بينى وبين الدكتور محمد سيد سعيد رئيس تحرير جرية البديل المستقلة التى تعبر عن اليسار المصري ونائب مدير مركز الاهرام للدرسات الاستراتيجية دار حوار قصير على وعد بلقاء طويل، فمن من صحفيى مصر لم يكن فى حاجة للاستماع الى الرجل خلال اليومين الماضيين بحكم أنه كان الضحية الطازجة للحملة التى استهدفت "فى صدفة بليغة" 7 صحفيين، 5 منهم رؤساء تحرير من الاكثر تأثيرا والاعلى صوتا فى الصحافة المصرية، بأحكام بالسجن فى أقل من أسبوعين، وبعد أيام تعد على أصابع الايدى الواحدة من إحالة رئيس تحرير الدستور – احد المحكوم عليهم بالسجن – الى محاكمة جديدة بتهمة تسريب شائعات حول صحة الرئيس مبارك.
فالمحامى الذى قام بمقاضاة عيسى قام برفع الدعوى على الدكتور محمد سيد سعيد بتهمة السب والقذف، مما دفعنى الى سؤاله عن الهدف، خاصة ان كل ما سبق هو معطيات لا يمكن التعامل معها دون "الغرق" فى نظرية المؤامرة حول وجود تيار نافذ ومسيطر فى الحكم يحاول الان تصعيد المواجهة مع الصحافة لتكميم أفواه وقصف أقلام وترويض كتابها غير المستأنسين.
تلك الرؤية أكدها لى الدكتور محمد سيد سعيد، لكنه شدد على أنه ليس مستهدفا لشخصه، ولكن المستهدف من تلك "الغزوة" هو العودة بحقوق الناس فى مصر الى مرحلة ما قبل 2005 التى شهدت زروة الحركة السياسية منذ ثورة يوليو، والانقلاب على "العملية اللى وسعت" فكان لابد للنظام من "الرجوع بضهره فى كل شئ" فبدأ بالتعديلات الدستورية "فخربها وقعد على تلها"، ومنحنا دستور أشبه بوجه سيدة فى الثمانين أجرت عملية "شد جلد"، وبناء على تلك التعديلات وهبنا انتخابات تم توثيق تزويرها بالصوت والصورة، خاضها الحزب الوطنى ضد نفسه، أو بالبلدى كده كان "طالع فيها بمنظرين".
ثم كان الدور على الصحافة التى "زودتها حبتين" - طبعا من وجهة نظر النظام – وكان من الضرورى أن يتم جرجرة رؤساء التحرير الذين تطاولوا ونقدوا وتجاوزوا فى حق الحزب الوطنى فى المحاكم، فتطوع محامين أعضاء بالحزب بتلك المهمة على خير وجه، و"طبعا النتيجة باينة".
الدكتور سعيد لم يكن غاضبا حينما تحدثت اليه، لكنه وبهدوء وثقة شرح الأبعاد والتفاصيل، لكن أبرز ما قاله لى أن كافة الاتجاهات السياسية فى مصر لم تكن تحلم فى 2005 أن تشهد البلاد تغيرا جذريا، ولكنها كانت تحلم وتتمنى وتأمل فى أن يتم التوافق على آلية للتطور الديمقراطي التدريجى ولو على 5 سنوات، بحيث يكون هناك أمل فى أن مصر ستكون أفضل من الناحية الديمقراطية فى مستقبل منظور "يشوفه ولادنا على الأقل"، لكن النظام كان له خططه وأفكاره وسيناريوهاته التى لا صلة له بما يريد أى سياسي أخر ليس قياديا فى الحزب الحاكم.
والان وبعد عامين وقد نجح النظام فإن حركة كفاية أصبحت تخاف من التظاهر، وأيمن نور وصيف انتخابات الرئاسة "محبوس" وتيار الغد مفتت وحزب الوفد يستدعى الأرواح لاصلاحه والتجمع يتحالف مع الوطنى، والاخوان محظورين حظر الخمر فى نظام طالبان، والوسط ما زال مشروعا على الورق رغم أن الوقت وقته، والناصريين للخلف در.. بمعنى ان الحياة السياسية "احتفظت بسرها" ولا يظهر فيها سوى الحزب الوطنى، ولم لا والصدف "المهببة" تطاردنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق