فى الثامن عشر من نوفمبر 2009 .. وبينما كانت القاهرة تستعد تقريبا للإحتفال بالتأهل لكأس العالم بجنوب أفريقيا 2010 .. بعد إجتياز مواجهة كان البعض يراها شبه محسومة للفريق المصرى فى مواجهة المنتخب الجزائرى الضعيف فنيا على ستاد أم درمان بالسودان .. كان هناك لاعبا يضع عليه المصريون أمالهم .. وهو محمد أبو تريكة الملقب بأمير القلوب .. النجم الذى طوى عشر سنوات عاشها المصريون بلا بطل منذ إعتزال الأسطورة محمود الخطيب وبعده حسام حسن .
فلمسات أبو تريكة كانت دائما الفاصلة فى فرحة المصريين خلال البطولات التى حصل عليها المنتخب والنادى الأهلى فى الألفية الثالثة .. وفى أم درمان كان كل شئ جاهزا لتألق النجم الأول.
لكن المفاجأة أن النجم لم تطاوعه قدماه على التألق كما إعتاد .. وعندما واجه حلم الصعود الى كأس العالم منفردا بالمرمى الجزائرى .. أطاح وجه قدمه بالكرة الى الخارج.
عاد أبو تريكة من أم درمان مصابا بشرخ نفسى كبير .. لم يكن الشرخ فى وجه القدم فقط كما قالوا .. ولكن الأزمة كانت فى أن جسد تريكة بدا وكأنه لا يطاوعه.
وكل من تابع تعبيرات وجه أبو تريكة فى المباريات التى شارك فيها أمير القلوب بعد إنكسار أم درمان .. وعودته من الإصابة.. يرى أنه كان يتعجب من نتيجة التمريرة التى كان يتقنها من قبل .. والتى كان قادرا على تنفيذها وهو مغمض العينين .. وهو التعجب الذى أصبح إبتسامة ساخرة بمرور الوقت .. وكأنه يسخر من نفسه.
ورغم الثقة الكبيرة التى أبداها حسن شحاتة المدير الفنى للمنتخب الوطنى .. بإختيار أبو تريكة العائد من الإصابة لدخول تشكيلة المنتخب الوطنى فى مباراته أمام إنجلترا فى مارس الماضى وضمه الى نجوم مصر الذين حصدوا اللقب القارى فى أنجولا 2010 رغم غيابه عنها .. والثقة المتواصلة من حسام البدرى تجاه نجمه الكبير باعادته لتشكيل الشياطين الحمر فور شفائه، الا أن أبو تريكة لم يعد كما كان.
ولعل مشهد أبو تريكة فى مباراة الترجى التونسى فى ستاد رادس وهو يستجدى التغيير والخروج من أرض الملعب بعد أن فشل فى تحقيق طموحات الجماهير والجهاز الفنى .. تضع علامات استفهام كبرى حول اللاعب .. الذى كان بات ينتج تقريبا أقل من نصف إنتاجه المعهود فى الملعب .. وأقل من ربع أهدافه مع الأهلى والمنتخب .. فقل سحره وبريقه فى المستطيل الأخضر.
ولا أعتقد أن الأزمة تكمن فى عمره فهو سيتم الثانية والثلاثون يوم السبت القادم .. وهو أصغر بعامين من محمد بركات دينامو الاهلى .. وبثلاث أعوام من أحمد حسن الصقر .. وصخرة الدفاع وائل جمعة .. ولكن حالته تذكرنى بشكل مباشر بحالة النجم العالمى زين الدين زيدان .. الذى كشف حينما أعلن إعتزاله .. أن خروجه من المستطيل الأخضر يرجع لعدم قدرة جسمه على تنفيذ أوامر عقله بالشكل الذى يرضيه .. وإدراكه أن إرتكابه للأخطاء البسيطة والمؤثرة فى الملعب سيكون مجرد وقت .. وكأنه أراد أن يقول "لقد إعتزلت لأن قدمى لا تستجيب بالشكل الذى إعتاد عليه لإشارات المخ .. فالعقل يصدر إشارة للعب الكرة بوجه القدم .. لكن التنفيذ يكون عكس ذلك.
لذلك أشعر أن حالة أبو تريكة تستدعى تدخل من نوع غير جراحى .. تدخل نفسى يرفع عن كاهله عبء اسعاد المصريين وحده فى هذا العصر القاتم .. أو تدخل يرصد قدراته الجسدية على الاستجابة بنفس مستواه فى السنوات من 2003 الى 2008.. حتى لا يأتى فيه اليوم الذى يسمع فيه النجم الكبير عبارة "عفوا لقد نفذ رصيدكم" لدى الجماهير .. والأخيرة بطبيعتها غدارة .. وإسأل من سبقوك يا كابتن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق