فعلها الارهاب من جديد .. وصدر لنا مشاعر الرعب والخوف القلق على مستقبل مصر .. وضرب ضربته القاسية فى الإسكندرية بترويع الآمنين من أقباط مصر .. مسلميها ومسيحييها .. وحصد الجانى الجبان بفعلته عشرات الأرواح .. وترك خلف خطوته الدنيئة أحزان وطن بكامله .. ودموع أسر سيذكرها كل عام جديد بمشاعر كئيبة .. سوداء .. ملطخة بدماء الأحبة.
نستطيع بلمحة لأحوال مصر أن نحدد مليون سبب لما حدث .. قل الفقر .. قل البطالة .. أو إتهم الجهل والعنصرية .. ضع اصبعك على غياب المشاركة السياسية الحقيقية .. وثبت عينيك على فوضى الإعلام .. أو حتى تأثير مشايخ الفتنة .. وكهنة التطرف .. لكنك لن تستطيع كما رصدت الأسباب .. أن تحصى التبعات التى خلفتها تلك العملية الإرهابية القذرة.
فما حدث كان موجها مع سبق الاصرار والترصد لإشعال فتنة بين عنصرى الأمة .. من ضغط زر التفجير لم يكن واضعا نصب عيناه الضحايا الذين سيوقعهم عشرات كانوا أم مئات .. بل كان يهدف الى ما هو أبعد .. كان ينظر الى بحور من الدماء .. تسيل بلا انقطاع .. وجبال من الاحزان ترقد على صدر الوطن .. حتى تخنقه وتحاصر أحلامه .. وتعوق طموحاته .. وتجعله ينظر دائما تحت قدميه لعلاج جراحه .. دون أن يرفع رأسه وينظر بعينيه الى الأمام.
فى المقابل .. وفى وسط هذا الركام .. كان هناك حضورا أخر .. ساعد على إمتصاص جزء من الألم .. وكان فضاءا عبر فيه المصريين عن تلاحمهم .. وهو الفضاء الإفتراضى وتحديدا على شبكة "فيس بوك" التى حولها المصريين قبل غيرهم .. الى ساحة سياسية إجتماعية .. تشارك فيه الجميع أحزانهم .. وتبادلوا الإحساس بالوجع .. وتجاوزوا ذلك الى ما هو أبعد بكثير.
كانت مبادرة مجموعة من الشباب سريعة .. حينما سارعوا بتحويل مشاعرهم الى لوحات حزينة تعبر عن تلاحم المصريين معا .. حيث الهلال يحتضن الصليب .. وحين يكون رفض الإرهاب هو العقيدة الأساسية بغض النظر عن الدين .. والعقلانية هى التى تحل محل التعصب وكراهية الأخر.
مئات الألوف من الشباب غيروا صور صفحاتهم الشخصية بعد ساعات من وقوع الحادث .. استبدلوها بشعارات الحداد .. دون أن ينتظروا موقف الدولة من إعلانه أم لا .. ومحاربة الإرهاب والوقوف صفا واحدا لمعالجة أسبابه أو الاشارة اليها ومقاومة مشعلى الفتن.
ومثلهم من بحثوا على صفحات الضحايا الذين اغتالتهم ضربة الإرهاب الأعمى .. مستخلصين العبر .. ومتقاسمين الحزن .. ليقولوا اننا معا .. حزننا واحد .. ووجعنا متوحد .. ولافرق بين دم مسلم .. ودم مسيحى.
كان مشهد المصريين رائعا .. وكانت مصر على "فيس بوك" أفضل من واقعها المرتبك .. حينما تبرع كل فرد بأن يكون محققا .. يرصد التحركات .. ويراجع الأخبار .. ويشير على شخص ما فى أحد الفيديوهات لافتا أعين الأمن الى إحتمالية أن يكون الجانى .. أو يراقب صفحات الملايين على الفيس بوك .. ليرصد الفاعل الجبان .. ويدق ناقوس الخطر .. محذرا من ضربة قادمة.
كانت مصر الإفتراضية .. متلاحمة .. عطوفة .. منظمة .. معتدلة .. متسامحة .. فيما كانت مصر الحقيقية .. مرتبكة وعشوائية.
وبين الفضاء الإفتراضى والواقعى تزداد الهوة .. وبات على مصر الحقيقة بلحمها ودمها .. أن تسد الفجوات .. بعلاج الاسباب وإن تنوعت .. قبل أن يواصل المصريين لجوئهم الى الفيس بوك .. حيث لا أمن مركزى .. ولا تزوير للإرادة .. ولا فروق طبقية .. فقط حرية ولا أكثر.
بارك الله فيك يا استاذنا الكبير
ردحذفمَصر وغَير مَصر ..
ردحذفبِحاجَة الى وَقفة صادِقة في حُب الأرض ..
نُزيلُ مِنها كُل أشواك الكُره والظُلم ومَظاهر التقييد ..
دُمت
أشكرك جزيلا يا أستاذ أحمد اسماعيل
ردحذفأوافقك الراى تماما يا زهراء .. وشكرا على مرورك
ردحذف