• أمام ثورتنا .. أسئلة كبيرة .. لا تقف عند السلفيين وضرباتهم .. ومصير المسلمات الجدد .. وملاعيب الإخوان .. ومناورات الثورة المضادة .. وتوهان القوى السياسية .. ولخبطة أولى الأمر .. وأهم سؤال هو مصير هذا الوطن .. مصير مصر بعد 25 يناير الثورة
  • لست ضد النوايا الطيبة للشيخ حسان وتابعه الشيخ صفوت حجازى وجولاتهما المكوكية فى ربوع مصر لحل ما استعصى على الدولة وما صعب على الحكومة وما فشل فيه أولى الأمر، لكن الدولة دولة قانون
  • أعرف جيدا .. أننى حزين الأن .. لإقتران لقب "أبو العيش" بأمور فساد مالى وإدارى .. بعد أن كانت مثالا للإقتصاد الرحيم .. والتنمية التى لا تنقطع .. ونشر الثقافة .. والتوعية بقضايا البيئة .. والأعمال الخيرية .. وأتمنى من الله .. أن تزول تلك الغمة بظهور الحق وبيان الحقيقة التى لا يحتكرها أحد الان
  • وبين الأب الذى "لم يكن ينتوى" .. والإبن الذى "كان ينوى" .. كانت هناك شهورا قليلة فاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية نفسها .. ولكن أيا منهما لم يكن قد أعلن عن تلك النوايا وكأن مصر ستظل أسيرة نواياهما
  • بينما أولئك المُصنفون "فرز تانى وتالت ورابع" من لصوص ومنافقين.. يحاولون تبديل وجوههم وتغيير مبادئهم وسلخ جلودهم القديمة كالثعابين والأفاعى

الثلاثاء، ٣١ أغسطس ٢٠١٠

غزوة "الجماعة" .. وعملية "الدستور"


خمس سنوات مرت منذ أن حصدت جماعة الإخوان المسلمين 88 مقعد فى المرحلة الأولى من إلإنتخابات النيابية التى أجريت عام 2005 .. فيما شكل وقتها أكبر مفاجأة إنتخابية فى تاريخ مصر الحديث .. وهو ما إستتبعته أوسع عملية "تصدى" شنتها سلطات الدولة، لمنع تكرار حدوث ذلك فى المرحلتين التاليتين من الانتخابات .. بمنع الانتخاب من المنبع .. وإغلاق اللجان فى وجه الناخبين .. فى مشهد تم رصده بالصوت والصورة فى أكثر من لجنة من شمال مصر لجنوبها.
كان عام 2005 هو عام ذروة المرونة فى الإصلاح السياسى .. لكن حصول الإخوان على هذا الكم من المقاعد أحدث حالة من الردة الشديدة تم توجيهها بشكل خاص للجماعة التى تم التشديد على أنها جماعة قامت على غير أساس قانونى، ثم تم تعديل الدستور بما يتماشى مع حظرها التام لتصبح جماعا محظورة قانونيا ودستوريا .. مع تعديلات دستورية أخرى منعت الاشراف القضائي الكامل على الانتخابات الذى كان يوفر الحد الأدنى من ضمانات الانتخابات النزيهة التى قد تسمح بموطئ قدم لنواب الجماعة فى أية انتخابات برلمانية قادمة.
سبق ذلك تصعيد أمنى شديد تجاه جماعة الإخوان واستغلال قضية "الميليشيات العسكرية للإخوان" التى فجرتها صحيفة "المصري اليوم" بعنوان صحفى صارخ رصد استعراض القوة التنظيمية للجماعة داخل جامعة الأزهر بإسكتشات فنية ورياضية تحاكى المقاومة الفلسطينية فى غزة، وتصويرها كميليشيات عسكرية!! .. ليتم تصعيد الموقف والقبض على الكوادر العليا للجماعة وتصفية مواردها المالية بإعتقال نائب المرشد خيرت الشاطر، وعدد كبير من قيادات الإخوان، وإتهامهم بعميات غسيل للاموال وتمويل تلك "الميليشيات"، ومحاكمتهم أمام القضاء العسكرى.
وبعد ان قامت الدولة بحرمان الجماعة من الظهور العلنى بحكم القانون والدستور، وتجفيف روافدها المالية، بات على النظام التحول الى المربع القادم على طاولة الشطرنج، وهو حرمان الجماعة من أى سند إعلامى ممكن، وهو ما إستغرق سنوات، حاولت الدولة خلالها الضغط على الصحف والفضائيات المستقلة لتضييق الخناق على الجماعة ونوابها ورموزها عبر الضغط على مصالح أصحابها من رجال الأعمال، وواصلت محاولاتها منذ عام 2007 وحتى قبل أسابيع مضت لشراء جريدة الدستور التى كانت تراها لسان حال الجامعة وأبرز نوافذها الإعلامية، وجندت أكثر من رجل أعمال محسوب عليها لاتمام تلك الصفقة، وترددت أسماء مثل نجيب ساويرس وهشام طلعت مصطفى قبل أن يتورط فى اتهامه بالتحريض على قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، الى أن إنتهى الأمر بنجاح رجل الأعمال "المعارض" السيد البدوى من شراء الجريدة فى صفقة كبرى.
عمليا لم يكن البدوى فى حاجة لصحيفة لأنه رئيس حزب الوفد – المستأنس - الذى تصدر عنه نجمة صحف المعارضة فى الثمانينيات، كما أن نفوذه فى جريدة المصرى اليوم كان ومازال عملاقا ومتشعبا ومسيطرا بحكم استحواذه على كبار قيادات الصحيفة وعدد كبير من صحفييها فى مجموعة قنوات الحياة التى يملكها، وهو الواقع الذى قد يتغير فى المستقبل القريب.
وبأى حال من الأحوال .. عندما يتكلم المال ويكون بلسان وفدى ليبرالى له ميراث من الكراهية والتجارب الفاشلة مع الإخوان .. فإن "الدستور" كصحيفة لن تكون مثلما كانت .. وبالتأكيد لن تكون لسان حال الجماعة مرة أخرى.
بقيت سمعة الجماعة .. وهو ما تعتقد الدولة أنها قادرة على تشويهه بمسلسل ضخم الانتاج فى توقيت ولا أروع وهو شهر رمضان المبارك من خلال مسلسل "الجماعة" لوحيد حامد الذى يعد أحد من اكثر أعداء الجماعة من كتاب السيناريو، وهو ما يبدو واضحا من مسلسلاته وأفلامه الشهيرة عن الاسلام السياسى والإرهاب وما أكثرها.
إنها حرب كبرى استهلكت فيها الدولة جهد جبار وإستخدمت خلالها كل أسلحتاه من القانون .. حتى الفن .. وإن كنت أعتقد أن الخطوة الاخيرة تصب فى خانة الجماعة أكثر مما تضرها .. وكأن الدولة أوجدت البرنامج "software" .. بينما سيقوم الإخوان بعمل التحديث "update" .. وربما تصدر خلال شهور عن معامل الجماعة "نسخة شرعية" من المسلسل للرد على الشبهات .. وعرض تاريخ الجماعة من وجهة نظرهم .. لضم متعاطفين أكثر .. وتثبيت المتعاطفين القدامى على ولائهم من خلال تبرير كل أفعالها السياسية بخلفية شرعية، وخاصة خلال مرحلة العنف السياسى فى "زمن الملكية والإحتلال" الذى إضطرت الدولة الى الدفاع عنه من أجل الهدف الأسمى، وهو إلصاق كل اللعنات بالجماعة "المحظورة"، ومؤسسها الذى أظهرته كرجل وصولى متصلق .. ومنافق شرير .. وأقرب ما يكون الى شخصية راسبوتين كاهن البلاط الإمبراطورى الروسي.
وما لم تشهد الأفق السياسية صفقة كبرى تسمح بتواجد "آمِن" للإخوان على الساحة السياسية، مقابل تمرير مشروع نقل السلطة "بالتوريث" الى مبارك الإبن أمين سياسات الحزب الحاكم، فإن كافة الشواهد تؤكد أن الجماعة مقدمة على مستقبل غامض .. وحالة كُمونْ إجبارى .. قد يسمح لها بإعادة ترتيب الأوراق والتوغل بشكل هادئ فى صفوف المجتمع .. وربما دراسة العودة ككيان دعوِى، لحين بلوغ لحظة التمكين التى تم التخطيط لها منذ سنوات وتأجلت كثيرا على وقع الضربات الأمنية المتتالية فى الألفية الثالثة.
ورغم أن جانب الإخوان فى تلك المعركة السياسية الطويلة بقى غامضا وغير مفهوما فى معظم الأحيان .. إلا أنها تواجه الضربات الأخيرة وظهرها للحائط .. فى ظل تغير ملامح النظام العالمى وموازين اللعبة الإقليمية .. الأمر الذى يحولها بالتدريج الى أكبر جماعات إمداد السجون العسكرية والمدنية بالمعتقلين .. ويجبرها على تغيير أولوياتها وتوجهاتها حسب السياق الاجتماعي والسياسي الذى يحيط بها كعادتها منذ أن تأسست .. الأمر الذى قد يظهرها بوجه جديد .. وهو الوجه الذى ستبدأ معالمه فى الخروج للعلن مع أخر ورقة ستوضع فى صندوق الانتخابات الرئاسية القادمة.
فهل سترتدى الجماعة ثوب الإمامة والدعوة؟؟ .. أم رداء المعارض الثائر ؟؟.. أم ستختار "حالة الكمون" كبديل أخير .. ومؤقت؟؟

الاثنين، ٢٣ أغسطس ٢٠١٠

"مين دول؟"


نعيش فى أيامنا تلك .. زمن نتقاسم فيه كؤوس الظلام وأنخاب العطش .. فالدولة التى قامت بإذلالنا على مدار 29 عاما بما أنفقته على البنية الأساسية وتريليونات الاقدام من الغاز الطبعيى المكتشفة والاحتياطية، إتضح أنها كانت تخدعنا .. وأن تلك المليارات التى قيل أنها أنفقت على هذه المشروعات لم سوى أرقام "يطرشها" مسئول كبير فى حضرة "الكبير أوى" فى المولد السنوى لذكرى اعتلاء العرش.

وعلى مدى 32 عاما كاملة ..أدار خلالها ما يسمى "بالحزب" الوطنى الديمقراطى شؤون البلاد، لم "تبصق" حقيقة سافلة على وجوهنا أكبر من تلك التى تلقاها المصريين الأسبوع الماضى حينما خرج محمد عوض رئيس الشركة القابضة للكهرباء ليوضح أن السبب الحقيقي وراء مأساة انقطاعات الكهرباء المتكررة يعود إلى نقص كميات الغاز الطبيعي المورد من وزارة البترول إلى محطات توليد الكهرباء، وهو ما يجبر شركات توزيع الكهرباء على تطبيق مبدأ تخفيف الأحمال فى أنحاء كثيرة من الجمهورية، بسبب انخفاض ضخ الغاز للمحطات بنسبة 11% وبنسب متدرجة منذ عام 2004، وهو تاريخ بدأ تصدير الغاز الطبيعى المصرى بكميات كبيرة إلى إسرائيل وأسبانيا ودول أخرى، وحرمان قطاع الكهرباء من زيادة كميات الغاز لمحطات توليد الكهرباء لمواجهة ارتفاع معدلات الاستخدام، بل وخفض ضخ الغاز للمحطات الى النسبة السابقة.

ولأن عمليات قطع الكهرباء لمواجهة نقص الغاز .. باتت متكررة .. فإن محطات ضخ المياه كانت أول المتأثرين حيث يؤدى إن انقطاع التيار الكهربائى عن محطات المياه إلى توقفها، فضلا عن أن الانقطاع المفاجئ للتيار والعودة المفاجئة يؤديان إلى تفجير المناطق الضعيفة فى شبكة المياه.

تخيلوا معى تلك الصورة السوداء القاتمة .. مصر تصدر الغاز أهم مواردها الطبيعية الى إسرائيل العدو الاكبر لها فى المنطقة .. بسعر منخفض للغاية ولا يتصل الى نصف السعر العالمى .. بينما تتوقف مولدات الكهرباء لدينا لأنها لا تجد غازا كافيا .. ويتوقف ضخ المياه فى عروق المدن المصري .. يعنى لا كهرباء ولا ماء من اجل عيون إسرائيل !!!!!

والأسوأ من ذلك ان حكومة الحزب "الوطنى" تردد انها تفكر فى إعادة استيراد الغاز من اسرائيل بسعر يفوق ضعف ما باعته به لمواجهة الطلب المحلى، أو تشتريه من دولة أخرى لمواجهة الطلب الداخلى لديها .. ولا أعرف أى عقلية تلك التى يفكرون بها .. أن يستوردا ما يصدرونه.

كل هذا يحدث رغم الجدل الذى أثير بعدما بدأت مصر الخضوع لعملية "حلب منظم" لرصيدها من الغاز، لتصديره الى الدول الاوربية وفى مقدمتها أسبانيا بتراب الفلوس، حتى رفعت بعض المدن هناك لافتات كتب عليها "شكرا لمصر على الغاز الرخيص"، ثم الصراع الكبير الذى نشأ عن إصرار القيادة السياسية على تصدير الغاز لإسرائيل حتى تتلالأ مستوطنات ومدن صحراء النقب وتل أبيب.

ولكن شيئا لن يقنع من يحكموننا بأن النظر الى مصلحة الشعب واجب تحتمه عليهم مواقعهم التى يحتلونها إحتلالا وغصبا.

وبات السؤال المهم .. أى حكومة "وطنية" تلك التى تدير أمورنا ؟؟ .. ومن هؤلاء القابعين فوق رقابنا ؟؟.. حقيقة لا أحد يعرف "مين دول؟" والى أين سيذهبون بنا بعد أن بدأ عصر العطش والظلام؟؟


حسن الزوام

الأحد، ٢٢ أغسطس ٢٠١٠

كيف تحول شهر الصيام .. الى موسم للإستهلاك




من الفاطميين.. الى طارق نور

كيف تحول شهر الصيام .. الى موسم للإستهلاك

شرع الله شهر رمضان الكريم وعبادته الأساسية هى الصيام عن الطعام .. لتهذيب النفس بطاعة أمر الله .. والإحساس بالحاجة لمدة ساعات يوميا فى شهر واحد بالعام .. ليدرك القادر أهمية ما يتعامل معه طوال العام على أنه أمر مسلم به .. ولا قيمة له .. وهو الطعام والماء .. ومن هنا كانت أهمية الصيام.

ويعد شهر رمضان منحة إلهية، وهبة ربانية، يتحقق فيها الفرد والمجتمع بمعانى تزكية النفس، وتعزيز القيم الروحية .. فمن أكثر ميزات شهر رمضان أنه يدفع الإنسان إلى تنظيم حياته اليومية، وحمايتها من السفه، وترشيد أنماط استهلاكه ليصبح استهلاكا نافعا بدون أى أو تبذير، والسيطرة على شهواته الإسرافية.

لكن الواقع الغريب الذى نعيشه فى أيامنا تلك هو أننا قلبنا الصورة رأسا على عقب .. وحولنا شهر رمضان "حيث الصيام" الى شهر "الاستهلاك" .. حيث الإسراف فى التهام الطعام والمشروبات .. وكأنه كرنفال ممتد على موائد الطعام 30 يوما فى الشهر.

والسؤال .. كيف تحولت فلسفة الشهر الكريم الى هذه الصورة؟؟ .. وكيف تغلغل النمط الاستهلاكى لحياتنا .. ومن وراء هذا التحول أو التحويل فى حياتنا.

أصل الحكاية

الفاطميون .. استغلوا الاسراف فى موائدهم الرمضانية للتقرب للشعب .. والشعب قبل الهدية

يقول الدكتور زاهى حواس الأمين العام للمجلس الاعلى للاثار فى أحد أبحاثة المنشورة حول "الاحتفالات المصحوبة بمقدم شهر رمضان" أن الدولة الفاطمية كانت أول قادت عملية تغيير العادات المصاحبة لشهر الصيام، فبعد أن من كان الناس فى صدر الإسلام يستعدون لمقدم الشهر الكريم عن طريق زيادة جرعة العبادات،‏ فبجانب تأدية الفروض كانوا يتسابقون فى قراءة القرآن الكريم بنهار وليل رمضان وقيام الليل إلى مقدم الفجر،‏ ولم يمنعهم ذلك من العمل بكل جد، وأمانة ولم تختلف هذه المظاهر كثيرا خلال عصر الخلفاء الراشدين ومن بعدهم العصر الأموى والعباسي.

وكانت بداية ظهور هذا النمط الإسرافى والتفنن فى تقديم الطعام والشراب والربط بين شهر "الصيام" و"الطعام"، على أيدى الفاطميين، وتحددا من خلال الموائد التى كان الخليفة يقيمها وتقاس بالأمتار، وهو ما انتشر فى عموم الدول الاسلامية مع اتساع حدود الدولة الفاطمية التى اشتهرت بالاحتفالات والأعياد، وان تضخمت تلك الظاهرة فى مصر التى كانت الدولة الوحيدة التى تملك منذ آلاف السنوات أعيادا متأصلة‏.‏

ورغم أن حكام الدولة الفاطمية لم يكونوا من دارسى علوم الاتصال السياسي ولا التسويق، الا أنهم استغلوا شهر رمضان لتحقيق أكبر تواصل لهم مع الشعب، وكان مطلع شهر رمضان هو المناسبة الأهم لدى الخليفة فى هذا العصر، وكان يخرج على رأس موكبه ليجوب الشوارع المحيطة بقصره مرتديا أفخم الثياب ومعه جنوده وحاشيته يجوبون الشوارع، وينثر الخليفة المال على الناس حتى يعود الى قصره فى شارع المعز‏، وكان أصحاب المحال والحرف يستعدون لهذا الموكب بتعليق الزينات وتنظيف الطريق،‏ وعرض بضائعهم لكى يتأكد الجميع من وجود البضائع والسلع بالبلاد.

وفى اليوم الرابع من شهر رمضان وإلى اليوم السادس والعشرين ينظم قصر الخليفة "المائدة الكبيرة" فى قاعة الطعام بقصر الخليفة،‏ ويأتى المئات من أقارب حاشية الملك والخدم والمعاونون ومعارفهم للأكل من "مائدة"الخليفة التى كان يقوم على تحضيرها عشرات من الطباخين ومساعديهم‏، ويظل الناس يأكلون ويشربون ولا ينصرفون إلا لصلاة العشاء،‏ ليس هذا فقط بل كان بإمكانهم أن يأخذوا من الطعام ما يكفى لسحورهم وأهلهم فى بيوتهم‏.‏

وكان الخليفة يستغل تلك المائدة خير استغلال حيث يجلب الشعراء الى شرفة قاعة الطعام لإلقاء قصائد تمدحه وأخلاقه وكرمه وفضله، الى جانب قارئي القرآن والمؤذنون والوعاظ.

وكما كان يفعل فى موائد الإفطار .. كان يتكرر فى السحور .. وفى اليوم التاسع والعشرين من رمضان يمنح الخليفة عطاياه للمؤذنين والقارئين فى ليلة ختام الشهر،‏ التى تشهد شرفتها ذكر آيات القرآن وقصائد مدح الشهر الكريم، وبعد الوعظ والدعاء وتكبير المؤذنين يهلل الجميع وينثر الخليفة عليهم الدنانير من الشرفة.

ومنذ أن ابتدع الفاطميون هذا الربط بين شهر رمضان والاحتفالات والاسراف فى تقديم الطعام .. حافظ المصريون على تلك المظاهر .. كما حافظوا على أعيادهم الفرعونية .. وكل أعيادهم واحتفالاتهم على مر التاريخ .. ومنهم انتقلت الى الدول المجاورة.

شركات الكولا والـ "شيبس" والمسلى الصناعى استعملوا النجوم لبيع سمومهم فى رمضان

ترويج الموت والمرض .. بين أسطورة التليفزيون .. وملوك الإعلانات

فى العصر الحديث كانت حقبة الثمانينيات من القرن الماضى هى نقطة فاصلة فى تغيير النمط الاستهلاكى للناس فى هذا الشهر .. وفى هذه الحقبة التى شهدت توسع الشركات متعدية الجنسيات فى الأسواق المصرية مثل شركات المشروبات الغازية "كوكاكولا وبيبسي كولا، وشركات رقائق البطاطس "شيبسى"، ودخول مصر سوق استيراد زيت النخيل، وهو ما تزامن مع اتساع ثورة التكنولوجيا ودخول التليفزيونات كل بيت فى مصر.

كان ظهور التليفزيون هو نقطة البداية فى تحول ثقافة الإستهلاك فى مصر، ونجح عميد شركات الإعلان "طارق نور" وأخوته فى قيادة هذا التحول .. فقنوات التليفزيون زادت من قناتين فقط وهما القناة الاولى والثانية الى 10 قنوات محلية وإقليمية وناطقة بالإنجليزية، وهو ما وفر مساحات زمنية كبيرة لاستقبال ثورة التسويق القادمة بقوة.

كيف دخلت "الكولا" فى صلب المائدة المصرية

بعد أن كانت المياه الغازية من المنتجات التى تتعرض للركود طوال شهر رمضان، أنفقت شركات "الكولا والصودا" ملايين الجنيهات خلال التسعينات من القرن الماضى، للربط بين "المنتج" و"الصيام"، والربط بين عطش الصائم .. والارتواء من منتجاتها، وجندت فى سبيل ذلك عدد كبير من مشاهير الفن والرياضة، واستخدمت كافة أنماط الدعاية من الإعلانات التشويقية وذات الإيحاءات الجنسية والكوميدية وحتى الإعلانات ذات الاجواء العائلية، لتصبح المياه الغازية الآن فى الألفية الثالثة هى الفاصل المشترك على موائد الصائمين رغم قائمة أضرارها – المثبتة ببحوث علمية - التى تبدأ بتآكل الأسنان وتنتهى ومرض السكر وهشاشة العظام، مرورا بالأرق والصداع والحموضة وتوتر الجهاز الهضمي، ويكفى فقط معرفة أن المشروبات الغازية تصنع من الماء المعالج مع غاز ثاني أكسيد الكربون، وإضافة مواد تحلية ولو ونكهات وأحماض مثل حمض الفوسفوريك، وحمض الستريك، ومادة الكافيين التى تعادل فى العبوة الواحدة الموجود فى فنجان القهوة.

الـ"شيبس" .. رقائق الأمراض

نفس الأمر نجحت شركات الدعاية فى ترويجه بين المصريين وهو شرائح البطاطس "شيبس" التى تحولت من "مقرمشات" مضرة، الى جزء رئيس من مائدة رمضان، ونجحت شركات الدعاية العملاقة فى إقحام الـ"شيبس" فى الموضوع، عبر حملات إعلان مكثفة إستخدمت نفس النمط الامريكى فى التسويق من خلال نجوم السينما والدراما، الذين إرتضوا الترويج لتلك السموم المعبأة فى أكياس ملونة، وترويجها بالأساس بين الأطفال، رغم أضرارها الكبيرة كاحد مسببات السرطان وأمراض القلب وإرتفاع الكوليسترول وأمراض الكبد، والسمنة لدى الاطفال بسبب الألوان والنكهات التى تضاف للبطاطس والزيوت المهدرجة المستخدمة فى تسوية الرقائق، الى جانب الكارثة الأكبر التى كشفها لى عميد كلية الزراعة بأحد الجامعات من أن شركات الـ"شيبس" تضع مبيدات على حبات البطاطس أثناء تخزينها لفترات طويلة لضمان عدم نبت الدرنات من حبات البطاس خاصة مع تخزينها فى أجواء رطبة.

ولكن من أجل الأرباح الوفيرة والمكاسب العملاقة – لاحظ زيادة عدد شركات الـ شيبس" فى مصر خلال السنوات الخمس الأخيرة - تضرب شركات رقائق البطاطس - ونجومها الذين تستعملهم - عرض الحائط بهذه المخاطر فى مقابل ترويج هذه السموم وإدخالها فى صلب موائدنا الرمضانية، ودعم الثقافة الاستهلاكية.

سمن زيت النخيل .. بوابة أمراض القلب

قادت شركات المسلى الصناعى وكيانات الدعاية العملاقة فى مصر - مدعومة بالفقر وضيق ذات اليد - أكبر عملية تحويل لعادات المصريين، بترويجها للمسلى الصناعى، المصنعة الدهون المشبعة الضارة مثل زيوت النخيل، وتحول شهر رمضان خلال السنوات الخمس عشر الماضية الى أكبر كرنفال للترويج "للسمن" الصناعى رخيص السعر، عن طريق حملات الاعلانات المكثفة، التى تتحدث "عن طعم الفلاحى" و"ريحة القشطة" و"لون الزبدة الصفراء".

فبعد أن حاربت الدول المنتجة لزيت النخيل و"معظمها دول أسيوية" لإدخال مصر – أكبر مستورد للزيوت فى العالم – فى هذا السوق فى السبعينات، وهو ما رفع سعره عدة أضعاف، قامت بدعم الشركات المستوردة لتوسيع استهلاكه فى مصر، واستبداله بالسمن البلدى والزبد والزيوت المعروفة، وبالفعل نجحت تلك الشركات، وأصبح رمضان هو شهر اعلانات "سمن زيت النخيل"، رغم أن تلك الزيوت من اهم مسببات إرتفاع نسبة الكوليسترول فى الدم وأمراض القلب والسمنة، وهو ما دفع الدول المتقدمة الى تجريم إستخدام كل انواع المسلى والسمن الصناعي فى الوجبات بالمطاعم، اما نحن فلازلنا نبيع المرض للناس فى نهار وليل رمضان.

يوميات فاتورة النهم الرمضانى

مع كل دقة مسحراتى .. ننفق مليار جنيه على الطعام .. ثم نرمى 60% منه فى القمامة

هل يعقل أن ينفق المصريين فى رمضان هذا الكم من المال ويلتهون تلك الاطنان من الطعام .. فالارقام التى ترصد سفه المصريين فى الصرف على بطونهم فى شهر الصيام مفزعة الى حد كبير .. فهذا تقرير للبنك الدولى يؤكد ان المصريين يستهلكون من الطعام ما يوازى 14 ضعف استهلاكهم فى غير رمضان، وتلك تقديرات لجحم هذا الانفاق تصل الى مليار جنيه يوميا، وهذه دراسة علمية صادرة عن مركز البحوث الاجتماعية والجنائية‏‏ والجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى مصر، تقول أن المصريين ينفقون على الطعام سنويا‏ 200‏ مليار جنيه‏، يستأثر شهر رمضان وحده بـ ‏15% من هذه النسبة، أى ما يعادل ‏30‏ مليار جنيه شهريا.. والعجيب والغريب أن أكثر من نصف هذا الكم المهول من الطعام - 60% منه تقريبا - يلقى فى القمامة.

600 مليون فى صناديق القمامة

وإذا صحت تلك الأرقام التى تتداولها وسائل الإعلام فإن ذلك يعنى أن الشعب المصرى الذى يعيش قطاع كبير منه تحت خط الفقر يلقى 600 مليون جنيه فى هذا الشهر الكريم فى صناديق القمامة التى تستقبل سنويا 25 مليون طن من المخلفات تمثل أكبر نسبة لنصيب المواطنين من "الزبالة" على مستوى العالم، ويستأثر شهر رمضان بأعلى شهور العام انتاجا للمخلفات بمتوسط 3 ملايين طن تقريبا خلال الشهر.

ووفقا لإحصائيات الأنفاق والتى تعود الى عام 2004، فإن الأسبوع الاول من شهر الصيام يشهد التهام المصريون لـ7،2 مليار رغيف خبز، ونحو 3،8 ألف طن لحوم حمراء و40 مليون دجاجة ونحو 12 ألف طن من الأسماك و15 ألف طن مسلي و25 الف طن زيوت ونحو 11 ألف طن جبن ابيض و5،7 طن زبادي و85 ألف طن سكر ونحو10 آلاف طن فول و858 الف طن دقيق، وتقول الدراسات أن ‏83% من المصريين يغيرون عاداتهم الغذائية خلال شهر رمضان، حيث يرتفع استهلاك الحلوى بنسبة ‏66.5%، بينما يتزايد استهلاك اللحوم والطيور بنحو ‏63%، والمكسرات بنسبة ‏25%.

وإذا ما قمنا بتحديث تلك البيانات وفقا لنسبة الزيادة فى السكان فإن هذه الأرقام ستصبح قابلة للزيادة بنسبة لا تقل عن 10% فى وقتنا الحالى.

ويرى الخبراء أن ما يفعله المصريون فى شهر رمضان هو نوع من النهم الاستهلاكى غير الرشيد ويحتاج الى توعية للكف عن هذا الا ستهلاك الذى يضر بميزانيات الاسر فى هذا الشهر فمعدل إنفاق المصريين خلال الشهر الكريم يتزايد بنسبة تتراوح ما بين 50 إلى 100% رغم ارتفاع معدلات التضخم والإرتفاع الرهيب فى الأسعار.

خمسة أضعاف الأمريكان

ووفقا للدراسات الحديثة فأن متوسط الاستهلاك خلال شهر رمضان من اللحوم يزيد من 17 إلى 30 ألف طن، ومن الدواجن يرتفع إلى 120 مليون دجاجة، مقابل 60 مليون فى الشهور الأخرى وفى الزيوت يزيد من 60 إلى 75 ألف طن، كما يرتفع متوسط الاستهلاك من السمن النباتى من 25 إلى 75 ألف طن، واستهلاك السكر يزيد من 175 إلى 250 ألف طن للإسراف فى الحلويات الرمضانية.

إسراف المصريين لفت نظر العالم أجمع وهو ما دفع وحدة معلومات مجلة الأيكونوميست البريطانية بعمل مقارنة بين إنفاقهم على الطعام والذى بلغ بقيمة ‏45 ‏مليار دولار فى عام ‏2009، بنسبة ‏47%‏ من الإنفاق المنزلي بالنسب العالمية التى بلغت ـ‏32%‏ فى الصين و‏15%‏ فى الكويت و‏14%‏ فى الامارات العربية و‏26%‏ فى السعودية فى حين أن هذه النسبة تنخفض إلى ‏12%‏ فى المملكة المتحدة و‏9%‏ فقط فى الولايات المتحدة‏.

الاثنين، ١٦ أغسطس ٢٠١٠

شوية مليارات


تقول الحكمة المصرية القديمة .. "التاجر لما يفلّس .. ييدوّر فى دفاتره القديمة" .. تلك الحكمة تقول ما معناه أن هذا التاجر حين يكون غنيا قويا متعافى يتجاهل ديونه لدى الاخرين .. أو يهمل فى تحصيلها .. وحين يفلس يبحث عن كل قرش يمكن استرداده لأنه بفقره وضعفه "يعرف قيمة كل قرش".

بالأمس قرأت خبرا يقول أن الخبراء فى بلادنا كشفوا عن امكانية توفير نحو ‏916‏ مليون دولار تضيع سنويا بسبب الفاقد فى عملية إنتاج رغيف الخبز فى مصر، والعهدة على الخبر المنشور بجريدة الأهرام يوم الاثنين 16 أغسطس الجارى الصفحة الثامنة عشر.

تقول تفاصيل الخبر أن "دراسة أولية" أجريت مع الامم المتحدة أكدت ان هذا الوفر الذى يقترب من المليار دولار يمكن ان يتحقق من خلال رفع كفاءة العملية الانتاجية بما يوفر ‏50%‏ من تكلفة الانتاج دون اى تأثير على سعر الرغيف أو كمية الانتاج‏.‏

مليار دولار سنويا – أو ما يوازى 5 مليارت جنيه مصرى - كان يمكن توفيرها وهو رقم ليس صغيرا ولا هينا .. ويمكن أن نقول أن إجمالى هذا التوفير لو كان قد تم منذ عام 1981 .. فإنه يقترب من إجمالى ما حصلت عليه مصر من المعونة الأمريكية .. وهو ما كان يقتضى أن تتصرف الحكومة حياله من زمن طويل .. وليس اليوم فقط .. تحت ضغط أزمة القمح .. وضغط الدعم على الموازنة.

ولكن دعنا من الحساب فى الماضى .. لنلفت النظر الى إيجابية هذا التفكير بعلاج الأزمة أو جزء منها من المنبع .. وهو ما يحسب للدكتور على مصيلحى وزير التضامن الاجتماعى الذى اصدر قرارا بتشكيل فريق بحثى يتولى دراسة النهوض بالاساليب الفنية لعملية انتاج الخبز فى جميع مراحله بدءا من عملية الشراء وانتهاء بخروجه من المخابز إلى المستهلك‏.

ولكن أفضل ما جاء فى الخبر أن فريق الخبراء هذا "تم تشكيله تنفيذا لبروتوكول تعاون تم توقيعه بين الدكتور محمد فرغلى رئيس الاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا وأحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية ورئيس غرفة الاسكندرية للاستفادة بالامكانات البحثية للأكاديمية لمعاونة الغرف التجارية على تطوير الاسواق ورفع مستويات الجودة لجميع السلع وفى مقدمتها رغيف الخبز فى إطار اهتمامات وزارة التضامن".

ولأنى رأيت عن قرب الإمكانيات والخبرات العلمية التى تملكها الاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا .. وكتبت فى السابق عن حسرتى لعدم استفادتنا منها .. فإنى أراهن على نجاح هذا الفريق الذى يضم خبراء من هولندا وغرفة الاسكندرية الى جانب أساتذة الاكاديمية فى مجال سلاسل الامداد واللوجستيات ومن بينهم د‏.‏ خالد حنفى عميد كلية النقل الدولى واللوجستيات ود‏.‏ مصطفى رشيد وكيل الكلية واحمد حسن نائب رئيس غرفة الاسكندرية‏.

وقد اقترحت لدراسة التحول لمرحلة الانتاج بكميات كبيرة عن طريق مطاحن ومخابز عملاقة وهى عملية لاتحتاج لاستثمارات ضخمة ولكنها تؤدى لتقليل الفاقد إلى أقل قدر ممكن،‏ وأضاف ان هذا التقرير الأولى يقتصر على مرحلتى المطاحن والمخابز إلا ان المراحل التالية سوف تغطى جميع مراحل سلسلة الإمداد للقمح ابتداء من الشراء حتى الاستهلاك وتضم ‏8‏ مراحل هي‏:‏ الشراء والشحن ثم التداول والصوامع ثم النقل الداخلى والمطاحن ليتحول إلى دقيق وبعدها إلى المخابز وانتهاء التوزيع‏.‏

وما فهمته من الخبر أن العملية الـ 8 تشهد فقدان كبير من القمح قبل طحنه ومن الدقيق أثناء توزيعه على المخابز .. وكلها أمور يمكن تجنبها .. وإذا دققنا النظر فى تفاصيل كتلك فربما سنجد مئات الأمور التى يمكن تجنبها وتوفر مليارات أخرى .. وهكذا ربما نصحو يوما ما ونجد أنفسنا دولة غنية لمجرد أننا قلبنا فى "دفاترنا الجديدة".


حسن الزوام

الاثنين، ٩ أغسطس ٢٠١٠

"رمضان الأصلى": 7 حاجات ممكن تعملها بعد الإفطار غير مشاهدة الفضائيات


"كل شئ حصرى" .. وهكذا يخشى المرء على نفسه من أن يتحول رمضان بمرور الأعوام الى مجرد كرنفال للمسلسلات وبرامج الكوميديا والفضائح والمسابقات .. والتركيز على خصوصية الشهر من خلال قدرة كل قناة فضائية على جلب أكبر عدد من المسلسلات .. فالظاهرة تتزايد وتتسع .. حتى تحول الشهر الفضيل الى سوق لبيع كل شئ .. ونسيان أن رمضان هو فى ذاته "شهر حصرى بطبيعته" يختص وحده بالصيام اليومى .. والقيام وصلاة التراويح وعدد كبير من الخصال التى أنزلها لنا الله فى قرآنه الكريم .. وفسرها فيما أوحى به على الرسول الكريم فى سنته .. وكلها أبعد ما تكون عن رمضان بشكله الحالى .. الذى يجرفنا اليه التجار.

إنهم تجار من كل نوع .. يستثمرون فى "خصوصية الشهر" بتدمير "خصوصيته" من الأساس .. فبين مئات المسلسلات والبرامج والفوازير لم يظهر رمضان بعد .. ولا وقت لمن يستجيب لدعوات "أولئك الحصريين" ليقوم بأى شئ من رمضان الذى أوصانا به الله ورسوله .. كشهر "حصرى" فى العام .. يختص به الله أيامه بالبركة .. والخير .. والمغفرة .. وقبول الدعاء .. ورفع الأعمال الصالحة.

لذلك سنواصل الصراخ .. ولن نمل .. سنكرر ما قلناه من قبل .. ان رمضان ليس شهر المسلسلات والحكايات، بغض النظر عما تحتويه من مظاهر لا تتناسب مع قدسية الشهر .. عبر قدر أكبر من العرى تتنافس فيه نجمات الأثارة .. مع مطربات هز الأرداف .. تلك فى المسلسل .. وهذه فى الفوازير.

سيل من الملايين التى تنفق من أجل "التسلية" .. و"خطف الأنظار" .. وبالتالى بيع وقتك وإهتمامك لشركات الاعلانات .. وبدورها تبيع شركات الاعلانات قدرتها على "تجميدك مثل الشخص المنوم مغناطيسيا" امام الشاشات الى الشركات الأخرى التى تعتبر شهر رمضان موسم البيع والربح السريع.

هكذا تتحول "أنت" الى سلعة .. تبيع الفضائيات تركيزك بملايين الجنيهات .. الثانية الواحدة من وقتك تدر دخلا على هؤلاء .. وكلما زادت قدرتهم على "استعبادك" حصريا .. كلما زادت مكاسبهم .. وعندما تفاجئنا صلاة العيد .. نكتشف أن الشهر انتهى ولم نستفد منه شيئا .. وأننا عشنا رمضان "الفضائيات" .. شهر فرز تالت .. ونسينا رمضان "الأصلى".

"ملوك الحصرى" يبيعون وقتك ويربحون .. وأنت الخاسر الوحيد

"رمضان الأصلى": 7 حاجات ممكن تعملها بعد الإفطار غير مشاهدة الفضائيات

شرع الله صيام شهر رمضان فى العام الثانى بعد هجرة الرسول .. ومنذ أن فرض الله على المسلمين هذا الأمر الربانى .. قبل 1429 عاما .. لم تتغير عباداته وفرائضه .. ولكنها اليوم باتت عرضة لموجة عاتية من التشويش .. تكاد تقطع الإرسال بين العبد وواجباته .. وتستحوذ على وقته وتركيزه .. بما بات يهدد إلتزام المسلم بفرائضه.

نحن هنا لن نذكر كل مسلم بفروضه فى الشهر الكريم .. وهى الصوم والصلاة .. لكننا نذكره بأن الوقت الذى يملكه وهو المتحكم الوحيد به، وأصبح السلعة الرابحة لسماسرة رمضان "إن كان خاليا ومتاحا".. يمكن قضاؤه فى أمور كثيرة .. تعالوا نتذكرها سويا.

1- قراءة القرآن .. (التفقه فى الدين)

متى كانت أخر مرة قرأت فيها كتاب الله بالكامل .. ذلك الكتالوج الربانى للدين الخاتم الكامل .. الذى وسع كل شئ علما .. هل تفعلها فى شهر رمضان كل عام .. أم أنك لم تنجح فى ختام القرآن قبل ذلك .. فى الحالتين .. يبقى قراءة جزء واحد من القرآن يوميا هو البديل رقم واحد من إضاعة وقتك أمام فضائيات تبيعك لمن يدفع أكثر.

ضع لنفسك جدول .. وإختار التوقيت المثالى المناسب لك لقراءة جزء كامل من القرآن يوميا .. هل يناسبك الساعة التى تسبق الإفطار .. أم قبل ساعة من موعد نومك .. أم تفضل الساعة التى تسبق أذان الفجر .. أو تلك التى تليه.

لسنا هنا فى موضع مقارنة .. ولكن هذا هو الشهر الأفضل كل عام للقيام بهذا الأمر .. والذى يمكن من خلاله أن نتفقه بالدين بقراءة القرآن .. والبحث عن التفاسير، فننعم بثواب القراءة والمعرفة .. ويكون القرآن شفيعا لنا يوم القيامة.

2 - صلة الرحم .. (زور أهلك وناسك)

هل لك عائلة ؟؟.. أم إنك مغترب ؟؟ .. لو كنت مقيما فى بلدك وسط عائلتك .. حاول أن تتذكرهم .. أبوك وامك .. جدك وجدتك .. إخوتك .. وأخواتك .. أعمامك وأخوالك .. عماتك وخالاتك .. وأبناؤهم .. متى كانت أخر مرة رأيتهم ؟؟.. هل تفتقدهم ؟؟.. هل بينك وبين أحدهم خلاف ؟؟.. ألم يأت الوقت لتصفيته؟؟ .. الأن لديك الفرصة لزيارتهم .. فتتبع دعوة الرحمن بصلة الرحم .. ووصية الرسول بزيارة أولى القربى .. ضع لنفسك جدول فى رمضان .. وقم بزيارتهم لتشاركهم الإفطار أو حتى السحور .. أو إدعهم لزيارتك .. فيصيبك أجر إطعام الصائم .. وحين ينتهى الشهر الكريم .. ستبقى وجوهم عالقة فى ذهنك .. ولن تشعر بقيمة الوقت الذى خصصته لهم الا حينما ترى السعادة ترتسم على وجوههم وأنت تقتسم معهم الذكريات .. والحكايات .. وتعطى إن كنت قادرا .. أو يصيبك كرم الشهر إن كنت محتاجا .. وتأكد أنك حين تهبهم وقتك فإنه أفضل ألف مرة من خسارة وقتك فى بورصة "الدراما والفوازير" .. التى لا يربح من ورائها الا اولئك الذين يريدون سرقة شهر رمضان منك.

3 – الإطمئنان على أصدقاء الطفولة .. (عشرة العمر)

هل تتذكر أصحابك؟؟ .. أصدقاء الطفولة .. أولئك الذى تقاسموا معك "تختة المدرسة" أو مدرج الجامعة .. أو شاركوك شقاوة الطفولة وألعاب الشارع .. هل بقيت علاقتك بهم صامدة حتى الان .. لماذا لا تتواصل معهم ؟؟ .. قم بزيارتهم وإطمئن على أحوالهم .. تذكر معهم أيامك الأولى .. وطرائف الطفولة .. إطمئن على أهلم من كانوا بمثابة أهلك يوما ما .. كن أنت سببا فى تجميع من فرّقتهم الأيام .. وألهاهم الروتين اليومى عن تذكر رفاق حياتهم .. وربما حان الوقت لتكون سببا فى قضاء حاجة لأحدهم بتكليف ربانى .. أو أن يكون أحدهم سببا فى قضاء حاجة لك حان وقت قضاؤها .. ففى زيارة الرفاق فوائد عدة .. وقضاء الوقت معهم فى طاعة الله .. أحب وأنسب لشهر رمضان من إستسلامك لمخططات "سحر الميديا" الذى يسرق الوقت والتركيز ويضيع فضائل الشهر الكريم.

4– ممارسة الرياضة .. (الدورات الرمضانية)

إرتبط شهر رمضان لسنوات طويلة – قبل إستيلاء ملوك "الحصرى" عليه – بعادة حميدة ظل الشباب يداوم عليها بإستمرار، قبل أن تتعرض للتآكل والضياع بالتدريج، وهى ممارسة الرياضة، وتنظيم الدورات الرمضانية .. فى كل شارع كانت هناك منافسات ومسابقات بين فرق يتم تشكيلها للعب كرة القدم أو أية لعبة أخرى .. فإن كان عمرك مناسبا لممارسة الرياضة فبادر بشغل وقتك فى ممارسة الرياضة فى أى مكان .. فى الشارع .. فى الساحات .. فى مراكز الشباب .. فى الاندية .. أو حتى مع مجتمع عملك .. وإن كان عمرك لا يسمح أو لا تساعدك صحتك .. فتولى أنت مسئولية التنظيم وتجميع الناس .. فممارسة الرياضة مع الصيام ترفع لياقتك البدنية .. وتزيد من قدرتك على التحمل .. وتحسن وظائف الجسم .. وبعد الإفطار والصلاة تساعد على الهضم.. وتنشيط الدورة الدموية لتستعد لصيام يوم جديد .. وحين ينتهى الشهر .. ستشعر أنك أصبحت أكثر قدرة على الإنجاز والحركة .. وقدمت لجسمك خدمة العمر .. بدلا من أن تحبسه أمام شاشة لا يتوقف سيلها .. فتصلب مفاصلك .. وتضر جسمك .. وتحرمه من طاقة وتجديد يمكن أن ينفعوه.

5– الأعمال التطوعية .. (ساعد أهل الخير)

إرتبط شهر رمضان بالكرم .. لقدرة الأنسان على العطاء فى ظل "كورس" التهذيب الروحى الذى يناله المسلم بالصيام الذى يسيطر على العرائز والشهوات .. لذلك تكثر فى رمضان أعمال الخير والعطاء .. ويمكن الاستفادة من الوقت المتاح لديك للمشاركة فى أعمال الخير .. فيمكنك أن تختار أقرب مكان يقوم بإفطار الصائمين من خلال موائد الرحمن .. والمساهمة بإعداد الطعام لليوم التالى .. أو المساعدة فى إعداد مكان المائدة قبل أو بعد الإفطار .. كما يمكنك العمل مع جمعيات المجتمع المدنى التى تمثف أعمال الخير خلال الشهر الفضيل .. وتقديم العون البدنى لهم .. وفى هذا فضل كبير .. استثمارا لوقتك وجهدك ومالك .. كما بإمكانك أن تساعد فى تشجير المنطقة الذى تسكن بها .. فتساهم فى حماية البيئة .. أو تنظيم حملة صيانة وتجميل للحى .. سواء بالاشراف والدعوة الى ذلك .. أو بتنفيذه بيدك .. وحينها ستدرك قيمة وقتك الذى قدمته .. مع كل ورقة شجرة تكتسب خضرتها برعايتك .. وكل شبر نظيف ساهمت فى منحه واقع أفضل .. وبإمكانك أن تنظم أو تشارك فى رحلات زيارة دور الأيتام .. أو بيوت المسنين .. وصدقنى ستشعر بسعادة غامرة .. وإمتنان بالغ لله الذى منحك القدرة على رسم الابتسامة على شفاه الناس.

6– كن حيث الهواء الطلق .. (تقرب من أولادك)

رمضان هذا العام .. يجيئ فى طقس حار للغاية .. فدرجة الحرارة الملتهبة .. والرطوبة العالية .. البقاء فى البيت أمرا غير مستحبا .. وحتى لا تصبح سلعة تباع وتشترى .. فلديك فرصة عظيمة .. لقضاء بعض الايام فى الهواء الطلق .. بإمكانك أن تتقرب من أولادك الذين تنشغل عنهم فى باقى العام .. فلماذا لا تصطحبهم وتزور الأماكن التاريخية .. ضع لنفسك جدول وحدد أربعة أماكن تزور واحدة منها مرة فى الاسبوع .. ولدينا فى مصر قائمة طويلة بالاماكن والمناطق من الحسين وحتى الأزهر مرورا بالقاهرة القديمة بعد تطويرها .. ولدينا النيل العظيم .. والحدائق العامة .. والمناطق الفرعونية والمعابد.

خصص لأولادك ولو يوم واحد كل أسبوع على مدار شهر رمضان .. وحدد هدفك وفقا لقدرتك المادية .. وانطلق فى الأجواء المفتوحة .. تكلم مع أسرتك .. أشرح لصغارك ما تراه .. علمهم شيئا مفيدا .. وأجعل أعينهم ترى وأيديهم تلمس ما حولهم .. ولا تجلس فى البيت سجينا تمتثل لأوامر من يطلب منك عدم الإقتراب من "الريموت كنترول" .. فمن خلاله ستبقى تحت السيطرة .. حتى تفاجأ بنهاية الشهر الكريم.

7– إقرأ .. (كن على إطلاع)

إقرأ .. إنه الأمر الربانى الأول .. وفى رمضان فرصة كبيرة للقراءة والإطلاع .. إختار لنفسك عدد معين من الكتب .. لتكن 4 أو 3 .. وحدد لنفسك ساعة قراءة يومية .. حددها وقتما تشاء .. وقسم عدد صفحات الكتاب على أيام الأسبوع .. وإبدأ فى القراءة.

هل تعرف أننا من أقل شعوب العالم فى القراءة .. وأن ما يقرأه طفل أمريكى يصل الى أضعاف ما تقرأه أنت .. وأن ما يقرأه رجل أوروبى يساوى وحده ما يقرأه 220 مواطن عربى .. فالقراءة عادة مهملة لدينا نحن الشعوب العربية .. ونحن كمصريين أصبحنا الأقل قراءة .. رغم وجود مبادرة كبيرة مثل مبادرة "القراءة للجميع" التى قدمت للناس أقيم الكتب بأسعار خيالية تصل الى عُشر ثمنها الحقيقى.

لذلك يجب استغلال الوقت المتاح فى شهر رمضان فى القراءة .. فتصبح أكثر إطلاعا ومعرفة .. بدلا من أن تجرجرك برامج التفاهة الى بئر السطحية لتغرق فيه.

إنهم يلعبون هوكى الجليد


لدى دولة الكويت الشقيقة ودول الطفرة النفطية فى الخليج العربى .. هبة من الله إسمها البترول .. ذلك الكنز الذى تفجر فى القرن الماضى فأصبح هو "الحياة" .. وهو "الثروة" .. وهو "المستقبل".

ولطالما كان لأشقائنا فى بلاد الطفرة حكايات كثيرة سمعناها فى نهايات القرن الماضى عن مظاهر البذخ والفشخرة المبالغ فيها فى عواصم الغرب .. تلك الحكايات التى تكاد تندثر بعدما أصبحت الثروة مستقرة .. والأبهة أمرا عاديا .. والرفاهية حقا مكتسبا لكل شعوب الخليج .. حتى أن ممارسات الخليجيين مع العاملين فى بلادهم اتسمت أحيانا ببعض الرقى .. مقارنة بأيام سابقة أذاق فيها "بعض الكفلاء البدو" العاملين لديهم من صنوف الإهانة والإذلال.

كان إخواننا الخلايجة ينفقون أموالهم ببذخ غير طبيعى فى مظاهر الرفاهية المبالغ فيها .. حتى أدركوا وعرفوا أن ثرواتهم الطبيعية الى زوال بحلول منتصف القرن القادم على أقصى تقدير .. فقرروا أن يستثمروا أموالهم للمستقبل .. وأنشئت تلك الدول صناديق للأجيال القادمة هى الأكبر والأغنى عالميا، ويتم استثمار تلك الأموال فى كل ما يدر المال، فأصبحت مساهمات مواطنى تلك الدول فى الكيانات الدولية العملاقة هى الأعلى .. وشركاتها هى المسيطرة .. وبلغت طموحاتهم سقوف لم نعتد عليها نحن العرب .. حتى وصل الأمر بشركة إماراتية أن سعت لإدارة الموانئ الامريكية.. كما ضمت قوائم أثرياء الكوكب عشرات الأسماء من بلاد لغة الضاد .. وتصدرت البنوك الخليجية المراكز المتقدمة بين بيوت المال فى العالم، رغم أن أقدمها لا يتجاز عمره الـ 50 عاما.

ومع الأزمة المالية العالمية ركعت دول وانقلبت معايير إقتصادية .. وتبدلت نظريات .. ولكن المال الوفير فى يد الخلايجة أبقاهم صامدين .. أللهم من أزمات غير مؤثرة فى مستوى الرفاهية .. وخسائر فى إقتصاد المضاربات .. أصابت كلها الفقاعات غير الحقيقية مثل أسعار عقارات دبي التى كانت "حبلى بالوهم".

تغيرت صورة بعض الدول الخليجية كثيرا خلال السنوات العشر الماضية .. وأصبحت دول بالمعنى المتعارف عليه وليست مجرد قبائل تجمعت فى مكان .. وتغيرت إهتمامات مواطنيهم بمرور الوقت .. حتى أصبح منهم رواد فضاء ودعاة للتنمية المستدامة .. ومبادرين فى القضايا البيئية .. ولم يتبقى لديهم الا بعض الآفات التى ستمحى مع مرور السنين .. مثل الكسل والفراغ وبذور فساد وروتين يجب محاربتها من الآن .. وحينما ستعود الاجيال الحالية التى تتلقى تعليمها فى أرقى الجامعات العالمية، فإنها ستقود عمليات تغيير أوسع فى التخطيط والتنفيذ .. وحينها ربما تنتقل الريادة بكامل فروعها الى هناك على ضفاف الخليج العربي .. ولا أعرف كيف سيكون واقعنا نحن المصريين وقتها.

هل سنبقى كما نحن فى دوامة التراجع؟ .. أم سنفيق يوم ما؟ ..

لا أملك إجابة .. ولا تصور لتلك التساؤلات.

لكننى أعرف أن دولة الكويت الشقيقة ودولة الإمارات الصديقة .. وهما دولتان صحراويتان مناخهما حارق وقاسى .. ولا تتساقط عليهما الأمطار إلا أيام فى السنة .. ولا يتساقط عليهما الجليد بالطبع .. لديهما منتخب وطنى لرياضة هوكى الجليد .. وإحنا لأ.


حسن الزوام

الاثنين، ٢ أغسطس ٢٠١٠

دعوات المصريين


كانت درجة الحرارة قاسية علينا نحن المصريين فى الأيام الماضية .. ومع رطوبة خانقة .. تصبح الحياة فى الشارع المصرى أقرب الى السباق .. هرولة من نقطة الى نقطة .. هربا من شمس لافحة .. أو تكدس يسحب الحياة بالتدريج.

وفى هكذا ظروف .. كان الموقف ساخنا .. لم تفلح قطرات العرق التى تفر من كل جانب فى أجسامنا أن ترطب الاحوال .. أو تلطف الأجواء .. الى إكتملت الصورة بمسخرة لا نظير لها فى العالم الا فى مصر .. مسخرة تتكرر يوميا .. ومنذ عشرات السنين .. وفى ظل معارضة شعبية كبيرة .. مسخرة أقوى من الشعب بكل طوائفه .. إنها مسخرة مواكب الوزراء.

المكان والزمان : عصر يوم السبت الماضى على طريق محور 26 يوليو.. حين توقفت الحياة .. فجأة وبدون مقدمات .. تم حبس حركة الراكبون على الطريق .. فى البداية إعتقد الناس أن حادث أليم قد وقع وأن جمود الحركة ناتج عن إجراءات أمنية ربما لرفع السيارات الموجودة فى مكان الحادث واسعاف المصابين وجمع أشلاء القتلى .. ولم لا ونحن من أكثر دول العالم فى حوادث الطرق .. وأن مئات الألاف من المصريين يموتون أو يتعرضون لإعاقات مقعِدة سنويا.

لكن الوقت طال .. قفزت عقارب الساعة سريعا .. تمر 10 دقائق ولا شئ جديد .. بدأ الناس فى مغادرة سياراتهم التى تحولت تحت حرارة الشمس وضغط الرطوبة الى ميكروويف متحرك .. ركاب الأوتوبيسات جلسوا على الأرصفة .. ورواد الميكروباصات هبطوا منها بحثا عن مكان ظليل .. بلا جدوى .. وأين الظلال على طريق المحور.

مرت 20 دقيقة ولا جديد .. نصف ساعة ولا أحد ينقذ الناس من الموت اختناقا فى أوتوبيسات يقال عنها أنها مكيفة على غير الحقيقة .. أوتوبيسات من عينة الأوتوبيس رقم 370 .. بدون تكييف ونوافذ محطمة ومقاعد أقرب الى الصخر .. اوتوبيس حاله كحال مصر.

20 دقيقة أخرى والحياة تكون تكون ميتة .. حتى إمتد طابور السيارات من أمام مقر مباحث أمن الدولة العليا على طريق المحور الى مشارف مدينة السادس من أكتوبر .. طابور من السيارات الملتهبة .. بداخلها بشر يكاد يموت إختناقا.

أدرك الناس حينها أن أمرا واحدا هو السبب .. إنه موكب الدكتور أحمد نظيف .. الذى سيغادر مكتبه المكيفة بقلعة الحكم الجديدة بالقرية الذكية .. الى سيارته المكيفة .. ليسير على طريق سريع خالى من البشر.

وحين قالها أحدهم .. "ده أكيد موكب الباشا نظيف .. أصلهم بيقفلوله الطريق قبل ما يخرج من الكتب بنص ساعة" .. إنفجر الناس بالدعاء.

لا أعتقد أن الدكتور نظيف يحب أن يسمع دعوات المصريين على سيادته .. وكم المشاعر التى يكنونها تجاهه .. لكننى أعرف أن الدكتور نظيف ومن مثله ومن ينظمون تحركاته لا يأبهون لحياة الناس ولا راحتهم .. بدليل أنهم تركوا الناس فى أسوأ مناخ عرفته مصر لمدة 45 دقيقة أسرى تصرف يحتقرهم ويهدد سلامتهم .. لمجرد تأمين موكبه.. فى حالة اذلال روتينية.

ولا أعرف ان الدكتور نظيف يعرف حجم الغضب من هذا التصرف الدكتاتورى المهين ضد أناس كل ذنبهم أنهم إجتمعوا وإياه على طريق واحد .. ولا لماذا يغلق الطريق كل هذه الفترة لتأمين موكب سيادته أثناء عبوره طريق لا يتجاوز طوله 15 كم .. ولا يتجاوز زمن عبوره الـ 10 دقائق .. لكنها الفرعنة .. عادة حكامنا .. إذلال الناس .. وسلقهم أحياء ان تطلب الأمر .. وحين أدركت أن تلك الممارسة الدكتاتورية من موكب الدكتور نظيف هى حدث يومي .. وأن الدكتور نظيف حي يرزق يتحرك وبكامل حواسه .. وأن سيارته مازالت تشق الأسفلت ذهابا وإيابا وكأنها تخرج لسانها للشعب.. بات السؤال الأهم .. لماذا لا يستحب الله لدعوات المصريين؟؟.

حسن الزوام

 
خد عندك © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates