• أمام ثورتنا .. أسئلة كبيرة .. لا تقف عند السلفيين وضرباتهم .. ومصير المسلمات الجدد .. وملاعيب الإخوان .. ومناورات الثورة المضادة .. وتوهان القوى السياسية .. ولخبطة أولى الأمر .. وأهم سؤال هو مصير هذا الوطن .. مصير مصر بعد 25 يناير الثورة
  • لست ضد النوايا الطيبة للشيخ حسان وتابعه الشيخ صفوت حجازى وجولاتهما المكوكية فى ربوع مصر لحل ما استعصى على الدولة وما صعب على الحكومة وما فشل فيه أولى الأمر، لكن الدولة دولة قانون
  • أعرف جيدا .. أننى حزين الأن .. لإقتران لقب "أبو العيش" بأمور فساد مالى وإدارى .. بعد أن كانت مثالا للإقتصاد الرحيم .. والتنمية التى لا تنقطع .. ونشر الثقافة .. والتوعية بقضايا البيئة .. والأعمال الخيرية .. وأتمنى من الله .. أن تزول تلك الغمة بظهور الحق وبيان الحقيقة التى لا يحتكرها أحد الان
  • وبين الأب الذى "لم يكن ينتوى" .. والإبن الذى "كان ينوى" .. كانت هناك شهورا قليلة فاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية نفسها .. ولكن أيا منهما لم يكن قد أعلن عن تلك النوايا وكأن مصر ستظل أسيرة نواياهما
  • بينما أولئك المُصنفون "فرز تانى وتالت ورابع" من لصوص ومنافقين.. يحاولون تبديل وجوههم وتغيير مبادئهم وسلخ جلودهم القديمة كالثعابين والأفاعى

الجمعة، ٣٠ نوفمبر ٢٠٠٧

المرشد والاستاذ والمشاغب والعنيف والطريد والوصيف والذئب العجوز

7 رجال يكرههم النظام
على الرغم من تباين توجهاتهم وطموحاتهم والخلفيات القادمين منها أو المبادئ التى يعبرون عنها، يجتمع هؤلاء على أمر واحد وهو ان جميعهم لا يحظون بحب النظام ولن نقول أنهم يحصدون كراهيته المطلقة، فهم إما معزولون فى الداخل او معتقلون فى السجون أو مهددون بالمصير المشئوم، وبعضهم مطارد فى الخارج خشية الوقوع فى فخ الحسبة السياسية، ومنهم من يطمح فى السلطة ومنهم من ينتظر.

انهم الرجال الموصومون بالعار السياسى من النظام، الملاحقون دائما .. تحسب عليهم أنفاسهم .. تحركاتهم .. تصريحاتهم .. نقاط الحبر التى تعبر عن أفكارهم .. هتافات الحناجر التى تنادى أسماؤهم .. وذاكرتهم التى تحمل شفرة التاريخ بكل مراحله .. وفى التاريخ عبرة.. وفى العبرة مقارنة .. والمقارنة أحيانا لا تروق للبعض.


محمد حسنين هيكل .. "الاستاذ"

كثيرون الذين تحدثوا عن توريث السلطة من الرئيس مبارك الى نجله جمال.. لكن تصريحات محمد حسنين هيكل وحدها كان تجاهلها أمرا غريبا معيبا من النظام .. لدرجة ان تقارير خرجت تتحدث عن ارتباك فى مؤسسة الرئاسة بسبب ما قاله هيكل عن أن عملية التوريث سوف تتم خلال العام الحالى 2007، وأن الارتباك كان مصدره معرفة من الذى نقل تلك المعلومات لهيكل التى لم تعتبر كلماته مجرد تصريحات ولكنها معلومات يجرى تداولها فى الدائرة الضيقة المحيطة بأروقة السلطة فى مصر.

ولا أعتقد أن تلك التصريحات لو كانت خرجت من غير هيكل لما كان التعامل معها سيخلق ارتباكا وأن يتم التعامل معها كمعلومات مؤكدة، ولكن لأنه هيكل الذى عاصر الزعيم جمال عبد الناصر وساهم فى صنع زعامته وكان الصحفى الاستثنائى فى بلاط الحكم فى تاريخ مصر، ولأنه كان الرجل الذى ساهم فى تشويه صورة السادات بسطوته الاعلامية وخاصة عبر كتابه "خريف الغضب".

لهذه الأسباب تعد ذاكرة هيكل وقدرته على اجترارها، هى مشكلته مع النظام حاليا .. فالمواقف التى تحملها، قابلة للرجوع اليها فى كل وقت، واستدعائها مع كل موقف ومقارنتها بالواقع .. والواقع لا يخفى على احد من حيث الدور المصرى والحال فى عواصم العرب.

لهذا يعانى هيكل عزلة داخلية من الاعلام الرسمى، بل ويلقى الهجوم من الصحف الحكومية، بسبب تصريحاته بل وأسماء المحاصرون فى مؤسسته "مؤسسة هيكل للصحافة العربية"، وكانت أخر الهجمات قد تلت مقال روبرت فيسك بصحيفة الاندبندنت بعنوان "محمد حسنين هيكل.. رجل الشرق الأوسط الحكيم" والذى نقل فيه عن هيكل قوله، أن الرئيس مبارك يعيش عالماً من الخيال فى شرم الشيخ، وانه لم يكن مجهزاً أبداً للسياسة، التى بدأها فى الخامسة والخمسين عندما عينه السادات نائبا له قبل اغتياله.

العلاقة المتوترة بين هيكل والنظام بدأت منذ الافراج عن رجال اعتقالات سبتمبر الشهيرة بقرار رئاسى، ولقاء الرئيس بهم، قبل أن يتحول مكتب هيكل المطل على النيل الى قبلة للمثقفين القلقين على مستقبل مصر، وازداد التوتر بمنع "كتاب خريف الغضب" من دخول مصر عام 1983 فى أعقاب نشره خارج مصر والذى تضمن هجوما على شخص وسياسات السادات، فى وقت كان فيه الرئيس الراحل يلاقى اتهامات بالخيانة من أنظمة عربية معينة.

ظل هيكل يتنقل من هنا الى هناك وتواصلت تصريحاته عن النظام ومنها عام 95 أثناء أزمة قانون الصحافة الشهير حين قال هيكل فى رسالة بعث بها لمجلس نقابة الصحفيين "إن القانون تعبير عن أزمة سلطة شاخت فوق مقاعدها" وانتقل كلمات هيكل بسرعة الصاروخ، وكذلك تصريحاته عن عدد المعتقلين السياسيين التى كمانت الاولى من نوعها، وتأكيده على وجود 150 ألف خط تليفونى تحت المراقبة فى ذروة مباهاة النظام بالحرية التى يمنحها للشعب.

تلقى هيكل الدعوة للظهور فى التليفزيون المصرى أكثر من مرة قبل أن تلغى الدعوة بسبب اصراره على الحديث فى الوضع الحالى وليس التاريخ، فى حين لم يحتمل النظام ظهوره اسبوعيا على قناة دريم الخاصة، فتم ايقاف البرنامج بعد عدة أسابيع، ولم تكرر التجربة، ليجد خيكل موضعا له فى قناة الجزيرة القطرية من خلال اطلالة اسبوعية يضرب من خلالها اسبوعيا ضربات موجعة، رغم أنه كان قد قرر اعتزال الكتابة عندما بلغ الـ 80 فى اعقاب اصابته بمرض عضال.

أيمن نور .. الوصيف

لم يكن أيمن نور فى حالة عداء فطرى مع النظام قبل أن يؤسس عام 2004 حزب الغد ويقف فى صورة استعراضية مع مجموعة من الأسماء السياسية والبرلمانية اللامعة بوشاح برتقالى تيمنا بالثورة البرتقالية فى أوكرانيا الذى تم الاطاحة بنظامها الدكتاتورى من خلال ثورة شعبية وبدعم امريكى.

فأيمن نور كان صحفيا جريئا حينا .. ومتوازنا احيان اخرى .. وكان برلمانيا مشاغبا فى أكثر الأحيان .. ومتفاوضا فى بعض الاوقات .. لكن رسالته فى تأسيس الحزب لم تكن مناسبة للنظام وكانت علامة تحدى لم يكن قادرا على تحمل نتائجها.

كان نور دوما واحد من المحظوظين بلقاء المسئولين الامريكان .. فخرجت الاتهامات تشير الى عمالته لواشنطن وانه يننفذ أجندتها المعلنة من خلال سياسة الفوضى البناءة، وكان ذلك كفيلا باعلان الحرب عليه من وسائل اعلام الدولة .. لكن نور نجح فى فترة وجيزة فى النزول الى الشارع مستغلا ذروة الضغط الامريكى على النظام المصرى للقبول بالديمقراطية وحق المنافسين السياسيين فى التحرك بحرية.

ولكن قبل أن تمر ثلاثة شهور يتهم نور بتزوير توكيلات تأسيس حزبه وترفع عنه الحصانة البرلمانية ليقدم للمحاكمة، فتضغط أمريكا وتطالب بالافراج عنه لخوض الانتخابات، وتؤجل وزيرة الخارجية زيارتها للقاهرة حتى يتم الافراج عنه بكفالة، وفى مارس 2005، وفى مانشيت عملاق فى صدر العدد الأول من جريدة الغد الناطقة باسم الحزب الوليد يعلن نور ترشيح نفسه فى مواجهة الرئيس مبارك على رئاسة الجمهورية وهو على ذمة قضية تزوير التوكيلات، ثم يطوف المدن المصرية منتصبا ومهاجما نظام مبارك بضراوة شديدة وسط مؤيديه لينال مرتبة الوصيف فى تلك الانتخابات، وفى الإعلان صريح بأنه صار يمثل أكبر حزب معارض فى الحياة السياسية المصرية.


لم ينته عام 2005 وفى ديسمبر يقف زعيم حزب الغد فى قفص الاتهام مثل الأسد الجريح بعد أن ضاعت منه حصانته البرلمانية بلا رجعة فى انتخابات مجلس الشعب عام 2005 امام ضابط أمن دولة سابق، لتحكم عليه المحكمة بالسجن خمس سنوات، وهو فى محبسه يحدث انشقاق فى حزب الغد، يقوده وكيل مؤسسى الحزب موسى مصطفى، وتسمح الدولة بحزبين للغد وجريدتين للتعبير عنه فى سابقة لم تحدث من قبل.

وبينما يواجه نور امراضه "السكر والضغط والقلب" داخل السجن دون الامل فى خروج مبكر ليكتب عليه قضاء مدة العقوبة كاملة حتى عام 2010 قبل عام واحد من انتخابات الرئاسة القادمة، سلبت لجنة شئون الأحزاب من تياره فى حزب الغد الشرعية ومنحتها للجبهة التى انشقت عليه بقيادة موسى مصطفى .. ليفقد كل شيء حزبه ومقعده البرلمانى وحريته وحتى الامل فى الخروج لأسباب صحية.

ابراهيم عيسى .. المشاغب

بين ابراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور والنظام مشكلة ظلت عالقة لعدة سنوات .. فبينما كان الصحفى المشاغب فى أوج تألقه هو يصيغ واقعا جديدا يكسر رتابة العمل الصحفى فى مصر فى تجربة الدستور الاولى منتصف التسعينات أخذ النظام قرار ايقافه عند حدوده بإيقاف المطبوعة بعد نشرها لبيان اعتبرته الحكومة مثيرا للفتنة، ومنع تجهيز وطباعة الصحف القبرصية فى مصر.

كان ابراهيم عيسى - الذى عرف عنه جرأة أفكاره الى حد الشطط لدى البعض - نشازا فى تجربته الأولى وهاجم الحكم والحكومة كما لم يكن واردا فى تلك السنوات، ونقل عنه كلمات فى حق السلطة- أو هكذا قيل - وأدت الى توقف المطبوعة.

وعلى طريقة فيلم عنتر ولبلب بين عيسى والامن ظل الصحفى المشاغب يتنقل من مطبوعة الى اخرى محاولة احصول على إصدار .. وعندما فشل .. لجأ الى الكتب التى يهاجم فيها النظام بطرق غير مباشرة مثل "الملك فاروق" ورواية "مقتل الرجل الكبير"، ورواية "أشباح وطنية".

ووصلت ذروة المطاردة الى حد اتمام عملية سطو سلمى "غير معلن" على صحيفة الديمقراطية التى تصدر عن حزب الشعب الديمقراطى الذى كان يرأسه وقتها أنور عفيفى ويرأس تحريرها عبد النبى عبد الستار رئيس تحرير جريدة الغد حاليا، وإصدار عدد تاريخى خاطف تضمن حوار مع الفريق أبو غزالة الذى لم يكن ظاهرا فى تلك الفترة ولا زال، وشمل العدد هجمات غير محدودة على الحكومة والحكم.

لم تتكرر تجربة عيسى مع صحيفة "الديمقراطية" وفشل كل مشاريع اصداراته وامتهن الكتابة فى بعض الصحف الخاصة، حتى عادت الدستور الى الظهور عام 2006 ليخرج عيسى كل ما فى جعبته من معارضة للنظام، ووصل الامر الى حد اتهام الدستور بأنها لسان حال جماعة الاخوان المسلمين التى يعتبرها النظام جماعة محظورة وفقا للقانون، الى حد اتهامه بالسب والقذف والتحريض والإهانة والتطاول على رئيس الجمهورية، وصدر الحكم ضده فى يونيو 2006 بالحبس سنة مع الشغل وكفالة 10 ألاف جنيه، قبل أن تخفف محكمة الاستناف الحكم الى غرامة مالية كبيرة.

وتصل العلاقة بين النظام وعيسى المصر على مهاجمة الرئيس مبارك وعائلته بلا كلل ولا ملل الى ذروتها فى اعقاب نشر الدستور اليومية اخبار عن صحة الرئيس، اعتبرها بعض المحامون كاذبة ومضرة بمصلحة مصر وأمنها ومستقبلها واقتصادها، ليواجه عيسى المحاكمة التى أجلت إلى يوم 14 نوفمبر المقبل بتهمة نشر أخبار كاذبة، ولا يعرف أحد ما هو المصير الذى سيؤل اليه.

عبد الحليم قنديل .. العنيف

قبل الفورة الاعلامية التى صاحبت موجة الديقراطية المفاجئة على بر مصر فى عام 2005، كان الدكتور عبد الحليم قنديل رئيس التحرير التنفيذى لجريدة العربى، هو اعنف الصحفيين هجوما على نظام الرئيس مبارك، واول من هاجمه شخصيا لا بحكم منصبه، وكان الأكثر شراسة فى استخدام الألفاظ ضد المنصب الرفيع، غير معترفا بقدسية ولا تبجيل.

كان قنديل يكتب مقالا اسبوعيا فى الصفحة الاخيرة لجريدة الحزب الناصرى، وكانت مقالته من اعنف ما يمكن كتابته فى تلك الاوقات (2000 - 2005)، وكان اول من هاجم التوريث بشدة وهاجم وزارة الداخلية وكذب رواياتها أكثر من مرة، كما كان أبرز مؤسسى الحركة المصرية من أجل التغير "كفاية"، التى تأسست فى منتصف عام 2004 للتحرك ضد توريث السلطة فى مصر والمطالبة بالإصلاح الشامل وتداول السلطة، الى جانب اعتباره واحد من اكبر معارضى السياسة الامريكية وسياسة مصر تجاه القضايا العربية.

وبقى شهر نوفمبر عام 2004 هاما لدى قنديل نفسه .. ففيه تعرض رئيس التحرير التنفيذى للاختطاف فى ساعة متأخرة يوم الإثنين مطلع نوفمبر 2004 أثناء عودته إلى منزله فى الهرم على يد مجهولين قاموا بضربه وتجريده من ملابسه وإلقائه فى الصحراء، بعد تهديده بالقتل ما لم يتوقف عن شتائم الكبار.

اشعل الاعتداء على قنديل غضب الصحفيين فتجمعوا وعلى رأسهم النقيب، أمام مكتب النائب العام مطالبين بالتحقيق فى الواقعة باعتبارها "عدوانا خطيرا على حرية الرأي"، واعدات للذاكرة واقعة ضرب الكاتب جمال بدوى رئيس تحرير صحيفة "الوفد" المعارضةفى ذلك الوقت، قبل نحو 9 أعوام على طريق صلاح سالم، وكذلك واقعة الاعتداء على مجدى حسين رئيس تحرير صحيفة "الشعب" المجمدة فى ذروة الخلافات بينه وبين وزير الداخلية السابق حسن الألفى فى نهاية التسعينيات، وضرب الصحفى محمد عبد القدوس فى 21 يونيو 1995 خلال أزمة قانون الصحافة رقم 93 لسنة 1995.

وعندما انتقل قنديل الى جريدة الكرامة المعبرة عن حزب الكرامة القومى "تحت التأسيس" هاجم الرئيس وأسرته بضراوة وتسبب فى ازمة كبيرة بسبب مانشيتات الجريدة، حتى اتهم تقرير المجلس الأعلى للصحافة الجريدة بإهانة رئيس الجمهورية، ووصلت الى حد الاطاحة به من رئاسة تحرير الكرامة، حيث أكد قنديل وقتها أن رئاسة الجمهورية ممثلة فى شخص رئيس ديوانها الدكتور زكريا عزمى، ووزير الإعلام أنس الفقى، وجهاز أمن الدولة طالبوا صراحة بإبعاده عن منصبه قبل أن يتقلده منذ عام ونصف العام، وقوبل الطلب بالرفض القاطع، إلا أنه ومع مرور الوقت تآكلت حصانة الرفض لدى الجريدة، وخضعت للضغوط التى مورست عليها.

مهدى عاكف .. المرشد

بين القوى السياسية مجتمعة يظل منصب المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين هو الاكثر كراهية من النظام وخاصة حين يكون رجلا مثل مهدى عاكف، لأكونه صاحب التصريحات التى لا تتمتع بأى دبلوماسية ولا كياسة، فى مواجهة أكثر الملاحقات عنفا للجماعة المحظورة امنيا وسياسيا، وسيطرت عليه طباعه الشخصية التى جاءت متأثرة بتاريخه كقيادى تنظيمى تعرض للاعتقال أكثر من مرة، وباعتباره من الحرس القديم للجماعة.

كانت الجماعة هى الاكثر استفادة من انتخابات 2005 وحصلت على 88 مقعد برلمانى فى مجلس الشعب، وبسبب ذلك شهدت بعض الدوائر تضييق أمنى شديد لمنع باقى مرشيحها من حصد الدوائر.

وظل الصراع بين النظام والجماعة يتصاعد فى ولاية عاكف، ولم تتوقف المطاردات والاعتقالات وتقديم القيادات إلى المحاكمات العسكرية، ومصادرة أموال بعض مليونيراتها واتهامهم بغسل الأموال، حتى وصل الامر الى ذروته بتاكيد الرئيس مبارك على أن الإخوان خطر على أمن مصر.

فمنذ تولى محمد مهدى عاكف منصبه عام 2004، كانت البداية استعراض قوى كبير فى جنازة المرشد السابق مأمون الهضيبى اعلانا بأن السياسة أصبحت هى وقود الجماعة، فأعلن بعد أسابيع من توليه الارشاد عن "مبادرة جماعة الإخوان المسلمين للإصلاح الداخلى بمصر"، التى ركزت على سرعة الاصلاح من المنظور الإسلامى، مع تبنى آراء أكثر انفتاحا تضمنت قبوله بعضوية الأقباط داخل الجماعة وأبدى استعداده للتحالف مع الناصريين والشيوعيين إذا استدعى الأمر.

مارس المرشد ونوابه الـ 88 ضغوط شديدة على الحكومة والنظام، ومارس النواب رفضا ملفتا لانظار العالم للتعديلات الدستورية والتشريعية والاخيرة، ليصبحوا أكبر نقطة ازعاج من المعارضة مجتمعة رغم اعتبارها جماعة محظورة.

وعلى الرغم من الضربات الامنية المتتالية للجماعة المحظورة، بقيت لديها دائما قدرة تنظيمية أكبر من أى قوى سياسية شرعية، وتعتبر كافة الدوائر السياسية ان الجماعة فى عهده اصبحت البديل الوحيد الموجود للنظام الحالى، وهكذا تعامل الغرب مع الموضوع برمته.

سعد الدين ابراهيم .. الطريد

حينما التقى الرئيس الامريكى جورج بوش، بالدكتور سعد الدين إبراهيم استاذ الاجتماع السياسى ورئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية على هامش لقائه بالمعارضين وناشطى الديمقراطية المشاركين فى مؤتمر الديمقراطية والأمن فى العاصمة التشيكية براغ، كتبت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية أن الرئيس مبارك أبدى غضبه الشديد من سعد، بسبب تحركاته ضد النظام المصرى ومشاركته فى مؤتمرى الدوحة وبراغ حول الديمقراطية، ومطالبته الرئيس الأمريكى بالسعى لإلزام الرئيس بالوفاء بوعوده الديمقراطية، وربط المساعدات التى تتلقاها مصر بتنفيذ هذه الوعود والإفراج الفورى عن جميع المعتقلين السياسيين، لدرجة تأكيد الصحيفة الامريكية أن مسئولين اقترحوا على سعد مغادرة البلاد حتى يهدأ الرئيس.
وعلى الرغم من أن سعد عبر شعوره بالإحباط والخيانة من جورج بوش، لأنه لم ينفذ وعوده بعد أن تعرض للخداع، والخوف من تهديد الإسلاميين، الا أن ابراهيم اتهم بالخيانة والعمالة والإضرار بالاقتصاد المصرى بتحريضه الإدارة الأمريكية على وقف الدعم المالى الأمريكى لمصر، ورفعت عليه أربعة قضايا تصل عقوبة كل تهمة فيها الى السجن ثلاث سنوات، وهى القضايا التى رفعها سياسيون ومحامون وينظرها ينظرها القضاء حاليا، ويواجه فيها شبح السجن الذى مر به خلال تجربة مماثلة فى أول مواجهة حقيقية مع النظام، بعد أن قبض عليه فى يونيو 2000 هو 17 من باحثى مركز ابن خلدون، وووجهت له اتهامات ببث معلومات كاذبة من شأنها الإضرار بالمصالح المصرية، والحصول على معونات من جهات أجنبية بدون ترخيص، والنصب على الاتحاد الأوروبى وسلب أمواله دون وجه حق، وحكمت محكمة لأمن الدولة العليا عليه بالسجن مع الأشغال الشاقة.

وقتها .. هوجم سعد بشدة من الصحف التى اتهمته بالعمالة لأمريكا، التى دافعت عن مواطنها الذى يحمل جنسيتها ومتزوج من امراة أمريكية ظلت صامدة بجواره، لدرجة ان إدارة الرئيس الأمريكى جورج بوش قررت تجميد المعونات الاقتصادية الإضافية المقدمة إلى مصر حتى يتم الإفراج عن المواطن الأمريكى السجين، حتى برأت محكمة النقض سعد الدين إبراهيم ورفاقه من كل التهم التى وجهت إليهم.

ونتيجة للمطاردة الحالية .. هذا اختار سعد، النفى الذاتى خارج مصر بالولايات المتحدة الأمريكية مترددا على عدد كبير من الدول الأوربية والعاصمة القطرية الدوحة التى أصبحت قبلة المعارضين فى الشرق الاوسط، محتميا بقدرته على الإتصال بالولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي بسهولة، وهى النقطة الأبرز التى تجعله غير محبوبا من النظام، خاصة انه أكد على انتهاز كل فرصة لانتقاد الرئيس مبارك ونظامه وحزبه وشن حملة تحريض واسعة ضده فى الصحف الامريكية وفى الارساط الأوربية.


عدلى أبادير .. الذئب العجوز

يعد عدلى أبادير الاب الروحى لأقباط المهجر واحد ان أهم منابع الاساءة للنظام السياسي المصري فى الخارج .. فالرجل لا يكل ولا يمل من اتهام النظام بالعمالة للوهابية السعودية والتعاون مع الاخوان المسلمين من اجل احكام الاضطهاد على الاقباط الذى يصر ذئب المهجر العجوز على وجوده.

ويتهم أبادير بأنه يستغل "فترة انتقال السلطة فى مصر حاليا" للضغط على النظام فى إطار متاجرته بالهموم القبطية، فى حين يتولى حملة لمهاجمة النظام بدعوى اضطهاد الاقباط من خلال مؤتمرات عدة عقدها فى سويسرا والولايات المتحدة طال خلالها بدولة مستقلة للأقباط، وحاول النفخ فى المطالب النوبية لتحويلها الى قضية أقلية مضطهدة هى الأخرى، وإنشاء دولة مستقلة ولو باتحاد كونفيدرالى مع النوبيين.

نجح أبادرير رجل الاعمال الثرى فى دعم الجماعاتالقبطية فى المهجر التى كانت تستقبل الرئيس مبارك خلال زياراته الى الولايات المتحدة بهجوم حاد تسبب له فى احراج شديد أكثر من مرة، وكانوا يركزون على كتابة مقالات حول اضطهاد الأقباط قبل الزيارة بفترة طويلة لحشد المظاهرات والمواقف ضده، كما سعت تلك المنظمات اكثر من مرة الى تحفيز نواب الكونجرس الأمريكي على الدعوة لمعاقبة مصر والتدخل لحماية مسيحييها والتهديد بقطع المعونة الامريكية أكثر من مرة.

دعم أبادير مؤتمر شيكاغو الذى يناقش ما يقولون انه خطة المسلمين لـ"اختطاف الفتيات القبطيات" ولم ييأس من انكشاف حقيقة العلاقات العاطفية وراء حالات اسلام الفتيات التى أثارتها منظمته "الأقباط متحدون"، مصرا على ان الدولة هى التى تدعم اختطاف المسيحيات، كما يستغل أى حادث لاظهاره فى شكل اضطهاد يطارد به النظام المصرى فى كل مكان يحط فيه.

ودعى أبادير فى أكثر من مقال الى محاكمة الرئيس مبارك شعبيا محددا قائمة قال أنها مبدئية من 22 اتهاما، دس فيها اتهاما بالاضطهاد والتآمر على الكنيسة الأرثوذكسية ودعم انشقاقها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
خد عندك © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates