• أمام ثورتنا .. أسئلة كبيرة .. لا تقف عند السلفيين وضرباتهم .. ومصير المسلمات الجدد .. وملاعيب الإخوان .. ومناورات الثورة المضادة .. وتوهان القوى السياسية .. ولخبطة أولى الأمر .. وأهم سؤال هو مصير هذا الوطن .. مصير مصر بعد 25 يناير الثورة
  • لست ضد النوايا الطيبة للشيخ حسان وتابعه الشيخ صفوت حجازى وجولاتهما المكوكية فى ربوع مصر لحل ما استعصى على الدولة وما صعب على الحكومة وما فشل فيه أولى الأمر، لكن الدولة دولة قانون
  • أعرف جيدا .. أننى حزين الأن .. لإقتران لقب "أبو العيش" بأمور فساد مالى وإدارى .. بعد أن كانت مثالا للإقتصاد الرحيم .. والتنمية التى لا تنقطع .. ونشر الثقافة .. والتوعية بقضايا البيئة .. والأعمال الخيرية .. وأتمنى من الله .. أن تزول تلك الغمة بظهور الحق وبيان الحقيقة التى لا يحتكرها أحد الان
  • وبين الأب الذى "لم يكن ينتوى" .. والإبن الذى "كان ينوى" .. كانت هناك شهورا قليلة فاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية نفسها .. ولكن أيا منهما لم يكن قد أعلن عن تلك النوايا وكأن مصر ستظل أسيرة نواياهما
  • بينما أولئك المُصنفون "فرز تانى وتالت ورابع" من لصوص ومنافقين.. يحاولون تبديل وجوههم وتغيير مبادئهم وسلخ جلودهم القديمة كالثعابين والأفاعى

الاثنين، ٢٦ يوليو ٢٠١٠

العصا المكسورة


الدكتور على الدين هلال.. رجل سياسة من طراز فريد.. فهو قبل أن يمارسها.. قام بتدريسها.. وهو أستاذ سياسة "شاء من شاء" و"أبى من أبى".. وبالتالى يحفظ عن ظهر قلب كل معانى ومفاهيم الديمقراطية.. والحياة السياسية.. ومبادئ المشاركة.. وتبادل السلطة.. والحياة البرلمانية.. وأدوات الضغط.. وتأثير قياسات الرأى العام على القرار السياسي.. وكل هذا الهراء الذى يتم تدريسه فى الجامعات.

وقف الدكتور هلال منتصبا آلاف المرات خلال القرن الماضى.. وهو يغرس فى أذهان تلاميذه كل هذه المفاهيم.. وتجارب بعض الشعوب لنيل الحرية.. وكان مصنفا - يوما ما - ضمن دعاة الإصلاح.. وأنصار الليبرالية وأحد منظريها.. وكانت قيمته تنبع من أفكاره التى كان ينثرها نورا فى قاعات المحاضرات.. وورش العمل.. والندوات الفكرية.. ومراكز الدراسات الاستراتيجية.

ومع انتهاء الألفية تحول المفكر الى موظف.. والمنظّر الى وزير.. حينما انتقل وزيرا للشباب والرياضة عام 1999.. قبل أن يعمق علاقته بالسلطة من خلال توليه أمانة التدريب والتثقيف السياسي بالحزب الوطنى الحاكم عام 2000.

وربما منذ ذلك التاريخ ولمدة عشر سنوات كاملة.. واصل الدكتور على الدين هلال خسارة مريديه.. وربما تلاميذه أيضا.. فالبقاء فى خندق الحزب الوطنى طوال هذه الفترة.. أجبره على تبنى مواقف تتعارض مع سيرته الأولى.. حتى أنه تورط كأحد أبرز قياديي الحزب فى المشاركة بقتل الحياة السياسية وتجميد تداول السلطة.

سمعت حوارا صحفيا أجرى مع الدكتور هلال العام الماضى.. كان يتحدث فيه بلغة "الرجل المحسن" الذى يمنح الأحزاب الأخرى بعض المقاعد لإثبات الوجود.. ويرسم ملامح الخريطة السياسية وكأنها ملك يمينه.. وليست ملك الناخب.. الذى تعتبره السياسة "غدار" لا يأمن له جانب.. ولا يعرف سوى لغة المصالح والمكاسب.

وكلما قرأت تصريحا للدكتور هلال.. وحاولت مقارنته "بمنهج السياسة".. أصاب بالفشل الذريع.. وأخر تصريحاته تلك التى "بثها" فى عقول طلاب صغار تم حشدهم فى مخيم شبابى بالأسكندرية، قال فيها أنه لا تعديل للدستور حتى لو جمع الدكتور محمد البرادعى مليون توقيع للضغط على النظام لتغيير الدستور والقوانين المكملة له بما يسمح ببمارسة سياسية أفضل للجميع.

تعامل القيادى الكبير بالحزب الوطنى مع الناس كرقم.. وكأنه يقول "طظ" فى المليون.. وقال بالفعل "إحنا ممكن نرد عليه بخمسة مليون توقيع ترفض تعديل الدستور".. بل وذهب الى أن انصياع الدولة لرغبة المليون – وهو رقم غير بسيط بالمرة فى عالم السياسة – يعد دليلا على ضعف الدولة، دون أن يحدد الرقم الذى يمكن قبول الدولة له لتمرير التعديلات المطلوبة دون أن تشعر بالضعف والإهانة.

وبرغم عدم اتفاقى مع الطريقة التى يعمل بها الدكتور محمد البرادعى فى مساعيه للإصلاح السياسى، إلا أننى اجد نفسى متعاطفا معه فى مواجهة رجال مثل الدكتور على الدين هلال، وطريقة التعامل معه ومع القوى السياسية الملتفة حوله بهذا القدر من التسفيه والمغالطة، خاصة وأن الدولة تتعامل معه كمرشح لانتخابات الرئاسة القادمة، دون أن يعلن البرادعى نفسه ذلك، وبالتالى وضعه كهدف على منصة لاطلاق الرصاص ومواجهته بكلام من عينة "تلاقيح الجتت"، أو اعتبار مطالب التعديل الدستورى هى مطالب شخص واحد.. وتجاهل إحتمالية أن تكون تعبير عن رغبة مليون إنسان مصرى، حتى وإن كانت الدولة تتعامل معهم كرقم لا قيمة له.

يا دكتور هلال.. أعلم أن ما أكتبه وكتبه غيرى من الصحفيين المصريين حسرة على قيمتك الأكاديمية، لن يجعلك تتراجع عن دعم الواقع الذى نعيشه.. وأنك قد تراهن على قدرتك على الامساك بالعصا من المنتصف.. لكننى أؤكد لك من وجهة نظرى المتواضعة، أنك تمسك عصا كسرها غرور السلطة.. ولم يفلح معها الغراء على طريقة تعديلات المادة 76.

حسن الزوام

الاثنين، ١٩ يوليو ٢٠١٠

كلنا شركاء


اشتعلت حرارة كوكب الأرض .. وسادت التقلبات غير المنطقية فى الطقس لتعصف بالعالم .. من شرقه الى غربه .. ومن شماله الى جنوبه.

فجأة قفزت توقعات داخلية وخارجية بأن تمتد موجة الحر الخانقة التى تجتاح مصر الى منتصف رمضان القادم.

فى مصر ارتفعت درجة الحرارة الى ما فوق الـ 40 درجة فى الشمس، وكادت الرطوبة أن تخنق الناس فى الشوارع.

فى محافظات الصعيد .. توشك الشمس أن تحرق الجلد .. حتى أن السكان هناك اقترب لون بشرتهم من لون بشرة النوبيين فى أقصى الجنوب .. وفى قرى النوبة ساد الجفاف .. وتسارعت وتيرة الهروب الى الشمال.

فى دول الخليج كان الأمر أكثر سوءا .. حيث تخطت درجة الحرارة فى الشمس الـ 60 درجة .. فى المدينة المنورة .. وكسرت حاجز الـ 52 درجة فى الظل .. وتراوحت بين الرقمين فى باقى العواصم العربية .. حتى أن منتصف الليل فى مدن السعودية قفز الى 40 درجة مئوية.

أنه طقس غير عادى .. لظروف غير عادية .. وإشارة يجب أن نستوعبها قبل أن ندفع الثمن فجأة ودون مقدمات.

كل شئ قابل للانهيار تحت وطأة الحرارة .. وغليان الأرض والاحتباس الحرارى .. فى أكثر عواصم ومدن العالم توقفت الحياة بانقطاع التيار الكهربائي حدث ذلك فى معظم الولايات الامريكية وكندا، بسبب تزايد الاستهلاك الناتج عن ارتفاع درجة الحرارة .. من مانهاتن الى بروكلين وحتى نيويورك وواشنطن العاصمة.

وبدأت تأثيرات الجفاف فى بعض الدول تظهر على ارتفاع أسعار بعض الحبوب وفى مقدمتها القمح والذرة .. وسط مخاوف من انخفاض الانتاج بما لا يتناسب مع الطلب.

فى أوربا ارتفعت درجات الحرارة الى معدلات بعضها الأعلى منذ القرن الماضى .. من كان يصدق أن درجة 40 مئوية ستكون الفاصل المشترك للحرارة فى عدة عواصم ومدن أوربية كانت تكتسى بالضباب فى مثل هذا التوقيت.

قال الخبراء أن رياح رطبة تأخرت عن موعدها وتزامنت مع رياح حارة .. ولكن ما الذى أحدث هذا الخلل فى حركة الرياح .. ما الذى أسقط الأمطار فى غير موعدها .. ودفع الاعاصير الى الجنون على شواطئ الخليج ..

قالوا أنها التغيرات المناخية .. والاحتباس الحرارى .. وإرتفاع ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان في الجو ما يعنى أن درجة الحرارة ستكون باستمرار أعلى من العام الذى سبقه .. وعندما تذوب الثلوج في القطبين الشمالي والجنوبي وفي جرينلاند وجبال الهملايا أسرع من المعتاد .. لن يصبح الشتاء قارسا فى أوربا كما كان.. وربما تتغير خريطة الامطار الموسمية التى تتساقط على منابع النيل.

والقصة من بدايتها لنهايتها تنحصر فى زيادة الاستهلاك .. نحن نستهلك كل شئ وننتج الكربون والغازات الضارة الذى تغلف الأرض وتحفظ حرارتها داخلها وكأنها ميكروويف لا ينطفئ.

فى دول العالم المتقدم أصبح هناك مقياسا للأنشظة البشرية بمعيار انتاج الكربون .. تستطيع أن تحسب كم طن من الكوبون تنتجه سنويا وأنت تتحرك وتأكل وتشرب وتهدر المياه والكهرباء .. لم تعد المشكلة فقط فى إهدار الموارد .. فالموارد الطبيعة ستزول من على سطح الكوكب يوما ما .. بعد 50 عاما ربما .. أو أكثر أو أقل .. لكن الى جانب استهلاك الموارد .. نحن ننتج الحرارة.

ولأن أعدادنا تتزايد كبشر على كوكب محدود ثابت لا يتوسع ولا يتمدد .. فإن كل فرد مننا أصبح شريكا فى كل درجة حرارة ترتفع وتخنق الأرض .. وبات علينا تغيير ثقافتنا من مجرد الحياة الى لعب دور المنقذ .. يكاد كل فرد فينا أن يصبح بطلا ينقذ الكوكب .. فقط عليه أن يبدأ بنفسه .. وان ينزع عنه انانيته ويفكر فى أولاده وأحفاده .. ولهذا الحديث بقية

الاثنين، ١٢ يوليو ٢٠١٠

معنى التهلكة


نحن أبناء كوكب الأرض .. مقدمون على مستقبل صعب .. واجب علينا أن نخاف .. وكان فرضا علينا أن نستعد لذلك اليوم الذى نتجاهله .. حين ندرك أن تلك الأرض المستديرة قد نضبت مواردها .. سنوات قليلة وسينتهى مخزون البترول فى العالم .. وما لم نفكر فى مصدر أخر للطاقة فإن حياتنا ستصاب بالشلل المفاجئ .. يعرف العالم المتقدم ذلك جيدا .. لكنه يواصل حياته متجاهلا موطن الألم .. تدفعه شركات متعدية للجنسيات .. لا يهمها الا الربح .. شركات تتخطى ميزانياتها موازنات بلدان كبرى .. ومجتمعة أحيانا.

تجاوزت البشرية منذ سنوات نقطة الذروة فى استخدام البترول .. والقادم هو مرحلة التراجع .. لم تعد الأرض حبلى بمزيد من الذهب الأسود .. أنها تخوض مرحلة المخاض الأخير .. وبحلول عا 2025 ستصل الى أخر قطرة من البترول بداخلها .. سنعتصر الرمال المتشربة بالنفط حتى ننتزع الوقود منها .. وهو ما يحدث بالفعل فى كندا منذ سنوات، وسنطحن الصخور لنستخلص منها قطرات أخيرة .. ولكننا سنصل حتما الى تلك النقطة.

البشرية تفتح ذراعيها لأكبر أزمة غذاء ما لم يتوقف معدل نمو السكان عن القفز .. فتعداد من على الأرض تضاعفوا ثلاث مرات منذ عام 1950 .. وهذا يعنى أمر واحد .. أننا نحتاج الى مزيد من الطعام .. وهو ما سيعجّل بالتهام مخزون الأسماك فى المحيطات .. فاستخدامنا للأسماك تضاعف خمس مرات، وزاد من 18 مليون طن الى 100 طن .. واستهلاكنا للحوم سيزيد بكل تأكيد .. وسنكرر الوقوف أمام نفس المعادلة .. هل سنطعم الحبوب التى نزرعها للأبقار كأعلاف حتى نأخذ لحمها .. أم سناكل نحن الحبوب لسد العجز بين المطلوب والمتوفر .. فى ظل محدودية الأرض الصالحة للزراعة .. وندرة المياه العذبة واستهلاك الحصة الأكبر من المياه الجوفية .. خاصة أننا نحتاج لانتاج كيلوا جرام واحد من اللحم البقرى .. الى 13 ألف لتر من الماء .. ونحتاج الى 100 لتر لإنتاج كيلوا جرام واحد من البطاطس .. و4 آلاف لتر ماء لانتاج كيلوا أرز واحد.

لقد إنتهكنا الأرض التى نعيش عليها .. استهلكنا مواردها بشكل سريع للغاية وبدون وعى خلال الخمسون عاما الماضية .. وفى المقدمة منا سكان الدول الغنية .. لكن المصير القادم لن يفرق بين غنى وفقير خلال 50 عاما .. فى أمريكا سيواجه سكان المنتجعات التى زرعت فى قبل الصحراء الحقيقة .. عندما ستتوقف ما كينات الرى عن رش ملاعب الجولف الخاصة بهم .. ويصبح حمام السباحة الذى يلهو فيه الأوربيون فارغا .. فالأولويات ستتغير .. وما سيحتاجه الفرد ليعيش .. سيحرم على الرفاهية.

إنها معادلة صعبة .. كيف سنواجه احتياجات البشر الذى يتضاعفون بسرعة رهيبة .. بينما ستنفذ الطاقة .. وتشح المياه .. وتقل مساحات الأرض الصالحة للإستزراع.

هذا ما يفكر فيه بعض العقلاء فى العالم .. يبحثون عن حلول ويقترحون أنماطا مختلفة للإستهلاك .. وبدائل للموارد التى أفرطنا فى استخدامها دون وعى.

ماذا سنفعل إذا ما تضاعف عددنا نحن البشر على هذا الكوكب .. هل سيستأثر الأغنى .. أم سيسود الأقوى .. وتدور معارك الغذاء .. بعد أن بدأنا عصر حروب الموارد الطبيعية منذ سنوات .. بحربى العراق وأفغانستان.

أمام هذا الجدل الكبير .. قرأت خبرا يتهم فيه نائب برلمانى من نواب الإخوان المسلمين هو "على لبن" الحكومة بإهدار "المال العام" على برامج "تنظيم الأسرة" مسفها منها .. ومعتبرا اياها برامج لخدمة "الصهيو- أمريكية"، بالمخالفة للشريعة الإسلامية والاحدايث النبوية والدستور .. لمجرد أن تلك البرامج تهدف الى تقليص عدد الأطفال فى المتوسط .. من 5 و 4 أطفال للأسرة .. الى طفلين .. أو بمعنى أخر خفض معدل تضاعف عدد السكان فى مصر .. فى مواجهة ندرة الموارد ونقص نصيب الفرد من الماء العذب .. وهى حقائق حادثة بالفعل.

وحقيقة لا أعرف موقف الشريعة الإسلامية والاحدايث النبوية والدستور .. من مخاوف كونية كتلك التى ذكرتها فى البداية .. لكننى أعرف أن الله حذرنا من أن نلق أنفسنا فى التهلكة .. وأن الجوع والعطش الذى قد يصيب أحفادنا وأحفادهم .. تهلكة بلا شك.

وللحديث بقية.

الاثنين، ٥ يوليو ٢٠١٠

المنهج الألمانى .. فى "تسليك" المصالح


هل يحق لنا نحن الشعوب المتخلفة أن نطالب الدول الكبرى بالتعويض عن توطين الفساد فى بلادنا .. أم أننا نحن المتهمون بتصدير الفساد اليهم؟

فالعالم المتقدم يفرز اليوم أوراقه على ايقاع مبادئ جديدة للإدارة ترفع شعارات الشفافية والإفصاح وتطبيق معايير الرقابة والحوكمة .. لذلك تتكشف قضايا الفساد والرشاوى و"تسليك المصالح".

وكلما فتح ملف للفساد فى الدول الكبرى .. كلما وجدنا مسؤولين مصريين على رأس المتهمين بتلقى رشاوى .. وحينما تدور عجلة التحقيقات .. تتحفظ الدولة على أسماء الفاسدين .. ويمر الوقت وننسى ما حدث .. وتدور العجلة فيتكرر الفعل .. ورد الفعل .. وهكذا.

التاريخ الذى درسناه فى مدارس الحكومة علّمنا أن الخواجة الفرنسى فرديناند ديليسبس أغدق على سعيد باشا والى مصر بالهدايا حتى يمنحه امتياز تنفيذ عقد حفر قناة السويس، مستغلا كل ما مكنه من الفوز بهذا المشروع العملاق الذى كان يدرك قيمته كثيرا حتى ولو كان "طبق مكرونة"، وأن ديليسبس هذا كان فاسدا مدعيا، حتى أنه سرق فكرة قناة السويس من لينييه باشا "أبو القناة" أول من كلفه محمد على باشا بدراسة فكرة القناة .. ومن يومها .. وربما من قبلها .. انطلقت مسيرة الفساد بلا توقف .. وواصل الكبار تلقى الرشاوى لتسهيل بيزنس الأجانب.

ومؤخرا تم الكشف عن واقعة فساد جديدة .. بطلتها شركة ألمانية تدعى «فيروشتال» وهى أخطبوط إقتصاى يعمل فى مجالات بناء وهندسة المصانع، وتطوير وإدارة مشروعات البتروكيماويات ومحطات الغاز والطاقة الشمسية ومنشآت الوقود الحيوى والصناعة، والسيارات والطباعة والتغليف والآلات والأنابيب والبناء البحرى .. تم اتهامها رشاوى إلى مسؤولين فى مصر و5 دول أخرى.

ولم تكن الأزمة فى الرشوة فقط ولكن فى منطق رئيس الشركة الذى إعتبر الرشاوى بمثابة استشارات لتسهيل العمل والبوابة الرئيسية لأصحاب القرار من أجل الفوز بأحد المشروعات، معتبرا أن ما حدث ليس فسادا ولكنه تدبير من أعمال المنافسة التجارية .. وهو ما يشير الى أن تعامل الشركات الأجنبية وفى مقدمتها الألمانية يستند الى منهج "تفتيح الدماغ" و"الادراج المفتوحة" .. للفوز بالأعمال وتحصيل الأموال.

ما يؤكد هذا المنهج الألمانى أن رشوة "فيروشتال" التى قيل أنها قدمت لـ"صانعى القرار" فى مصر .. لم تكن الإهانة الألمانية الأولى للشعب المصرى وإختصاره فى مجموعة من "المرتشين" .. بل سبقتها أزمتان شهيرتان أحداهما ترجع الى شركة "سيمنس" ديناصور الأجهزة والمعدات الطبية ومحطات الكهرباء والمياه والاتصالات .. التى اعترف مسئول كبير بها قبل سنوات بتقديم رشاوي لمسئولين كبار بمصر للحصول علي صفقات لشركته.. تلتها قضية "رشوة مرسيدس" .. التى تكرر بها نفس السيناريو بتقديم رشاوى الى مسؤولين كبار مقابل تسهيل عمليات بيع سيارات مرسيدس لصالح إحدى الهيئات الحكومية.

إبتدع رجال البيزنس الألمان طرقا عديدة لاستغلال فساد الكبار فى بلادنا .. واستحلال أموال المصريين .. لتمرير مشروعات لا نعرف على وجه الدقة ان كانت هى الأصلح لنا كمصريين أم لا؟ .. وهل أضاعت علينا حقوقا .. وأهدرت المال العام أم لا .. فشركة "فيروشتال" مررت الرشاوى من بوابة العقود الاستشارية .. وأدخلت "سيمنس" فسادها الى مصر من خلال تأسيس صناديق وهمية تتيح له إبرام "عقود استشارية" أيضا ولكن "عقود غير حقيقية" مع المسئولين المرتشين .. وكانت مرسيدس ترسل الرشاوى الى المرتشين عبر "شركة استشارات" وهمية.

ورغم أن النائب العام أحال قضيتى .. "فيروشتال" و"مرسيدس" للتحقيق .. إلا أن السؤال الأكبر حول حق الشعب فى طلب التعويض بمئات الملايين من الشركات الألمانية التى أصبح تقديمها للرشاوى منهج واضح المعالم .. ومتابعة التحقيقات بدقة لنعرف ما الذى أرغمنا المرتشين على أخذه .. وما حرمونا من الاستفادة منه .. وقبل كل هذا "تجريس" الفاسدين بين ظهرانينا ومحاكمتهم ومصادرة أموالهم الحرام وإعادتها للشعب.

 
خد عندك © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates