• أمام ثورتنا .. أسئلة كبيرة .. لا تقف عند السلفيين وضرباتهم .. ومصير المسلمات الجدد .. وملاعيب الإخوان .. ومناورات الثورة المضادة .. وتوهان القوى السياسية .. ولخبطة أولى الأمر .. وأهم سؤال هو مصير هذا الوطن .. مصير مصر بعد 25 يناير الثورة
  • لست ضد النوايا الطيبة للشيخ حسان وتابعه الشيخ صفوت حجازى وجولاتهما المكوكية فى ربوع مصر لحل ما استعصى على الدولة وما صعب على الحكومة وما فشل فيه أولى الأمر، لكن الدولة دولة قانون
  • أعرف جيدا .. أننى حزين الأن .. لإقتران لقب "أبو العيش" بأمور فساد مالى وإدارى .. بعد أن كانت مثالا للإقتصاد الرحيم .. والتنمية التى لا تنقطع .. ونشر الثقافة .. والتوعية بقضايا البيئة .. والأعمال الخيرية .. وأتمنى من الله .. أن تزول تلك الغمة بظهور الحق وبيان الحقيقة التى لا يحتكرها أحد الان
  • وبين الأب الذى "لم يكن ينتوى" .. والإبن الذى "كان ينوى" .. كانت هناك شهورا قليلة فاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية نفسها .. ولكن أيا منهما لم يكن قد أعلن عن تلك النوايا وكأن مصر ستظل أسيرة نواياهما
  • بينما أولئك المُصنفون "فرز تانى وتالت ورابع" من لصوص ومنافقين.. يحاولون تبديل وجوههم وتغيير مبادئهم وسلخ جلودهم القديمة كالثعابين والأفاعى

الأربعاء، ٢٨ أكتوبر ٢٠٠٩

مؤتمر الفرصة الأخيرة


موسم دراسى جديد .. يواجهه الحزب الوطنى فى انتظار يوم الاختبار .. انه موسم الامتحانات الشاق .. الذى يكرس له الحزب الحاكم .. كل انتباه .. وكل كلمة .. وكل لفتة .. وكل اشارة .. بحرص شديد .. وبأقل ازعاج ممكن .. انه الموسم الذى يقلِّم فيه الحزب مخالبه وأنيابه بارتداء "قفاز وكمامة" حتى اشعار أخر.

فى تلك الايام .. يبدأ الحزب مراجعاته .. انها ليست المراجعة النهائية .. ولا مذاكرة ليلة الامتحان .. لكنها الاعداد "للتيرم الأول" من العام .. فالحزب الذى يستعد من الأن – حتى وان انكر بعض المتحدثين بإسمه – للانتخابات التشريعية (انتخابات مجلسى الشعب والشورى) التى لا يقبل فيها بأقل من أغلبية الثلثين حتى يستطيع تمرير ما يمكن تمريره .. وحماية من يرغب فى حمايته .. وابقاء الوضع مستقرا حتى الجمود.

يستعد الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم الأن .. لمؤتمره السنوى السادس .. وهى بدعة حميدة "انطلقت مع الظهور السياسي" لجمال مبارك نجل الرئيس والواجهة السياسية الشابة للحزب بانطلاق الفكر الجديد .. بشعار جديد .. لا يغازل المفاهيم الاقتصادية .. بقدر ما يتعاطف مع "البنى أدم المصرى" الذى وصل الى الدرك الاسفل باعتراف الجميع .. حتى رجال المعونة الامريكية فى مصر .. وخدمة البنك الدولى .. ورعايا صندوق النقد .. "بنى أدم" يسمع كلام الحكومة عن "ما تسميه نموا" فيصدقها .. وان يرى أموره يتعجب ويغضب ويسرق ويغتصب ويقتل ويفسد فى غالب الحال.

يدخل الحزب الوطنى .. مؤتمره السادس بشعار اسمه "من أجلك أنت" .. و"انت" هنا عائدة على الغائب .. أو على المواطن الذى غاب عن المؤتمرات الأربع الماضية .. والتى حل محله فيها .. "أنت" العائدة على رجل الاعمال .. المستثمر "صياد الفرص" .. القادر على "تفتيح دماغه" .. والاعتراف بالنعمة ومولاها.

يعود الحزب الى "أنت المواطن" .. بعد أن تحدث عن "العبور للمستقبل" .. فعبر الحزب ورجال اعماله ونسى المواطن .. وعن "الانطلاقة الثانية للمستقبل" لم ينطلق احد .. و وحتى حين أعلن الوطنى حملته بشعار "مصر بتتقدم بينا" أى برجال الحزب والطائفين الراكعين الساجدين لحمده وشكره .. فتقدم هؤلاء .. وبقى المواطن مستقرا لا يخشى مزيدا من السقوط .. فماذا أسفل من القاع؟.

وحين يعود الحزب الوطنى الى المواطن .. فهذا يعنى أنه سيراجع سياساته الاقتصادية .. حتى يستفيد الجميع مما يقال أنه نموا سنويا فى الناتج المحلى الاجمالى للدولة .. فيسقط "هذا النمو" فى "حجر الناس" .. وكأنهم يجمعون البلح من فوق النخيل .. بدلا من أن يستحوذ رجال المال وحدهم على "سباطة البلح بالكامل" .. اللهم فيما سقط من حبات على الارض.

إنها الفرصة الاخيرة للحزب ليمهد الارض لانتخابات تشريعية قادمة تبدأ بانتخابات مجلس الشورى وتنتهى بانتخابات مجلس الشعب العام القادم 2010 .. وانتخابات رئاسية تالية عام 2011 .. فى ظل دستور مهلهل يحتاج الى التغيير بالكامل .. بعد أن فشلت كل عمليات الترقيع فى جعله دستورا متماسكا معبرا عن الواقع ودافعا لمستقبل أفضل .. ونظام اجتماعى يزيد من حدة الفوارق بين الطبقات.

يواجه الحزب مطالب كبرى وتشريعات معلقة لا يجوز مواجهة أى انتخابات بدونها لأنها كانت ضمن البرنامج الانتخابى للرئيس مثل الغاء قانون الطوارئ واستبداله بقانون الارهاب .. واصدار قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية "يضع النقاط فوق الحروف" فى نظام الانتخابات سواء بالنظام الفردى الحالى .. أو بنظام القائمة .. أو حتى مزيجا بينهما .. واستصدار قانون جديد للحكم المحلى خاصة أن الحزب الوطنى يتوجه فى مؤتمره القادم الى دعم اللامركزية الى أصغر المستويات.

ويعد بقاء تلك الأمور معلقة .. أحد أهم الاسباب التى دفعت مجموعة من حكماء السياسة يتصدرهم الكاتب الصحفى الاشهر فى تاريخ مصر محمد حسنين هيكل، الى طرح مبادرات ترفض قيادة الحزب الوطنى لعملية الاعداد للانتخابات القادمة .. وتقترح اسنادها الى مجموعة من الشخصيات "النظيفة" لتتولى الاعداد التشريعى لما هو قادم .. وهى الاقتراحات التى يمثل رفض الحزب لها على لسان عدد من قياداته، نوعا من التحدى الكبير والجزم بقدرة الحزب على اتمام ما هو معلق، فى موعد لا يعلم ساعته الا الله، الى جانب ضرورة تعديل المادتين 76 و77 من الدستور المنظمتان لانتخاب رئيس الجمهورية ومدة بقائه فى الحكم، اللتان يرجح أن يقدما للتعديل خلال العام القادم على أقصى تقدير، بعد أن تعرضت الأولى للتشويه المتعمد حتى أصبحت من أطول المواد الدستورية فى التاريخ البشرى (أكثر من 600 كلمة) تضم أحكاما دستورية ونصوصا قانونية ولوائح، والمادة 77 التى أصبحت لا تتناسب مع الوضع الجديد (انتخاب الرئيس) لأنها مازالت تتحدث عن الاستفتاء وليس عن الانتخابات.

فالحزب سيركز فى مؤتمره القادم كما هو معلن على القضايا ذات البعد الخدمى والاجتماعى ومكافحة الفقر وملفات التعليم والصحة والثقافة والبنية التحتية وقضايا النشاط الزراعى، و قضية عدالة توزيع عوائد النمو، بحيث يتم توزيع عوائد النمو على الفئات المتوسطة والفقيرة والأكثر فقرا، "سيتحدث" الحزب عن تلك القضايا وستتمحور بعض جلسات اللجان التابعة لأمانة السياسات حول الفقر والقرى الاكثر فقرا وقضايا الاسكان والتسكين .. وحول دقة استهداف المستحقين الفعليين للانفاق الاجتماعى "الدعم"، بينما يترقب الجميع "كلمة الرئيس مبارك" فى افتتاح المؤتمر السادس لتحديد الموقف من عمليات الاصلاح السياسى والتشريعى.

ومع اقتراب الانتخابات التشريعية .. لن يقبل المرشحون على قوائم الحزب الوطنى الديمقراطى بقاء الوضع كما هو عليه .. فالفقر المستمر لا تكفيه رشاوى تسد الرمق لايام .. والوعود التى أطلقها الحزب باتت واجة التنفيذ فى كافة القطاعات .. فالتعليم يسوء شكلا وموضوعا وتصيبه لعنة انفلوانزا الخنازير .. والفساد مازال يلاحق أرزاق الناس فى كل مكان .. ومستشفيات الدولة تعانى من نفس الاهمال المزمن .. والبطالة ساكنة فى كل بيت .. والاجور تتقزم امام تغول الاسعار الذى لم يفلح معه هبوط الدولار ولا أزمة العالم أجمع .. والأمن فى الشارع تحكمه قواعد الفقر والبلطجة والعشوائية وانهيار الاخلاق الا فيما ندر .. وتنمية الصعيد تتقدم خطوة وتتراجع خطوتين .. حتى مشروع ابنى بيتك مطارد من البلطجية والسماسرة ولا يجد من يحميه.

لا يملك الحزب الوطنى فرصة أخرى لاصلاح ما يحتاج الى اصلاح ان أراد اتمام عملية انتخابية شبه ديمقراطية حتى ولو فى شكلها فقط، والا سيضطر الى اغلاق الللجان مرة أخرى فى وجه الناخبين، واطلاق الرصاص المطاطى عليهم لمنعهم من التصويت للإخوان والمعارضة، فالجماعة التى تراها الدولة محظورة لا يمكن الارتكان الى انها باتت ضعيفة تنهشها الخلافات وتمزقها صراعات مكتب الارشاد، فتلك نقرة والانتخابات نقرة أخرى، والتيار الأقوى فيها هو تيار الصقور المحافظين الذين لا يقبلون الهزيمة، والا لكان الاخوان ذكرى من سراب، وفلول باقية من الضربات الأمنية المتلاحقة منذ فجر الجمهورية المصرية.

أما المعارضة ورغم عدم جديتها فى استيراد اسما لامعا لطرحه فى مواجهة مرشح الحزب الحاكم - الذى أعتقد أنه لن يكون شخصا غير الرئيس مبارك نفسه وليس نجله جمال – الا أنها تستعد من الأن للقيام "بأى حركة" تحفظ ماء وجهها، لتقول أن لديها كوادر وأسماء تصلح للطرح فى انتخابات الرئاسة، والتنافس على حضور ما الى جانب الاخوان فى الانتخابات التشريعية القادمة، رغم أنها لن تجرى باشراف قضائى كامل، مما يهدد بمزيد من التجاوزات والبلطجة والدماء.

لذلك قد لا يملك الحزب الوطنى رفاهية ابقاء الوضع على ما هو عليه حتى أكتوبر القادم 2010، والتحرك بعد ذلك لأن الوضع لا يحتمل مزيد من الركود .. ولا المفاجآت أيضا.

حسن الزوام

نشرت بجريدة الميدان فى 28 أكتوبر 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
خد عندك © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates