حسن الزوام
الحمد لله الذى لا يحمد على مكروه سواه .. فقد توصلت الصحف القومية الى نتائج التحقيق الرسمي فى مصدر شائعات وفاة الرئيس مبارك، وهى الشائعة التى شغلت بال المواطنين خوفا من المصير القادم، وكشفت أن السفير الامريكى ريتشاردونى قد اجتمع مع جماعة الاخوان المسلمين فى "بوتقة واحدة" لضرب استقرار الوطن وسلامة أراضيه، ومشروعه القومى الذى هو الحرية والديمقراطية والتنمية، والضغط على مصر لتنفيذ مطالب واشنطن فى العراق.
وكشف لنا كبار الكتاب فى مقالات تاريخية كيف أن السفير الامريكى تعمد تسريب شائعات عن الرئيس مبارك تقول أنه مريض ـ وكلنا نمرض - وأن هذا السفير الملعون - الذى لم يذكر أى شئ عن استدعائه ولفت نظره لتسريبه تلك الشائعات المغرضة ـ قد أرسل الشائعة فى الهواء الطلق ليتلقفها الإخوان ويبثونها عبر رسائل المحمول، منوها الى أن الإخوان نجحوا فى اختراق شركات المحمول.
توصلت الصحف القومية الى أن العدوان ـ الامريكان والإخوان ـ نجحا فى إختراق شركات المحمول وإرسال رسائل تفيد بأن صحة الرئيس مبارك فى خطر، رغم اقرارهما بأن الاشاعة خرجت من مواقع الانترنت التابعة للجماعة واليها عادت، وهو إقرار بقدرة الجماعة على إختراق الانترنت ـ كمان - ونشر الشائعة رغم ان الموقع الذى أطلق الشائعة وهو مدونة "ببلاش" على الانترنت إسمها أمن دولة كانت هى أول من أعلن الخبر مستندا الى أحد قيادات الحزب الوطنى حسبما ذكر الموقع، وحينما حاول مدون إخوانى سرقة الموضوع ونسبته لنفسه، قامت المدونة صاحبة التقرير بفضحه "فضيحة بجلاجل" مما دفع المدون الإخوانى الى ازالة الخبر نهائيا من مدونته، والتفرغ للكلام عن معتقلى الجماعة الذين يتزايد تعدادهم بسرعة 50 نسمة شهريا، واتجاه مدونة أمن دولة للحدث عن الافلام الإباحية وحكم العائدون للمسيحية.
والمشكلة فى شائعة صحة الرئيس ليست فى اتحاد الامريكان الذين نرتبط معهم بعلاقات وصفها الرئيس مبارك، بأنها متينة وإستراتيجية تقوم على الاحترام والمصالح المتبادلة وتتسع لبعض ما يحدث من خلافات، في وجهات النظر خاصة حول القضايا الإقليمية بالشرق الأوسط، ووصفها السفير الأمريكى بأنها مهمة جدا بالنسبة لكلا الطرفين، وجماعة الإخوان المحظورة ليوم الدين، ولكن المشكلة تم تصديرها للشعب الذى وقف - من تمكن منه من الوقوف فى سباق لقمة العيش - امام الشائعة، موقف العاجز الذى لم يعرف لأكثر من يومين ماذا يحدث بالضبط، ولا ما هو المصير القادم، ولا لمن يلجأ وفى من يثق ليصل للحقيقة.
فالأزمة شملت تيارين لكل منهما ثقله .. الأول هو التيار الذى ضم من أطلق الشائعة ومن روجها ومن صدقها ومن سعى للتحقيق فيها على خلفية تصديقه لها، والثانى هو التيار الذى كذب الشائعة ثم حقق فيها وحدد المتهمون الرئيسيون وطبعا كانوا الاخوان والامريكان وحركة حماس الفلسطينية، وبين الاثنين تاه الناس خاصة أن التيار الاول شكك فى صحة الزيارة التى نشرتها الصحف القومية وقال ان الصور التى نشرت كانت أرشيفية، وان الرئيس مبارك لم يظهر فى خطاب موجه للأمة يؤكد فيه أن صحته على ما يرام، وان السلطة فى مصر آمنة وأن المواطن آمن على ماله وامنه وممتلكاته واستقراره مهما كانت التحولات السياسية عالية المستوى، وأن مصر التى هى دولة مؤسسات أكبر من أن يهتز استقرارها أمام شائعة، خاصة أن للرئيس محبين أصابتهم الشائعة بالخوف والرعب على مستقبلهم ومستقبل وطنهم.
ولم يقتنع الناس برد صحف الدولة على ان الرئيس له جدول أعمال ولا يجوز ان يعدل فيه قيد أنملة ليقوم بالرد على شائعات أطلقتها الفرقة الضالة تتعلق بصحته، لأن الامر ليس فى صحة الرئيس فقط ولكنه فى صحة الوطن أيضا وربما أولا، ونطالب بظهور علنى يزيح الهم عن البسطاء ويخرس الألسنة، على غرار ظهور الرئيس مبارك وحفيده فى مباراة الأهلى بعد انتشار شائعة تخص صحة الرئيس.
من هنا ومع خطورة الشائعة وتأثيرها على الاستقرار فى مصر وعلى الرغم من تأكيد الصحافة القومية انها لم تكن سوى عيار طائش لم يترك أثرا على الاقتصاد المصرى، وفى ظل توجيه الاتهام صراحة وبمتهى الثقة ودون إهتزاز القلم فى يد الكاتب بأن السفير الامريكى هو مصدر الشائعة، فإننا نطالب الجهات الرسمية المسئولة عن أمن الوطن وحمايته مما يهدد استقراره بسرعة استدعاء السفير الامريكى ريتشاردونى، ومواجهته بما اقترفه من خطأ فى توقيت غير مناسب ويحمل أهدافا سوداء، ضمن مخطط حقير ضم معه الاخوان المسلمون وحركة حماس ـ ولا أعرف كيف يجتمع حماس والامريكان على هدف واحد بهذه السهولة والانسيابية - لضرب مشروع الرئيس مبارك القومى "الحرية والديمقراطية والتنمية".
نطالب باعلان نتائج التحقيق الرسمي الذى قال رؤساء تحرير الصحف القومية ومصادر رسمية أنهم توصلوا اليه وأنه أسفر عن التأكد من ضلوع "الشامى والمغربى" فى تسريب شائعة مرض الرئيس، وألا يكون الاتهام مجرد كلام مرسل قد يسئ الى علاقة مصر مع دولة صديقة وحليفة هى أمريكا بشهادة رسمية، أو يرفع من درجة توتر العلاقات بين القاهرة وواشنطن وهى متوترة أصلا، كما بحث الأسلوب الامثل لمنع الاخوان وحماس من تعريض مصر وهى الدولة العربية الأكبر، لأية هزات مستقبيلة بشائعات مغرضة.
أما أسباب انتشار الشائعة فيجب الرد عليها فى تقرير تليفزيونى يبثه أحد المسئولين الكبار عبر تليفزيون الدولة الرسمي، بدءا من سبب غياب الرئيس عن اجتماعه السنوى مع شباب الجامعات الذي كان أهم مصادرتطور شائعة المرض وسبب حضور جمال مبارك اللقاء والحديث للطلاب بدلا من والده وما تردد حول قيام جهاز الحرس الجمهوري بتأمين لقاءه مع طلاب الجامعة ، خاصة ان هذا الجهاز لا يتولى سوى حماية الرئيس، وأيضا، ومدى صحة قصة الصور التى قال الدكتور محمد السيد سعيد رئيس تحرير جريده البديل أنها قديمة لا تتعلق بالقرية الذكية التى زارها الرئيس قبل عامين عند افتتاحها، والتى نشرت بالصحف القومية عقب اتساع نطاق الشائعة.
كما يجب سد الثغرات التى تسربت منها الشائعة ـ بغض النظر عن مصدرها ـ وأبرزها غياب الشفافية وحرية تداول المعلومات، وتجاهل الدولة للشائعة الذى ساعد على انتشارها، خاصة انه تردد أن الشائعة انتقلت من رواد المواصلات العامة القادمين الى الاسكندرية من منطقة برج العرب بسبب التدابير الامنية المشددة وحركة الطائرات الدؤوبة فى سماء برج العرب، ومن الطرقات الى الانترنت والرسائل القصيرة انتشر الأمر انتشار النار فى الحطب.. فمن يطفئ نيران الجحيم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق