• أمام ثورتنا .. أسئلة كبيرة .. لا تقف عند السلفيين وضرباتهم .. ومصير المسلمات الجدد .. وملاعيب الإخوان .. ومناورات الثورة المضادة .. وتوهان القوى السياسية .. ولخبطة أولى الأمر .. وأهم سؤال هو مصير هذا الوطن .. مصير مصر بعد 25 يناير الثورة
  • لست ضد النوايا الطيبة للشيخ حسان وتابعه الشيخ صفوت حجازى وجولاتهما المكوكية فى ربوع مصر لحل ما استعصى على الدولة وما صعب على الحكومة وما فشل فيه أولى الأمر، لكن الدولة دولة قانون
  • أعرف جيدا .. أننى حزين الأن .. لإقتران لقب "أبو العيش" بأمور فساد مالى وإدارى .. بعد أن كانت مثالا للإقتصاد الرحيم .. والتنمية التى لا تنقطع .. ونشر الثقافة .. والتوعية بقضايا البيئة .. والأعمال الخيرية .. وأتمنى من الله .. أن تزول تلك الغمة بظهور الحق وبيان الحقيقة التى لا يحتكرها أحد الان
  • وبين الأب الذى "لم يكن ينتوى" .. والإبن الذى "كان ينوى" .. كانت هناك شهورا قليلة فاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية نفسها .. ولكن أيا منهما لم يكن قد أعلن عن تلك النوايا وكأن مصر ستظل أسيرة نواياهما
  • بينما أولئك المُصنفون "فرز تانى وتالت ورابع" من لصوص ومنافقين.. يحاولون تبديل وجوههم وتغيير مبادئهم وسلخ جلودهم القديمة كالثعابين والأفاعى

الأحد، ٢٧ يناير ٢٠٠٨

مشروع هزيمة

لا أمل ولا اكل عن مشاهدة فيلم "عايز حقى" للكاتب الكبير الساخر يوسف عوف رحمة الله عليه، فالفيلم العبقرى فى فكرته، الجيد فى تنفيذه جسد أفكار عديدة عن الفقر والجهل والتهور ولكن فى إطار يضحكك ويبكيك فى الوقت نفسه، ويصرخ فى نهايته بأننا نعيش فى وطن لا نقدر حجمه ولا نستطيع ادارته ولا نعرف قيمته.

رسالة فيلم "عايز حقى" نبعت من فكرة لامعة ملخصها أننا نعيش فى وطن لا نعرف عنه شيئا، ونغرق فى بحور من المواد القانونية بلا معنى ولا تجد من التنفيذ على أرض الواقع أى نصيب، والدليل مادة الدستور محور أحداث الفيلم، التى تعيد ملكية المال العام للشعب، بينما فى الواقع لم يعد هناك مال عام ولا ملكية ولا حق.

وفيلم عايز حقى الذى انتج عام 2003 لم يكن لا ابتسامة حزينة تعبر عن الواقع .. والواقع مؤلم، وبناء عليه كان مطلوبا من الدراما ان تجاهد لتوسع هامش الحرية الذى يكفى للتعبير عن ما وصلت اليه مصر.

وفى الوقت الذى لم تتوقف فيه أفلام العرى والتسطيح وتجميع الافيهات الهابطة، لم تتوقف السينما عن عرض مشاكل الشارع المصرى بكل ما فيه، فظهر مخرجون لديهم حس سياسي واضح ويصنعون أفلام الواقعية الصادمة .. أخرهم وأبرزهم خالد يوسف صاحب أفضل أفلام العامين الماضيين.

خالد كان له ظهورا قبل أيام على شاشة قناة المحور ببرنامج "صبايا" للمذيعة المتألقة ريهام سعيد، وكانت الحلقة تتحدث عن أهل الفن وشائعات التنازلات الفنية وبطلات العرى وحكايات الابتزاز الجنسي وعلامات الاستفهام حول صعود بعض النجمات العرب بسرعة الصاروخ والبدء بأدوار بطولة.

قطعا دافع خالد يوسف بغيرة عن مجتمع عمله .. ولم ينف وجود منحلين وفاسدين ومنحرفين به، مثله مثل أى مجتمع عمل، لكنه اختطف الحوار الى اتجاه اخر تماما بعد أن فرغ من الدفاع عن مهنته، فتوجه بسرعة الصاروخ الى السياسة، وأرجع طغيان تلك الأفكار الى الواقع المنهار الذى تعيشه مصر .. قائلا أننا نعيش الأن مشروع اضمحلال، وهزيمة .. ولا نمر بتجربة نهضة، وأن كل ما فى مصر يتراجع بدون استثناء، وأن فترات التراجع والاضمحلال هى التى تشهد التربص بالفكر والابداع، وتنظر الى لقطة عرى فى عمل فنى - يرى أن لها ما يبررها فى السياق الدرامى - تاركة الرسالة الكبيرة الواضحة التى يريد ايصالها.

كان الحوار مع خالد ممتعا .. وكشف عن وعى سياسي يسكن فى تلك الرأس الذى أخرجت أسخن أفلام 2007 وهما "حين ميسرة" و"هى فوضى" مع استاذه يوسف شاهين .. وللحق أقول أن التلميذ تفوق على استاذه، وساعده بهذا الحس السياسي رضاء شباك التذاكر قبل اعجاب النقاد المتخصصين.

فتحية احترام لخالد يوسف وجرأته ورؤيته التى من المؤكد أنها تصعب عليه الأمور أكثر من أن تيسرها، على ثقة بأن عقليته تلك لن تعجز عن ايصال رسائله بأقل عرى ممكن.

مصر بين توريث محتمل للحكم .. وتوريث مؤكد للفقر

- تقرير للكونجرس رصد استعراض الحكومة فى قمع المعارضة لتمرير سيناريو السيناريو المحتوم
- حكومة عبيد رفعت الدين العام من 217 مليار جنيه الى 510 مليار جنيه، وحكومة نظيف قفزت به الى 637 مليار
- لاجديد بملف التوريث سوى صراع مكتوم بين من ترعرعوا بمقرات الاتحاد الاشتراكى، ومن يديرون السياسة بنظريات الربح والخسارة
- اجمالى الدين العام داخلى وخارجى يقدر بـ 836 مليار جنيه ونصيب المواطن من الفقر والدين أكثر من 10 آلاف جنيه

استقر الرهان السياسي فى مصر مع نهاية العام الماضى، على أن عام 2008 هو موسم تسوية طبخة "توريث الحكم" بوضع التوابل والاضافات النهائية قبل تقديمها فى أبهى صورها سهلة الهضم والتنفيذ، فكل المقدمات التى طرحت نفسها على الواقع السياسي فى 2007 تؤدى الى هذا الرهان .. وأبرزها "عملية" تعديل 34 مادة من الدستور التى شهدت استعراض الحزب الوطنى بقوته البرلمانية من خلال تهميش مطالب كل القوى السياسية فى التعديلات .. وهجمة أزرعة النظام على الصحافة المستقلة فى أعقاب شائعة وفاة الرئيس مبارك.

ورغم زيادة فرص تنفيذ تلك "الطبخة"، وتراجع صوت القوى المعارضة لهذه "العملية"، الا أن التوريث الاكبر والمؤكد فى مصر الان هو "توريث الفقر" للشعب أصبح المصير الذى لا يخضع لاحتمالات ولا يقف على عوامل أو ظروف بعينها، وخاصة مع وصول الدين العام الداخلى فى مصر خلال الموسم المالى 2006/2007 الى 637.2 مليار جنيه، وهو المديونية التى على حكومات الحزب الوطنى المتوالية والتى اقترضتها من أفراد ومؤسسات لمواجهة الطوارئ التى صنعتها بقرارتها، او تحقيق أهداف لا تكفى لتغطيتها الإيرادات العامة من ضرائب ورسوم وايرادات سياحية وايرادات قناة السويس والبترول وكل ثروات مصر.

فى ملف توريث الحكم لم يستجد أمرا محوريا بخلاف زيادة نفوذ لجنة السياسات بالحزب الوطنى الحاكم تصاعد قوة رجاله وفى مقدمتهم رجل الاعمال أحمد عز أمين تنظيم الحزب، وهو الصعود الذى يبرز صراع التيارات بداخله كنتيجة حتمية لتغيير الدماء، وتغيير طريقة العمل بين رجال ترعرعوا فى مقرات الاتحاد الاشتراكى، وتنقلوا بين احزاب الحكم كتنقلهم بين غرفهم الخاصة، وبين رجال يديرون السياسة بنظريات الربح والخسارة.

قضية توريث الحكم كانت محل اهتمام تقرير رسمي صادر عن مركز أبحاث الكونجرس الأمريكى الاسبوع الماضى، الذى وصف الوطنى الحاكم بأنه حزب "نخب اقتصادية وسياسية"، وليس مؤسسة ذات "أيديولوجية"، وهو ما يعنى أنه حزب يقوم على رجال وليس على منهج واضح، وأن حكومته تستعرض عضلاتها فى عملية قمع المعارضة تمهيدا لتمرير سيناريو التوريث من خلال "استيلائه" على أكثر من 80% من مقاعد البرلمان، مع تأكيده على أن الحزب منى بخسارة فى الانتخابات البرلمانية التى اجريت فى 2005، مما دفعه الى ضم المستقلين الذين فازوا بمقاعد في البرلمان إلى صفوفه.

واذا كانت الاحتمالات تقودنا الى سيناريو انتقال السلطة من الرئيس الاب الى الرئيس الابن، فى ظل تأكيدات لا يجب اغفالها بالنفى المتكرر لما تعتبره المعارضة امرا مسلما به، الا أن العنصر المؤكد الوحيد فى مستقبل الشعب هو أنه محاصر بالديون، ومطالب بسداد فاتورة أخطاء الحكومات والمؤسسات الاقتصادية، خاصة مع وصول الدين المحلى الى هذا الرقم البشع والذى يمثل 87% من الناتج المحلى الاجمالى للمجتع المصري، ومع اضافة الديون الخارجية الى الدين الداخلى والتى تقدر بنحو 28 مليار دولار، فإن اجمالى الدين العام يصل الى 799.8 مليار جنيه بنسبة 109.4% من الناتج المحلي الإجمالى في نهاية يونيو الماضى، وفقا لتأكيدات الدكتور جودت الملط رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات فى مجلس الشعب مطلع الشهر الجارى، ليصبح نصيب المواطن من الفقر والدين أكثر من 10 آلاف جنيه.

بمعنى أننى وزوجتى وابنتى ان كنا نأمل فى مستقبل أفضل، وغد أكثر رفاهية يمكن ان نحلم به لأطفالنا، مطالبين بدفع ما قيمته 30 ألف جنيه، هو نصيب عائلتى الصغيرة من الدين العام الذى نعرف بديهيا أن واقعه الحالى لايساعد نهائيا ومهما فعلت حكومة نظيف ومن سيأتى بعدها علي زيادة معدلات النمو الاقتصادى ورفع هذا العبئ عن الاقتصاد القومي.

ووفقا لتاريخ الدين العام المحلى وحده على أن قفزته الاكبر كانت فى عهد الدكتور عاطف عبيد صاحب أشهر ابتسامة تفاؤل فى ديون رئاسة الوزراء والذى تسلم الدين العام مع توليه رئاسة الوزراء فى أكتوبر 1999 وحجمه 217 مليار جنيه من الدكتور كمال الجنزورى، وترك تركة ثقيلة لحكومة الدكتور أحمد نظيف بتخطيه حاجز الـ 510 مليار جنيه، فى حين تكفلت حكومة الاخير برفعه الى حدوده الحالية (637 مليار جنيه).

أما حكومة الجنزورى رجل الارقام الأول فى العالم، وصاحب الذاكرة التى أمطرتنا بالاحصائيات عن الاصلاح الاقتصادى المنشود على الهواء مباشرة، فكانت حكومته وراء ارتفاع الدين العام المحلى من 172 مليار جنيه الى 242 مليار فى 3 سنوات فقط تولى فيها المنصب العالى.

فى حين شهدت الاعوام الخمس الاخيرة من العمر المديد لحكومة الدكتور عاطف صدقى رحمه الله رفع الدين المحلى العام من 97 الى 172 مليار جنيه، وهى الارتفاع الأدنى مقارنة بمن جاءو بعده وكان قرار الاستدانة بالنسبة لهم، أسهل من قرار الموافقة على أراضى الدولة لشباب رجال الاعمال.

ما نريد قوله من تلك الاحصائيات أن المشكلة مزمنة، وتدرج زيادة الدين العام بالمقارنة بالناتج المحلى للمصريين خلال السنوات العشر الاخيرة فقط من 70% الى 87% ليس واقعا مفاجئا لأولى الأمر، بل هو مصير محتوم وواقع لا فرار منه، ويتطلب منذ عشرات السنين حلولا حاسمة تكفل السيطرة عليه.

مصر لم تترك موقع الريادة الذى بشرنا به الكبار قط، وحتى حتى فى حجم الدين الداخلى بها فهى من اكثر الدول العربية والاجنبية لأنها تقترض على أمل سد العجز المستمر فى موازنتها، دون أن تسعى لتقليص العجز من خلال ترشيد الانفاق الحكومى – تلك القصة المكررة التى مللنا من سماعها منذ فجر التاريخ – وليس للاستثمار فى مشروعات جديدة تضيف للناتج المحلى.

باختصار .. تلك هى الأرقام وهذا هو الواقع، ولا نذكره من باب التذكير بالمشكلة، لأن أوان التذكير قد مضى، ولكن المطلوب حلا سريعا يوقف هذا الغول الذى وصل الى مرحلة النمو الذاتى، بمعنى أن الدين ينمو باستمرار نتيجة تراكم الأقساط والفوائد حتى وان توقفت الحكومات عن الاستدانة، وهو أمر يصعب حدوثه مع استمرار نفس النهج الذى تدار به الأمور فى مصر.

واقتبس هنا جملة أعجبتنى لمشرف أحد المتديات المصري ويدعى أحمد حسين، يتسائل فيها عن هذا الرقم الضخم، وإلى أين ذهب، فإن كان قد استثمر فى استصلاح الاراضى الزراعيه لكانت ارقام التجارة الخارجيه تتحدث عن صادرات مصر، ولو استثمر فى العقارات لما كان هناك ازمه سكنيه، وان استثمرت فى السياحه لكانت ايرادتنا تفوق اسبانيا، واذا ما كانت قد استثمرت في التعليم لكان لدينا ثوره علميه، ولو بنيت بها المصانع مصانع لما كان لدينا عجز تجارى مع معظم دول العالم، وان انشأت بها الموانئ والمناطق الحره الحقيقيه لما كنا نحسد دبي على ما هى عليه.

عمليا بشرنا وزير المالية يوسف بطرس غالي باستحالة تخفيض الدين العام، لاستحالة من وجود فائض في موازنة مصر، بمعنى أن توريث الفقر مؤكد .. حتى وان تأجل توريث الحكم.
حسن الزوام

السبت، ١٩ يناير ٢٠٠٨

زنجى متهم بالاسلام والتعاطف مع الفلسطينيين والدعوة لمحاورة الأعداء


"أوباما"
بين مصير لوثر كينج ومقعد جورج واشنطن



لم يكن مارتن لوثر كينج داعية المساواة بين الزنوج والبيض فى الولايات المتحدة الامريكية فى منتصف القرن الماضى يعلم أن مبادئه التى حارب من اجلها والتى حصل عنها على جائزة نوبل للسلام، ستكون محل منازعة قد تكون فاصلة فى تاريخ الدولة العظمى بعد 40 عاما بالتمام والكمال على اغتياله.

فالثائر الاسود .. يعيش الان لحظات مجده مع زيادة فرص الزنجى "باراك أوباما" فى نيل ترشيح الحزب الديمقراطي للمنافسة على مقعد بوش الابن الذى سيخلو بنهاية العام الجارى، فى سيناريو ان حدث سيقف التاريخ الأمريكى أمامه كثيرا.

عملية استدعاء ذكرى كينج لم تقف على لون بشرة أوباما ولكنها امتدت لتصبح سلاح انتخابى فى معركة مرشحى الحزب الديمقراطي على أعتاب ولاية كارولينا الجنوبية التى يتجاوز عدد الناخبين السود فيها أكثر من النصف، وذلك بعد ان فسر أوباما تصريحات هيلارى بأن حلم مارتن لوثر كينج بالمساواة تحقق عند توقيع الرئيس الاميركي الراحل ليندون جونسون لقانون الحقوق المدينة عام 1964، بأنها أعادت الفضل فى القانون للرئيس الأبيض وليس للثائر الاسود، وهو ما اعتبر اهانة لكينج فى قبره.

أوباما الذى جاهد من قبل لابعاد تهمة الاسلام عن نفسه، استغل تلك الورقة جيدا، ورد على اتهامات هيلارى بأنه وراء هذا التفسير لتصريحاتها بقوله أن "المبدأ القائل إن ذلك من صنعنا (اى من صنع البيض) هو مبدأ سخيف"، فى حين اكد جيمس كلايبرن نائب كارولينا الجنوبية - صاحب أعلى منصب للسود بالكونجرس، أنه سيدعم أوباما، محذرا من عدم انتباه المرشحين للطريقة التي يتحدثون بها عن تلك المرحلة من السياسة الامريكية.

ويحاول أنصار أوباما الاستفادة بقدر الامكان من شعبية مارتن لوثر كينج فى الولايات المتحدة بعد هذه الواقعة، للخروج من فخ الاسلام الذى نصبته هيلارى لمنافسها بتأكيدها أنه من أصول اسلامية بحكم أن له جدة مسلمة، من ناحية أبيه الكينى المسلم الأصل (حسين أوباما) ، والذي توفي عندما كان باراك في سنواته الأولى، وأنه كان يعيش في أندونيسيا مع والدته وزوجها الثاني الأندونيسي المسلم أيضا ودرس بمدرسة إسلامية، وهو الاتهام الذى طغى على المتصارعين الذين ينتميان الى الحزب الديمقراطى الأكثر تمسكا بقيم التسامح والتعايش وحرية الأديان، وكأن وجود جانب إسلامى لمرشح سياسى، أمر محرم وخطر على الأمن القومي الأمريكى.

لذلك صعد معاونوا أوباما من تساؤلاتهم حول موقف هيلارى من الحريات الشخصية التي يضمنها الدستور الأمريكي، ومنها الديانة رغم النفى القاطع والتأكيد الجازم لأوباما أنه مسيحى كاثوليكى وليس مسلما فى الخفاء، خاصة أن الرئيس السابق بيل كلينتون زاد الطين بله على زوجته عندما شبه معارضة أوباما للحرب على العراق بـ"حكايا الساحرات" الاشارة دائما اليه بـ"الولد" مما أغضب الأمريكيون السود الذين اعتبروا هذه اللهجة محبطة.

وفى ظل هذا التصعيد العنصرى للمنافسة بين لون البشرة والديانة، أصبح التساؤل حول مصير أوباما وامكانية اغتياله.. على غرار ما حدث مع لوثر كينج أو "مالكوم إكس" الزعيم الاسلامى الأسود الذان تم اغتيالهما، وكلاهما كان من أشهر المناضلين السود في أمريكا، فى زمن كان الزنجى فى معظم الولايات هو ماسح الأحذية أو البواب.


وكان الأمريكيون السود يعانون العديد من مظاهر الاضطهاد والاحتقار فى منتصف القرن الماضى، خاصة من شركة الأتوبيسات التي اشتهرت بإهانة الزنوج، وتخصيص المقاعد الخلفية لهم، والسنماح للبيض وحدهم بالمقاعد الأمامية، وحق السائق فى أن يأمر الزنوج بترك مقاعدهم للبيض، حتى جاء اليوم المشهود مطلع ديسمبر 1955، عندما رفضت "خياطة" زنجية ترك مقعدها لراكب أبيض، ليستدعى لها السائق الشرطة، ويم القاء القبض عليها بتهمة مخالفة القوانين.

تلك كانت البداية .. التى انطلقت منها دعوة "مارتن لوثر كينج" الذى قام يتهدئة الغضب الاسود، مناديا بمقاومة لتلك القوانين بدون عنف أو دماء، فكانت الدعوة لمقاطعة شركة الأتوبيسات لمدة عام كامل فى وقت كان الزنوج يمثلون 70% من ركابها ودخلها السنوي.

ومع زيادة مكانة "كينج" تعرض عام 1956 لأول محاولة اغتيال، قبل أن يتم اعتقاله بتهمة الاضرار بشركة الاوتوبيسات، حتى صدر حكم قضائي ينص على عدم قانونية التفرقة العنصرية فى الحافلات العامة ليدعو "كينج" أتباعه بإنهاء المقاطعة، فيفرج عنه، ويتعرض لثانى محاولات اغتياله فى نفس العام على يد امراة بيضاء طعنته بفتاحة خطابات.

وبينما كان كينج يحاول مبادئه ضد العنصرية القى القبض عليه فى فبراير 1959 بتهمة التزوير في تقديم إقرارات ضريبة الدخل، قبل أن يتبين أن القضية كانت "مفبركة"، ليخرج من تلك القضية أكثر قوة وعزيمة، فيدعو الى سلسلة من المظاهرات عام 1962، رغم وجود حظر ضد التظاهر، فيتم اعتقاله وايداعه سجنا انفراديا، قبل الافراج عنه بكفالة.

كان كينج يبحث عن أزمة كبيرة تصنع التاريخ، فقرر وضع الاطفال فى الصفوف الأولى لمظاهرات الزنوج للمطالبة بالمساواة، وحدث ما كان يريده عندما ارتكب رجال البوليس بكلابهمالخطأ الفادح، باستخدام القوة ضد أطفال لم يزد عمر بعضهم عن السادسة، ليشاهد العالم صور كلاب البوليس وهي تنهش الأطفال، ليطلق كينج مفاوضات الأقوياء، ويقود مسيرة عام 1963 اشترك فيها 250 ألف شخص، منهم نحو 60 ألفا من البيضفى بأكبر مظاهرة في تاريخ الحقوق المدنية، اتجهت نحو نصب ليكولن التذكارى، الذى قال أمامه "إنني أحلم اليوم بأن أطفالي الأربعة سيعيشون يوما في شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوي عليه أخلاقهم".

لم يمر سوى عام حتى حصل كينج على جائزة نوبل للسلام فى عام 1964 لدعوته إلى اللاعنف، ويصبح أصغر رجل في التاريخ يفوز بهذه الجائزة فى سن الـ 35 عاما، ويواصل صحوته لمنح الزنوج مساواة يحلومن بها، الى أن تم اغتياله في 14 فبراير 1968 ببندقية متعصب أبيض يدعى جيمس إرل راى، حكم عليه بالسجن 99 عاما، وسط احتمالات بأن قد يكون الاغتيال مدبرا، وأن جيمس هذا ليس سوى أداة.

فهل يحظى أوباما بالمصير ذاته.. خاصة مع تلك الاجواء العنصرية التى تسود الانتخابات .. وعلى خلفية دعوته السياسية لمحاورة "الاعداء" لانهاء حالة الكراهية بين الشعوب، وتأكيده على أن "لا أحد يعاني أكثر من الفلسطينيين"، والحديث عن جذوره الاسلامية، فى مواجهة هيلارى التى تساند اسرائيل قلبا وقالبا وتأيد اعتبار القدس عاصمة للدولة اليهودية، الضيفة الدائمة على منظمة الإيباك أكبر منظمات اللوبي الإسرائيلى فى امريكا، وتدعو للحوار مع النظم المعادية كإيران بهدف معرفتها من الداخل ومعرفة كيف تمكن "هزيمتها".

نفق هايبر وان


كان البرد قارصا .. لكن دماء من أطاحت بهم سيارة شاب طائش انهمرت ساخنة وطازجة على اسفلت طريق محور 26 يوليو.. شاب فى الثلاثينات وأمرأة فى الخمسينات .. كلاهما محطم العظام غائب عن الوعى عاجز الا عن تحريك جفنه ان استطاع .. والروح تصارع للهروب من جحيم تلك الحياة التى تواجه فيه شبح الموت كل يوم.

ولم لا وطريق المحور أصبح مصيدة للموت .. ونادرا ما يمر يوم دون وقوع كارثة .. فإن لم يمت فيها أحد .. أصبحوا معوقين عاجزين محطمي النفس والأطراف .. ومع اكتمال اعادة تطوير وإصلاح الطريق .. بات الموت أقرب الى الجميع .. حتى أن الذين طالبوا بالامس باصلاحه .. يدعون الله ألا يكون ذلك مجلبة للموت.

فى الحادثة التى أشرت لها والتى وقعت مطلع الاسبوع الماضى .. اجتمعت كل العناصر .. شاب طائش يركب سيارة حديثة تدفعه للجنون .. وطريق غاية فى الخطورة أمام سوبر ماركت "هايبر وان"، حيث يعبر زوار الهايبر الى الضفة الاخرى للعودة بما اشترونه .. لكن فى بعض الاحوال تتحول جولة التسوق الى كارثة بسبب سرعة القادمين الى اكتوبر أو المتوجهين الى وسط المهندسين أو الطريق الصحراوى.

كان المشهد مؤلما مبكيا للضحايا .. كل من مر عليه توقف ليساعد .. حتى ان نجم مصر الاسطورى حسام حسن .. ظل يتصل بالاسعاف ولم يرحل الا وقد جاءت السيارات بعد نصف ساعة تقريبا لتحملهم الى مصير لا يعلمه أحد .. فى الزحام سمعت دعوات الغرباء للضحايا المحطمين .. ومحاولة لكتم البكاء من إمرأة تعبر نفس الطريق الخطر يوميا عسى أن يرحمها الله من المصير ذاته .. وهمهمات تطالب بحفر نفق من امام هايبر وان الى الضفة المقابلة أمام مدينة الخمائل .. لأن الامر يستحق .. ومصيدة الموت أمام السوبر ماركت العملاق تهدد الجميع .. تهديدا يزداد مع اصلاح الطريق وفتحه أمام المتسرعين والمتهورين للقتل المجانى.

ولأنى كثيرا ما سمعت خيرا عن رجل الاعمال محمد الهوارى مالك هايبر وان .. وأعلم الدور الانسانى والاجتماعى الذى يلعبه لخدمة المجتمع فإننى أوجه اليه الدعوة وأحمل اليه الرجاء، بأن يكون مبادرا للتواصل مع القيادات التنفيذية وعلى رأسها وزير الاسكان والتعمير المهندس أحمد المغربي، والدكتور فتحى سعد محافظ الجيزة وكذلك جهاز مدينة الشيخ زايد وحفر هذا النفق الذى سيحفظ أرواح زواره .. وليطلق حملة يساهم فيها بنصيب الأسد من التكلفة ويدعو زواره للمساهمة بالجهود الذاتية لاتمام المشروع على ان يتحمل جهاز المدينة أيضا حصته من العائدات الاستثنائية التى هطلت عليه بالمليارات من ارتفاع أسعار الاراضى والعقارات بعد افتتاح الهايبر والبدء فى بناء فرع الجامعة بجواره.

كلنا مسئولون .. ولن نلوم الا أنفسنا مع زيادة عدد الضحايا يوما بعد يوم مع افتتاح الجامعة فى مدخل المدينة، وأعتقد أن سكان الشيخ زايد بينهم من القادرين على تحمل تكلفة مشروع كهذا .. لكن الأمر فقط ينقصه المبادرة .. وأرى فى الهوارى رجلها .. فهل يستجيب؟

السبت، ١٢ يناير ٢٠٠٨

بكل فخر


فاجأنى الدكتور ابراهيم أبو العيش مؤسس مبادرة سيكم للتنمية البشرية، والمنبثقة عن كيان اقتصادى عملاق يمثل جزءا من مجتمع بشرى نالت طريقة ادارته جائزة نوبل "المستحدثة" كنموذج للحياة الحقة التى تدار وفقا لنظرية يسميها الرجل بـ"اقتصاد المحبة".

فاجأنى الرجل الكريم باستجابة لطلب ألححت به عليه منذ لقائنا الأول قبل 8 سنوات تقريبا، وهو توسيع النموذج الذى أغلق أبوابه على حدوده فى مزرعة عملاقة بالقرب من بلبيس بمحافظة الشرقية ليخدم البيئة المحيطة ممثلة فى 15 قرية مجاورة صحيا وثقافيا وتعليميا الى جانب تشغيل ابنائها حتى وصل عدد العاملين فى هذا الكيان الكبير الى أكثر من 2000 عامل.

كان أبو العيش يرفض متعللا بأن الكائنات الديناصورية أقرب من غيرها للانقراض، وأنه ينتظر من يأتى اليه ويطلب منه العون لتكرار النموذج فى ربوع مصر .. لكن أحدا لم يأتى .. فخاطبته فى تلك الزاوية أطالبه بألا ينتظر .. ولم أكن أحلم بأكثر من أن يستجيب الرجل.

ما عرفته أنه جمع رجاله .. ودرس الفكرة .. وفى النهاية بعد مداولات امتدت لأيام .. تم التوصل الى نتيجة مفادها أنهم فقط القادرون على تكرار التجربة بصورتها النموذجية كبيئة اقتصادية اجتماعية متكاملة .. وبناء على ذلك قرر شراء "آلاف الأفدنة" لتكرار التجربة فى كل من سيناء والواحات وجنوب الوادى.

سمعت كلمة "آلاف الأفدنة" .. فأصابنى "طرش" إرادى .. وودت سماعها مرة أخرى .. فكررها على مسامعى وشدد على أن سطرا معينا فيما كتبته هو الذى دفعه للتفكير فى هذا الأمر بجدية واتخاذ هذا القرار الهام، وكنت أخاطبه فى هذا السطر قائلا "لو انتظرت عشرات السنين ليأتى من يفعل مثلك .. فلن يأتى .. فتوكل على الله".

وقد حدث .. ووقع الاختيار على أكثر المناطق وعورة فى صحراء مصر من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى غربها .. للدخول فى تحدى جديد .. تحدى يخدم المصريين وينحنى تحت أقدام الوطن .. وأحلم أن تزرع التجربة الأمل فى قلوب بدو سيناء الغاضبون .. وتغرس المستقبل فى أرض الصعيد الفقير .. وتحصد الانجاز على أيدى أهل الواحات المسالمون.

حقيقة .. منحنى ابو العيش لحظة سعادة لن انساها على المستوى الشخصى .. لأن الاستجابة لم تكن من محافظ الاسماعيلية مثلا للموافقة على بيع سيد معوض للنادي الاهلى، ولا استجابة فنانة استعراضية بتغطية صدرها وتعرية سيقانها .. ولكنها كانت استجابة للسعى الى خلق مجتمع متكامل أخر على أرض مصر .. يقوم عليه أناس مخلصون محبون لوطنهم.

وكما كتبت من قبل معبرا عن "حسد حميد" لأبو العيش وهو يحتفل بعامه الثلاثين لتجربته الرائدة، أحسد الان سكان القرى المجاورة للكيانات الجديدة من الفلاحين والبدو والصعايدة ممن ستدخل المدنية حياتهم من أرقى أبوابها .. ونحن فى انتظار غرس أول نبتة فى الرمال القاحلة.

السبت، ٥ يناير ٢٠٠٨

عن المراة

أطرف ما جاءنى على بريدى الالكترونى هذا الاسبوع، كلمات عن المرأة .. والمراة قادرة على صناعة البسمة والدهشة وأغلب مشاعر الرجال، فإن لم تضحك عليها ..أضحكتك هى على نفسك، ما لم تضحك الناس عليك .. هى تلك القوة الجبارة الموجودة فى حياتنا نحن معشر الرجال.

الكلمات فى الرسالة تقارن بين وضع المرأة بين الرجال وفقا لسنها، وحالة الكرة بين اللاعبين فى عدد من الرياضات، وتقول أن المرأة فى سن العشرين ككره القدم، يسعى خلفها 22 رجل، وفى سن الـ 30 مثل كره السلة، يطاردها 10 لاعبين "طول بعرض"، أما فى سن الأربعين فهى ككرة البولينج، يجري وراءها رجل واحد فقط، فى حين أن بلوغها سن الخمسين يجعلها مثل كره التنس، يرميها كل واحد للثانى، بينما هى مثل كرة الجولف عندما تبلغ سن الـ 60 أنسب مكان لها هو أقرب حفرة.

وان كان تلك المقارنة خفيفة الدم، فإن أسخف ما كتب عن المرأة أن "أغبى واحدة تستطيع ان تخدع اذكى رجل"، وأنسب ماكتب هو ان "المرأة قلعة كبيرة اذا سقط قلبها سقطت معه"، أما أقرب ما قيل عن حواء الى الحقيقة أنها "إذا اختفت من القاموس .. لم يبق في اللغة كلام ذو معني".

ولأهمية المراة وتأثيرها فى حياة الرجل .. كتب كثيرون عن كل ما يتعلق بها، فقالوا عن دموعها أنها الطوفان الذى يغرق فيه أمهر السباحين، وأنها عندما تبكي تتحطم قوة الرجل، وقالوا أيضا .. لا تكف المرأة عن الكلام إلاّ لتبكي، وأن دموعها هى وسيلة هجومها على الرجل، ونصحوا بألا تخدعك المرأة بدموعها..لأنها دربت عينيها على البكاء .. قالوا كل هذا لكنهم تجاهلوا أسباب البكاء.

ولما تحدثوا عنها وعن الزواج تفننوا فى إظهارها مثل "دراكولا" فقالوا أن "المرأه قد تنقصها الشجاعة الكافيه للأنتحار لكنها لا تزال تضيق عليك وتضايقك حتى تنتحر"، وأنها ترى في "الرجل بطلا قبل الزواج واسيرا بعد الزواج"، رغم اقرارهم بأن "وطن المرأة: زوجها".

أكثر ما قيل عن حواء رومانسية أن قلبها مثل لؤلؤة تحتاج إلى صياد ماهر، والرجل يموت اذا ما شعر أنه صار صيادا فاشلا، ومشكلته مع الزواج أن يقرر اعتزال الصيد بارادته الحرة، ثم يندم بعد ذلك.. وعندما يندم لا يجد أمامه الا من كان سببا فى سحب ترخيص الصيد منه، فيقرر الانتقام.

كل من هاجموا المرأة فى كتاباتهم كانوا من الرجال .. لأنهم يعرفون أهميتها .. فلو لم تكن هى الاهم فى حياتهم ما كانوا ابدعوا فى وصفها والحديث عنها .. والتأريخ لمشاعرها .. قالوا أن "المرأة قد تصفح عن الخيانة ولكنها لا تنساها"، وأن "الرجل لا ينسى أول امرأة أحبها..والمرأة لا تنسى اول رجل خانها" .. وبالتاكيد قائل هذه العبارة رجل واجه غضب امراة تعرضت للخيانة.

قالوا كثيرا عن المرأة .. ولكن الحقيقة المؤكدة أن الرجل ليس أقل مكرا ودهاءا ونفوذا منها .. وتصويرها على أن الشيطان الاكبر خطأ أوقع الرجل نفسه فيه بكل أرادته ليبرر "ضعفه وخيبته القوية" وليظل الضحية فى مجتمع يحترم ضحايا هذا الصراع الأبدي بين أدم وحواء.
 
خد عندك © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates