• أمام ثورتنا .. أسئلة كبيرة .. لا تقف عند السلفيين وضرباتهم .. ومصير المسلمات الجدد .. وملاعيب الإخوان .. ومناورات الثورة المضادة .. وتوهان القوى السياسية .. ولخبطة أولى الأمر .. وأهم سؤال هو مصير هذا الوطن .. مصير مصر بعد 25 يناير الثورة
  • لست ضد النوايا الطيبة للشيخ حسان وتابعه الشيخ صفوت حجازى وجولاتهما المكوكية فى ربوع مصر لحل ما استعصى على الدولة وما صعب على الحكومة وما فشل فيه أولى الأمر، لكن الدولة دولة قانون
  • أعرف جيدا .. أننى حزين الأن .. لإقتران لقب "أبو العيش" بأمور فساد مالى وإدارى .. بعد أن كانت مثالا للإقتصاد الرحيم .. والتنمية التى لا تنقطع .. ونشر الثقافة .. والتوعية بقضايا البيئة .. والأعمال الخيرية .. وأتمنى من الله .. أن تزول تلك الغمة بظهور الحق وبيان الحقيقة التى لا يحتكرها أحد الان
  • وبين الأب الذى "لم يكن ينتوى" .. والإبن الذى "كان ينوى" .. كانت هناك شهورا قليلة فاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية نفسها .. ولكن أيا منهما لم يكن قد أعلن عن تلك النوايا وكأن مصر ستظل أسيرة نواياهما
  • بينما أولئك المُصنفون "فرز تانى وتالت ورابع" من لصوص ومنافقين.. يحاولون تبديل وجوههم وتغيير مبادئهم وسلخ جلودهم القديمة كالثعابين والأفاعى

الجمعة، ١٦ أكتوبر ٢٠٠٩

كفاءة "الامام الاكبر"



لا يمل مجتمعنا المصرى من استدعاء أزماته، وتكرار مشاهده، ونسخ مواقفه بالكربون، دون أن يصل الى حل، او يحسم جدلا، أو يقضى على خلاف فى وجهات النظر، بما لا يفسد للود قضية .. فخلاف وجهات النظر الذى يفسد كل الود .. منتشر بين مثقفينا وبسطائنا .. أثراءنا وفقراءنا .. حكومتنا وتابعيها .. ومعارضتنا وفلولها .. شيوخنا وفقهاءنا.

لذلك يبدو المشهد الحالى فى "خلاف" فضيلة الامام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوى ونواب جماعة الاخوان المسلمين فى مجلس الشعب، بسبب واقعة نزع النقاب عن طالبة بأحد المعاهد الأزهرية توبيخها والاستهزاء بها وبأهلها، مجرد مشهد هزلى مكرر وممل، لأن هذا الاشتباك الذى وصل الى حد مطالبة الاخوان بعزل الامام الأكبر من منصبه وهو رجل لا يعزل، ليس الأول من نوعه الذى يصطاد فيه نواب الجماعة فضيلة الأمام الاكبر فى تصرفاته وتصريحاته ولفتاته وهمساته، حتى كاد الامام ينافس وزير الثقافة الفنان فاروق حسن على لقب "الصيد الثمين لنواب الاخوان المسلمين" فى مطلع كل دورة برلمانية .. ولا يبدو أنه سيكون الاخير .. حتى وصل الى فروع الجماعة الدولية فى الاردن والكويت التى استنكرت فعلة شيخ الازهر، وطالبته بألا يضم فتواه هذه إلى رزمة الفتاوى السابقة"، وخاصة فتواه الشهيرة التي لا تعتبر منفذي العمليات الانتحارية ضد إسرائيل "شهداء".

فبين شيخ الازهر والاخوان ميراث طويل من فقدان الثقة يمر بعدد من القضايا مثل قضية الختان، التى رفض نواب الكتلة الاخوانية تجريمه قانونا، فى الوقت الذى أفتى فيه شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوى، بتحريمه، ولجأوا الى فتوى شيخ الأزهر الأسبق الدكتور جاد الحق على جاد الذى أفتى بأن الختان من شعائر الإسلام وخصائصه، ةبالطبع فتوى مفتى الجماعة الشيخ محمد عبد الله الخطيب الذى أيد الختان بدعوى أنهه أنه يصون عفافها ويحافظ على شرفها.

الموقف نفسه تكرر فى فتوى الأمام الأكبر التى ُتجيز فوائد البنوك بينما يعتبرها الاخوان "ربا"، وواقعة التماس الدكتور طنطاوى الحق لفرنسا في تبني القانون المثير للجدل الذى يمنع الفتيات المسلمات من ارتداء الحجاب في المدارس الفرنسية باعتباره شأنًا داخليا، وتصريحه بعد اللقاء الذي جرى بينه وبين سفير الدانمارك في القاهرة لاعتذار السفير عن أي عمل أو تعبير يشوه صورة الأديان، والتى قال فيه أن الرسول الكريم محمد "ميت لا يستطيع الدفاع عن نفسه".

فى قضية الربا .. استدعى نواب الاخوان تضاربا فى الفتوى بخصوص فوائد البنوك .. بين فتواه وهو مفتيا للبلاد .. وفتواه وهو إماما أكبر .. وفى قضية منع الحجاب فى المدارس – باعتباره رمزا دينيا – طالبه الاخوان بأن يوضح للفرنسيين من منصبه أن الحجاب ليس رمزا دينيا .. ولكنه فرضا فى الاسلام .. وفى تصريحاته بعد أزمة الرسوم المسيئة للرسول .. اعتبروا أن كان متخاذلا وضعيفا فى مواجهة سفير الدولة التى خرجت من صحافتها أول إساءة للرسول الكريم.

كل هذه المواقف شهدت المعركة ذاتها والضجة الاعلامية نفسها، حتى أن نواب الاخوان ذهبوا الى أن فتاوى شيخ الأزهر وآراءَه لا تمثل إلا شخصه، متهمين الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء المصرى بتعطيل اجتماعات مجمع البحوث الاسلامية الذي يضم 50 عضوًا بينهم 20 من غير المصريين، ومنح الحرية الكاملة لشيخ الأزهر ليقول ما يريد، وتهميش دور المجمع بسبب فتاوى سابق لعلمائه حرمت فوائد البنوك التجارية لأنها "ربا".

وطالب الاخوان حينها بتفعيل نص قانون 103 لسنة 1961م الخاص بتطوير الأزهر، الذى يقضى بألا تعتمد أي فتوى صادرة باسم المجمع إلا بحضور ربع هؤلاء الأعضاء بنص قانون 103، وهو ما يخضع شيخ الأزهر للتقويم والمراقبة طالما ان شيخ الأزهر – كمنصب - لا يقال ولا يحال إلى المعاش بعد اختياره .. وأنه يبقى فى منصبه مدى الحياة، وفى ظل حماية القانون له من المساءلة والاستجواب داخل مجلس الشعب، الا فى شخص رئيس الوزراء بوصفه وزير شئون الأزهر.

طالب الاخوان شيخ الازهر بالاستقالة .. وتحدثوا عن أنه "لا يمكن ان يبقى فى منصبه، لأنه يسئ الى الازهر في كل مرة يتكلم فيها"، وهم متأكدون من أنه لن يستقيل ولن يقال .. وبالرغم من اقرارهم ضمنا فى تصريحات لنواب الجماعة، بأن النقاب ليس فرضا على المرأة المسلمة وانما "فضيلة"، وتمسكوا بنقد تصرفه وليس فتواه هذه المرة، واستخدامه العنف اللفظى فى حق الطالبة، واصداره قرار بحظر دخول المنقاب بالمعاهد الأزهرية، وهو القرار الذى حاول الشيخ تلطيفه فى أعقاب الثورة الاخوانية بالحديث عن "عدم التعسف" فى تنفيذه.

لم يترك نواب الجماعة صغيرة ولا كبيرة للأمام الاكبر، وفتحوا عليه النار بعد جلوسه على مائدة واحدة مع الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز فى مؤتمر لحوار الأديان عقد بكازاخستان، والتهكم على محاولة الدكتور طنطاوى التبرأ من مصافحة بيريز بقوله "إنه لم ير وجه بيريز ولم يكن يعلم أنه موجود" .. تهكم لم يخلو من عنف فى تقدير الفعل الازهرى واعتباره إهانة للشعب المصري والعربي، و"إهانة لكرسى المشيحة نفسه"، مطالبين الامام الأكبر بالصمت وتعيين متحدث إعلامى بالمشيحة.

لكن الأمام لن يصمت .. ومعاركه مع الاخوان لن تتوقف ..

يدرك نواب الجماعة أنفسهم هذا الامر .. رغم أنهم حسموا قضية كفاءة الإمام الأكبر منذ زمن طويل .. ونجحوا فى بث عدم الثقة فى أكبر مرجعية دينية – أو هكذا يجب أن يكون - للمسلمين السنة فى مصر والعالم الاسلامى .. حتى وصلنا الى محطة الدكتور حمدى حسن أمين الإعلام بالكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين الذى قال فى أزمة النقاب الأخيرة عن الامام الأكبر "في كل خطوة يخطوها وكل تصريح يصرحه يتسبب في أزمة وإهانة للمؤسسة التي ينتمي إليها ونفخر بها وبتاريخها".

نعم حسم الاخوان قضية كفاءة الامام وأهليته للتصدى للفتوى .. وقالوا أنه مجرد موظف يدير شؤون مؤسسة الازهر .. وطالبوا بوقفه عن الافتاء والحديث والحركة.

ولكن بعيدا عن الامام ونواب الجماعة ..

هل حسم مجتمعنا قضية الفوائد البنكية فى البنوك التجارية .. الاجابة هى .. لا

هل حسم مجتمعنا قضية الختان .. رغم تجريم الفعل والفاعل .. الاجابة هى .. لا

هل حسم مجتمعنا قضية شرعية النقاب فى تلك الضجة المثارة .. الاجابة هى .. لا

هل حسم مجتمعنا قضية نقل الأعضاء البشرية والتبرع بها .. الأجابة هى .. لا

الاجابة بالنفى لأننا .. مختلفون فى ايماننا ومرجعيتنا وثقافتنا وغاياتنا وواقعنا .. مشتتون .. لا نثق فى فقيه .. ولا نتوحد خلف زعامة .. ولا نملك قدوة.

أيتام على موائد الأقزام .. نعيش فى فراغ .. وفى الفراغ يشتد رجع الصدى .. أصوات عالية وعابرة تمر مر الكرام .. تصم الأذان .. ثم لا تترك أثرا .. ولا تحسم جدلا.

ولا أحد فى الصورة غير الاخوان .. يلعبون بمفردهم على وتر حماية الأمة .. وحفظ مواردها وأخلاقها وتشريعاتها .. ويحاولون استغلال كل شاردة وواردة .. فالدورة البرلمانية الأخيرة على الابواب .. وهى دورة استعراض العضلات .. والدعاية الانتخابية استعدادا لجولة 2011.

وما أداراك ما هى انتخابات 2011 .. انها الانتخابات التى قد تشهد تغييرات جذرية فى الحكم من قاعدته الى القمة .. فى غياب حصانة الاشراف القضائيى الكامل .. وحظر العمل السياسى على أساس دينى .. انها الانتخابات التى لن يصلح معها شعار الاسلام هو الحل .. فمثله يفتح الطريق الى معتقلات طرة وأبو زعبل وغيرها المنتشرة فى ربوع الوطن.

انها لعبة القط والفأر .. بين سلطة لا تخاف أحد .. وجماعة لا تتوانى عن الزج برجالها داخل السجون بلا توقف ولا هوادة .. وكأنها ترسلهم الى رحلة نيلية.

لعبة يصبح النظر معها فى قضية كفاءة الامام .. حلقة فى سلسلة .. ووسيلة قبل أن تكون غاية.

حسن الزوام

نشرت بجريدة الميدان بتاريخ الاربعاء 14 أكتوبر 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
خد عندك © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates