-
اتبعني
تابعني على تويتر
-
التدوينات RSS
اشترك في خدمة RSS
-
فيس بوك
انضم للمعجبين في FACEBOOK
الأحد، ٩ سبتمبر ٢٠٠٧
تهمة تكدير الامن العام .. "بعبع" الصحفيين وسلاح النظام
إثنان وثمانون عاما مرت وقانون العقوبات المصري يحمل فى طياته تجريم "التهمة" التى تشغل الساحة الصحفية الان "المعروفة بتكدير الرأى العام" من خلال المادة التى وضعتها حكومة عرفت وقتها بأنها حكومة "إنقاذ ما يمكن إنقاذه" التى كان يترأسها زيوار باشا عام 1925 وهى الحكومة التى جاءت فى اعقاب إقالة الوزارة الدستورية الأولى بعد ثورة 1919، وأقحمت حكومة زيوار باشا تلك المادة فى صلب قوانينها لمواجهة خصومها السياسيين ولمحاربة "الاخبار الكاذبة ونشر الاوراق المصطنعة وتكدير الأمن العام"
والمادة المذكورة كانت واحدة من 18 مادة لا زالت باقية فى القانون المصري ويمكن استخدامها لحبس الصحفيين متى أرادت الحكومة أن تحجم بها حرية الرأى كما يقول المحامي ناصر أمين مدير مركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، رغم الالغاء الرسمى لعقوبة الحبس فى قضايا النشر العام الماضى 2006، وكانت من اتلمواد التى طالب الصحفيين بالغائهما او الغاء التجريم فيهما، ومعها فى القائمة المادة 102 التى يخضع للتحقيق وفقا لها الرزميل ابراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور لاتهامه بنشر شائعات حول صحة الرئيس مبارك أفضت الى تكدير الرأى العام، وهى المادة التى كان أصلها أمر عسكرى أصدره مجلس قيادة الثورة فى نوفمبر 1952، بعد 4 شهور فقط من قيام الضباط الاحرار بثورتهم، بعد انتشار شائعات وأقاويل حول استيلاء ضباط الثورة على القصور الملكية والأموال التى وضعت تحت الحراسة، قبل أن يتم وضعها كمادة فى قانون العقوبات عام 1956 حينما انتهت فترة الانتقال ورفعت الاحكام العرفية
وتنص المادة 102 مكرر على أن يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تجاوز مائتين جنيها كل من اذاع عمدا اخبارا او بيانات او اشاعات كاذبة اذا كان من شأن ذلك تكدير الامن العام او القاء الرعب بين الناس إو الحاق الضرر بالمصلحة العامة
ويعتبر ناصر أمين الماددتين 102 و188 وما على شاكلتهما من المواد سيئة السمعة التى طالب المجتمع المدنى بالغاءهما بسبب غموض نصهما وعدم احتواءهما على أركان مادية يمكن التثبت منها، وأن تكون ألفاظها بسيطة ومحددة على وجه اليقين والدقة حتى يستطيع القاضى تحديد أركانها المادية والمعنوية بحيث يعرف بشكل واضح ما الذى يؤدى الى تكدير الامن العام، وهل يمكن مثلا توجيهها لنادي الزمالك الذى يكدر جماهيره نتيجة خسارته للبطولات المتتالية
ويعتبر ناصر أن هذا الغموض فى مواد تكدير الامن العام تركت حتى يتم استخدامها فى الضغط على الخصوم السياسيين وإحالتهم للمحاكمات غير القانونية، مشير الى أن كل القضايا ذات الطابع السياسى استخدمت فيها هذه المادة، وأضاف أن تلك المادة - غير واضحة الملامح - موجودة فى معظم القوانين العربية، بينما لا توجد فى القوانين بالدول الأجنبية الاكثر ديمقراطية، وحتى وإن وجدت فإن المحاكم تفرغها من مضمونها، وهو ما لا يتمكن القضاء المصري منه لعدة أسباب أبرزها ان القضاء المصري مقيد وغير مستقل، وأن القضاء المصري يقوم على وضع مسئولية مراجعة القوانين على عاتق المحكمة الدستورية العليا
وتملك تهمة تكدير الامن العام وما على شاكلتها تاريخ طويل من محاسبة المصريين، إخوان وشيوعيون وليبراليون وقوميون وما غيرهم، صحفيين وكتاب وشعراء ومواطنون غاضبون وأخيرا مدونون، الأمر الذى يرصد معه الاستخدام السياسي الرشيد أحيانا والمبالغ فيه أحيانا أخرى لتلك المادة، والقائمة تطول لكن أشهرها شاعر تكدير الأمن العام أحمد فؤاد نجم، وتضم الى جانب الكاتب الصحفى ابراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور على خلفية ازمة الشائعات صحة الرئيس، كل من صلاح عيسى وعباس الطرابيلى رئيس تحرير جريدة الوفد، والدكتور سعد الدين ابراهيم أمين عام مركز بن خلدون للدراسات الانمائية، وهويدا طه معدة البرامج بقناة الجزيرة وحسين عبد الغنى مدير مكتب القناة، وغيرهم
ويمكن تشبيه تهمة تكدير الراى العام بأنها مثل "جوز الهند" فى الحلوى، والملح فى الطعام، فهى لا تقوى على أن تكون تهمة فى حد ذاتها كما يلاحظ المؤرخ الصحفى صلاح عيسى رئيس تحرير جريدة القاهرة، ولكنها ملحقة بإتهامات أخرى مثل تنظيم تنظيمات واذاعة بيانات والقيام بأفعال او التصريح بأقوال أو توزيع منشورات أو ترويج شائعات أو بث أخبار .. ثم تأتى فى صورة عبارة "من شأنها تكدير الراى العام"
من هنا أصبحت مادة "وتكدير الرأى العام" سلاحا مسلطا على الصحافة حال استخدامها سياسيا، وصار البحث عن مخرج لنزع سم تلك المادة صحفيا أمرا مطلوبا، وهو الاقتراح الذى يطرحه الكاتب صلاح عيسى، والذى يدعو من تنشيط دور لجنة تفعيل ميثاق الشرف الصحفى داخل نقابة الصحفيين، فى مواجهة تيار داخل النقابة يعبر عنه يحي قلاش الأمين العام الذى لا يرى أن النقابة ليست وحدها المسئولة عن العمل الصحفى وأن هناك مؤسسات اخرى مثل المجلس الاعلى للنقابة ومجلس الشورى، بينما يرى صلاح عيسى أن تفعيل لجنة الميثاق الصحفى كفيل بأن يدعم مطالب الصحفيين بالغاء المادتين 102 و188 على أساس أن الهدف منهما موجود فى الميثاق وهو محاسبة الصحفى وبها ضمانات عديدة وبإمكان الصحفى استئناف قرار اللجنة وبالتأكيد ليس به حبس
فى المقابل يرى قلاش أن ميثاق الشرف الصحفى يعد من المدونات الاخلاقية التى يتم تفعيلها فى الدول المتقدمة كبديل للقوانين، ولكن فى مصر وفى ظل ترسانة القوانين التى يرى انها تقيد الحريات، فإنه من الصعب محاسبة الصحفى وهو لا يتمتع بمناخ ديمقراطي سليم فى تداول المعلومات وحرية النشر
ويضيف قلاش أن الأنسب فى مواجهة مواد تكدير الأمن العام هو محاربتها حتى يتم الغاؤها، وليس ايجاد بديل لها وهو ميثاق الشرف الصحفى الذى لم تتاخر النقابة عن تفعيله وشكلت لجنة ضمت شيوخ المهنة ووضعت شرطا ألا يكون احد أعضاؤها من رؤساء التحرير، وعقدت تلك اللجنة اجتماعين اجرائيين – على عكس ما يؤكده الكاتب صلاح عيسى من أن اللجنة لم يكتمل نصابها فى أى اجتماع الذى يرى أن الحسابات الانتخابية هى التى تمنع محاسبة الصحفيين داخل نقابتهم، بدلا من أن تحاسبهم النيابة-، بينما يرى قلاش أن محاسبة الصحفى فى النقابة يخضعها لضغوط سياسية لاصدار عقوبات ضد الصحفى كما حدث فى عهد السادات حين حاول النظام الضغط على نقيب الصحفيين كامل زهيرى آنذاك لاسقاط عضوية صحفيين معارضين لاتفاقية كامب ديفيد، ووقتها أطلق زهيرى جملته الشهيرة "أن العضوية مثل الجنسية ورفض الخضوع
ويضيف قلاش أن الحديث عن كسر سم مواد تكدير الأمن العام واستخدام الميثاق فى ايجاد بديل يقلل أثار مواد القانون، سبق ورد عليه الاستاذ محمد حسنين هيكل حينما أثيرت أزمة مشابهة، توعدت فيها الدولة بتنويم القانون وعدم تطبيقه، قائلا أن القوانين شرعت لتنفذ وليس لأجل أن تنام، كاشفا عن اتخاذ النقابة لاجراءات عقابية غير مسبوقة فى تاريخها وتسببت فى حملات هجوم كبيرة ضدها منها لفت نظر كل من كرم جبر رئيس مجلس ادارة روزاليوسف والدكتور عبد الحليم قنديل رئيس التحرير التنفيذى لجريدة الكرامة بسبب استخدامهما لألفاظ خارجة خلال لقاء جمعها على برنامج القاهرة اليوم، كما تم توجيه لفت نظر لصحف الدستور والكرامة والانباء الدولية، كأجراء سريع منمجلس النقابة، كما تم تحويل أربعة صحفيين للجنة التحقيق وهم سيد الشاذلى ومدنى صالح ومحمود عطية والدكتور رفعت السعيد، وأوصت اللجنة بتحويل ثلاثة منهم لأول مرة فى تاريخ النقابة الى لجنة التأديب التى تضم نائب رئيس مجلس الدولة وعضو بالمجلس الاعلى للصحافة و3 من اعضاء مجلس نقابة الصحفيين، ولم يصدر قرار بشأنهم حتى الأن وهو ما أرجعه قلاش الى ان القانون يعطى للنقابة إصدار القرارت بشكل غير متسرع
قلاش أكد أن جهات التحقيق تستخدم المادة 102 مكرر وتطبقها على الصحفيين فى قضايا النشر، رغم أن المادة 188 هى التى تأتى ضمن باب الجرائم التى تقع بواسطة النشر، والفارق بينهما أن المادة 102 تتضمن الحبس الاحتياطى وفرض كفالة للافراج، ووفقا لنص المادة 41 من قانون الصحافة 96 لسنة 96 أن كافة جرائم النشر ليس بها حبس احتياطى ما عدا المادة 79 الخاصة بإهانة رئيس الجمهورية وهو ما ندفع به فى قضايا النشر التى تحاكم بالمادة 102
وشدد قلاش على أهمية نشر تقرير الممارسة الصحفية الذى يصدره المجلس الأعلى للصحافة أو عقد اجتماع دورى فى المجلس مع رؤساء تحرير الصحف لبحث التجاوزات التى يكشفها التقرير، ليقوم المجلس بدوره، كما سبق وان قامت النقابة بعقد اجتماع مع 66 رئيس تحرير لبحث التجاوزات التى طالت رئيس الجمهورية العام الماضى فى القضية التى عرفت بقضية الدكتور عبد الحليم قنديل، وأصدر رؤساء التحرير وقتها بيانا اكدوا فيه احترامهم لمقام الرئاسة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق