• أمام ثورتنا .. أسئلة كبيرة .. لا تقف عند السلفيين وضرباتهم .. ومصير المسلمات الجدد .. وملاعيب الإخوان .. ومناورات الثورة المضادة .. وتوهان القوى السياسية .. ولخبطة أولى الأمر .. وأهم سؤال هو مصير هذا الوطن .. مصير مصر بعد 25 يناير الثورة
  • لست ضد النوايا الطيبة للشيخ حسان وتابعه الشيخ صفوت حجازى وجولاتهما المكوكية فى ربوع مصر لحل ما استعصى على الدولة وما صعب على الحكومة وما فشل فيه أولى الأمر، لكن الدولة دولة قانون
  • أعرف جيدا .. أننى حزين الأن .. لإقتران لقب "أبو العيش" بأمور فساد مالى وإدارى .. بعد أن كانت مثالا للإقتصاد الرحيم .. والتنمية التى لا تنقطع .. ونشر الثقافة .. والتوعية بقضايا البيئة .. والأعمال الخيرية .. وأتمنى من الله .. أن تزول تلك الغمة بظهور الحق وبيان الحقيقة التى لا يحتكرها أحد الان
  • وبين الأب الذى "لم يكن ينتوى" .. والإبن الذى "كان ينوى" .. كانت هناك شهورا قليلة فاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية نفسها .. ولكن أيا منهما لم يكن قد أعلن عن تلك النوايا وكأن مصر ستظل أسيرة نواياهما
  • بينما أولئك المُصنفون "فرز تانى وتالت ورابع" من لصوص ومنافقين.. يحاولون تبديل وجوههم وتغيير مبادئهم وسلخ جلودهم القديمة كالثعابين والأفاعى

السبت، ٢٩ مارس ٢٠٠٨

لواء "فرَّان"



ربما لا توجد تفسيرات عدة لقرار الرئيس محمد حسنى مبارك بنقل ملف أزمة رغيف "العيش" الى وزارتى الدفاع والداخلية، باستثناء أن هذا "القرار" هو "إقرار" من رأس النظام، بفشل حكومة الدكتور أحمد نظيف التى اختارها ، فى ادارة ملف الخبز وهو الملف الهام للغاية فى حياة المصريين الى حد تسميتهم له بـ"العيش" نسبة الى المعيشة، وعلى اعتبار أن الانسان يعيش طالما كان الخبز متوفرا وفقا لثقافة هذا الشعب، وهو ما لفت نظر أحد المراسلين الأجانب المرابطين فى مصر لرصد عجائبها الحياتية والسياسية على حد سواء.

فرئيس وزراء مصر منذ قيام ثورة يوليو لم يكن متورطا بشخصه ولا بصفته فى تسمية من يقود هاتين الوزارتين تحديدا، وهما من رجال الرئيس منذ رئاسة نجيب الى رئاسة مبارك، مرورا بجمال عبد الناصر وأنور السادات، ويؤكد على أن للرئيس منهج لادارة الامور حين تصل الى طريق مسدود وفقا لحكمة المثل القائل "ما يجيبها الا رجالها".

ورجالها هنا هم العسكر .. والمنهج هو عسكرة "رغيف العيش"، واكسابه صبغة متشددة فى تنظيمه، وأكثر تشددا فى الضرب بيد من حديد على من يفسد الامور، ويهدد "أمن الوطن وسلامة أراضيه" .. وبالتالى سيفكر كل صاحب مخبز ألف مرة قبل أن يبيع جوال القمح المدعوم ليربح سريعا، لأن من سيحاسبه، ليس الوزير مصيلحى وصحبه، ولكنه سيخضع لرقابة "لواء" وربما سيتابع الانتاج "عقيد" ويشرف على التوزيع "عميد"، وبالتالى فالمغامرة بالفساد فى أجواء كهذه، مغامرة يصبح الأسهل فى مواجهتها هو البحث عن "سبوبة" أخرى، لا تذهب به الى أقرب "ستين داهية" على مرمى البصر.

فوزارة الدكتور أحمد نظيف "فشلت" مع مرتبة الشرف فى ادارة ملف الخبز المدعوم، بنفس مستوى فشلها فى مراقبة أسعار "البيض" حتى سجل فى عصرها سابقة "دخول البيضة الواحدة" حقبة الجنيه الكامل، ولم تحقق فى موضوع سعر "طبق الفول المدمس" ما يجاوز تراجعها فى مسألة الأسمنت وحديد التسليح، لأنها حكومة جاءت فى الوقت الضائع وبعد خراب مالطا، ثم تركت لها مالطا ليجرب فيها كل وزير ما يعن له من أفكار، وليس غريبا على حكومة يقول فيها وزير لأخر "إزى خالتى النهاردة" أن يكون إفراز تجاربها هو ما وصلنا اليه بهذه السرعة.

ولا أعرف كيف يمكن لنظامنا السياسي القائم على أعمدة الحزب الوطنى الديمقراطي صاحب شعار "العبور للمستقبل" وإعلانات المواطن "السعيد بركوب الاوتوبيسات الخضراء"، أن يحل الأزمة التى أصبحت محور حديث كل مجموعة مواطنين فى القهوة والميكروباص وعلى الأرصفة وداخل العيادات وورش النجارة وسمكرة السيارات على حد سواء .. أزمة ارتفاع أسعار كل شئ وأى شئ يعتمد عليه المصريين.

فالمشكلة ليست فى "العيش" .. فمصير "العيش" الى الصرف الصحى .. ولكن الازمة أكبر وأوسع بكثير، فهى ممتدة من وأد حلم أى شاب فى حيازة شقة "سواء كانت تمليك أو ايجار قديم أو حتى ايجار جديد"، لأن الدولة أصبحت تضارب فى الاراضى والمساكن وتبيع كل شئ بمنطق التاجر وليس الحاكم، الى حرمان الشباب من فرصة عمل أو مكان يتساقط فيه "عرق جبينهم" الذى يحلمون ان يأكلون منه.

واذا كانت المعطيات هى أم النتائج .. فإن قرار الرئيس يؤكد على فشل الحكومة، بالتالى فالنتيجة المنطقية التى يتوقع "المواطن" - الذى يشكل 90% من أهل مصر - أن يتم اقالتها، ربما لأنه لا يفهم ما الذى يعنيه معدل النمو، ومؤشرات التضخم، بقدر استيعابه أن طبق الكشرى أصبح بخمسة جنيهات، وثمن 2 فول وواحد طعمية كل يوم، يكلفه شهريا 100 جنيه على الأقل "ده غير الطرشي".

وبالتالى صرنا جميعنا نشكل سلسلة من القمة الى القاع .. كل واحد منا يضع يده فى جيب من هو امامه، ومن لم يجد أحد أمامه، إما سرق أو فسد أو اغتصب أو اختلس، وكلها تصريفات لفعل واحد يفعله فينا النظام.

لذلك .. نحن أمام أزمة لن يحلها نقل ملف الخبز الى العسكر .. لأنه وبهذه الطريقة سنعود مرة اخرى الى عصر السيد العقيد الركن مدير الجمعية الاستهلاكية، واللواء قائد شركة المنتجات العصرية، وسيصبح لزاما على كليات وأكاديميات الشرطة، انشاء أفرع جديدة لتخريج "لواء فران" قادر على صيانة "لقمة العيش".

الاثنين، ٢٤ مارس ٢٠٠٨

نص بلاغ أنيس الدغيدي للنائب العام فى فبراير 2008 .. يتهم فيه الرئيس مبارك وأخرين بالتآمر لقتل الرئيس الراحل أنور السادات





السيد المستشار / النائب العام
المحترم
تحية طيبة مباركة ،،،
مقدمه لسيادتكم / أنيس الدغيدي - مؤلف وكاتب مصري مقيم بـ 9 شارع مدينة النصر – العمرانية الغربية – جيزة بالقاهرة .
أتشرف بعرض الآتي :
بداية : " نحن نقر بكامل  احترامنا لمؤسسة العسكرية في بلادنا هذه المؤسسة العظيمة التي انتصرت في حرب أكتوبر المجيدة وسطرت أنصع صفحات تاريخنا العسكري المصري والعربي بشرف وعزة وإباء وكرامة " فتحية حب وتقدير لكل أركان ورموز مؤسستنا العسكرية المصرية " .
إلا أننا نعلن أن جميع الأديان والكتب السماوية والدساتير والقوانين والأعراف تقر بأنه لا عصمة لأحد أو مؤسسة سوى " الأنبياء " فالأنبياء فقط هم المعصومون من الخطأ والنسيان أو التآمر .. ولستُ أرى في البشرية أحداً يحمل معه صكاً يفيد بأنه " معصوم من الخطأ أو النسيان أو حتى الجُرم " .

الثلاثاء، ١١ مارس ٢٠٠٨

3 أسباب وراء الموجة الثانية لتوظيف الاموال


عشرون عاما كانت الفارق بين انهيار شركات توظيف الاموال فى مصر عام 1988 وبين ظهور نوع اخر من توظيف الأموال.. اتشر بسرعة الصاروخ.. نوع من التوظيف ليس له مقومات ولا معدات ولا أصول.. يستثمر فهلوة عفاريت التوظيف الجدد.. ويبيع الهواء.. والخردة وكروت شحن التليفونات المحمولة أيضا.
وعلى الرغم من الاختلاف بين ما فعلته شركات توظيف الأموال وعلى رأسها الريان فى مصر ممن استوعبوا وقتها مليارا و137 مليون جنيه، مثلت نحو خمس ودائع الجهاز المصرفي، وبين ما يفعله مستثمرو أموال المصريين الأن.. الا أن الرأى العام يمنحهم بكل بساطة لقب "ريان" حتى يكاد "الريان" الأصلى - احمد ريان الاب الروحى لنشاط توظيف الاموال - يستغيث من فرط الاساءة اليه وتشبيهه بنصابين محترفين أو مغامرين جهلة.. استغلوا ثقة الناس ورغبتهم فى الثراء السريع.. ليسرقوا أموالهم، كما فعلت أسرت الحباك التى قامت بمقاضاة الصحف التى كانت تستخدم لقب الحباك للاشارة الى كل من يتسبب فى فساد ادارى أو اهدار للمال العام.
واذا كان عام 2007 قد شهد وقائع نصب على 3 آلاف مودع ضاع عليهم أكثر من 300 مليون جنيه فى شركات توظيف أموال وهمية، فإن عام 2008 الذى لم يمر منه أكثر من شهرين ونصف شهد سقوط "ريان الجيزة" ثم ريان الخانكة وريان القليوبية وريان مدينة نصر وقبلهم كان هناك ريان حلوان.. وبالتأكيد سيقع ريانون أخرون فى المستقبل القريب لأن الناس لا تتعلم ولا تفهم ولأن الحكومة ليست مهتمة بالتوقف أمام رقمين هامين للغاية و هما المليارات التى ذهبت لهؤلاء المغامرون بأموال الناس.. ورقم الودائع المصرفية التى لا تجد من يستثمرها أو يقترضها ليقيم بها استثمارات تدر عائدا للمودعين الذين توقف طموحهم عند مستوى الفائدة على الودائع فى البنوك.. والذى لا يتجاوز الـ 8%.. وهو العائد الذى لم يعد كافيا لمواجهة متطلبات الحياة وغلاء الاسعار.
ولعل ما يظهر حجم الكارثة أن شخص مثل خالد دياب "ثعلب حلوان" جمع خلال عامين أكثر من 300 مليون جنية من ضحايا يصنفون ضمن الصفوة فى المجتمع بحجة توظيفها فى تجارة الخردة "الدولية" وكالعادة ظل مغامر حلوان ينفق الفوائد بانتظام من الايداعات الجديدة التى لم تتوقف وبنسبة تصل الى 25% اى ثلاث أضعاف فوائد البنوك، بينما جمع عبدالله كامل "ثعلب الجيزة" 80 مليون جنيه من 400 مواطن، قبل ان يهرب الى السودان ويلقى القبض عليه هو اشقائه، بينما جمع أحمد صبحي "ثعلب الخانكة" 625 مليون جنيه لتوظيفها في تجارة كروت الشحن مقابل عائد 1% اسبوعيا، وهو تقريبا ضعف المبلغ الذى جمعه شريكه "ذئب القليوبية" 300 مليون جنيه من قرية واحدة لا يتعدى عدد أبنائها حوالى 15 ألف نسمة من مدخرات تم تجميعها لأفراد كانوا يعملون بالخارج ما زالوا يعملون في بعض الدول الخليجية، وممن خرجوا من الشركات التي تمت خصخصتها بنظام المعاش المبكر، وحصلوا على مكافأة نهاية الخدمة وآخرين قاموا ببيع أراضيهم وممتلكاتهم لاستثمار قيمتها في شركات توظيف الأموال، مقابل 3 مليارات جنيه جمعها "ريان مدينة نصر" من عدد غير معروف حتى الان من الضحايا.
وهناك ما لا يقل عن 3 عناصر تتشابه بين الموجة الاولى من موجات توظيف الاموال التى هبت على مصر بعد مرحلة الانفتاح الاقتصادي، والتى شملت شركات الريان والسعد والهدى مصر والشريف وغيرهم.. وبين الموجة الثانية من التوظيف الوهمي.. أولهما أن كل ما حدث كان تحت سمع وبصر الحكومة سواء بشكل رسمي او حتى غير رسمى.
فإذا كانت حكومة الدكتور عاطف صدقى قد باركت الموجة الاولى بافتتاح استثمارات شركتي "الريان"و"السعد" وسط زفة إعلامية تليفزيونية وبمساعدة وزراء أصبحوا مستشارين لدى هذه الشركات برواتب فلكية، وجذب نجوم الرأى العام والشاهير لاستثمار أموالهم في تلك الشركات مقابل عوائد استثنائية فيما عرف بكشوف البركة، فضلاً عن شخصيات دينية أصدرت فتاوي بشرعية نشاط شركات توظيف الأموال فى المرابحة، وكان فى مقدمتهم العالم الراحل الشيخ محمد متولى الشعراوى.
فإن النصابون الجدد سعوا الى الحصول على دعم مشابه ولكن من نجوم العصر الجديد.. فلجأوا الى وضع كشوف بركة جديدة لمطربى الفضائيات ولاعبي كرة القدم وفى مقدمتهم لاعبو نادى الزمالك.. على اعتبار أن لاعبى الاهلى مشغولون بالاستثمار فى البورصة.. وبالتالى حصلوا على الجماهيرية.. فكم مهما ان تظهر فى موقع ما بصحبة لاعب كرة حتى يشار اليك بالبنان.. فى حين لجأوا الى مسئولين لهم ثقلهم السياسي الكبير للحصول على الحماية، ويكفى أن يتم القبض على أحد هؤلاء ثم يفرج عنه بعد دقائق ليعطى انظباع بقوته ونفوذه وكلمته المسموعة ويده التى تطول أى جهة، وهو ما حدث فى حالة ريانى القليوبية ممن قيل أنهم مدعومين من وزير سياسي سابق له ثقل كبير فى مصر ويعد من أكبر مراكز قوى العهد الجديد، فى حين احتمى إسلام رضا ريان مدينة نصر بإبن وزير التنيمة الاقتصادية بهاء عثمان محمد عثمان وجعله وسيطا بينه وبين علية القوم من المودعين، قبل أن يفر هاربا.
وبالطبع لا يوجد ما يقنع كل من معه مال بالاستثمار لديه للحصول على عائد اقتصادي كبير.. أكثر من إبن وزير التنمية الاقتصادية.. فهذا معناه أن التنمية الاقتصادية التى ينتهجها.. أفضل بكثير من تلك التنمية التى يصدع أباه بها الناس صباحا ومساءا.. والا كان الابن قد استثمر ماله وفقا لأفكار أبيه وبمعدلات الاستثمار التى يوصى بها.. ولكن معنى أن إبن وزير التنمية الاقتصادية ترك كل فرص الاستثمار الرسمية فى الدولة التى يخطط لها أبوه من بنوك وصناديق استثمار وبورصة وفرص استثمارية وما على شاكلتها.. ولجأ الى الطرق الاستثمارية التى يتبعها إسلام رضا والتى لم يعرفها أحد يوما.
مستثمر الجيزة الذى استولى على قرابة الـ 100 مليون جنيه من ضحاياه لتوظيفها فى الانشطة العقارية كان له رأيا اخر فى طلب الدعم من ثقل سياسيى ووقع اختياره على جماعة الاخوان المسلمين، فالبرغم من انضضمامه للجماعة على يد القيادي الاخوانى السيد النزيلى أحد المتهمين فى قضية سيد قطب الشهيرة عام 1965 واعداد الجماعة له ليكون من كوادرها السياسية فى شعبة المنيب، وترشيحه فى الانتخابات البرلمانية القادمة، الا أن ثلث ضحاياه كانوا من الجماعة ومنهم قيادات الجيزة أنفسهم ممن قاموا بتأهيله، وتسهيل مأموريته نتيجة صلته بأعضاء الجماعة والمؤيدين لها من الملتزمين دينيا ولا يحبذون وضع اموالهم فى البنوك لاتهامها بالربا البين.. وكم يكفى الحصول على ثقة الملتزمين.. لتنهب أموالهم وأموال غيرهم.
اما العنصر الثانى المشابه فى موجتى توظيف الاموال أن كلاهما جاءا نتيجة تراجع الفوائد على الودائع فى البنوك، ففى الحالة الاولى ورغم أن سعر الفائدة على الودائع فى البنوك كان اكثر من 11% الا أن شركات توظيف الاموال ظهرت نتيجة ما قال الدكتور أحمد سيد النجار الباحث الاقتصادي المعروف بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية أنه يعرف بالفائدة السلبية، اى معدل الفائدة الأقل من معدل التضخم.. او بمعنى اخر أن يكون العائد الذى سيضاف على أصل المال المودع فى البنك.. أقل من القدرة الشرائية للمبلغ ذاته مضاف اليه الفائدة نتيجة ارتفاع الاسعار بمعدل أسرع من ارتفاع قيمة المال.
ففى فترة توهج شركات توظيف الاموال فى الثمانينيات كان معدل التضخم 20% فى المتوسط.. وبالتالى كانت الفائدة على الودائع، سلبية ولا تحفظ حتى قيمة المال بمرور الوقت.. فلجأ الناس الى أى وسيلة لاستثمار أموالهم وخاصة اذا كانت بمعدل 30% كما كان الريان والسعد وغيرهما يفعلان.. بينما فى الوقت الحالى الذى لم تتجاوز فيه الفوائد المصرفية حاجز الـ 8% سجل التضخم معدل يتجاوز الـ 15%.. وهو ما اعاد موجة البحث عن ملاذ آمن يحفظ قمية الاموال بعيدا عن صدمات البورصة التى تدار لصالح كبار العملاء وعمليات الطرح العام لشركات مثل مدينة الانتاج الاعلامى والمصرية للاتصالات التى منحث مستثمرى البورصة الصغار مبررا قويا للابتعاد عنها.
أما وجه الشبه الثالث بين موجتا توظيف الاموال فهو شيوع ثقافة الثراء السريع على وقت انتشار الظاهرة.. فكام كان الانفتاح مدخلا للثراء السريع لكل من حصلوا على كل الامتيازات التى قدمها نظام الرئيس السادات، ليصنعوا اقتصادا استهلاكيا يصنع اللبان والمنتجات الغذائية المعلبة.. صنعت الامتيازات التى قدمتها حكومات الرئيس مبارك.. رجال أعمال يستثمرون أموال البنوك بل ويهربون بها، وسط صعود غير محدود لأسماء لم تكن شيئا وأصبحت كل شئ فى زمن قياسي، ويكفى النظر الى قائمة كبار رجال الاعمال فى مصر اليوم.. ومراجعة وضع عناصرها قبل 15 عاما على أقصى تقدير.. لمعرفة الثقافة التى تنتج من الحالتين.. والتى تجعل قرية ينحت الفقر ملامحها بـ"أزميل".. تخرج مئات الملايين لاستثمارها فى تداول كروت شحن الموبايل.. بينما الموبايل نفسه بشحمه ولحمه لم يكمل فى مصر عشر سنوات، وربما لم يدخل القرية نفسها الا قبل شهور.

السبت، ١ مارس ٢٠٠٨

بكل كرامة




أطلعتنى الدكتورة عبلة البدري عضو اللجنة الفنية الإستشارية بالمجلس القومى للطفولة والأمومة والمشرفة على مشروع تأهيل أطفال الشوارع ودمجهم فى المجتمع بعض تفاصيل المشروع الذى تنفذه جمعية سيكم للتنمية أحد أذرعة التنمية الانسانية ضمن مبادرة سيكم الاقتصادية والاجتماعية التى أسسها الدكتور ابراهيم أبو العيش والحائز عنها على جائزة نوبل فى التنمية الانسانية.
لفت نظرى مبدئيا هذا الاصرار على تحديد الواقع الحقيقى لمشكلة أطفال الشوارع فى مصر دون تهويل ومبالغة استنادا على دراسات وهمية، مشددة على أن أول مظاهر علاج الازمات هو تقدير حجمها الفعلى، وان عدد اطفال الشوارع فى مصر ليس أكثر من 2 مليون طفل كما تردد وسائل الاعلام وتنقل الدراسات الأكاديمية دون وعى أو تمحيص، وأن تعداد اطفال الشوارع لو كان بهذا الحجم لما تمكن أحد من السير فى الشارع بآمان، وأن تقدير بعض الجهات الرسمية عددها بأكثر من 10 ألاف طفل ليس دقيقا هو الأخر.
الجديد فى المشروع انه الاول من نوعه الذى سيتولى عملية تأهيل أطفال الشوارع نفسيا واجتماعيا ثم دمجهم فى إطار اجتماعى سليم وتأهيلهم فنيا وتثقيفيا ومنحهم التدريب الائق وفقا لقدراتهم العقلية ليصبحوا افرادا منتجين فى المجتمع.
وتشرف جمعية سيكم للتنمية التى ترأسها الدكتورة محاسن حسنين على مشروعات أخرى لا تقل أهمية عن مشروع تأهيل أطفال الشوارع، وأهمها مشروع رعاية وخدمة 13 قرية بريف محافظة الشرقية ومشروع مركز الشباب الشامل الذى ينفذ فى المعادى ومشروع محاربة عمالة الاطفال ومشروع التوعية بحقوق المراة وغيرها من المشروعات الهامة التى تمولها مبادرة سيكم الى جانب مؤسسات أخرى داعمه لها فى العالم، تحت اشراف الجهات الرسمية المتخصصة وفى مقدمتها المجلس القومى للأمومة والطفولة.
ويعد هذا النموذج التنموي الذى تقدمه مؤسسة سيكم التى شرفت بالتعاون معها، هو المعيار للدور الاجتماعى المطلوب من المؤسسات الاقتصادية الكبرى لخدمة البيئة التى تعمل بها والتاثير فى مجتمعها، وأتخيل لو ان كل كيان اقتصادي كبير فى مصر قد طبق النموذج نفسه، وتكاملت تلك التوجهات معا لسد الثغرات فى المجتمع المصري لأصبح الواقع غير الواقع والمستقبل أكثر ازدهارا وطموحا.
كل ما هو مطلوب أن يفرغ كل صاحب مال جزء من تفكيره لخدمة المجتمع وان يخلص النية فى ذلك، وأقول هنا خدمة المجتمع وليس تقديم صدقات واعانة أسر وقت الاعياد .. فبدلا من أن يقدم رجل الاعمال الزى المدرسي مع دخول الدراسة وكيلو لحمة فى عيد الأضحى وشنطة رمضان مع دخول الصيام .. يمكنه أن يوفر علما او عملا يمكن الناس من الاجتهاد وتدبير احتياجاتهم بشرف وجهد بما يحفظ كرامتهم على المدى الطويل ويؤهلهم للدخول ضمن الفئات المنتجة فى المجتمع .. فليس مهما أن نحافظ على وجبة طعام لكل انسان بقدر أهمية أن يشارك فى انتاجها حتى يأكلها بكرامة.

الأحد، ٢٤ فبراير ٢٠٠٨

المرتشون المتحدون


تعيش مصر الآن موسم ذروة شيوع الرشاوى، فكل شئ صار بعيد المنال لمن لا يقدر او يعرف أو يعترف بالرشوة كحل وحيد لمشكلته، وفى نفس الوقت سهل الحصاد لمن يعرف مفاتيح الادراج وأرقام الحسابات وعنوان البيت.
والكارثة الأكبر حينما يتحالف المرتشون ويقتربون من بعضهم البعض فى مكان واحد ليصبحوا هم أصحاب الأمر والشورى والقرار والفعل، لتدور الدائرة .. مرتشي كبير يترأس مرتشون صغار فى كيانات يديرها فاسدون، والنتيجة هى تلك القصة التى سأرويها لكم .. والقصة خلفها أزمة .. والأزمة سعى الى فيها أحد الأصدقاء لعلى أساعده برأى سديد ومفيد.
القصة أن صديقى يسكن بشقة صغيرة فى مدينة من المدن الجديدة .. وكان يترقب على مدار السنوات الثلاث الماضية انتهاء المرحلة الثانية من أحد مشاريع الاسكان المتوسط الذى سيتوفر به شقق بمساحات أكبر، لعل وعسى يوفقه الله فى تدبير مقدم الشقة الكبيرة، وتحمل قسطها الشهرى الذى لا يقل عن 1000 جنيه على أقل تقدير.
يوميا كان صديقى يمر من أمام المشروع المنتظر .. ويمنى النفس بشقة كبيرة تلملم أحلامه، ويخاف من الارتفاع غير المبرر فى أسعار الوحدات السكنية، ويتمسك بكل أمل ممكن فى الخروج من شقته التى لا تتسع لأحلامه والتى لا تزد مساحتها عن 67 متر مربع.
تمر الأيام ويقترب المشروع من نهايته لكن جهاز المدينة لا حس ولا خبر ولا ملامح لأى عملية طرح للمشروع الجديد، الى ان سمع يوما عن أن طرح المشروع سيكون فى صمت وأن هذه المرحلة التى لن يليها مراحل أخرى قد تم توزيعها على الكبار من أصحاب الحظوة والنفوذ والمكانة، وان الجزء الذى سيتم طرحه هو 40 شقة فقط لا غير، بينما الآلاف كانوا فى انتظار انتهاء المشروع.
حاول صديقى ان يجد أملا لتحقيق حلمه .. ولم يجد سوى منفذ واحد فقط عرضه عليه أحد السماسرة وهو سداد 10 آلاف جنيه "مبدئيا" لتخصيص احدى الشقق الأربعين له، و"تفتيح مخه" حتى يتم تسليمه اياها بمجرد الاعلان رسيما عن فتح باب الحجز.
وبالطبع أوحى السمسار له بأن هذا الميلغ التافه سيتم توزيعه على كبار موظفى جهاز المدينة، وأنه لا مفر أمامه سوى هذا الحل.
ورغم أن ما قاله لى صديقى "ميسور الحال نوعا ما" لم يكن خبرا، الا أنه أزعجنى .. ليس لأن الأمور فى مصر لا تسير الا بالرشاوى .. ولكن لدخول السمسرة فى عمليات الرشوة .. بعد أن أصبح للسماسرة اليد العليا فى كل أمر بمصر، الى جانب زيادة مساحة العلانية والفجور فى طلب الرشاوى.
والسؤال الأن .. لو كنت مكانى ماذا تفعل؟ وبماذا تنصح؟ ... هل ستحاول مساعدة صديقى فى تجميع مبلغ الرشوة .. أم ستساعده فى الايقاع بالسادة المرتشين؟ وان فعلت الاخيرة فكيف ولمن تلجأ وكيف تثبت الجريمة؟ وهل سيحصل صديقى على حق؟ .. أم سيواصل مروره أمام حلمه يوميا دون جدوى؟.


حسن الزوام

الجمعة، ١٥ فبراير ٢٠٠٨

متى تدخل كرة القدم فى صلب "مشاكل مصر"


حسن الزوام

عشرة عناوين صحفية على الأقل دعت فى توافق وتوارد خواطر صحفى غير مسبوق الى تولى الكابتن حسن شحاتة المدير الفنى للمنتخب الوطنى رئاسة الحكومة، بدلا من الدكتور احمد نظيف.

لم تكن الدعوة تخلط بين السياسة والرياضة او تتجاهل الفروق الهائلة بين الاثنين، ولكنها ارتكزت على ما حققه شحاتة من انجاز نتيجة العمل المنظم وبين عشوائية حكومتنا التى فشلت فى كل شئ (صحة – تعليم –صناعة – تجارة – عدالة .... الى أخر ما يمكن ذكره من وكسات حكومية) مدعمة بمواقع مصر عالميا فى طليعة وريادة الدول "الموكوسة"، اللهم باستثناء ما ندر من جهد حكومى يقدره ويثمنه محتكرو الأقوات والأرزاق ومستلزمات الانتاج ومالكو أراضى الوطن بالمجان وتجار الأزمات.

وبقدر الحب الجارف الذى تم استقبال رجال منتخبنا به فى مطار القاهرة، والسخاء الواضح الذى منحه أصحاب الاموال لهم، نطالب هذا الجيل تحديدا من لاعبي المنتخب وعلى رأسهم قائدهم حسن شحاته، بسن سنة حميدة سيتذكرها الناس فى مصر حتى يوم الحشر، والسنة هى استغلال حالة الانتماء لمصر التى تتفجر على وقع كل انتصار كروى، فى تحويل كرة القدم لخدمة المجتمع.

ومجتمع مصر الان ليس كغيره سواء فى تاريخ مصر الحديث .. أو حتى على مستوى مكانة مصر وما تستحقه، لأن أزماته واضحة وضوح العين جلية للناظرين و"العميان على حد سواء"، لذلك ندعو شحاته ومعاونيه وأبو تريكه ورفاقه بتوجيه جزء كبير من مكافآتهم لخدمة المجتمع المصري، وتكرار هذا بعد كل بطولة ووقتها سنضرب كل العصافير بحجر واحد، فتصبح كرة القدم "حياة" وليست مجرد شباب "عنده صحة" يلهث خلف كرة "الواوا آبا" فيحقق ملايين يدفعها جمهور فقير محطم الآمال والطموحات من الضرائب التى يفترض فيها أن تخدمه، أو من صاحب أموال يدفعها بسهولة لا تضاهيها سهولة حصوله عليها، وتكون النتيجة أحقاد وضغائن تنشط مع كل مليون يحصل عليه لاعب مجتهد، لمجرد أن كرة القدم معزولة عن أزمات الوطن.

نريد من جيل أبو تريكة وعمرو زكى وحسنى عبد ربه وعصام الحضرى وشادى محمد ومحمد زيدان أن يعيدوا صياغة علاقة نجوم الكرة بالناس، فتصبح كرة القدم هى القادرة على تحقيق ما تعجز عنه الدولة وحكومتها وأحزابها، كما نجحت بالفعل فى اعادة اسم مصر على شفاة الشباب وعلم مصر الى أيدى الناس بالفوز الاخير بكأس الأمم.

تعالوا نتخيل ما يمكن ان تفعله كرة القدم فى مصر ولنبدأ بالبند الأول وهو مكافآت اللاعبين والتى سجلت حتى الأن رسميا حوالى 6 ملايين جنيه من ميزانية الدولة، بخلاف مكرمة الرئيس مبارك، ومليونان من رجل الأعمال محمد فريد خميس ومثلهم من رجل الاعمال محمد أبو العينين تكلفة رحلة العمرة لكافة أعضاء الجهاز الفنى ولاعبى واداريي المنتخب الوطنى وأسرهم وحوالى 30 مليون جنيه مصرى من حاكم إمارة دبي بواقع مليون جنيه لكل لاعب (200 ألف دولار) ومليون جنيه من الأمير السعودى الوليد بن طلال ومليون جنيه من الشيخ السعودي صالح كامل، وأكثر من 5 ملايين جنيه (مليون دولار) من رجل الاعمال الكويتى ناصر الخرافى ومبلغ غير معلوم من الأمير ترك بن عبد العزيز شقيق ملك السعودية الراحل والمقيم فى مصر والذى وهب المنتخب مليون جنيه فى بطولة 2006، وملايين اخرى منتظرة من كبار رجال الاعمال من عينة نجيب ساويريس الذى منح الفريق مليون ونصف المليون جنيه فى البطولة الماضية، ومحمود طاهر ومحمد نصير وشفيق جبر وأحمد عز وطلعت القواس وأحمد الرواس ومحمد فرج عامر، الى جانب مكافآت أخرى لن يعلن عنها وستذهب فى صورة شيكات للاعبين حتى لا يقتسمها معهم اتحاد الكرة كما فعل فى مكافآت بطولة 2006، والشقق التى سيتم توزيعها على اللاعبين من محافظين من عينة محافظ الاسماعيلية عبد الجليل الفخرانى الذى وهب كل لاعب شقة من شقق المحافظة.

وكل الاموال التى ذكرناها أو لم نتذكرها معفاة من الضرائب لأنها هبات، وبالتالى اذا ما تخيلنا أن شحاتة وأبوتريكة ومن معهما قرروا أن يدخلوا الكرة فى صلب الألم المصري من خلال التبرع بشقق الاسماعيلية التى لا يحتاجها أى لاعب فى المنتخب لحل أزمة 30 شاب يبحث عن شقة، والتبرع ببناء مثلها فى المحافظات المختلفة أو بناء مستشفى كبير بالمجان أو توزيع معاشات على أسر فقيرة من خلال هيئة اجتماعية أهلية – ليس لحكومة نظيف أى دخل بها –ينفق على اعمالها من عائدات صندوق مالى بجزء من مكافآت الفريق.

نريد الاستفادة من الحالة التى حققتها كرة القدم أقصى استفادة ممكنة بوصفها صانعة البهجة الوحيدة، وأتخيل مثلا لو أن اتحاد الكرة برئاسة سمير زاهر – وش السعد – قرر تخصيص 10% من ايرادات تذاكر المباريات _ سواء مباريات المنتخب أو مباريات المسابقات المحلية – للمساهمة فى حل مشاكل المجتمع وتلبية احتياجاته، وكيف يمكن ان يواجه هذا التوجه باقبال جماهيرى أكبر بكثير من الواقع الحالى تفاعلا مع تلك المبادرة.

ماذا لو خصص الاتحاد جزءا ولو ضئيلا من عائدات تنظيم المباريات الودية مع الفرق الكروية الكبرى فى العالم، وهى الدجاجة التى تبيض ذهبا لاتحاد الكرة، وأولها مباراة البرازيل فى مارس القادم والتى ستدر على خزينة الاتحاد ما لا يقل عن 3 ملايين جنيه من الشركة المنظمة وعقد البث الحصرى للمباراة، لحل أزمة ما ولتكن التكفل بتكاليف 4 عمليات زراعة كبد على سبيل المثال أو شراء أجهزة علاج السرطان ووهبها للمستشفيات "الحكومية" أو تأسيس جمعية لاستيعاب أطفال الشوارع، أو دار للمسنين أو الأيتام.

لقد وجدنا فى المنتخب الوطنى بكافة عناصره أشخاص نفتخر بمصريتهم ونريدهم ان يمنحونا المزيد، ولدينا طمع مشروع فى ان يشاركوا فى تصحيح الخلل الذى حل بمصر، وقد منحنا هؤلاء الشباب مثالا عبقريا بتبرعهم لبناء مسجد للمسلمين فى مدينة كوماسي الغانية، وهو ما يجعلنا نراهن على هذا الجيل لصنع فارق سنقدره.

وستنهى تلك المبادرة العلاقة بين بطولات كرة القدم وعمليات رفع الأسعار التى تنشط فى غمار فرحة الناس بالانتصارات، كما حدث مؤخرا ورصدته جمعيات المجتمع المدنى من عمليات رفع لأسعار السلع الأساسية ومنها زيوت الطعام أثناء مباريات البطولة، كما ستنهى نظرة الحسد لملايين لاعبي الكرة التى يأتى بعضها من صراع الاهلى والزمالك والتى تصنع المليونيرات والنجوم فى لحظة من لحظات الزمن، وأسألوا محمد أبو تريكة نفسه.

السبت، ٩ فبراير ٢٠٠٨

مصريون نفخر بهم



لماذا لا يتولى حسن شحاتة رئاسة الحكومة



· ما فعله المعلم ليس كرة قدم فقط ..بل قيادة نزيهة وتحمل للمسئولية وانكار للذات وتوفير للبدائل وتركيز على المستقبل
· وحدها كرة القدم هى التى تخرج الأغانى الوطنية من الأدراج وتلهب الحناجر باسم مصر الذى نستعمله يوميا حتى ينفذ

لا أعرف على وجه التحديد ما الذى كان مطربو ومنتجو الأغانى الوطنية سيفعلوه، لو لم تكن هناك كرة قدم تحقق بطولات قارية وعربية فى مصر .. فبطولات النادي الاهلى ومنتخب مصر وحدهما، استوعبا على مدار السنوات الثلاث الماضية عشرات الاغانى الوطنية التى لم تكن ليعرف سببا ولا مبررا واحدا لتكرار اذاعتها الا على خلفية هدف يحرزه أبو تريكة ورفاقه أو انقاذ خرافى لعصام الحضرى، حتى أصبحت كرة القدم ولا غيرها هى سبب البهجة فى حياة المصريين، والسبب الوحيد تقريبا للصراخ باسم "مصر" واستطعام الكلمة بمشاعر وطنية والخروج بأعلام المحروسة للشوارع.

وحدها كرة القدم تفعل ذلك .. ووحده حسن شحاتة المدير الفنى لمنتخب مصر وفريقه هو الذى منحنا الاسبوع الماضى أكبر قدر من الفخر ربما لم نشعر به منذ انتصار اكتوبر ان لم أكن مبالغا .. فشحاتة ورجاله وضعوا أنفسهم تحت طائلة "المحترمين" وصار من الطبيعى أن نشير اليهم ونحن نقول "هؤلاء مصريون نفخر بهم" فى زمن قلت فيه دواعى الفخر ورجاله.

وليس المكسب المدوى لمنتخب مصر على أفيال ساحل العاج وحده هو السبب وراء هذا الشعور .. ولكن مصدر الفخر كان اعادة الفريق الوطنى لايماننا نحن المصريين بأن العمل الجاد ينتهى الى النجاح وأن من جد وجد ومن زرع حصد ومن آمن بقدراته صنع المستحيل ومن أحب وطنه بذل من أجله العرق .. الى أخر منهج التربية الوطنية الذى ألغوه وكأنهم قرروا نزعها منا.

لم يكن اكتساح أقوى فرق القارة العامرة بنجوم الملاعب الأوربية وحده هو السبب فى فخرنا نحن المصريين، ولكن الروح التى صنعت هذا الفوز والتى أصابت الناس بحالة من توارد الخواطر حول المغزى السياسي لهذا الفوز، وتفكير 70 مليون مصرى فى سؤال واحد .. ماذا لو تولى حسن شحاتة المدير الفنى لمنتخبنا قيادة الحكومة بدلا من أحمد نظيف وصحبه ممن منحونا الهم والغم والاحساس بالهزيمة والانتحار.

نفهم بالطبع أن كرة القدم ليست مثل ادارة الدول ورئاسة الحكومات، ولكن يخطئ من يعتقد أن ما فعله حسن شحاتة مجرد كرة قدم وخطة لعب بالاعداد والقاءها على الورق لتصبح 4-2-4 حينا أو 3-5-2 فى أحيان أخرى، ولكنه صناعة الارادة التى نحتاجها، والاصرار على النجاح الذى نتمناه، ومحاربة الاحباط الذى يشلنا، واسكات أعداء النجاح المنتشرين فى هذا الزمن مثل الكوليرا فى عصور "الوباء".

هل رأيتم أبناء حسن شحاتة وهم يسجدون شكرا عقب كل هدف .. هل رأيتم أحمد فتحى وهو يدعو رفاقه لشكر الله على النجاح .. هل لاحظتم كيف تصرف شحاتة برقى النبلاء حين أجل فرحته حتى يواسي خصمه جيرار جيلى مدرب ساحل العاج .. هل شعرتم بذراع حسنى عبد ربه وهى تحتضن بوكا لاعب الأفيال بعد المبارة لتتمنى له حظ اوفر، هل سمعتم عصام الحضري وهو يقدر المنافس ويرجع النصر لزملائه بدلا من الانفراد بالحديث عن عبقرته التى لا تتكرر .. هل أسعدكم تصرف أبو تريكة الذى قلب العالم بجملة كتبها على قميصه تدعو للتعاطف الى غزة، قبل أن ينشغل الناس بالبطولة وينسون أشقائهم المحاصرون فى الظلام الدامس بلا دعم ولا رحمة.

ألا يلفت نظركم الرقى الأخلاقى لهؤلاء الشباب القادم من طبقات المجتمع المختلفة وهم يقدمون كرة نظيفة .. ويقول لكم أن الامر ليس كرة قدم فقط .. إنه القيادة .. ونزاهة القرار .. وجودة الاختيار .. وتحمل المسئولية .. وتوزيع المهام .. وحسن تقدير المواقف .. وانكار الذات .. والاستعداد للأوقات الصعبة .. وتنسيق الجهود .. وتوفير البدائل .. واللجوء الى الخبرة عندما يحين وقتها .. والتركيز على المستقبل.

نعم لقد فعل حسن شحاتة ورجاله كل ذلك .. فتألقت الاغانى الوطنية وخرجت الأعلام وانجرحت الحناجر من فرط الصراخ باسم الوطن .. كان لإسم مصر وقعا مغايرا للاسم نفسه الذى نردده يوميا دون أن نتوقف امام قيمته فى حياتنا ولا وزنه النسبى فى مصيرنا وكأنه نوع شيبسي جديد، أو شامبو 4 فى 1 نستخدمه حتى ينفذ، ولا نتذكره الا اذا جاء أمامنا.

نعلم عدم عدالة المقارنة بين المعلم حسن شحاتة ومن يقودوننا .. لكننا نسجل هنا حبنا وتقديرنا لمن وهب المصريين فخرا بمصريتهم وأرضهم وعلمهم .. فخرا لا يقدر بثمن .. هؤلاء الذين خرجوا من بيوتهم ليس للاحتفال بفوز على فريق منافس .. ولكن احتفالا بالروح والانتماء.

يبقى فقط أن نؤكد أن تلك الكلمات كتبت قبل المباراة النهائية مع الكاميرون .. وأيا كانت نتيجتها فإنه يكفى شحاته وصحبه ومن معه ومن ورائه أنهم منحونا لحظة فخر بمصريتنا التى كنا نعتقد أنها غرقت مع عبارة الموت ومراكب الهروب من مصر أو احترقت داخل قطار العياط أو قتلها فيروس سي وكوكتيل الأمراض المتوطنة فى جسد المحروسة.

السيد "أيمن نور"



كان الحوار فى الحلقة الاخيرة من برنامج "حالة حوار" للزميل المتألق عمرو عبد السميع يدور عن غزة ومعضلة غزة وحدودنا مع غزة وتصرفات حماس وعلاقتها بالأمن القومى المصرى.. فى حضور وزير الخارجية احمد أبو الغيط كضيف رئيسى.

ويتألق عبد الله كمال رئيس تحرير جريدة روزاليوسف اليومية أحد الضيوف المحاورين للوزير فى عرض وجهة نظره وهى بالطبع وجهة نظر عليها ما عليها ولها ما لها .. ولكن كمال اختطف الحديث الى اتجاه أخر وموضوع أخر لا علاقة له من قريب او بعيد بموضوع الحلقة ولا بتساؤلات الشباب الذى لوحظ أنه إما من شباب الحزب الوطنى او من محررى روزاليوسف الصغار.

عبد الله قطع الحوار عن غزة واعلن رفضه لكلام الوزير الذى ورد فيه اسم أيمن نور وصيف انتخابات الرئاسة الأخيرة ومؤسس حزب الغد والبرلمانى السابق والمحامى المعروف والزميل الصحفى بجريدة الوفد قبل كل ذلك، مسبوقا بلقب السيد .. وقال فيما معناه أن أيمن نور مجرد متهم بالتزوير ومزيف ولا يستحق أن يسبق اسمه وصف "السيد"، وأنه فاقد الأهلية فى لهجة سخرية لا تليق بين زملاء مهنة – شاء عبد الله أو أبى – وأبناء جيل واحد.

وجاهدا حاول الزميل عمرو عبد السميع لفت نظر عبد الله كمال الى أن أيمن نور مواطن مصرى وأن تعبير السيد لا يقف عند حدود معينة .. الا أن رئيس تحرير جريدة روزاليوسف أصر على رأيه فى نقد الوزير لأنه قال السيد أيمن نور فى حضرته، بينما اكتفى الوزير بابتسامة، اتحدى كائن من كان على كوكب الأرض أن يعرف ان كانت ابتسامة رضا عن ما يفعله عبد الله أم نتيجه إحراجا له ومحاولة لاقحامه فى كلام لا يستحق الوقوف امامه، خاصة وان أحمد أبو الغيط وزير خارجية ويعرف قيمة التصريحات ومدى الفرق بين استخدام الحروف والألقاب بل وحتى علامات التشكيل فى العلاقات بين الدول وبالتالى فإنه يزن جيدا كلامه قبل أن ينطقه أو يتم توريطه فيه.

وبودى الأن أن أعرف .. ما الذى يريده عبد الله كمال، وأين ينتهى طموحه، وما هى حدود الأخلاقيات المهنية وقواعد الزمالة فيما يكتبه فى جريدته أو يطلقه فى ظهوره التليفزيونى، وهو قائد حرب الصحف المستقلة والحكومية ومطلق شرارتها، وصاحب براءة اختراع تعبير "المحظورة" الذى تناقلته الجوقة من بعده.

وقد اخترع عبد الله بابا خاصا لتلطيش وتجريح البشر وكل من لا يعجبه ومن لا يروق له رأيه أو موقفه أو إنتماؤه أو حتى شكله، وقد اختار لهذا الباب اسما يعبر بدقة عن هدفه وهو "جدول الضرب" .. هاجم فيه كل الزملاء تقريبا .. وكان منهم الرائع الراحل الزميل السيد مجدى مهنا الذى اختطفه الوجع المسيطر على أكباد المصريين منا يوم الجمعة .. وأحاول أن أقارن بين مهنا الذى ستبكيه المهنة وبين عبد الله كمال الذى تبكى المهنة منه ولا أجد وجها للمقارنة، رغم اعترافى بمهنية رئيس تحرير روز اليوسف وقدرته على التطوير، يفسدها لغته الحادة فى الانتقاد وذهابه بعيدا فى عداواته وطموحاته.

فهل لدى أحدكم إجابة على السؤال؟ .. أم ننتظر خروج السيد أيمن نور من سجنه ربما يخبرنا بما لا نعرفه؟

"ورطة" مصر.. فى "أزمة" غزة





  • حماس هى الرابح الأكبر من أزمة الحدود وتضغط لانتزاع اعتراف بسيادتها على القطاع


  • النظام المصرى حائر بين علاج أزمة الحدود وضغوط اسرائيل.. وحماس تطرح تكرار السيناريو مرة اخرى


  • سلطة أبو مازن ترفض مشاركة حماس فى ادارة الحدود.. والحركة تشدد على تأثيرها فى امن مصر القومى


  • أبو الغيط يهدد على شاشات التليفزيون بكسر ساق من يهاجم حدودنا.. وحماس تدعوه الى كسر الحصار أولا


  • الاخوان قادوا الحملة الاعلامية لعملية اقتحام الحدود.. والمرشد يطالب بحفظ أمن مصر قبل أمن اسرائيل

    حسن الزوام

    القضية الفلسطينية.. أهم الملفات الاقليمية التى تسكن فى القلب والعقل السياسى المصرى، واكثرها تأثيرا على الأمن القومى، لذلك تتصرف مصر من منطلق خبرتها الكبيرة بكافة عناصر هذا الملف وعلى خلفية سابق تعرضها لكافة انواع الضغوط فيه، بما وفر لها مع الزمن واقيا من الصدمات والنتائج الدرامية.

    ولكن فى الأزمة الاخيرة والتى نتجت عن ضغط اسرائيل الزائد عن احتمال البشر على سكان قطاع غزة، وممارسة سياسة الإعدام الجماعى بحق مليون ونصف المليون مواطن وحصارهم وتجويعهم، وقعت القضية عن قصد ونية شيطانية فى "حجر" مصر، حين فجر الفلسطينيون الحدود المصرية التى كانت مغلقة فى وجههم، بحثا عن الحياة وهربا من الموت جوعا أو مرضا أو اختناقا.. فى تصرف بشرى المظهر.. سياسى الأهداف، واجهته القيادة المصرية بحكمة بالغة، حينما سمحت لسكان غزة باستيفاء احتياجاتهم العاجلة، لكنها فى الوقت نفسه لم تغفل الجانب السياسى فى الأزمة وهو انتقال أزمة غزة التى تعد من أكثر مدن العالم كثافة سكانية الى مصر.

    ومصر "أهم الاطراف الخمسة فى أزمة حصار قطاع غزة الفلسطينى" فى موقف صعب أقرب ما يكون لـ"الورطة" فى مواجهة كافة الأطراف الاخرى الداخلية او الخارجية التى لها علاقة مباشرة بالأزمة وهى اسرائيل وحماس والسلطة الفلسطينية وجماعة الاخوان المسلمين.

    وتواجه مصر مخططات تل أبيب بعزل القطاع والتخلص من أعبائه مع الاستمرار فى عمليات تصفية كوادر المقاومة به، بمعنى جعل تدفع مصر فاتورة احتلال اسرائيل للاراضى الفلسطينية بربط القطاع اقتصاديا وأمنيا مع مصر، وهى مخططات تاتى فى إطار العلاقة المتدهورة مع القاهرة منذ عام تقريبا، فواجهت بحسم الانتقادات الاسرائيلية حول فتحها الحدود امام سكان غزة، بالتأكيد على ان هذه الازمة اسرائيلية الصنع بالكامل، دون أن تنسى القاهرة تحويل الدفة الى البرلمان الاوروبى الذى أصدر تقرير أدان فيه انتهاكات حقوق الانسان بها، بمطالبته بالرد على ما تقوم به اسرائيل من انتهاكات واعتداءات على الفلسطينين.

    أما حركة حماس التى تنفرد بقيادة "دولة غزة" فى مواجهة السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس "أبو مازن" التى تحكم الضفة الغربية، فحرصت على توظيف الضغط الاسرائيلى الخانق، الذى انفجر فى اتجاه الحدود المصرية، لاحكام سيطرتها على القطاع، وحصد ادانة دولية جديدة لاسرائيل، واحراج سلطة عباس الفلسطينية و«حركة فتح» التى طالبت بايقاف المقاومة.

    وبشكل عملى خرجت حماس من أزمة غزة منتصرة على حد وصف صحف أمريكية مثل "كريستيان سياينس مونيتور" التى نقلت عن محللين سياسيين أن حماس كسرت عزلتها وأصبحت فى وضع تفاوضى أقوى باعادة تعريف نفسها بأنها الوجهة الوحيدة للتفاوض فيما يتعلق إدارة الحدود بين مصر وقطاع غزة.

    فى المقابل كانت مصر واضحة فى ايصال رسالتها بأن ما حدث من اقتحام لحدودها لا يجب أن يتكرر، وجاءت التصريحات الرسمية حتى مطلع الاسبوع الجارى حاملة تهديدات دبلوماسية من وزير الخارجية أحمد أبو الغيط بأن مصر ستكسر ساق أى فرد يجرؤ على اقتحام حدودها مرة أخرى، وهى التصريحات التى قابلتها الحركة بطلب كسر الحصار الاسرائيلى بدلا من كسر سيقان المحاصرين.

    وأكد أبو الغيط أن مصر لم ولن تعترف بسيطرة حماس على قطاع غزة وان السلطة الشرعية للفلسطينيين هى التى يرأسها محمود عباس، وأن حماس لن يكون لها أى دور، فيما أستخدمت حركة حماس بالمقابل لهجة حادة فى تهديدها لكل من يحاول تجاوزها فى ترتيبات معبر رفح الحدودى الفاصل بين الأراضى المصرية وقطاع غزة المحاصر منذ أشهر، مؤكدة أن لديها أوراقا كثيرة لم تستخدم إلا القليل منها، وأن الشعب الفلسطينى لن يسمح بعودة الأوضاع السابقة على معبر رفح الحدودى مهما كلف ذلك من ثمن.

    وتكمن الازمة المصرية فى التعامل مع مشكلة الحدود مع قطاع غزة، ان حركة حماس المسيطرة على الوضع هناك باتت هى المتحدث الرسمى الوحيد باسم القطاع، وبالتالى اذا ما أرادت مصر اعادة صياغة اتفاقيات حدودية حاسمة فى رفح، فإن عليها أن تتفاوض مع حركة حماس، بعد أن رفضت السلطة الفلسطينية مشاركة حماس لها فى ادارة المعابر واصرارها على الاتفاق الذى تم توقيعه عام 2005 فى مرحلة ما بعد انسحاب اسرائيل من القطاع، وهو الاتفاق الذى انهار مع سيطرة حماس وخروج سلطة الرئيس ابو مازن من الصورة، خاصة مع تأكيد حماس فى اكثر من موضع على خطورة ما يسيطرون عليه بتكرارهم عبارات من قبيل "أن قطاع غزة هو عمق لمصر من الواجب علينا أن نحافظ عليه" وأن نجلس سويا (حماس ومصر) لبحث إدارة سليمة للحدود تسمح بأن ينتقل الأفراد والبضائع.

    ويمثل التفاوض مع حماس فى حد ذاته معضلة داخلية نظرا للتعامل مع الحركة بوصفها جناحا خارجيا لحركة الاخوان المسلمين التى يطاردها النظام ويتهمها بأنها محظروة قانونيا ولا يحق لها لعب دور سياسى على أساس دينى، وهو ما يعد اعترافا بالحركة والجماعة فى آن واحد، خاصة بعد أن التقى نبيل شعث ممثل الرئيس الفلسطينى محمود عباس "أبو مازن" قيادات الاخوان فى القاهرة قبل أيام لبحث فكرة إجراء انتخابات جديدة بفلسطين ودعوته لتدخل قيادة الإخوان فى مصر لحث حماس على قبول الفكرة.

    كما لعبت الجماعة الأم دور قيادة الرأى العام مع وصول الحصار الاسرائيلى على غزة الى مرحلة قطع التيار الكهربائى عن القطاع، من خلال اخراج الجماعة لمظاهرات كبيرة فى القاهرة والمحافظات فى نفس وقت اقتحام عناصر حماس للحدود المصرية وتفجيرها.

    إعلاميا.. واجه النظام المد الاخوانى فى وسائل الاعلام بتصعيد اعلامى مضاد وكثفت البرامج التليفزيونية والصحف الحكومية من لهجتها الحادة ضد الفلسطينيين بعد قيام عناصر من حماس باطلاق الرصاص على الجنود المصريين، حتى وصل الأمر الى اعتبار أن ما نشر حول مشاورات عربية لادخال تعديلات على القوانين المنظمة لعمل الفضائيات العربية و"تقليص الحريات" كان بسبب التأييد العربى الشعبى لحادث اقتحام الحدود المصرية مع قطاع غزة، وتدمير السور الفاصل بين الجانبين.

    فى الوقت نفسه حافظ النظام على هدوءه الشديد حيث لم تتزامن الحملات الاعلامية مع أى عقاب مصرى لمئات الالاف من الفلسطينيين الذين عبروا الى رفح المصرية أو الاحتكاك بهم فى تصرف سياسى حكيم، أجبر جماعة الاخوان المسلمين الى اعادة ترتيب أوراقهم وتوجيه الشكر للقيادة السياسية لموقفها من سكان غزة المحاصرين والسماح لهم بشراء احتياجاتهم العاجلة من مصر قبل اغلاق الحدود مرة اخرى.

    وجاءت التحركات الاعلامية للاخوان وفى مقدمتها تصريحات المرشد العام للجماعة مهدى عاكف لتصب فى خانة الضغط على النظام المصرى لاتمام اتفاق الحدود مع حماس، والتأكيد على أولوية مراعاة الأمن القومى المصرى قبل الأمن القومى لاسرائيل، والاتزام بتنفيذ وعد الرئيس مبارك بعدم تجويع الفلسطينين، أو المشاركة فى حصارهم على اعتبار أن هذا يأتى فى صميم الدفاع عن الأمن القومى، دون أن ينسى المرشد إدانته للاعتداء على الجنود المصريين، ومطالبة الفلسطينيين بعدم تكرار ذلك.

    وتواجه مصر مخاطر المخطط الاسرائيلية باعادة احتلال غزة طلما أن حماس هى المسيطرة على القطاع، وخاصة بعد أن نسف السماح المصرى بدخول الفلسطينيين لقضاء حاجاتهم الانسانية، خطط ومعادلة تل أبيب التى كانت ترهن كسر الحصار على غزة بوقف اطلاق الصواريخ، وذلك خشية تكرار عملية ترحيل الأزمة الانسانية التى ستتفاقم بالطبع الى الحدود المصرية، وهو ما قد يواجه وقتها بتدخل امنى مصرى يمنع الاجتياح الثانى، لتصبح مصر طرفا دون ارادتها فى وضع الفلسطينيين بين الغزو الاسرائيلى والدفاع المصرى عن الحدود، ويساوى بين الدولة المحتلة صانعة الازمة، ومصر التى تدفع فاتورتها، وتعيش أزمة ضمير وأزمة أخلاقية على حد تعبير القيادى بحركة حماس محمود الزهار.

    وتبقى احتمالات نهاية هذه الازمة مفتوحة على مصراعيها وتتأرجح بين استمرار حصار القطاع حتى أقرب موعد لتفجير الحدود مرة اخرى على وقع الغزو الاسرائيلى المرتقب، أو استمرار الحصار مع السماح بدخول المعونات ومواد الإغاثة وفقا لحجم الصورايخ التى ستطلقها حماس على المستوطنات الاسرائيلية، أو إتمام اتفاق مع حماس يضغط على سلطة عباس وتل أبيب معا وينسف آليه الحصار الاسرائيلية فى معاقبة الفلسطينيين من جذورها، فى حين يظل الاحتمال الاخير فى مواجهة هذه الازمة هو عقد مصالحة فلسطينية تفضى الى انتخابات جديدة وواقع يمهد لمفاوضات سلام لا نهائية، فى ظل استحالة احتمالات القاء غزة فى حجر مصر، لما فى هذا الاحتمال من مخاطر قد تفضى الى اشتعال حرب جديدة فى المنطقة.

السبت، ٢ فبراير ٢٠٠٨

كادر يا كريم




لا اعرف كيف ستواجه حكومتنا العبقرية تهديدات الجمعية العمومية لنقابة أطباء مصر والتى وافقت على تنظيم إضراب فى جميع النقابات الفرعية على مستوى الجمهورية، احتجاجاً على ما اعتبروه مماطلة وظلماً صارخاً تمارسه الحكومة، لرفضها إقرار كادر مالى خاص لهم.

هل ستواجه حكومة "رجال الأعمال" الأمر وفقا للسياق الفكرى المتأرجح فى ديمومته الساكن فى سيرورته لمعالى وزير المالية مستر يوسف بطرس غالى صاحب نظرية "أنا ما حدش يلوى دراعى" وبالتالى ينفذ الأطباء اضرابهم فى غفلة من الزمان - رغم أن الزمان والمكان معروفين للجميع - ويموت الناس من كثرة المرض وقلة الأطباء .. فيثورون ويغضبون ويحطمون المستشفيات .. فالموتى أعزاء مهما كان جحمهم .. وهو ما يطرح سؤال أخر حول تصرف الحكومة مع كبار المرضى - مقاما وليس مرضا – وهل ستستورد لهم أطباء من الخارج أم ستنتقى أطباء "ممن عليهم العين والنية" وتمنحهم كادر "على ما قسم"، وتفريغ الوزير للعمل كطبيب وتخصيص مستشفاه لخدمة أولى الأمر والحكمة؟

أم ياترى ستتعامل الحكومة بطريقة خالتى عائشة عبدالهادى صاحبة نظرية "البلد مافيهاش بطالة .. والشغل مالى الدنيا .. بس فين النفس" وبناء عليه ستترك الأمور تسير والكلاب تعوى، ويبقى الأمن مستتب، وما فيش اضراب من أصله بين الأطباء .. مع الحفاظ على التدابير نفسها الوارد ذكرها "فى الفقرة اللى فاتت".

أم ستنتهج حكومتنا منهج وزير الزراعة أمين أباظة فى متابعة كل شئ ينهار وترك الحياة تأخذ مسارها الطبيعى دون تدخل يفسد نواميس الكون ويخل بالتوازن البيئى على أساس ان الأطباء "ناس بيئة" وليس فى الامكان أبدع مما كان، كما يتعامل مع ملفات انهيار القطن وارتفاع أسعار الاسمدة وتناقص المساحات المزروعة قمحا .. الخ، وبالتالى تحذير الموطنين بأن "ماحدش يمرض يوم الاضراب وياريت يعمل حسابه لكام يوم لو الاضراب طول يومين تلاتة"، اعتمادا على أن الأطباء "مش هيشتغلوا الا لما توصل الفيزيتة للسعر العالمى للكشف عادى ومستعجل".

وإن كنت أرجح أن تتعامل الحكومة بطريقة رجل الامن القوى اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية بمحاصرة المستشفيات لمنع خروج الاطباء ودخول المرضى وتطويق نقابات الأطباء لعزل المحتجين من الاطباء عن المواطنين المرضى حرصا على سلامة الطرفين من انتشار العدوى.

لقد دفعت حكومتنا خمسة آلاف طبيب للموافقة على الاضراب فى مواجهة ما اعتبروه مماطلة وظلما صارخا تمارسه الحكومة، لرفضها إقرار كادر مالى خاص لهم، وجعلتهم يرفعون شعارات "الإضراب سلاح معانا ضد حكومة مطنشانا"، و"يا حكومة الإنجاز مش لاقى حق الجواز" وتعليق الرايات السوداء فوق النقابات والاحتجاج بالمعاطف البيضاء.

وأتخيل والد كل طالب طب "وقد دفع دم قلبه" وهو يفكر الأن فى رسالة الدكتور حمدى السيد نقيب الاطباء إلى وزير المالية، بأنه إذا كان صعباً عليك أن تدبر موارد لكادر الأطباء، خذنا عندك ووظفنا بشهادة دبلوم تجارة متوسط فى مصلحة الضرائب التى يتقاضى حاملها ٧٠٠ جنيه فى بداية التعيين، بينما يتقاضى الطبيب ١٣٠ جنيهاً.. فى انتظار كادر .. ياكريم.

متى سينفذ سيناريو "ذبح" الملط؟


- الدكتور على الدين هلال قبل شهر .. يكفى وجود الجهاز المركزى للمحاسبات وعلى رأسه "الملط" لحماية مصر من الفساد .. وقبل اسبوع .. كلام الدكتور جودت الملط مرسل وغير مدعوم بالمستندات الكافية
- تصريحات هلال - وهى ليست كغيرها تصريحات - ترجح أن الفاتحة قد قرأت داخل الحزب للإطاحة برئيس الجهاز المركزى للمحاسبات أو ذبحه سياسيا بعد أن صار "مواطنا ايجابيا"
- نسى رجال الحزب الوطنى أن المركزى للمحاسبات جزء من جهاز الدولة أحد دعاماتها، وليس حزبا معارضا حتى يتم التعامل مع تقاريره بهذه الحساسية الشديدة
- الدكتور جودت الملط نفى وجود نية لديه لاحراج الحكومة، وشدد على أنه جزءا منها وأنه لا يطمع فى رئاسة الوزراء، وكلها تصريحات لم تكن لتصدر لو لم يكن هناك من عاتب الرجل أو المح الى أنه صار معارضا
- نواب الوطنى لا يعرفون أن دور جهاز المحاسبات هو مراقبة تنفيذ السياسة الاقتصادية، والمالية للحكومة وفقا للدستور، الذى يأخذون منه ما يبقيهم على مقاعدهم ويحاولون تجاهل ما هو فى صالح الشعب

حسن الزوام


ربما لم يكن الدكتور على الدين هلال أمين الاعلام بالحزب الوطنى فى حاجة لأكثر من شهر، حتى يغير رأيه فى الجهاز المركزى للمحاسبات والقائم عليه، بعد أن شهد هذا الشهر تبدل الاحوال، وتغيير المواقع .. فقبل شهر واحد تقريبا استشهد هلال بالجهاز المركزى للمحاسبات ودوره فى محاربة الفساد بوصفه جهاز عملاق يرأسه المستشار جودت الملط الذى يراقب بصرامة على كل مليم يخرج من خزانة الدولة، ليرد على شباب الحزب فى لقاء بأحد المعسكرات قال فيه أيضا أنه لا احد فوق القانون حتى لو كانت الحكومة وهى التصريحات التى نشرتها صحيفة الحزب "الوطنى اليوم".
ولكن الان بعد أن قام "الملط" بتعرية الحكومة وكشف اخطائها الفادحة، صار رجلا يصدر تقاريرا مرسلة لا تستند الى واقع او ثقل وفقا للتصريحات الجديدة، لمجرد أن قال أن عائد الإنجازات الاقتصادية لم يتم توزيعه بطريقة عادلة، واهمال الحكومة للخدمات فى قطاعات الإسكان والنقل والصرف الصحى ومياه الشرب، وعدم استخدام المنح والقروض الخارجية بشكل أمثل مما يعد إهداراً للمال العام واتهامات اخرى حول مسئوليتها عن ارتفاع الاسعار غير المبرر.
والدكتور على الدين هلال ليس فقط بروفيسور "السياسة" الذى سجل لمصر أشهر صفر فى تاريخها وهو "صفر المونديال" بعد أن كان من نصيب المحروسة أن تنافس على تنظيم كأس العالم 2010 فى زمن كان يجلس فيه على مقعد وزير الشباب والرياضة، ولكنه أمين الاعلام بالحزب الذى يحكم مصر منذ أكثر من 30 عاما، والرجل الذى يعرف بأنه المنظر السياسى لمرحلة التحولات داخل الحزب الوطنى.. بمعنى أنه ?المخ? والباقين هم العضلات.
لذلك فهم من تصريحات هلال وهى - ليست كغيرها تصريحات ? أن الفاتحة قد قرأت داخل الحزب للإطاحة برئيس الجهاز المركزى للمحاسبات أو ذبحه سياسيا بعد أن صار "مواطنا ايجابيا" وفقا لأخر لقب حصل عليه الملط من حركة "مواطنون ضد الغلاء" تقدير لانحيازه لصالح الشعب ودفاعه عن الفقراء فى مواجهة المحتكرين والجشعين ومصاصى الدماء، خاصة ان غزوة الدكتور جودت الملط اعتبرت هى الاخرى ليست كغيرها وأنها مؤشرا على رحيل الحكومة نتيجة تبعية الجهاز المركزى للمحاسبات الى رئاسة الجمهورية بوصفها هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية عامة تهدف أساسا للرقابه علىاموال الدولة واموال الاشخاص العامة الاخرى.
هجمة هلال لم تكن الهجمة الجكومية الوطنية الوحيدة ? نسبة الى الحزب الوطنى وحكومته ? بل سبقها عدة هجمات مشابهة بدأها وزير المالية يوسف بطرس غالى، بوصفه إياه بأنه "يمثل البنك الدولي"، وأنهاها أعضاء مجلس الشعب ممن حصر بعضهم دور الجهاز فى أنه مجرد ألة حاسبة تجمع وتطرح ..ثم تصمت وتخلد فى نوم عميق، أو اتهامهم للملط بأنه يتكلم بعصبية ويراجع سياسات الحكومة وهذا ليس من حقه مما جعل صورة الحكومة "وحشة خالص"، والى غير من ردود فعل تهدف الى وصف تقارير الجهاز بأنها تقارير مرسلة لا تعبر عن الواقع، وكأن تصريحات حكومة الدكتور احمد نظيف وبياناته أمام مجلس الشعب هى فواتير دقيقة لا تهمل جنيها ولا يغرق الانسان فى بحورها لأنها بلا شطآن، وهى تعلن عن انهاء البطالة الى حد انتحار الشباب غرقا على الحدود الأوربية، واتمام المرافق الاساسية حتى يحين موعد أول أمطار تكشفها أو ثورة عطشى أو مظاهرة الباحثين عن طرق تلفظ الموت.
بالتأكيد كان رئيس الجهاز سيحظى بأفضل الأوصاف هو وتقاريره لو لم يقم الرجل بفضح الحكومة بهذا الشكل امام نواب الاخوان فى مجلس الشعب، وكان تقريره عن أدائها سيمر مرور الكرام مثل التقارير الـ 300 التى صدرت عن الجهاز خلال العامين الماضيين، وتركت فى الأدراج تعانى الوحدة والكبت الى حد الانفجار، لأن الحكومة ونواب الوطنى ممن لا يعرفون أن دور الجهاز المركزى للمحاسبات هو مراقبة تنفيذ السياسة الاقتصادية، والمالية للحكومة وفقا للدستور المصرى، الذى يأخذون منه ما يبقيهم على مقاعدهم ويخدم مصالحهم ويحاولون انكار ما هو فى صالح الشعب.
فهل أزعج لقب "الموطن الايجابى" حكومة نظيف ورجال الحزب الوطنى فقرروا تصفيته وارساله الى البيت ليجلس متحليا بجلباب أبيض يمارس الزهد الذى يهواه بعيدا عنهم، أم أن الأمر مجرد هجمات مقابلة تستبق ابلاغ الملط للنائب العام بما رصده من مخالفات فى أداء الحكومة ليضعها فى قفص الاتهام، وهذا امر من صميم حقه وطبيعة عمله، بعد أن ذكرها الرجل بأن عليها رقيب يمكنها أن تخشاه، بعد ان استأنست مجلس الشعب الذى رفض النواب الوطنيون فيه "نسبة الى الحزب الوطنى" إحالة سلبيات وتجاوزات الحكومة التى كشف عنها تقرير المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات إلى النائب العام، واحالته للحكومة - التى هى المتهم الأول والأخير - ورفعوا أيديهم 105 مرة للموافقة على الحساب الختامى لـ"لميزانية العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية والهيئة القومية للإنتاج الحربى، والخزانة العامة" عن السنتين الماليتين 2005/2006 و2006/2007 كل ذلك فى 43 دقيقة فقط.
أم أزعجها تعبير الرجل عن نفسه وتأكيده على أنه الرجل النظيف ? فعلا ? الذى لا يعيش فى مارينا ولا يركب الألفاروميو التى يستبدلها سنويا بالطراز الاحدث ولا يضارب فى أسهم الاكتتابات أو يقوم بتسقيع الاراضى وحصد العمولات، بل يركب سيارته موديل التسعينات ويعيش فى شقة مقبولة منذ نصف قرن.
وتعتبر الحكومة الجهاز المركزى للمحاسبات، كيانا مزعجا يكاد يصل الى مستوى الازعاج الذى تسببه حركة الاخوان المسلمين المعروفة فى ادبيات صحف الحزب الوطنى "بالمحظورة"، وقد حاولت الحكومة جس النبض لاتمام عملية الهروب الكبير من سطوته من خلال بروفة إسناد حسابات ومراجعات إحدى هيئات البترول لمكتب خاص "يرأسه محاسب سابق فى الجهاز" مقابل ٥ ملايين جنيه، وهى "العملية" التى منيت بالفشل، وفى النهاية تم إسناد المهمة للجهاز دون مقابل مادى.
لقد نسى هؤلاء أن الجهاز المركزى للمحاسبات جزء من جهاز الدولة أحد دعاماتها، وليس حزبا معارضا حتى يتم التعامل مع تقاريره بهذه الحساسية الشديدة، بدلا من الانصات لملاحظاته حتى وان كانت حادة لتتلافى الاخطاء .. ولكن ما حدث من الحزب والحكومة أنهم استغرقوا فى الهجوم على الملط وجهازه، فصنعوا حربا مع الرقيب المستقل، ليصنعوا منه رجل 2008 بلا منازع، ونجم الصحافة المستقلة لأسابيع قادمة، فى انتظار أول تقاريره القادمة ? وما أكثرها - للتعامل معها بطريقة أخرى لم تكن قائمة، قبل هجمة الوزير غالى والدكتور هلال على رجل مهمته ايقاف نمو الفساد والاهمال فى وطن أزمته الكبرى أن كلاهما ينمو أمام أعيننا دون أن نجد من يلفت نظرنا الى الأمر.
لقد نفى الدكتور جودت الملط وجود نية لديه الجهاز المركزى للمحاسبات لاحراج الحكومة، مشددا على أن الجهاز جزء من الحكومة نفسها، وأنه لا يطمع فى رئاسة الوزراء، وانه باق فى منصبه لمدة أربع سنوات قادمة ما لم يجد جديد، وكلها تصريحات أعقبت الازمة مع الحكومة ولم تكن لتصدر لو لم يكن هناك من عاتب الرجل أو المح الى معارضته للحكومة، على الرغم من أن كل ما قاله الرجل لو تم التعامل معه بهدوء لقدمت الحكومة استقالتها، بدلا من الدفاع عن "العشوائية والتراخى" التى كشفها تقرير الملط امام مجلس الشعب.
لقد تفاعلت مصر من شمالها الى جنوبها مع "هجمة" الملط على حكومة نظيف، واعتبرها نواب الشعب المستقلون والمعارضون استمرارا لسيل الاستجوابات الذى تمت مناقشتها فى نفس القاعة، حول نفس القضايا التى طرحها تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات وكلها تصب فى خانة الفقر الذى ينهش والغلاء الذى يضرب بلا هوادة ودون أى قدرة أو ادعاء من حكومة "التجار ورجال الاعمال" بالسيطرة عليه، ووصل الامر الى قيام المحامى نبيه الوحش بتقديم بلاغ للنائب العام ضد وزير المالية يتهمه فيه بسب وقذف رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات المستشار جودت الملط ومطالبا بتعويض قدره 100 مليون جنيه، على أساس أن ما قاله الوزير حول تبعية الملط للبنك الدولى يظهره بمظهر عدم الولاء لوطنه وبلده، بعد أن أكد المحامى انه صاحب صفة، لأنه مصرى مدين بـ8679 جنيها، نسبته فى ديون الدولة التى بلغت "800 مليار" والتى دار حولها النقاش الحاد بين غالى ورئيس جهاز المحاسبات.

الأحد، ٢٧ يناير ٢٠٠٨

مشروع هزيمة

لا أمل ولا اكل عن مشاهدة فيلم "عايز حقى" للكاتب الكبير الساخر يوسف عوف رحمة الله عليه، فالفيلم العبقرى فى فكرته، الجيد فى تنفيذه جسد أفكار عديدة عن الفقر والجهل والتهور ولكن فى إطار يضحكك ويبكيك فى الوقت نفسه، ويصرخ فى نهايته بأننا نعيش فى وطن لا نقدر حجمه ولا نستطيع ادارته ولا نعرف قيمته.

رسالة فيلم "عايز حقى" نبعت من فكرة لامعة ملخصها أننا نعيش فى وطن لا نعرف عنه شيئا، ونغرق فى بحور من المواد القانونية بلا معنى ولا تجد من التنفيذ على أرض الواقع أى نصيب، والدليل مادة الدستور محور أحداث الفيلم، التى تعيد ملكية المال العام للشعب، بينما فى الواقع لم يعد هناك مال عام ولا ملكية ولا حق.

وفيلم عايز حقى الذى انتج عام 2003 لم يكن لا ابتسامة حزينة تعبر عن الواقع .. والواقع مؤلم، وبناء عليه كان مطلوبا من الدراما ان تجاهد لتوسع هامش الحرية الذى يكفى للتعبير عن ما وصلت اليه مصر.

وفى الوقت الذى لم تتوقف فيه أفلام العرى والتسطيح وتجميع الافيهات الهابطة، لم تتوقف السينما عن عرض مشاكل الشارع المصرى بكل ما فيه، فظهر مخرجون لديهم حس سياسي واضح ويصنعون أفلام الواقعية الصادمة .. أخرهم وأبرزهم خالد يوسف صاحب أفضل أفلام العامين الماضيين.

خالد كان له ظهورا قبل أيام على شاشة قناة المحور ببرنامج "صبايا" للمذيعة المتألقة ريهام سعيد، وكانت الحلقة تتحدث عن أهل الفن وشائعات التنازلات الفنية وبطلات العرى وحكايات الابتزاز الجنسي وعلامات الاستفهام حول صعود بعض النجمات العرب بسرعة الصاروخ والبدء بأدوار بطولة.

قطعا دافع خالد يوسف بغيرة عن مجتمع عمله .. ولم ينف وجود منحلين وفاسدين ومنحرفين به، مثله مثل أى مجتمع عمل، لكنه اختطف الحوار الى اتجاه اخر تماما بعد أن فرغ من الدفاع عن مهنته، فتوجه بسرعة الصاروخ الى السياسة، وأرجع طغيان تلك الأفكار الى الواقع المنهار الذى تعيشه مصر .. قائلا أننا نعيش الأن مشروع اضمحلال، وهزيمة .. ولا نمر بتجربة نهضة، وأن كل ما فى مصر يتراجع بدون استثناء، وأن فترات التراجع والاضمحلال هى التى تشهد التربص بالفكر والابداع، وتنظر الى لقطة عرى فى عمل فنى - يرى أن لها ما يبررها فى السياق الدرامى - تاركة الرسالة الكبيرة الواضحة التى يريد ايصالها.

كان الحوار مع خالد ممتعا .. وكشف عن وعى سياسي يسكن فى تلك الرأس الذى أخرجت أسخن أفلام 2007 وهما "حين ميسرة" و"هى فوضى" مع استاذه يوسف شاهين .. وللحق أقول أن التلميذ تفوق على استاذه، وساعده بهذا الحس السياسي رضاء شباك التذاكر قبل اعجاب النقاد المتخصصين.

فتحية احترام لخالد يوسف وجرأته ورؤيته التى من المؤكد أنها تصعب عليه الأمور أكثر من أن تيسرها، على ثقة بأن عقليته تلك لن تعجز عن ايصال رسائله بأقل عرى ممكن.

مصر بين توريث محتمل للحكم .. وتوريث مؤكد للفقر

- تقرير للكونجرس رصد استعراض الحكومة فى قمع المعارضة لتمرير سيناريو السيناريو المحتوم
- حكومة عبيد رفعت الدين العام من 217 مليار جنيه الى 510 مليار جنيه، وحكومة نظيف قفزت به الى 637 مليار
- لاجديد بملف التوريث سوى صراع مكتوم بين من ترعرعوا بمقرات الاتحاد الاشتراكى، ومن يديرون السياسة بنظريات الربح والخسارة
- اجمالى الدين العام داخلى وخارجى يقدر بـ 836 مليار جنيه ونصيب المواطن من الفقر والدين أكثر من 10 آلاف جنيه

استقر الرهان السياسي فى مصر مع نهاية العام الماضى، على أن عام 2008 هو موسم تسوية طبخة "توريث الحكم" بوضع التوابل والاضافات النهائية قبل تقديمها فى أبهى صورها سهلة الهضم والتنفيذ، فكل المقدمات التى طرحت نفسها على الواقع السياسي فى 2007 تؤدى الى هذا الرهان .. وأبرزها "عملية" تعديل 34 مادة من الدستور التى شهدت استعراض الحزب الوطنى بقوته البرلمانية من خلال تهميش مطالب كل القوى السياسية فى التعديلات .. وهجمة أزرعة النظام على الصحافة المستقلة فى أعقاب شائعة وفاة الرئيس مبارك.

ورغم زيادة فرص تنفيذ تلك "الطبخة"، وتراجع صوت القوى المعارضة لهذه "العملية"، الا أن التوريث الاكبر والمؤكد فى مصر الان هو "توريث الفقر" للشعب أصبح المصير الذى لا يخضع لاحتمالات ولا يقف على عوامل أو ظروف بعينها، وخاصة مع وصول الدين العام الداخلى فى مصر خلال الموسم المالى 2006/2007 الى 637.2 مليار جنيه، وهو المديونية التى على حكومات الحزب الوطنى المتوالية والتى اقترضتها من أفراد ومؤسسات لمواجهة الطوارئ التى صنعتها بقرارتها، او تحقيق أهداف لا تكفى لتغطيتها الإيرادات العامة من ضرائب ورسوم وايرادات سياحية وايرادات قناة السويس والبترول وكل ثروات مصر.

فى ملف توريث الحكم لم يستجد أمرا محوريا بخلاف زيادة نفوذ لجنة السياسات بالحزب الوطنى الحاكم تصاعد قوة رجاله وفى مقدمتهم رجل الاعمال أحمد عز أمين تنظيم الحزب، وهو الصعود الذى يبرز صراع التيارات بداخله كنتيجة حتمية لتغيير الدماء، وتغيير طريقة العمل بين رجال ترعرعوا فى مقرات الاتحاد الاشتراكى، وتنقلوا بين احزاب الحكم كتنقلهم بين غرفهم الخاصة، وبين رجال يديرون السياسة بنظريات الربح والخسارة.

قضية توريث الحكم كانت محل اهتمام تقرير رسمي صادر عن مركز أبحاث الكونجرس الأمريكى الاسبوع الماضى، الذى وصف الوطنى الحاكم بأنه حزب "نخب اقتصادية وسياسية"، وليس مؤسسة ذات "أيديولوجية"، وهو ما يعنى أنه حزب يقوم على رجال وليس على منهج واضح، وأن حكومته تستعرض عضلاتها فى عملية قمع المعارضة تمهيدا لتمرير سيناريو التوريث من خلال "استيلائه" على أكثر من 80% من مقاعد البرلمان، مع تأكيده على أن الحزب منى بخسارة فى الانتخابات البرلمانية التى اجريت فى 2005، مما دفعه الى ضم المستقلين الذين فازوا بمقاعد في البرلمان إلى صفوفه.

واذا كانت الاحتمالات تقودنا الى سيناريو انتقال السلطة من الرئيس الاب الى الرئيس الابن، فى ظل تأكيدات لا يجب اغفالها بالنفى المتكرر لما تعتبره المعارضة امرا مسلما به، الا أن العنصر المؤكد الوحيد فى مستقبل الشعب هو أنه محاصر بالديون، ومطالب بسداد فاتورة أخطاء الحكومات والمؤسسات الاقتصادية، خاصة مع وصول الدين المحلى الى هذا الرقم البشع والذى يمثل 87% من الناتج المحلى الاجمالى للمجتع المصري، ومع اضافة الديون الخارجية الى الدين الداخلى والتى تقدر بنحو 28 مليار دولار، فإن اجمالى الدين العام يصل الى 799.8 مليار جنيه بنسبة 109.4% من الناتج المحلي الإجمالى في نهاية يونيو الماضى، وفقا لتأكيدات الدكتور جودت الملط رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات فى مجلس الشعب مطلع الشهر الجارى، ليصبح نصيب المواطن من الفقر والدين أكثر من 10 آلاف جنيه.

بمعنى أننى وزوجتى وابنتى ان كنا نأمل فى مستقبل أفضل، وغد أكثر رفاهية يمكن ان نحلم به لأطفالنا، مطالبين بدفع ما قيمته 30 ألف جنيه، هو نصيب عائلتى الصغيرة من الدين العام الذى نعرف بديهيا أن واقعه الحالى لايساعد نهائيا ومهما فعلت حكومة نظيف ومن سيأتى بعدها علي زيادة معدلات النمو الاقتصادى ورفع هذا العبئ عن الاقتصاد القومي.

ووفقا لتاريخ الدين العام المحلى وحده على أن قفزته الاكبر كانت فى عهد الدكتور عاطف عبيد صاحب أشهر ابتسامة تفاؤل فى ديون رئاسة الوزراء والذى تسلم الدين العام مع توليه رئاسة الوزراء فى أكتوبر 1999 وحجمه 217 مليار جنيه من الدكتور كمال الجنزورى، وترك تركة ثقيلة لحكومة الدكتور أحمد نظيف بتخطيه حاجز الـ 510 مليار جنيه، فى حين تكفلت حكومة الاخير برفعه الى حدوده الحالية (637 مليار جنيه).

أما حكومة الجنزورى رجل الارقام الأول فى العالم، وصاحب الذاكرة التى أمطرتنا بالاحصائيات عن الاصلاح الاقتصادى المنشود على الهواء مباشرة، فكانت حكومته وراء ارتفاع الدين العام المحلى من 172 مليار جنيه الى 242 مليار فى 3 سنوات فقط تولى فيها المنصب العالى.

فى حين شهدت الاعوام الخمس الاخيرة من العمر المديد لحكومة الدكتور عاطف صدقى رحمه الله رفع الدين المحلى العام من 97 الى 172 مليار جنيه، وهى الارتفاع الأدنى مقارنة بمن جاءو بعده وكان قرار الاستدانة بالنسبة لهم، أسهل من قرار الموافقة على أراضى الدولة لشباب رجال الاعمال.

ما نريد قوله من تلك الاحصائيات أن المشكلة مزمنة، وتدرج زيادة الدين العام بالمقارنة بالناتج المحلى للمصريين خلال السنوات العشر الاخيرة فقط من 70% الى 87% ليس واقعا مفاجئا لأولى الأمر، بل هو مصير محتوم وواقع لا فرار منه، ويتطلب منذ عشرات السنين حلولا حاسمة تكفل السيطرة عليه.

مصر لم تترك موقع الريادة الذى بشرنا به الكبار قط، وحتى حتى فى حجم الدين الداخلى بها فهى من اكثر الدول العربية والاجنبية لأنها تقترض على أمل سد العجز المستمر فى موازنتها، دون أن تسعى لتقليص العجز من خلال ترشيد الانفاق الحكومى – تلك القصة المكررة التى مللنا من سماعها منذ فجر التاريخ – وليس للاستثمار فى مشروعات جديدة تضيف للناتج المحلى.

باختصار .. تلك هى الأرقام وهذا هو الواقع، ولا نذكره من باب التذكير بالمشكلة، لأن أوان التذكير قد مضى، ولكن المطلوب حلا سريعا يوقف هذا الغول الذى وصل الى مرحلة النمو الذاتى، بمعنى أن الدين ينمو باستمرار نتيجة تراكم الأقساط والفوائد حتى وان توقفت الحكومات عن الاستدانة، وهو أمر يصعب حدوثه مع استمرار نفس النهج الذى تدار به الأمور فى مصر.

واقتبس هنا جملة أعجبتنى لمشرف أحد المتديات المصري ويدعى أحمد حسين، يتسائل فيها عن هذا الرقم الضخم، وإلى أين ذهب، فإن كان قد استثمر فى استصلاح الاراضى الزراعيه لكانت ارقام التجارة الخارجيه تتحدث عن صادرات مصر، ولو استثمر فى العقارات لما كان هناك ازمه سكنيه، وان استثمرت فى السياحه لكانت ايرادتنا تفوق اسبانيا، واذا ما كانت قد استثمرت في التعليم لكان لدينا ثوره علميه، ولو بنيت بها المصانع مصانع لما كان لدينا عجز تجارى مع معظم دول العالم، وان انشأت بها الموانئ والمناطق الحره الحقيقيه لما كنا نحسد دبي على ما هى عليه.

عمليا بشرنا وزير المالية يوسف بطرس غالي باستحالة تخفيض الدين العام، لاستحالة من وجود فائض في موازنة مصر، بمعنى أن توريث الفقر مؤكد .. حتى وان تأجل توريث الحكم.
حسن الزوام

السبت، ١٩ يناير ٢٠٠٨

زنجى متهم بالاسلام والتعاطف مع الفلسطينيين والدعوة لمحاورة الأعداء


"أوباما"
بين مصير لوثر كينج ومقعد جورج واشنطن



لم يكن مارتن لوثر كينج داعية المساواة بين الزنوج والبيض فى الولايات المتحدة الامريكية فى منتصف القرن الماضى يعلم أن مبادئه التى حارب من اجلها والتى حصل عنها على جائزة نوبل للسلام، ستكون محل منازعة قد تكون فاصلة فى تاريخ الدولة العظمى بعد 40 عاما بالتمام والكمال على اغتياله.

فالثائر الاسود .. يعيش الان لحظات مجده مع زيادة فرص الزنجى "باراك أوباما" فى نيل ترشيح الحزب الديمقراطي للمنافسة على مقعد بوش الابن الذى سيخلو بنهاية العام الجارى، فى سيناريو ان حدث سيقف التاريخ الأمريكى أمامه كثيرا.

عملية استدعاء ذكرى كينج لم تقف على لون بشرة أوباما ولكنها امتدت لتصبح سلاح انتخابى فى معركة مرشحى الحزب الديمقراطي على أعتاب ولاية كارولينا الجنوبية التى يتجاوز عدد الناخبين السود فيها أكثر من النصف، وذلك بعد ان فسر أوباما تصريحات هيلارى بأن حلم مارتن لوثر كينج بالمساواة تحقق عند توقيع الرئيس الاميركي الراحل ليندون جونسون لقانون الحقوق المدينة عام 1964، بأنها أعادت الفضل فى القانون للرئيس الأبيض وليس للثائر الاسود، وهو ما اعتبر اهانة لكينج فى قبره.

أوباما الذى جاهد من قبل لابعاد تهمة الاسلام عن نفسه، استغل تلك الورقة جيدا، ورد على اتهامات هيلارى بأنه وراء هذا التفسير لتصريحاتها بقوله أن "المبدأ القائل إن ذلك من صنعنا (اى من صنع البيض) هو مبدأ سخيف"، فى حين اكد جيمس كلايبرن نائب كارولينا الجنوبية - صاحب أعلى منصب للسود بالكونجرس، أنه سيدعم أوباما، محذرا من عدم انتباه المرشحين للطريقة التي يتحدثون بها عن تلك المرحلة من السياسة الامريكية.

ويحاول أنصار أوباما الاستفادة بقدر الامكان من شعبية مارتن لوثر كينج فى الولايات المتحدة بعد هذه الواقعة، للخروج من فخ الاسلام الذى نصبته هيلارى لمنافسها بتأكيدها أنه من أصول اسلامية بحكم أن له جدة مسلمة، من ناحية أبيه الكينى المسلم الأصل (حسين أوباما) ، والذي توفي عندما كان باراك في سنواته الأولى، وأنه كان يعيش في أندونيسيا مع والدته وزوجها الثاني الأندونيسي المسلم أيضا ودرس بمدرسة إسلامية، وهو الاتهام الذى طغى على المتصارعين الذين ينتميان الى الحزب الديمقراطى الأكثر تمسكا بقيم التسامح والتعايش وحرية الأديان، وكأن وجود جانب إسلامى لمرشح سياسى، أمر محرم وخطر على الأمن القومي الأمريكى.

لذلك صعد معاونوا أوباما من تساؤلاتهم حول موقف هيلارى من الحريات الشخصية التي يضمنها الدستور الأمريكي، ومنها الديانة رغم النفى القاطع والتأكيد الجازم لأوباما أنه مسيحى كاثوليكى وليس مسلما فى الخفاء، خاصة أن الرئيس السابق بيل كلينتون زاد الطين بله على زوجته عندما شبه معارضة أوباما للحرب على العراق بـ"حكايا الساحرات" الاشارة دائما اليه بـ"الولد" مما أغضب الأمريكيون السود الذين اعتبروا هذه اللهجة محبطة.

وفى ظل هذا التصعيد العنصرى للمنافسة بين لون البشرة والديانة، أصبح التساؤل حول مصير أوباما وامكانية اغتياله.. على غرار ما حدث مع لوثر كينج أو "مالكوم إكس" الزعيم الاسلامى الأسود الذان تم اغتيالهما، وكلاهما كان من أشهر المناضلين السود في أمريكا، فى زمن كان الزنجى فى معظم الولايات هو ماسح الأحذية أو البواب.


وكان الأمريكيون السود يعانون العديد من مظاهر الاضطهاد والاحتقار فى منتصف القرن الماضى، خاصة من شركة الأتوبيسات التي اشتهرت بإهانة الزنوج، وتخصيص المقاعد الخلفية لهم، والسنماح للبيض وحدهم بالمقاعد الأمامية، وحق السائق فى أن يأمر الزنوج بترك مقاعدهم للبيض، حتى جاء اليوم المشهود مطلع ديسمبر 1955، عندما رفضت "خياطة" زنجية ترك مقعدها لراكب أبيض، ليستدعى لها السائق الشرطة، ويم القاء القبض عليها بتهمة مخالفة القوانين.

تلك كانت البداية .. التى انطلقت منها دعوة "مارتن لوثر كينج" الذى قام يتهدئة الغضب الاسود، مناديا بمقاومة لتلك القوانين بدون عنف أو دماء، فكانت الدعوة لمقاطعة شركة الأتوبيسات لمدة عام كامل فى وقت كان الزنوج يمثلون 70% من ركابها ودخلها السنوي.

ومع زيادة مكانة "كينج" تعرض عام 1956 لأول محاولة اغتيال، قبل أن يتم اعتقاله بتهمة الاضرار بشركة الاوتوبيسات، حتى صدر حكم قضائي ينص على عدم قانونية التفرقة العنصرية فى الحافلات العامة ليدعو "كينج" أتباعه بإنهاء المقاطعة، فيفرج عنه، ويتعرض لثانى محاولات اغتياله فى نفس العام على يد امراة بيضاء طعنته بفتاحة خطابات.

وبينما كان كينج يحاول مبادئه ضد العنصرية القى القبض عليه فى فبراير 1959 بتهمة التزوير في تقديم إقرارات ضريبة الدخل، قبل أن يتبين أن القضية كانت "مفبركة"، ليخرج من تلك القضية أكثر قوة وعزيمة، فيدعو الى سلسلة من المظاهرات عام 1962، رغم وجود حظر ضد التظاهر، فيتم اعتقاله وايداعه سجنا انفراديا، قبل الافراج عنه بكفالة.

كان كينج يبحث عن أزمة كبيرة تصنع التاريخ، فقرر وضع الاطفال فى الصفوف الأولى لمظاهرات الزنوج للمطالبة بالمساواة، وحدث ما كان يريده عندما ارتكب رجال البوليس بكلابهمالخطأ الفادح، باستخدام القوة ضد أطفال لم يزد عمر بعضهم عن السادسة، ليشاهد العالم صور كلاب البوليس وهي تنهش الأطفال، ليطلق كينج مفاوضات الأقوياء، ويقود مسيرة عام 1963 اشترك فيها 250 ألف شخص، منهم نحو 60 ألفا من البيضفى بأكبر مظاهرة في تاريخ الحقوق المدنية، اتجهت نحو نصب ليكولن التذكارى، الذى قال أمامه "إنني أحلم اليوم بأن أطفالي الأربعة سيعيشون يوما في شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوي عليه أخلاقهم".

لم يمر سوى عام حتى حصل كينج على جائزة نوبل للسلام فى عام 1964 لدعوته إلى اللاعنف، ويصبح أصغر رجل في التاريخ يفوز بهذه الجائزة فى سن الـ 35 عاما، ويواصل صحوته لمنح الزنوج مساواة يحلومن بها، الى أن تم اغتياله في 14 فبراير 1968 ببندقية متعصب أبيض يدعى جيمس إرل راى، حكم عليه بالسجن 99 عاما، وسط احتمالات بأن قد يكون الاغتيال مدبرا، وأن جيمس هذا ليس سوى أداة.

فهل يحظى أوباما بالمصير ذاته.. خاصة مع تلك الاجواء العنصرية التى تسود الانتخابات .. وعلى خلفية دعوته السياسية لمحاورة "الاعداء" لانهاء حالة الكراهية بين الشعوب، وتأكيده على أن "لا أحد يعاني أكثر من الفلسطينيين"، والحديث عن جذوره الاسلامية، فى مواجهة هيلارى التى تساند اسرائيل قلبا وقالبا وتأيد اعتبار القدس عاصمة للدولة اليهودية، الضيفة الدائمة على منظمة الإيباك أكبر منظمات اللوبي الإسرائيلى فى امريكا، وتدعو للحوار مع النظم المعادية كإيران بهدف معرفتها من الداخل ومعرفة كيف تمكن "هزيمتها".

نفق هايبر وان


كان البرد قارصا .. لكن دماء من أطاحت بهم سيارة شاب طائش انهمرت ساخنة وطازجة على اسفلت طريق محور 26 يوليو.. شاب فى الثلاثينات وأمرأة فى الخمسينات .. كلاهما محطم العظام غائب عن الوعى عاجز الا عن تحريك جفنه ان استطاع .. والروح تصارع للهروب من جحيم تلك الحياة التى تواجه فيه شبح الموت كل يوم.

ولم لا وطريق المحور أصبح مصيدة للموت .. ونادرا ما يمر يوم دون وقوع كارثة .. فإن لم يمت فيها أحد .. أصبحوا معوقين عاجزين محطمي النفس والأطراف .. ومع اكتمال اعادة تطوير وإصلاح الطريق .. بات الموت أقرب الى الجميع .. حتى أن الذين طالبوا بالامس باصلاحه .. يدعون الله ألا يكون ذلك مجلبة للموت.

فى الحادثة التى أشرت لها والتى وقعت مطلع الاسبوع الماضى .. اجتمعت كل العناصر .. شاب طائش يركب سيارة حديثة تدفعه للجنون .. وطريق غاية فى الخطورة أمام سوبر ماركت "هايبر وان"، حيث يعبر زوار الهايبر الى الضفة الاخرى للعودة بما اشترونه .. لكن فى بعض الاحوال تتحول جولة التسوق الى كارثة بسبب سرعة القادمين الى اكتوبر أو المتوجهين الى وسط المهندسين أو الطريق الصحراوى.

كان المشهد مؤلما مبكيا للضحايا .. كل من مر عليه توقف ليساعد .. حتى ان نجم مصر الاسطورى حسام حسن .. ظل يتصل بالاسعاف ولم يرحل الا وقد جاءت السيارات بعد نصف ساعة تقريبا لتحملهم الى مصير لا يعلمه أحد .. فى الزحام سمعت دعوات الغرباء للضحايا المحطمين .. ومحاولة لكتم البكاء من إمرأة تعبر نفس الطريق الخطر يوميا عسى أن يرحمها الله من المصير ذاته .. وهمهمات تطالب بحفر نفق من امام هايبر وان الى الضفة المقابلة أمام مدينة الخمائل .. لأن الامر يستحق .. ومصيدة الموت أمام السوبر ماركت العملاق تهدد الجميع .. تهديدا يزداد مع اصلاح الطريق وفتحه أمام المتسرعين والمتهورين للقتل المجانى.

ولأنى كثيرا ما سمعت خيرا عن رجل الاعمال محمد الهوارى مالك هايبر وان .. وأعلم الدور الانسانى والاجتماعى الذى يلعبه لخدمة المجتمع فإننى أوجه اليه الدعوة وأحمل اليه الرجاء، بأن يكون مبادرا للتواصل مع القيادات التنفيذية وعلى رأسها وزير الاسكان والتعمير المهندس أحمد المغربي، والدكتور فتحى سعد محافظ الجيزة وكذلك جهاز مدينة الشيخ زايد وحفر هذا النفق الذى سيحفظ أرواح زواره .. وليطلق حملة يساهم فيها بنصيب الأسد من التكلفة ويدعو زواره للمساهمة بالجهود الذاتية لاتمام المشروع على ان يتحمل جهاز المدينة أيضا حصته من العائدات الاستثنائية التى هطلت عليه بالمليارات من ارتفاع أسعار الاراضى والعقارات بعد افتتاح الهايبر والبدء فى بناء فرع الجامعة بجواره.

كلنا مسئولون .. ولن نلوم الا أنفسنا مع زيادة عدد الضحايا يوما بعد يوم مع افتتاح الجامعة فى مدخل المدينة، وأعتقد أن سكان الشيخ زايد بينهم من القادرين على تحمل تكلفة مشروع كهذا .. لكن الأمر فقط ينقصه المبادرة .. وأرى فى الهوارى رجلها .. فهل يستجيب؟

السبت، ١٢ يناير ٢٠٠٨

بكل فخر


فاجأنى الدكتور ابراهيم أبو العيش مؤسس مبادرة سيكم للتنمية البشرية، والمنبثقة عن كيان اقتصادى عملاق يمثل جزءا من مجتمع بشرى نالت طريقة ادارته جائزة نوبل "المستحدثة" كنموذج للحياة الحقة التى تدار وفقا لنظرية يسميها الرجل بـ"اقتصاد المحبة".

فاجأنى الرجل الكريم باستجابة لطلب ألححت به عليه منذ لقائنا الأول قبل 8 سنوات تقريبا، وهو توسيع النموذج الذى أغلق أبوابه على حدوده فى مزرعة عملاقة بالقرب من بلبيس بمحافظة الشرقية ليخدم البيئة المحيطة ممثلة فى 15 قرية مجاورة صحيا وثقافيا وتعليميا الى جانب تشغيل ابنائها حتى وصل عدد العاملين فى هذا الكيان الكبير الى أكثر من 2000 عامل.

كان أبو العيش يرفض متعللا بأن الكائنات الديناصورية أقرب من غيرها للانقراض، وأنه ينتظر من يأتى اليه ويطلب منه العون لتكرار النموذج فى ربوع مصر .. لكن أحدا لم يأتى .. فخاطبته فى تلك الزاوية أطالبه بألا ينتظر .. ولم أكن أحلم بأكثر من أن يستجيب الرجل.

ما عرفته أنه جمع رجاله .. ودرس الفكرة .. وفى النهاية بعد مداولات امتدت لأيام .. تم التوصل الى نتيجة مفادها أنهم فقط القادرون على تكرار التجربة بصورتها النموذجية كبيئة اقتصادية اجتماعية متكاملة .. وبناء على ذلك قرر شراء "آلاف الأفدنة" لتكرار التجربة فى كل من سيناء والواحات وجنوب الوادى.

سمعت كلمة "آلاف الأفدنة" .. فأصابنى "طرش" إرادى .. وودت سماعها مرة أخرى .. فكررها على مسامعى وشدد على أن سطرا معينا فيما كتبته هو الذى دفعه للتفكير فى هذا الأمر بجدية واتخاذ هذا القرار الهام، وكنت أخاطبه فى هذا السطر قائلا "لو انتظرت عشرات السنين ليأتى من يفعل مثلك .. فلن يأتى .. فتوكل على الله".

وقد حدث .. ووقع الاختيار على أكثر المناطق وعورة فى صحراء مصر من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى غربها .. للدخول فى تحدى جديد .. تحدى يخدم المصريين وينحنى تحت أقدام الوطن .. وأحلم أن تزرع التجربة الأمل فى قلوب بدو سيناء الغاضبون .. وتغرس المستقبل فى أرض الصعيد الفقير .. وتحصد الانجاز على أيدى أهل الواحات المسالمون.

حقيقة .. منحنى ابو العيش لحظة سعادة لن انساها على المستوى الشخصى .. لأن الاستجابة لم تكن من محافظ الاسماعيلية مثلا للموافقة على بيع سيد معوض للنادي الاهلى، ولا استجابة فنانة استعراضية بتغطية صدرها وتعرية سيقانها .. ولكنها كانت استجابة للسعى الى خلق مجتمع متكامل أخر على أرض مصر .. يقوم عليه أناس مخلصون محبون لوطنهم.

وكما كتبت من قبل معبرا عن "حسد حميد" لأبو العيش وهو يحتفل بعامه الثلاثين لتجربته الرائدة، أحسد الان سكان القرى المجاورة للكيانات الجديدة من الفلاحين والبدو والصعايدة ممن ستدخل المدنية حياتهم من أرقى أبوابها .. ونحن فى انتظار غرس أول نبتة فى الرمال القاحلة.

السبت، ٥ يناير ٢٠٠٨

عن المراة

أطرف ما جاءنى على بريدى الالكترونى هذا الاسبوع، كلمات عن المرأة .. والمراة قادرة على صناعة البسمة والدهشة وأغلب مشاعر الرجال، فإن لم تضحك عليها ..أضحكتك هى على نفسك، ما لم تضحك الناس عليك .. هى تلك القوة الجبارة الموجودة فى حياتنا نحن معشر الرجال.

الكلمات فى الرسالة تقارن بين وضع المرأة بين الرجال وفقا لسنها، وحالة الكرة بين اللاعبين فى عدد من الرياضات، وتقول أن المرأة فى سن العشرين ككره القدم، يسعى خلفها 22 رجل، وفى سن الـ 30 مثل كره السلة، يطاردها 10 لاعبين "طول بعرض"، أما فى سن الأربعين فهى ككرة البولينج، يجري وراءها رجل واحد فقط، فى حين أن بلوغها سن الخمسين يجعلها مثل كره التنس، يرميها كل واحد للثانى، بينما هى مثل كرة الجولف عندما تبلغ سن الـ 60 أنسب مكان لها هو أقرب حفرة.

وان كان تلك المقارنة خفيفة الدم، فإن أسخف ما كتب عن المرأة أن "أغبى واحدة تستطيع ان تخدع اذكى رجل"، وأنسب ماكتب هو ان "المرأة قلعة كبيرة اذا سقط قلبها سقطت معه"، أما أقرب ما قيل عن حواء الى الحقيقة أنها "إذا اختفت من القاموس .. لم يبق في اللغة كلام ذو معني".

ولأهمية المراة وتأثيرها فى حياة الرجل .. كتب كثيرون عن كل ما يتعلق بها، فقالوا عن دموعها أنها الطوفان الذى يغرق فيه أمهر السباحين، وأنها عندما تبكي تتحطم قوة الرجل، وقالوا أيضا .. لا تكف المرأة عن الكلام إلاّ لتبكي، وأن دموعها هى وسيلة هجومها على الرجل، ونصحوا بألا تخدعك المرأة بدموعها..لأنها دربت عينيها على البكاء .. قالوا كل هذا لكنهم تجاهلوا أسباب البكاء.

ولما تحدثوا عنها وعن الزواج تفننوا فى إظهارها مثل "دراكولا" فقالوا أن "المرأه قد تنقصها الشجاعة الكافيه للأنتحار لكنها لا تزال تضيق عليك وتضايقك حتى تنتحر"، وأنها ترى في "الرجل بطلا قبل الزواج واسيرا بعد الزواج"، رغم اقرارهم بأن "وطن المرأة: زوجها".

أكثر ما قيل عن حواء رومانسية أن قلبها مثل لؤلؤة تحتاج إلى صياد ماهر، والرجل يموت اذا ما شعر أنه صار صيادا فاشلا، ومشكلته مع الزواج أن يقرر اعتزال الصيد بارادته الحرة، ثم يندم بعد ذلك.. وعندما يندم لا يجد أمامه الا من كان سببا فى سحب ترخيص الصيد منه، فيقرر الانتقام.

كل من هاجموا المرأة فى كتاباتهم كانوا من الرجال .. لأنهم يعرفون أهميتها .. فلو لم تكن هى الاهم فى حياتهم ما كانوا ابدعوا فى وصفها والحديث عنها .. والتأريخ لمشاعرها .. قالوا أن "المرأة قد تصفح عن الخيانة ولكنها لا تنساها"، وأن "الرجل لا ينسى أول امرأة أحبها..والمرأة لا تنسى اول رجل خانها" .. وبالتاكيد قائل هذه العبارة رجل واجه غضب امراة تعرضت للخيانة.

قالوا كثيرا عن المرأة .. ولكن الحقيقة المؤكدة أن الرجل ليس أقل مكرا ودهاءا ونفوذا منها .. وتصويرها على أن الشيطان الاكبر خطأ أوقع الرجل نفسه فيه بكل أرادته ليبرر "ضعفه وخيبته القوية" وليظل الضحية فى مجتمع يحترم ضحايا هذا الصراع الأبدي بين أدم وحواء.
 
خد عندك © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates