لم أصدق نفسي وما زلت، ولم أكن يوما فى غاية السعادة بعملى الصحفى وانتمائى لنقابة الصحفيين، بقدر السعادة التى رفرفت على هذه الأيام بعد المصير الذى ستؤول اليه حياتى لو نفذ زملائي الصحفيون وعودهم التى أحتفظ بها مطبوعة على أوراق يسميها هؤلاء برامج ويتراوح مستوى طباعتها بين الفخامة والفقر البين.
كل شئ يمكن أن يحلم به شخص مثلى يحمل الجنسية المصرية موجود فى هذه الاوراق، فإذا كنت احلم بشقة أوسع أستطيع أن أمدد بها قدمى مرتاحا دون أن تتعثر طفلتى فيها بالصالة، فإن حلمى سيصبح مستطاعا وفى المتناول وبإمكانى الاختيار بين الانتقال للسكن فى مدينة السادس من أكتوبر أو بالتجمع الخامس أو القاهرة الجديدة، واذا "وسعت معايا شوية" وتمنيت و"لا يكتر على الله" أن ابنى بيتى بعيدا عن مرمطة الدولة لشبابها فى مشروع "ابنى بيتك" فإن الحصول على قطعة ارض للبناء فى المدن الجديدة متاحا من واقع برامج الاخوة الزملاء.
لم أصدق نفسى وانا أرى الكاتب الكبير الذى كنت أظنه من أثرياء المهنة يذيل رسالته لى على موبايلى انا العبد الفقير بقوله أخوك فلان الفلانى.
لقد طبع على خدى هذا الذى سيأكله الدود، عشرات من قبلات كبار وصغار الكتاب والاكاديميين والسرّيحة التائهين فى دروب "السبابيب" الصحفية بحثا عن اكل العيش، وحصلت على وعود بحرية بلاسقف وكلمة بلا سجن، ومعلومة متاحة وقتما شئت، وميثاق شرف يراقب انحرافات من يسيئون الى المهنة ويحاسبهم قبل أن تسجنهم السلطة، ومرتب أدمى يرحمنى من البهدلة، وتصدى نقابى حقيقى لتصرفات الادارة - أى إدارة – معى، وتحمينى من الفصل التعسفى، وسأنال تدريبا مستمرا بلا انقطاع يطور مهاراتى ويعدد مواهبي لأننا فى وطن لا يعترف الا بالقدرات والملكات الخاصة ويقدر الموهوبين، وسأحصل أيضا على علاج مجانى فى مستشفى للصحفيين فقط، ودواء مدفع الثمن من النقابة، ومعاش يرحم شيخوختى، وسيارة وشاليهين للتصييف "واحد فى سيناء والتانى فى الساحل الشمالى" ومستشفى أزرع فيها أسنانى وضروسي التى أكلتها القطة وأرمم "سقف بقى" الذى أوشك على الانهيار وأنا فى ريعان شبابي، وكمان فدادين أزرع فيها ما آكله وأصدر ما يفيض الى أوروبا والدول المتقدمة.
وفقط لأنى صحفيا لن أذهب الى السجل المدنى ولا ادارات المرور لأنها ستنتقل الى مبنى النقابة، ولا مكاتب الصحف العربية لأن النقابة ستؤسس وكالة أنباء ترحم الصحفيين من "البهدلة فى البيوت" وصحف بير السلم، وسأحصل على تخفيضات فى اسعار مستلزمات المنزل وجهاز العروسين، وأصرف الزيت والسكر والدقيق والصابون من شارع عبد الخالق ثروت، وسأوفر أكثر من ربع المصروفات التى أدفعها لابنتى عندما تدخل المدرسة، وكذلك الجامعة أذا ما منحنى الله عمرا أطول، وفوق هذا كله سيتجاوز المبلغ الذى أخذه كبدل تدريب وتكنولوجيا من النقابة حدود الـ 400 جنيه.
حقا لو لم أكن صحفيا لوددت أن أكون صحفيا .. وألف مليار شكر للزملاء الذين منحونى أمل فى الحياة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق