل وهو عيد الغفران، وقد اعلنت مصر وسوريا الحرب على إسرائيل فى هذا اليوم لأسباب يذكرها محمد عبد المنعم الجمسى رئيس هيئة العمليات للجيش المصرى خلال الحرب فى مذكراته ويقول (وضعنا فى هيئة العمليات دراسة على ضوء الموقف العسكرى للعدو وقواتنا، وفكرة العملية الهجومية المخططة، والمواصفات الفنية لقناة السويس من حيث المد والجزر درسنا كل شهور السنة لأختيار افضل الشهور فى السنة لاقتحام القناة على ضوء حالة المد والجزر وسرعة التيار واتجاهه واشتملت الدراسة أيضا جميع العطلات الرسمية فى إسرائيل بخلاف يوم السبت وهو يوم أجازتهم الأسبوعية، حيث تكون القوات المعادية أقل استعداد للحرب، وجدنا أن لديهم ثمانية أعياد منها ثلاث أعياد فى شهر أكتوبر وهم يوم كيبور، عيد المظلات، عيد التوارة وكان يهمنا فى هذا الموضوع معرفة تأثير كل عطلة على اجراءات التعبئة فى إسرائيل، ولإسرائيل وسائل مختلفة لاستدعاء الاحتياطى بوسائل غير علنية ووسائل علنية تكون بإذاعة كلمات أو جمل رمزية عن طريق الإذاعة والتليفزيون، ووجدنا أن يوم كيبور هو اليوم الوحيد خلال العام الذى تتوقف فيه الإذاعة والتليفزيون عن البث كجزء من تقاليد هذا العيد اى ان استدعاء قوات الاحتياط بالطريقة العلنية السريعة غير مستخدمة، وبالتالى يستخدمون وسائل أخرى تتطلب وقتا أطول لتنفيذ تعبئة الاحتياطى، وكان يوم السبت ـ عيد الغفران ـ 6 أكتوبر 1973 وهو ايضا العاشر من رمضان أحد الايام المناسبة وهو الذى وقع عليه الاختيار، كما كان اليوم مناسبا للجبهة السورية قبل حلول الشتاء هناك وظهور الثلج

أما اسباب اختيار عام 73 بالتحديد فيرجع الى استكمال بعض الاسلحة والمعدات التى كانت تنقص الجيش المصرى، ووصول معلومات تفصيلية الى القيادة المصرية بان اسرائيل قامت بعقد اتفاقيات عن عقود التسليح وعن الاسلحة ونوعياتها التى سوف تصلها فى عام 74 لذلك فإن الانتظار الى ما بعد عام 73 سوف يعرض القوات المصرية الى مفاجات من الممكن ان لاتستطيع على مواجهتها مواجهة صحيحة او تكلف القوات جهودا وتكاليفا اكثر ونحن فى اشد الحوجة اليها

الصدمة والإغتيال
الصدفة والإهمال

لم يكن خالد الاسلامبولى ملازم أول فى القوات المسلحة المصرية الذى يبلغ من العمر 24 عاماً ولد فى 14 نوفمبر 1957، والمتهم الاول فى عملية اغتيال السادات مشاركا فى العرض العسكرى الذى سيحضره الرئيس حتى استدعاه الرائد مكرم عبد العال رئيس عمليات اللواء 333 بسلاح المدفعية وأبلغه أن الإختيار وقع عليه للإشتراك للإشتراك فى العرض العسكرى يوم 6 أكتوبر وقال له أنه سيقود وحدة من 12 مدفعاً تقودها جراراتها فى طابور العرض

الغريب أن الاسلامبولى إعتذر عن ذلك لأنه كان يود قضاء عيد الأضحى الذى يبدأ يوم 8 أكتوبر فى بلدته ملوى بمحافظة المنيا ولكن القائد أصر قال له: هذا أمر, فقال خالد : " فلتكن مشيئة الله "، هنا لعبت الصدفة دورها فى اغتيال أعظم زعماء مصر فى التاريخ الحديث

كان خالد ينتمى إلى جماعة الجهاد – وكان من المعروف أن مفتى جماعته الدكتور الشيخ عمر عبد الرحمن، وكانت هذه الجماعة قد حللت دم السادات وأنه يجب وأن يقتل، والاغرب أن مباحث أمن الدولة سبق وأن ارسلت تقريرا سريا يحمل رقم 162 سرى جدا ذكر فيه ان الضابط الملازم خالد أحمد شوقى الاسلامبولى سلاح المدفعية يعتنق افكارا من التى يروج لها الشيخ طه السماوى وقد زاره الأخير فى منزله اكثر من مرة وسبق وأن اصطحبه لحضور زفاف شقيقته فى بلدته ملاوى وقبل ذلك كانت المخابرات الحربية قد قامت باستدعاء الاسلامبولي فى أكتوبر 1980 وتم مناقشته فى الاتهامات الموجهة وقد انتهى التحقيق بكتابة اقرار من الملازم اول خالد الاسلامبولى يتعهد فيه بعدم مقابلة امراء الجماعات الاسلامية خاصة طه السماوى الذى اشار اليه التقرير

وبمجرد خروجه من غرفة التحقيقات تم وضعه تحت المراقبة النشطة الا أن هذا التقرير تم تعديله بمعرفة نائب المدير لتكون المتابعة كل ثلاثة شهور وفى أول يونيو صدر قرار جديد بوضع خالد تحت المتابعة الدقيقة وموافاة الادارة بتقارير دورية وشهرية عن ميوله ونشاطه واتصالاته وتحركاته فى وحدته ومسكنه

وبمرور الوقت تضخم ملف خالد الاسلامبولى لدى عدة أجهزة أمنية وقد أجمعت التقارير على خطورته خاصة علاقته بالداعية طه السماوى وكذلك النشاط الدينى لشقيقه محمد وأنه اى خالد يقع تحت تأثير أفكاره اثناء اجازته الاعتيادية ويطلق لحيته ويرتدى الجلبات الأبيض والسروال ويذهب يوميا للاجتماع بأمير الجماعة حلمى غيث بجانب التقارير السرية فقد تقدم خالد طواعية الى قائد اللواء ومعه صورة من الصحف المصرية تحمل اسماء المعتقلين فى سبتمبر ومن بينها اسم شقيقه محمد وطلب اجازة كما نقل الخبر الى قائد الأمن بالكتيبة النقيب عبدالرحمن محمد وكذلك قائد الكتيبة الرائد مكرم عبدالعال رمضان

وكانت المفاجأة ورغم عدد التقارير وتعدد الأجهزة التى وصلت اليها المعلومات عن خالد الاسلامبولى أن يتم تكليفه فى 23 سبتمبر بقيادة افراد الكتيبة 77 مدفعية للمشاركة فى طابور العرض العسكري

الفريضة الغائبة
تكتمل ملابسات الصدفة حينما إحتاج خالد لشقة فى مصر الجديدة بجانب وحدته وبجانب سكن أخته فطلب أخية اللجوء إلى محمد عبد السلام فرج قائد تنظيم الجهاد ومخطط عملية الاغتيال فيما بعد لمساعدته فى العثور على شقة فذهب إليه بعد صلاة الجمعة فى مسجد الإخوان فى بولاق الدكرور ولم يحصل خالد على شقة وإنما حصل على كتاب "الفريضة الغائبة"، وبدأت فكرة اغتيال السادات تتخمر فى رأس الاسلامبولى الذى اعتقد أنه يخدم الاسلام باغتياله للسادات، وتكفل محمد عبد السلام فرج بتوفير الوقود الفكرى للاغتيال

بدأ التخطيط للجريمة القذرة يوم 29 سبتمبر أى قبل سبعة أيام فقط من الاغتيال، وقرر محمد عبد السلام فرج صاحب كتاب الفريضة الغائبة وقائد تنظيم الجهاد، فى الاتصال بعبود الزمر قائد الجناح العسكرى بالتنظيم وقد حدث قبل وضع خطة الاغتيال جدل وانشقاقات داخل صفوف تنظيم الجهاد بين قائد الجناح العسكرى بالتنظيم عبود الزمر وأمير التنظيم محمد عبدالسلام فرج، بسبب شخصية خالد الإسلامبولى، وكانت أسباب رفض عبود الزمر إسناد عملية الاغتيال ل -خالد الإسلامبولى- تعود إلى أن خالد ضابط صغير حديث العهد بتنظيم الجهاد، وهناك احتمالات أن يكون مدسوسا من قبل المخابرات وإشراكه فى عملية بهذا الحجم تمثل خطورة على التنظيم وتسهل للأجهزة القبض على كل العناصر القيادية، أضف إلى ذلك أن المجتمع غير مؤهل لفكرة الاغتيال، علاوة على أن عبود كان قد خطط لاغتيال السادات بعد عامين فى استراحته بالقناطر الخيرية ضمن خطة وضعها باحكام وهو ضابط احتياط بالقوات الميلحة وتضمنت السيطرة على وزارة الدفاع ومبنى الاذاعة والتليفزيون وقيادة الامن المركزى ووزارة الداخلية واغتيال عدد من الشخصيات لارباك الدولة وفقدان السيطرة عليها ابرزهم وزراء الدافع والداخلية والخارجية أو شل حركتهم وقتل عدد من السياسيين المؤثرين فى الاحزاب ابرزهم خالد محى الدين حتى لا يركب الموجة ويستغل الحركة لنفسه

لكن فرج أرسل لعبود الخطة مشفوعة بتهديدات تصل لعزله من التنظيم، مؤكدا أن خالد الإسلامبولى إذا نجح فى اغتيال السادات يكون قد حقق قفزة للأمام، وإذا فشل فى تنفيذ مخططه فإنه لن يخرج من ساحة العرض حيا، وبالتالى لن يعرف أحد حقيقة التنظيم وقياداته


اكتمال عناصر الجريمة
ذهب خالد لتفقد قوات الوحدة المشتركة فى العرض ثم إكتشف غياب ثلاثة جنود من أفراد وحدته هم عمر خليل, وميلاد أنيس, وعادل البسطاويسى – وفكر أن يحضر غيرهم لتنفيذ خطته وإحتاج لأربعة أفراد كان أولهم صديق طفولته عبد الحميد عبد السلام – وإلتقيا فى صباح 25 سبتمبر وأديا الصلاه فى مسجد بعين شمس عرض عليه فكرته لقتل السادات ثم ذهبا إلى محمد عبد السلام لأن ساقه مكسورة وعرضا عليه الفكرة حيث رحب بها وطلب منه خالد إمداده بثلاثة أخوه وتدبير القنابل والذخيرة اللازمة وكان من الأشخاص الثلاثة هم عطا طايل وحسين عباس مدربين على القتال وفنون الحرب

جاء عبد الحميد وعطا حسين – بخطاب إلحاق مزور من اللواء 188, وهو لواء مقاتل ليس له علاقة بالمخابرات الحربية، ولتأكيد سلامة الخطة حملوا مع هذه الخطابات المزورة بطاقات عسكرية مزورة

إتجه كل من خالد وعبد الحميد وعطا وحسين إلى موقع وحدة اللواء 333 عند أستاد القاهرة وكان معه شنطته وبداخلها الذخيرة والقنابل الأربعة اليدوية, وأنزل عبد الحميد وعطا وحسين بجوار الحائط الخارجى لأرض العرض على مسافة 50 متر من الموقع حيث دخلوا منطقة العرض وسألوا عن خالد – ثم ترك العربة ودخل المنطقة بعدهم بربع ساعة منعا للإشتباه, كما أنه عاملهم بجفاء وخشونه على أساس أنهم ليسوا من وحدته, ثم قام بصرف " أفرول " جديد حتى لا يختلف لون زيهم العسكرى عن زى باقى الجنود المشتركين فى العرض

وبعد ظهر يوم الإثنين, جمع خالد جنود الكتيبة من العناصر المشتركة فى الإستعراض وقام بتوزيع الجنود على العربات التى تمثل الكتيبة وعددهم أربعة أو خمسة جنود ووضع حسين وعطا وأحمد (مجموعته) فى الطاقم رقم (14)، وكانوا قد عاينوا من قبل المنصة وتدربوا على رمى حجاره (فى حجم قنابل يدوية) عليها من مسافات

ثم كلف عبد الحميد بنزع إبر ضرب النار من الأسلحة فنزع جميع إبر الضرب ولكنه ترك ثلاثة بنادق آليه بدون نزع إبرها وميزها بوضع قطع قماش دسها فى فوهاتها - وفى نفس الوقت أخرج خالد القنابل الأربع من حقيبته السامسونيت ثم وضعها تحت السرير – ووضع القنابل الأربعة فى خوذته وخصص حسين عباس حارساً على خيمته

حوالى الساعة 30, 2 فجر 6 أكتوبر 1981 قاموا بملئ خزان البنادق الآلية الثلاث بالذخيرة الحية, وأخذ عبد الحميد وعطا وحسين البنادق الثلاث وجمع خالد إبر ضرب النار المنزوعة وأضاف 3 إبر حتى يصبح عدد الإبر مساوى لعدد البنادق

وفى الساعة 30, 6 صباحاً ركبت الأطقم العربات الخاصة بالكتيبة بقيادة خالد الإسلامبولىالذى جلس بجوار السائق وكان يخفى خزنة الرصاص فى جوربه ووضع الخوذة فى داخلها القنابل الأربع أسفل كرسى العربة، وبعد ساعة ونصف بعد إنتظام العربات فى مكان الإنتظار وفى أثناء إنشغال الجنود بتنظيف العربات أعطى السائق 25 قرشاً لشراء سندوتشين لإبعاده وقام خالد بإعطاء عبد الحميد قنبلتين ووضع الآخرين فى درج تابلوه العربه, وقام بتغيير خزنة الرشاش الخاصة بالسائق بأخرى مليئة بالذخيرة, ووضع الخزنه الفارغة أسفل المقعد الجالس عليه

اعلان الثورة الاسلامية
فىنفس التوقيت الذى إتجه فيه ركب السادات إلى مكان العرض بمدينة نصر تسلل عبود الزمر متخفياً إلى ميدان التحرير وإتجه أحد الجنود يحمل كميات كبيره من الجاتوه المحشو بالمخدر إلى مبنى كتيبة حرس وزارة الدفاع بالجبل الأحمر وإدعى أنه رزق بطفل, ويتم تخدير القوه وتتحرك مجموعة من الجهاد للإستيلاء على أسلحتهم ومدرعاتهم وهى وحدة جيدة التسليح

ويشاء القدر أن تكون كمية المخدر كبيره, فقد تم وضعها ليلاً فلم يقدروا الكمية الكافية, مما جعل مذاق الجاتوه مراً, وعندما بدأ جندى يأكله بدون إكتراث لمرارته لقى حتفه على الفور فبصقه بقيه القوه من فمهم – وعندما ذهبت مجموعه الجهاد لتستولى على الأسلحة فوجئت بجنود الحراسة فى أماكنهم كما لم يجدوا الجندى المكلف بتخديرهم لأنه خاف وهرب عندما فشلت العمليه وموت جندى من جنود الحراسة, حاولوا الإصطدام بالطاقم الذى يتولى الحراسة فتصدى لهم على الفور وفشلت عملية الإستيلاء" خطه الجاتوه" هذه

أما عبود الزمر فكان ينتظر مجموعه الجهاد التى كان من المقرر أن تستولى على أسلحه وزارة الدفاع, وكان من المخطط له أن تصل هذه المجموعه بعد 20- 30 من تنفيذ العملية, وقد أطلق عليها " مقدمة القوات " أو " القوات الثقيلة " المكونه من المصفحات والمدرعات ليتجه لها إلى مبنى الإذاعه والتلفزيون للإستيلاء عليها

وكان فى جيب عبود الزمر البيان رقم واحد معداً لإذاعته, كما كانت هناك نسخ من البيان رقم واحد مترجمه بعده لغات يعلن للعالم قيام ثورة إسلامية فى مصر, وكان من المفروض أن يحرك الجهاد أتباعه فى جميع مساجد القاهرة والأقاليم بحيث تنادى الائمه من على مآزن المساجد بعد سماع البيان رقم واحد لحث المسلمين للخروج فى مظاهرات شعبية تهتف " الله وأكبر " وتحرض الناس على الخروج فى الشوارع إيذاناً ببدء الثورة الإسلامية الشعبيه كما كانوا ويخططون

وكان عبود الزمر قلق لعدم وصول مجموعه الجهاد وقد تأخر وصولها ففكر فى الذهاب إلى الإذاعة والإستيلاء عليها بمعاونه بعض أتباعه ولكنه فوجئ وهو واقف فى الميدان باللواء أحمد رشدى وزير الداخلية الأسبق يقود مصفحة متجهاً بها إلى مبنى الإذاعه والتلفزيون, فأدرك أن محاولتهم قد فشلت وأن الجيش تحرك ليحمى مصر فهرب عبود الزمر وأمر أتباعه بالهروب والإختفاء من تعقب رجال الشرطه لهم

كيف حدث الاغتيال

بدأ العرض العسكرى بداية تقليدية 00حتى جاء دور طائرات (الفانتوم) وراحت تشكيلاتها تقوم ببعض الالعاب البهلوانية،بينما يعلن المذيع الداخلى (والان تجئ المدفعية) وفجأه وقفت أحدى العربات والتى كانت يوجد بها خالد والذى أمر السائق بتهدئة السرعه حتى يحافظ على المسافة عندما تقف العربة ثم خطف خالد رشاش السائق من جانبه وهدده بالقتل ليتوقف فوقف تصور الحاضرون ان السيارة تعطلت وأن الظابط الممتلئ (الاسلامبولى) الذى نزل منها سيسعى لاصلاحها، لكنه القى بقنبلة يدوية، ارتطمت بسور المنصة منفجرة، بينما ما زال المذيع الداخلى يحيى رجال المدفعية ويقول ( انهم فتية آمنوا بربهم )!!

جرى خالد الاسلامبولى الى العربة، وفتح بابها، وامسك بمدفع رشاش عيار 9 مم، بينما يلقى عطا طايل بقنبلة اخرى سقطت بالقرب من المنصة بحوالى 15 مترا، وقبل ان ينتبه احد، من الصدمة، القى خالد الاسلامبولي، القنبلة اليدوية الدفاعية الثالثة فى اتجاه المنصة فسقطت بالقرب منها لكنها لم تنفجر هى الاخرى واكتفتى باخراج دخان كثيف منهاوقبل ان ينتهى الدخان القى عبد الحميد عبد العال القنبلة الرابعة، التى انفجرت واصابت سور المنصة ايضا، وتناثرت شظاياها فى انحاء متفرقةلكن هذه الشظايا لم تصب احدوكان السبب هو سور المنصة الذى كان بمثابة (الساتر) الذى حمى من خلفها من شظاياها

هب السادات واقفا يصرخ "قف يا ولد" ومرددا كلمته الاخيرة "مش معقول" حتى جاءته رصاصة من القناص حسين عباس على الذى كان يقف فوق ظهر العربه ويصوب بندقيته الآليه نحوه، فاخترقت الرصاصة الاولى الجانب الايمن من رقبة السادات فى الجزء الفاصل بين عظمة الترقوة وعضلات الرقبة، واستقرت اربع رصاصات أخرى فى صدره، فسقط فى مكانه

بعد ان اطلق حسين عباس دفعة النيران الاولى، قفز من العربة، ليلحق بخالد وزملائه الذين توجهوا صوب المنصة فى تشكيل هجومي، يتقدمهم خالد، وعبد الحميد على يمينه، وعطا طايل على شماله وبمجرد ان اقتربوا من المنصة اخذوا يطلقون دفعة نيران جديده على الساداتوهذه الدفعة من النيران اصابت بعض الجالسين فى الصف الاول، وقبل ان تنفذ رصاصات خالد الاسلامبولي، اصيب الرشاش الذى فى يده بالعطب بعد ان اطلق منه 3 رصاصات فقط

مد خالد يده بالرشاش الاخرس الى عطا طايل الذى اخذه منه واعطاه بدلا منه بندقيته الالية واستدار عطا طايل ليهرب لكنه فوجئ برصاصة تاتى له من داخل المنصة وتخترق جسدهفى تلك اللحظة فوجئ عبد الحميد ايضا بمن يطلق عليه الرصاص من المنصةاصيب بطلقتين فى امعائه

فى تلك اليله نفدت ذخيرة حسين عباس فأخذمنه خالد سلاحه وقال له : (بارك الله فيك اجر اجر) ونجح فى مغادرة ارض الحادث تماما ولم يقبض علية الابعد يومين اما الثلاثة الاخرون فقد اسرعوا ـ بعد أن تاكدوا من مصرع السادات ـ يغادرون موقع المنصة فى اتجاة رابعة اليعدويةوعلى بعد امتار قبضت عاليهم المجموعة75مخابرات حربية وهم فى حالةغيبويه كاملة
 
خد عندك © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates