-
اتبعني
تابعني على تويتر
-
التدوينات RSS
اشترك في خدمة RSS
-
فيس بوك
انضم للمعجبين في FACEBOOK
الثلاثاء، ١١ مارس ٢٠٠٨
3 أسباب وراء الموجة الثانية لتوظيف الاموال
عشرون عاما كانت الفارق بين انهيار شركات توظيف الاموال فى مصر عام 1988 وبين ظهور نوع اخر من توظيف الأموال.. اتشر بسرعة الصاروخ.. نوع من التوظيف ليس له مقومات ولا معدات ولا أصول.. يستثمر فهلوة عفاريت التوظيف الجدد.. ويبيع الهواء.. والخردة وكروت شحن التليفونات المحمولة أيضا.
وعلى الرغم من الاختلاف بين ما فعلته شركات توظيف الأموال وعلى رأسها الريان فى مصر ممن استوعبوا وقتها مليارا و137 مليون جنيه، مثلت نحو خمس ودائع الجهاز المصرفي، وبين ما يفعله مستثمرو أموال المصريين الأن.. الا أن الرأى العام يمنحهم بكل بساطة لقب "ريان" حتى يكاد "الريان" الأصلى - احمد ريان الاب الروحى لنشاط توظيف الاموال - يستغيث من فرط الاساءة اليه وتشبيهه بنصابين محترفين أو مغامرين جهلة.. استغلوا ثقة الناس ورغبتهم فى الثراء السريع.. ليسرقوا أموالهم، كما فعلت أسرت الحباك التى قامت بمقاضاة الصحف التى كانت تستخدم لقب الحباك للاشارة الى كل من يتسبب فى فساد ادارى أو اهدار للمال العام.
واذا كان عام 2007 قد شهد وقائع نصب على 3 آلاف مودع ضاع عليهم أكثر من 300 مليون جنيه فى شركات توظيف أموال وهمية، فإن عام 2008 الذى لم يمر منه أكثر من شهرين ونصف شهد سقوط "ريان الجيزة" ثم ريان الخانكة وريان القليوبية وريان مدينة نصر وقبلهم كان هناك ريان حلوان.. وبالتأكيد سيقع ريانون أخرون فى المستقبل القريب لأن الناس لا تتعلم ولا تفهم ولأن الحكومة ليست مهتمة بالتوقف أمام رقمين هامين للغاية و هما المليارات التى ذهبت لهؤلاء المغامرون بأموال الناس.. ورقم الودائع المصرفية التى لا تجد من يستثمرها أو يقترضها ليقيم بها استثمارات تدر عائدا للمودعين الذين توقف طموحهم عند مستوى الفائدة على الودائع فى البنوك.. والذى لا يتجاوز الـ 8%.. وهو العائد الذى لم يعد كافيا لمواجهة متطلبات الحياة وغلاء الاسعار.
ولعل ما يظهر حجم الكارثة أن شخص مثل خالد دياب "ثعلب حلوان" جمع خلال عامين أكثر من 300 مليون جنية من ضحايا يصنفون ضمن الصفوة فى المجتمع بحجة توظيفها فى تجارة الخردة "الدولية" وكالعادة ظل مغامر حلوان ينفق الفوائد بانتظام من الايداعات الجديدة التى لم تتوقف وبنسبة تصل الى 25% اى ثلاث أضعاف فوائد البنوك، بينما جمع عبدالله كامل "ثعلب الجيزة" 80 مليون جنيه من 400 مواطن، قبل ان يهرب الى السودان ويلقى القبض عليه هو اشقائه، بينما جمع أحمد صبحي "ثعلب الخانكة" 625 مليون جنيه لتوظيفها في تجارة كروت الشحن مقابل عائد 1% اسبوعيا، وهو تقريبا ضعف المبلغ الذى جمعه شريكه "ذئب القليوبية" 300 مليون جنيه من قرية واحدة لا يتعدى عدد أبنائها حوالى 15 ألف نسمة من مدخرات تم تجميعها لأفراد كانوا يعملون بالخارج ما زالوا يعملون في بعض الدول الخليجية، وممن خرجوا من الشركات التي تمت خصخصتها بنظام المعاش المبكر، وحصلوا على مكافأة نهاية الخدمة وآخرين قاموا ببيع أراضيهم وممتلكاتهم لاستثمار قيمتها في شركات توظيف الأموال، مقابل 3 مليارات جنيه جمعها "ريان مدينة نصر" من عدد غير معروف حتى الان من الضحايا.
وهناك ما لا يقل عن 3 عناصر تتشابه بين الموجة الاولى من موجات توظيف الاموال التى هبت على مصر بعد مرحلة الانفتاح الاقتصادي، والتى شملت شركات الريان والسعد والهدى مصر والشريف وغيرهم.. وبين الموجة الثانية من التوظيف الوهمي.. أولهما أن كل ما حدث كان تحت سمع وبصر الحكومة سواء بشكل رسمي او حتى غير رسمى.
فإذا كانت حكومة الدكتور عاطف صدقى قد باركت الموجة الاولى بافتتاح استثمارات شركتي "الريان"و"السعد" وسط زفة إعلامية تليفزيونية وبمساعدة وزراء أصبحوا مستشارين لدى هذه الشركات برواتب فلكية، وجذب نجوم الرأى العام والشاهير لاستثمار أموالهم في تلك الشركات مقابل عوائد استثنائية فيما عرف بكشوف البركة، فضلاً عن شخصيات دينية أصدرت فتاوي بشرعية نشاط شركات توظيف الأموال فى المرابحة، وكان فى مقدمتهم العالم الراحل الشيخ محمد متولى الشعراوى.
فإن النصابون الجدد سعوا الى الحصول على دعم مشابه ولكن من نجوم العصر الجديد.. فلجأوا الى وضع كشوف بركة جديدة لمطربى الفضائيات ولاعبي كرة القدم وفى مقدمتهم لاعبو نادى الزمالك.. على اعتبار أن لاعبى الاهلى مشغولون بالاستثمار فى البورصة.. وبالتالى حصلوا على الجماهيرية.. فكم مهما ان تظهر فى موقع ما بصحبة لاعب كرة حتى يشار اليك بالبنان.. فى حين لجأوا الى مسئولين لهم ثقلهم السياسي الكبير للحصول على الحماية، ويكفى أن يتم القبض على أحد هؤلاء ثم يفرج عنه بعد دقائق ليعطى انظباع بقوته ونفوذه وكلمته المسموعة ويده التى تطول أى جهة، وهو ما حدث فى حالة ريانى القليوبية ممن قيل أنهم مدعومين من وزير سياسي سابق له ثقل كبير فى مصر ويعد من أكبر مراكز قوى العهد الجديد، فى حين احتمى إسلام رضا ريان مدينة نصر بإبن وزير التنيمة الاقتصادية بهاء عثمان محمد عثمان وجعله وسيطا بينه وبين علية القوم من المودعين، قبل أن يفر هاربا.
وبالطبع لا يوجد ما يقنع كل من معه مال بالاستثمار لديه للحصول على عائد اقتصادي كبير.. أكثر من إبن وزير التنمية الاقتصادية.. فهذا معناه أن التنمية الاقتصادية التى ينتهجها.. أفضل بكثير من تلك التنمية التى يصدع أباه بها الناس صباحا ومساءا.. والا كان الابن قد استثمر ماله وفقا لأفكار أبيه وبمعدلات الاستثمار التى يوصى بها.. ولكن معنى أن إبن وزير التنمية الاقتصادية ترك كل فرص الاستثمار الرسمية فى الدولة التى يخطط لها أبوه من بنوك وصناديق استثمار وبورصة وفرص استثمارية وما على شاكلتها.. ولجأ الى الطرق الاستثمارية التى يتبعها إسلام رضا والتى لم يعرفها أحد يوما.
مستثمر الجيزة الذى استولى على قرابة الـ 100 مليون جنيه من ضحاياه لتوظيفها فى الانشطة العقارية كان له رأيا اخر فى طلب الدعم من ثقل سياسيى ووقع اختياره على جماعة الاخوان المسلمين، فالبرغم من انضضمامه للجماعة على يد القيادي الاخوانى السيد النزيلى أحد المتهمين فى قضية سيد قطب الشهيرة عام 1965 واعداد الجماعة له ليكون من كوادرها السياسية فى شعبة المنيب، وترشيحه فى الانتخابات البرلمانية القادمة، الا أن ثلث ضحاياه كانوا من الجماعة ومنهم قيادات الجيزة أنفسهم ممن قاموا بتأهيله، وتسهيل مأموريته نتيجة صلته بأعضاء الجماعة والمؤيدين لها من الملتزمين دينيا ولا يحبذون وضع اموالهم فى البنوك لاتهامها بالربا البين.. وكم يكفى الحصول على ثقة الملتزمين.. لتنهب أموالهم وأموال غيرهم.
اما العنصر الثانى المشابه فى موجتى توظيف الاموال أن كلاهما جاءا نتيجة تراجع الفوائد على الودائع فى البنوك، ففى الحالة الاولى ورغم أن سعر الفائدة على الودائع فى البنوك كان اكثر من 11% الا أن شركات توظيف الاموال ظهرت نتيجة ما قال الدكتور أحمد سيد النجار الباحث الاقتصادي المعروف بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية أنه يعرف بالفائدة السلبية، اى معدل الفائدة الأقل من معدل التضخم.. او بمعنى اخر أن يكون العائد الذى سيضاف على أصل المال المودع فى البنك.. أقل من القدرة الشرائية للمبلغ ذاته مضاف اليه الفائدة نتيجة ارتفاع الاسعار بمعدل أسرع من ارتفاع قيمة المال.
ففى فترة توهج شركات توظيف الاموال فى الثمانينيات كان معدل التضخم 20% فى المتوسط.. وبالتالى كانت الفائدة على الودائع، سلبية ولا تحفظ حتى قيمة المال بمرور الوقت.. فلجأ الناس الى أى وسيلة لاستثمار أموالهم وخاصة اذا كانت بمعدل 30% كما كان الريان والسعد وغيرهما يفعلان.. بينما فى الوقت الحالى الذى لم تتجاوز فيه الفوائد المصرفية حاجز الـ 8% سجل التضخم معدل يتجاوز الـ 15%.. وهو ما اعاد موجة البحث عن ملاذ آمن يحفظ قمية الاموال بعيدا عن صدمات البورصة التى تدار لصالح كبار العملاء وعمليات الطرح العام لشركات مثل مدينة الانتاج الاعلامى والمصرية للاتصالات التى منحث مستثمرى البورصة الصغار مبررا قويا للابتعاد عنها.
أما وجه الشبه الثالث بين موجتا توظيف الاموال فهو شيوع ثقافة الثراء السريع على وقت انتشار الظاهرة.. فكام كان الانفتاح مدخلا للثراء السريع لكل من حصلوا على كل الامتيازات التى قدمها نظام الرئيس السادات، ليصنعوا اقتصادا استهلاكيا يصنع اللبان والمنتجات الغذائية المعلبة.. صنعت الامتيازات التى قدمتها حكومات الرئيس مبارك.. رجال أعمال يستثمرون أموال البنوك بل ويهربون بها، وسط صعود غير محدود لأسماء لم تكن شيئا وأصبحت كل شئ فى زمن قياسي، ويكفى النظر الى قائمة كبار رجال الاعمال فى مصر اليوم.. ومراجعة وضع عناصرها قبل 15 عاما على أقصى تقدير.. لمعرفة الثقافة التى تنتج من الحالتين.. والتى تجعل قرية ينحت الفقر ملامحها بـ"أزميل".. تخرج مئات الملايين لاستثمارها فى تداول كروت شحن الموبايل.. بينما الموبايل نفسه بشحمه ولحمه لم يكمل فى مصر عشر سنوات، وربما لم يدخل القرية نفسها الا قبل شهور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق