للوهلة الأولى يصعب الاجابة على سؤال كيف ستكون طبيعة العلاقة داخل المجلس الجديد لنقابة الصحفيين بعد أسبوع واحد من تعافيها من حمى الانتخابات، التى حولتها الى مكان أقرب الى سوق الإمام الشافعى الذى يباع فيه كل شئ ويشترى ، وتعرض فيه السلع بكل كيفية ممكنة بدءا من التسويق بدقائق الموبايل المجانية مرورا بإغراء رائحة رغيف الخبز الافرنجى الطازج نهاية بزفة المزمار البلدى، ووجبات المطاعم التى حطت ساخنة على صوان العزاء المنصوب أمام المبنى فى 4 شارع عبد الخالق ثروت، فى سرادق تم نصبه ليغنى فيه كل على ليلاه.
فالوضع الملتهب تارة والهادئ بوجهة نظر أخرى، دفع زميل مثل ابراهيم حجازى الذى قضى عشرون عاما عضوا بالمجلس الى الخوف من مجرد ابداء تصوراته لمستقبل هذا المجلس، الذى شهد تغيرا (6 أعضاء جدد ونقيب) بدعوى أنه قطع علاقته بالنقابة وبمن فيها وأن أى كلام سيتم التعامل معه بحساسية مفرطة، ومثل حجازى أخرون فضلوا الصمت للمبرر ذاته، حفظا لاستقرار منشود أو ابتعادا عن عش الدبابير أو احتراما لحق الزمالة .. خاصة ان الرأى منقسم بوضوح حول رؤية السنوات القادمة.
الأيام الماضية نفسها والتى شهدت اجتماعات وجلسات عمل للتوافق على هيئة المكتب، تم التعامل معها بتباين شديد، بين فريق يرى أنه تعرض للاقصاء المتعمد، وأخر لا يرى ان ما حدث يمثل أى إقصاء يذكر وان ما حدث خلال تلك الأيام هو أمر طبيعى حدث بعد كل انتخابات، فيما ستظل الصورة بهيئتها لعامين على الأقل بينما تجهز المعارضة نفسها بمرشح جديد للنقيب يقلب الطاولة ويعيد تشكيل هيئة المكتب من جديد حينما يحين الوقت للانتخابات الجديدة على المنصب العالى.
جمال فهمى عضو المجلس لم ترق له المقدمات، معتبرا أن البداية كانت مخالفة قانونية بعدم دعوة المجلس حتى يوم الخميس الماضى، ومحاولة خلق كيان موازى لمجلس النقابة من خلال جلسات فى الغرف المغلقة على حد تعبيره لترتيب الامور وفقا لرؤية الحزب الوطنى ولجنة السياسات مشيرا الى عملية اقصاء شملته هو ويحى قلاش وياسر رزق وصلاح عبد المقصور ومحمد عبد القدوس وعبير السعدى، وهو ما يخسى معه ان ينفرد المجتمعون بالعمل النقابى ويفعلوا بالنقابة ما يفعلونه بالبلد بعد أن ركبوا المجلس على حد تعبيره.
واعتبر فهمى الناصرى اتوجه أن ما يحدث يهدد بحرب أهلية داخل النقابة ما لم يدرك هؤلاء المجتمعون فى الغرف المغلقة - فى سابقة قال أنها لم تحدث من قبل - انهم أخطأوا فى أقصاء زملائهم، مستبعدا أن يصل الأمر الى حد فرض الدولة الحراسة على نقابة الصحفيين، قائلا ان الأور لا يمكن ان تصل الى هذا الحد وأن نقابة الصحفيين ليست كغيرها وبها جمعية عمومية واعية ويمكن دعوتها بالاتصالات التليفونية.
وقال فهمى أن بعض الزملاء الجدد مذهولين من الشللية المبكرة التى تهدد بانقسام المجلس، مشيرا الى أنه يتمنى أن تهدأ النفوس ويحدث التوائم المنشود لمصلحة المهنة والصحفيين، ومطالبا النقيب مكرم محمد أحمد بالتدخل لوقف هذه الاجتماعات والدعوة لاجتماع يتم تشكيل هيئة المكتب به بحضور كافة الزملاء بدون أى إقصاء.
فهمى أبدى تخوفا من ان تعقد جماعة الاخوان المسلمين "كجماعة" اتفاقا مع النقيب ورجاله، بعيدا عن الزملاء عبد القدوس وعبد المقصود، اللذان أبدى ثقته فيهما وفى مواقفهما لخبرتهما فى العمل النقابى، دون أن يوضح تبعات هذا الاتفاق وطرق تنفيذه.
من جانبه أكد حاتم زكريا والذى علمنا أن الجلسات التشاورية – على حد وصفه – بين أعضاء المجلس الجديد الذى قال أن بعضها ضم أكثر من سبعة اعضاء، اقترحت إختياره سكرتيرا عاما للنقابة ليحل محل يحي قلاش، أن تلك الجلسات تحدث بعد كل انتخابات جرت فى النقابة، معتبرا أن الكلام عن مؤامرات وشللية نوع من الدعاية التى لا تفيد العمل النقابى، وأن الغرض منها التشاور حول الملفات المستقبلية ومقترحات تشكيل هسئة المكتب، تجنبا للصدام داخل المجلس، نافيا فى الوقت نفسه أن يكون قد حدث إقصاء لأية مجموعات داخل المجلس وان الاجتماعات شملت أغلبية الزملاء او من يعبر عنهم.
وقال أنه تشاور مع الزميل يحي قلاش فى احد المكالمات التليفونية فى إطار ودى، لأن المجلس وحدة واحدة، وأضاف أن النقيب يفضل فى الوقت الحالى أن يتفاعل الحوار بين كل الاطراف فى المجلس وصولا الى أقصى توافق ممكن، وانه حضر احد الجلسات بالصدفة، مبررا عدم الدعوة للمجلس حتى الأن بأن النقيب كان مرهقا من المعركة الانتخابية وأراد بعض الراحة، وخلال ساعات سيحدد موعد انعقاد أولى جلسات المجلس، نافيا أن يكون الحزب الوطنى قد تدخل باى شكل فى الشأن النقابى للصحفيين.
وقال زكريا أن البعض يؤلف القصص ويتفرغ لنسجها وروايتها، بينما يرى هو الأمور ببساطة شديدة وهى أنه قادم للتفرغ للعمل النقابى بعد أن اختارته الجمعية العمومية لذلك، وأن من لا يريد العمل فليحاسبه الصحفيون، بينما نسعى لترتيب الملفات التى سنعمل عليها وفى مقدمتها ملف سجن الصحفيين والقضايا المنظورة امام القضاء، وموضوع الحبس فى قضايا النشر بشكل عام.
من وجهة نظر أخرى يرى الزميل ممدوح الولى عضو المجلس السابق أن الحكومة أحكمت سيطرتها على مجلس النقابة، وهو ما يتوقع معه تراجع الاداء السياسى للنقابة وحصرها فى الخدمات النقابية والرحلات والعلاج حتى ترحم الحكومة نفسها من الصداع والحرج الذى كانت النقابة تمثله له سواء من المظاهرات على سلم النقابة أو اللقاءات داخل قاعاتها.
وأشار الولى الى أن الدولة تدخلت بشكل وصل الى درجة قيل أن صفوت الشريف رئيس المجلس الاعلى للصحافة هدد بإجراء تغيير فى المناصب القيادية بالمؤسسات القومية ما يتم ينجح مكرم محمد أحمد فى منصب النقيب، وهو ما يبرر حصول النقيب وقائمته على أصوات مرتفعة رغم أن بعضهم ليس له اسما واضحا فى العمل النقابى، الى جانب ضعف
النقيب المنافس، وسطوة الـ 200 جنيه التى جلبها مكرم محمد أحمد كزيادة فى بدل التثقيف، فى ظل مرتبات تصل لبعض الصحفيين فى المؤسسات الصغيرة الى 90 جنيها شهريا.
واعتبر الولى أن نتيجة الانتخابات لها دلالات كبيرة، ويمكن اعتبارها تأميما لمهنة الصحافة وتحويلها الى مهنة خدمية والتأثير على الدور الفاعل للنقابة، لتنضم للنقابات الخاملة، وتحويل الصحفيين الى موظفين.
ويرى عضو المجلس الأسبق ان عدم دعوة المجلس للانعقاد حتى الأن لا يرتقى الى حد المخالفة القانونية، ولكنها مخالفة اجرائية، معتبرا أن الجلسات التشاورية التى تجرى بين بعض الأعضاء حضرها من يمثل كل التيارات، وأن بعض المناصب ما زال الخلاف قائم حولها.
واضاف أن عملية عزل لاشخاص بعينهم قد تمت بالفعل، ردا على عمليات عزل مماثلة تمت فى السابق، من الناصريين والاسلاميين "أساتذة العزل على حد وصفه" ولكن فى كل الاحوال سيحصل كل عضو من اعضاء المجلس على منصب فى هيئة المكتب لأنه ببساطة عدد اللجان اكبر من عدد الأعضاء الـ 12.
وطالب الولى الاعضاء بعدم الوقوف أمام الشكليات، متوقعا أن يخفت صوت المعارضين الذين اعتادوا علىالصوت العالى لأن الأغلبية ذهبت من أيديهم، وفى النهاية سيضطرون الى السعى للتوافق مع المجلس الحالى حتى يصبح لهم دورا ولا يتم عزلهم بالكامل داخل المجلس.
حسن الزوام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق