اعتبر نواب مستقلون ومعارضة ضم مجلس الشعب 20 استجوابا جديدا قاموا بتقديمهم ضد الحكومة، الى 65 استجوابا أخر سبق وقامت بأجيل نظرهم لحين تحديد موعد لها، عملية تمهد لقتل هذه الاستجوابات كما يحدث كل عام، ومنع النواب من محاسبة الحكومة على تجاوزاتها، بحكم أن الاستجوابات تمثل أهم سبل وسائل الرقابة البرلمانية وأكثرها تأثيرا اذا منحت الفرصة للمناقشة، فيما اعتبر بعضهم ان كثرة الاستجوابات تقلل من تأثيرها وقوتها التى لا تتجاوز حشد الراى العام، نتيجة قدرة حكومة الأغلبية على وأد أى استجواب بالانتقال الى جدول الاعمال فى أى وقت تريده.
ووصل عدد الاستجوابات المقدمة من نواب مجلس الشعب المستقلين والمعارضين لحكومة الدكتور احمد نظيف إلى 85 استجوابا، وذلك بعد ان جمد المجلس 65 استجوابا منذ أسبوعين ورفض الحكومة مناقشة أي استجواب منها فى الحال أو تحديد موعد قريب، باستثناء خمسة استجوابات تدور حول ارتفاع الأسعار، سيتم مناقشتهم فى جلسة واحدة عقب اجازة عيد الاضحى المبارك.
من جانبه قال مصطفى بكرى النائب المستقل بمجلس الشعب أن السياسة التى وضعتها هيئة مكتب مجلس الشعب هى مناقشة إستجواب واحد فقط شهريا، وهو ما يعنى أن عشرات الاستجوابات لن تجد مكانا لها، خاصة أن الدورة البرلمانية لا تزيد عن سبعة شهور، مر الأول منها دون مناقشة أى استجواب وبالتالى قد يناقس خمسة أو ستة استجوابات خلال الدورة الحالية على أقصى تقدير بعد ضم عدة استجوابات يرى المجلس انها تتعلق بموضوع واحد لمناقشتها فى جلسة واحدة.
وكشف بكرى ان استجواب حول غلاء الأسعار ومعه استجوابات اخرى ضمت اليه مثل الاستجواب الذى تقدم به عن اختفاء الطبقة الوسطى حدد موعدا لمناقشته بعد عيد الأضحى، بينما لم يحدد موعدا لمناقشة أية استجوابات أخرى، فى انتظار قرار هيئة المكتب.
وشدد بكرى على أن النواب طالبوا بمناقشة استجواب اسبوعيا، الا أن هيئة مكتب مجلس الشعب أصرت على موقفها بمناقشة استجواب واحد فى الشهر، ولا زالت المحاولات مستمرة، حتى يتم تفعيل الاستجوابات كافةـ مشيرا الى أن استجواباه عن الفساد فى المؤسسة الصحفية المدعم بـ 1200 مستند لم يناقش رغم تقديمه من قرابة العامين ونصف، وكان هناك اصرار على تجاهله، مشيرا الى ان هذا الاسلوب الذى يتبع مع استجوابات النواب يحول بينهم وبين مهامهم الرقابية على الحكومة، خاصة ان غالبية الاستجوابات المقدمة جادة وتناقش قضايا هامة ومصيرية للمواطن والوطن، وأغلبها تناقش قضية الفساد.
وقلل بكرى من حدة ما نشر حول استبعاد الاستجوابات التى تحتوى على قصاصات صحفية، قائلا أن الدكتور احمد فتحى سرور طلب ذلك ولكن النواب أبداو اعتراضهم على أساس ان الصحف تعد مستندات وتنشر بها تحقيقات مدعومة بالمستندات التى يعترف بها القضاء المصرى، فأبدى الدكتور سرور احترامه للصحافة واعتبارها سندا على وقائع معينة، لكنه شدد على ضرورة القصاصات ضمن مستندات أخرى رسمية كأدلة تدعم الاستجوابات المقدمة.
أما النائب رجب هلال حميدة عن حزب الغد فأكد أن ما طريقة تعامل المجلس مع الاستجوابات تشير الى تنازله عن حق أصيل واضعافه لأداة هامة فى مراقبة الحكومة وهى الاستجوابات، معتبرا أن أن انتظار البرلمان أن تحدد الحكومة المناسب لمحاكمتها أو محاكمة احد أعضائها وبالرد علي الاتهامات الواردة فى الاستجوابات أمر لا مثيل له في جميع برلمانات العالم.
وأضاف حميدة أن عمر الدورة البرلمانية لا يتجاوز 7 شهور، والمجلس يعمل 6 ايام في اسبوعين بإجمالي 12 الي 14 جلسة شهريا وهو عدد غير كافي لمناقشة الاستجوابات وطلبات الاحاطة ومن هنا يأتي القرار المعيب على حد وصفه بتاجيل الاستجوابات، وهو ما يؤدي لاضعاف المجلس وتنازل القائمين عليه عن حماية مصالح الشعب.
وأكد أن الحكومة تتبع سياسية تكديس الاستجواباتلتتهرب من الرد عليها، ودائما ما تساعد هيئة مكتب المجلس الحكومة فى الخروج من مواجهة النواب بطرق شرعية دستورية وسياسية، خاصة في الاستجوابات التي تحرجها.
ويرى حميدة ان تأجيل نظر الاستجوابات وعدم تحديد موعد لمناقشتها يعد دليل قاطع علي قوة هذه الاستجوابات، وقدرتها على احراج الحكومة.
وأشار نائب حزب الغد الي ان المجلس يختار الاستجوابات التي تستطيع الحكومة تقديم مبررات لها وهي عادة متعلقة بالجوانب الخدمية كالتعليم والصحة والتموين والاسعار وهي قضايا فضفاضة تجد الحكومة مخرج من مواجهتها، أما القضايا المتعلقة بأمن الوطن فيتم تاجيلها لانها تفضح النظام.. فمثلا حينما أتقدم – والكلام على لسان حميدة - باستجواب مصور عن تهريب الاثار ويتم تأجيله فان هذا امر غريب، وحينما أتقدم باستجواب عن اهدار مليار جنيه في قطاع الاعلام ويتم تاجيله فهو امر غاية في الخطورة، مشيرا الى أن الحل يكمن في تطبيق ديمقراطية حقيقية وبرلمان حقيقي منتخب يحترم حقوقه الدستورية وحقوق المواطنين ويراعي مصالح البلاد اكثر من مصالح الحكومة.
وأرجع النائب المستقل كمال أحمد تأخر المجلس فى حسم عملية تحديد مواعيد مناقشة الاستجوابات الي كثرة الاستجوابات المقدمة من النواب، فتقرر المجلس تأجيلها الى موعد لاحق بعد العيد الأضحى لحين فرزها الى مجموعات وفقا لسياسة الفرز الحالية التى تقوم على تجميع الاستجوابات المتشابهة من حيث الموضوع لمناقشتها فى يوم واحد.
وأشار الى أنه يتم مناقشة كل مجموعة علي حدة حسب نوعية الاستجواب، فتناقش الاستجوابات التى تدور حول الأسعار والغلاء والخلل الطبقى في جلسة واحدة، واستجوابات الخصخصة ومشاكل العمالة في جلسة اخرى، وهكذا.
وأضاف أنه على الرقم من ان المدة لا تكون كافية لمناقشة الاستجوابات، فانه يجوز للمجلس ببعض الاحيان تمديد وقته للسماح بمناقشة هذه الاستجوابات وان قلل من امكانية حدوث ذلك.
وقال كمال أحمد ان الحكومة لا تحتاج الى التدبير والتخطيط لحشر الاستجوابات فى فترة ضيقة، لأنها تملك الاغلبية القادرة فى النهاية مهما وصل المستجوب الى ذروة التعاطف من النواب جميعا على انهاء المناقشة والانتقال الى جدول الاعمال، من خلال مجموعة العشرين المجهولين الذين يقدمون دائما الاقتراح بالانتقال الى جدول الاعمال وكأن شيئا لم يكن، وأحيانا بدلا من توجيه اللوم للمسئول المستجوب، يتحول الاستجواب الى مناسبة لذكر انجازاته العبقرية والتصفيق له وتوجيه الشكر اليه فى النهاية.
ورجح كمال أحمد أن تكون بعض الاستجوابات مؤجلة بسبب نظرها امام القضاء، خشية خلق جو عام يضغط على سير العدالة ويؤدى الى الخروج بأحكام مسبقة.
وأرجع النائب المستقل كثرة الاستجوابات المقدمة ضد الحكومة والتى وصلت الى 85 استجوابا الى كثرة أخطاء الاجهزة التنفيذية، معتبرا أن هذا الكم من الاستجوابات يضغط علي وقت المجلس المطلوب منه القيام بدوره التشريعى الى جانب مراقبة الحكومة، وأن كثرة الاستجوابات تقلل من قوتها ومن مناقشتها بموضوعية.
وأضاف أنه قديما كان الاستجواب يناقش في يوم كامل مستوفيا عناصره وأدلته والمستندات المؤيدة، بينما الان لا يتجاوز وقت عرض النائب لايتجوابه أكثر من 20 دقيقة، ليفقد قوته وتأثيره حتى على الرأى العام ويصبح مثل "خيال المآته" على حد تعبيره، مطالبا بتفاعل أوسع من الحكومة مع النواب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق