-
اتبعني
تابعني على تويتر
-
التدوينات RSS
اشترك في خدمة RSS
-
فيس بوك
انضم للمعجبين في FACEBOOK
الأربعاء، ٢٨ أكتوبر ٢٠٠٩
مذبحة للأشجار النادرة فى حلوان
لم يقتنع صديقى أيمن أبو العز المدير بأحد منظمات المجتمع المدنى، بأن شكوته التى أرسلها عبر البريد الألكترونى الى مكتب شكاوي المواطنين التابع لجهاز شئون البيئة، تكفى للتعبير عن حجم المجزرة التى أوجعت قلبه يوم الجمعة الماضى، فالرجل الذى تزعجه أزمة الاحتباس الحرارى، ويدرك أن مصر ستكون ثاني دول العالم تأثرا بتلك الظاهرة بعد بنجالاديش، يعرف جيدا قيمة الشجرة في عملية تنقية الهواء من زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون المسبب للاحتباس، لذلك عاد الى منزله وحمل كاميرته الخاصة ليؤرخ لتلك الجريمة.
لكن أحد من المجرمين المجهولين فى وجهة نظره الذين قاموا ببتر عدد كبير من الاشجار بشارع رياض تقاطع شارع مصطفى فهمي بضاحية حلوان، لم ولن يشعر كما شعر أبو العز ومن مثله، الذين يرون فى هذه المذبحة لتلك الاشجار النادرة، منظر رهيب يستحق التحرك والشكوى، خاصة أن عملية ذبح الأشجار تمت بشكل غاية في القسوة وعدم التحضر، وصفه بأنه ينم عن جهل من يخرق سفينة الحياة، مستنكرا صمت إمام المسجد المجاور لتلك المذبحة التى ينهى عنها الله ورسوله.
يهتم أبو العز بما يعرف بالـ Carbon Footprint وهو مقدار الكربون المنبعث في الجو نتيجة لحياتنا اليومية، لكنه لا يعرف فى المقابل ما هو الدور الذي تقوم به وزارة البيئة على وجه الخصوص وباقي الوزارات على وجه العموم في توعية المواطنين بالمخاطر المحيطة بنا ودورهم في التغلب عليها .. لكنه حتى الأن لا يعرف من الذى قاد تلك المذبحة .. ولماذا .. فهل يعرف مسئولى الحى .. لا أعتقد.
حسن الزوام
نشرت بجريدة الميدان فى 28 أكتوبر 2009
الصحافة وعنصرا الامة
دفعت الطبيعة التجارية وقواعد السوق والعرض والطلب، الصحف فى مصر الى البحث عن طرق لترويج نفسها، وتحقيق مبيعات تساهم الى جانب العوائد الاعلانية فى تحقيق أرباح أو حتى الوصول الى نقطة تعادل بين الايرادات والمصروفات، حتى أصبحت "الاثارة" هى السياسة البيعية الأولى لغالبية الصحف فى مصر، وفى مقدمتها الصحف الخاصة، بحكم أن الصحف المملوكة للدولة لا تكترث للخسائر مثل نظيرتها المستقلة ولا يهمها تدبير المرتبات المضمونة من قبل الحكومة.
وفى مجتمعنا المصرى ما زال ثلاثى "الدين – الجنس – السياسة" هو مدخل الاثارة ومنبعها الأول، فلجأ من لجأ الى الدين، والتصق من التصق بالجنس، وتطبع من تطبع بالسياسة وهمومها، وأصبحت تلك هى طبيعة السوق، وطبيعة القارئ نفسه، حتى دخلت صحف حكومية على الخط نفسه طمعا فى تواجد يحميها من برودة الفناء والنسيان.
لكن ما يقلقنى كواحد من أبناء هذه المهنة هو العبث بملف العلاقة بين مسلمى مصر ومسيحييها، وجذبه الى الثالوث المقدس، كمنبع للاثارة والبيع ولفت الانظار، وتجاهل كل قواعد العمل الصحفى فى تناوله، فى الوقت الذى يجب أن نتعامل فيه كصحفيين مع هذا الملف بحرص شديد لا يضاهيه حرص فى أى ملف أخر.
ولا يجوز من الاساس أن نستدعى ملف العلاقات بين "عنصرى الأمة" الى منطقة تهويل العناوين وتضخيم الأحداث والتنقيب عن كل ما هو مشتعل من تعبيرات وألفاظ، وتجاهل ابراز كل ما هو مهدئ ومنطقى وطبيعى.
أقول ذلك بعد أن لمست فى معالجة بعض الصحف الخاصة وتحديدا "اليوم السابع – الدستور – الشروق - المصرى اليوم" على الترتيب ميلا لاستخدام ما هو أسخن من العناوين، مما يهدد باشعال الأمور بشكل أكبر، وتجاهل ما هو أكثر هدوءا، والبحث عن مواطن التطرف فى أى خلاف، وتجاهل نداءات العقل والتعقل، وهو الدور المطلوب من الصحافة والصحفيين فى مثل هذه الامور.
وأحسب أن الزملاء فى الصحف الأخرى، وحتى فى جريدة الميدان يدركون أننى لا أدعى على أحد فهما أكثر، ولا ادراكا أعمق للأمور، ولا رغبة فى هجوم على أحد، ولكن غايتى هى مجرد اشارة من زميل لقضية هامة تستحق ان نتحاور فيها كمجتمع صحفى بعيدا عن اية املاءات من اى جهة لتحديد ما فيه الصالح العام والتصدى لدور المهنة فى قضايا الوطن الهامة.
حسن الزوام
نشرت بجريدة الميدان بتاريخ 28 اكتوبر 2009
مؤتمر الفرصة الأخيرة

موسم دراسى جديد .. يواجهه الحزب الوطنى فى انتظار يوم الاختبار .. انه موسم الامتحانات الشاق .. الذى يكرس له الحزب الحاكم .. كل انتباه .. وكل كلمة .. وكل لفتة .. وكل اشارة .. بحرص شديد .. وبأقل ازعاج ممكن .. انه الموسم الذى يقلِّم فيه الحزب مخالبه وأنيابه بارتداء "قفاز وكمامة" حتى اشعار أخر.
فى تلك الايام .. يبدأ الحزب مراجعاته .. انها ليست المراجعة النهائية .. ولا مذاكرة ليلة الامتحان .. لكنها الاعداد "للتيرم الأول" من العام .. فالحزب الذى يستعد من الأن – حتى وان انكر بعض المتحدثين بإسمه – للانتخابات التشريعية (انتخابات مجلسى الشعب والشورى) التى لا يقبل فيها بأقل من أغلبية الثلثين حتى يستطيع تمرير ما يمكن تمريره .. وحماية من يرغب فى حمايته .. وابقاء الوضع مستقرا حتى الجمود.
يستعد الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم الأن .. لمؤتمره السنوى السادس .. وهى بدعة حميدة "انطلقت مع الظهور السياسي" لجمال مبارك نجل الرئيس والواجهة السياسية الشابة للحزب بانطلاق الفكر الجديد .. بشعار جديد .. لا يغازل المفاهيم الاقتصادية .. بقدر ما يتعاطف مع "البنى أدم المصرى" الذى وصل الى الدرك الاسفل باعتراف الجميع .. حتى رجال المعونة الامريكية فى مصر .. وخدمة البنك الدولى .. ورعايا صندوق النقد .. "بنى أدم" يسمع كلام الحكومة عن "ما تسميه نموا" فيصدقها .. وان يرى أموره يتعجب ويغضب ويسرق ويغتصب ويقتل ويفسد فى غالب الحال.
يدخل الحزب الوطنى .. مؤتمره السادس بشعار اسمه "من أجلك أنت" .. و"انت" هنا عائدة على الغائب .. أو على المواطن الذى غاب عن المؤتمرات الأربع الماضية .. والتى حل محله فيها .. "أنت" العائدة على رجل الاعمال .. المستثمر "صياد الفرص" .. القادر على "تفتيح دماغه" .. والاعتراف بالنعمة ومولاها.
يعود الحزب الى "أنت المواطن" .. بعد أن تحدث عن "العبور للمستقبل" .. فعبر الحزب ورجال اعماله ونسى المواطن .. وعن "الانطلاقة الثانية للمستقبل" لم ينطلق احد .. و وحتى حين أعلن الوطنى حملته بشعار "مصر بتتقدم بينا" أى برجال الحزب والطائفين الراكعين الساجدين لحمده وشكره .. فتقدم هؤلاء .. وبقى المواطن مستقرا لا يخشى مزيدا من السقوط .. فماذا أسفل من القاع؟.
وحين يعود الحزب الوطنى الى المواطن .. فهذا يعنى أنه سيراجع سياساته الاقتصادية .. حتى يستفيد الجميع مما يقال أنه نموا سنويا فى الناتج المحلى الاجمالى للدولة .. فيسقط "هذا النمو" فى "حجر الناس" .. وكأنهم يجمعون البلح من فوق النخيل .. بدلا من أن يستحوذ رجال المال وحدهم على "سباطة البلح بالكامل" .. اللهم فيما سقط من حبات على الارض.
إنها الفرصة الاخيرة للحزب ليمهد الارض لانتخابات تشريعية قادمة تبدأ بانتخابات مجلس الشورى وتنتهى بانتخابات مجلس الشعب العام القادم 2010 .. وانتخابات رئاسية تالية عام 2011 .. فى ظل دستور مهلهل يحتاج الى التغيير بالكامل .. بعد أن فشلت كل عمليات الترقيع فى جعله دستورا متماسكا معبرا عن الواقع ودافعا لمستقبل أفضل .. ونظام اجتماعى يزيد من حدة الفوارق بين الطبقات.
يواجه الحزب مطالب كبرى وتشريعات معلقة لا يجوز مواجهة أى انتخابات بدونها لأنها كانت ضمن البرنامج الانتخابى للرئيس مثل الغاء قانون الطوارئ واستبداله بقانون الارهاب .. واصدار قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية "يضع النقاط فوق الحروف" فى نظام الانتخابات سواء بالنظام الفردى الحالى .. أو بنظام القائمة .. أو حتى مزيجا بينهما .. واستصدار قانون جديد للحكم المحلى خاصة أن الحزب الوطنى يتوجه فى مؤتمره القادم الى دعم اللامركزية الى أصغر المستويات.
ويعد بقاء تلك الأمور معلقة .. أحد أهم الاسباب التى دفعت مجموعة من حكماء السياسة يتصدرهم الكاتب الصحفى الاشهر فى تاريخ مصر محمد حسنين هيكل، الى طرح مبادرات ترفض قيادة الحزب الوطنى لعملية الاعداد للانتخابات القادمة .. وتقترح اسنادها الى مجموعة من الشخصيات "النظيفة" لتتولى الاعداد التشريعى لما هو قادم .. وهى الاقتراحات التى يمثل رفض الحزب لها على لسان عدد من قياداته، نوعا من التحدى الكبير والجزم بقدرة الحزب على اتمام ما هو معلق، فى موعد لا يعلم ساعته الا الله، الى جانب ضرورة تعديل المادتين 76 و77 من الدستور المنظمتان لانتخاب رئيس الجمهورية ومدة بقائه فى الحكم، اللتان يرجح أن يقدما للتعديل خلال العام القادم على أقصى تقدير، بعد أن تعرضت الأولى للتشويه المتعمد حتى أصبحت من أطول المواد الدستورية فى التاريخ البشرى (أكثر من 600 كلمة) تضم أحكاما دستورية ونصوصا قانونية ولوائح، والمادة 77 التى أصبحت لا تتناسب مع الوضع الجديد (انتخاب الرئيس) لأنها مازالت تتحدث عن الاستفتاء وليس عن الانتخابات.
فالحزب سيركز فى مؤتمره القادم كما هو معلن على القضايا ذات البعد الخدمى والاجتماعى ومكافحة الفقر وملفات التعليم والصحة والثقافة والبنية التحتية وقضايا النشاط الزراعى، و قضية عدالة توزيع عوائد النمو، بحيث يتم توزيع عوائد النمو على الفئات المتوسطة والفقيرة والأكثر فقرا، "سيتحدث" الحزب عن تلك القضايا وستتمحور بعض جلسات اللجان التابعة لأمانة السياسات حول الفقر والقرى الاكثر فقرا وقضايا الاسكان والتسكين .. وحول دقة استهداف المستحقين الفعليين للانفاق الاجتماعى "الدعم"، بينما يترقب الجميع "كلمة الرئيس مبارك" فى افتتاح المؤتمر السادس لتحديد الموقف من عمليات الاصلاح السياسى والتشريعى.
ومع اقتراب الانتخابات التشريعية .. لن يقبل المرشحون على قوائم الحزب الوطنى الديمقراطى بقاء الوضع كما هو عليه .. فالفقر المستمر لا تكفيه رشاوى تسد الرمق لايام .. والوعود التى أطلقها الحزب باتت واجة التنفيذ فى كافة القطاعات .. فالتعليم يسوء شكلا وموضوعا وتصيبه لعنة انفلوانزا الخنازير .. والفساد مازال يلاحق أرزاق الناس فى كل مكان .. ومستشفيات الدولة تعانى من نفس الاهمال المزمن .. والبطالة ساكنة فى كل بيت .. والاجور تتقزم امام تغول الاسعار الذى لم يفلح معه هبوط الدولار ولا أزمة العالم أجمع .. والأمن فى الشارع تحكمه قواعد الفقر والبلطجة والعشوائية وانهيار الاخلاق الا فيما ندر .. وتنمية الصعيد تتقدم خطوة وتتراجع خطوتين .. حتى مشروع ابنى بيتك مطارد من البلطجية والسماسرة ولا يجد من يحميه.
لا يملك الحزب الوطنى فرصة أخرى لاصلاح ما يحتاج الى اصلاح ان أراد اتمام عملية انتخابية شبه ديمقراطية حتى ولو فى شكلها فقط، والا سيضطر الى اغلاق الللجان مرة أخرى فى وجه الناخبين، واطلاق الرصاص المطاطى عليهم لمنعهم من التصويت للإخوان والمعارضة، فالجماعة التى تراها الدولة محظورة لا يمكن الارتكان الى انها باتت ضعيفة تنهشها الخلافات وتمزقها صراعات مكتب الارشاد، فتلك نقرة والانتخابات نقرة أخرى، والتيار الأقوى فيها هو تيار الصقور المحافظين الذين لا يقبلون الهزيمة، والا لكان الاخوان ذكرى من سراب، وفلول باقية من الضربات الأمنية المتلاحقة منذ فجر الجمهورية المصرية.
أما المعارضة ورغم عدم جديتها فى استيراد اسما لامعا لطرحه فى مواجهة مرشح الحزب الحاكم - الذى أعتقد أنه لن يكون شخصا غير الرئيس مبارك نفسه وليس نجله جمال – الا أنها تستعد من الأن للقيام "بأى حركة" تحفظ ماء وجهها، لتقول أن لديها كوادر وأسماء تصلح للطرح فى انتخابات الرئاسة، والتنافس على حضور ما الى جانب الاخوان فى الانتخابات التشريعية القادمة، رغم أنها لن تجرى باشراف قضائى كامل، مما يهدد بمزيد من التجاوزات والبلطجة والدماء.
لذلك قد لا يملك الحزب الوطنى رفاهية ابقاء الوضع على ما هو عليه حتى أكتوبر القادم 2010، والتحرك بعد ذلك لأن الوضع لا يحتمل مزيد من الركود .. ولا المفاجآت أيضا.
حسن الزوام
نشرت بجريدة الميدان فى 28 أكتوبر 2009
الجمعة، ١٦ أكتوبر ٢٠٠٩
كفاءة "الامام الاكبر"

لا يمل مجتمعنا المصرى من استدعاء أزماته، وتكرار مشاهده، ونسخ مواقفه بالكربون، دون أن يصل الى حل، او يحسم جدلا، أو يقضى على خلاف فى وجهات النظر، بما لا يفسد للود قضية .. فخلاف وجهات النظر الذى يفسد كل الود .. منتشر بين مثقفينا وبسطائنا .. أثراءنا وفقراءنا .. حكومتنا وتابعيها .. ومعارضتنا وفلولها .. شيوخنا وفقهاءنا.
لذلك يبدو المشهد الحالى فى "خلاف" فضيلة الامام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوى ونواب جماعة الاخوان المسلمين فى مجلس الشعب، بسبب واقعة نزع النقاب عن طالبة بأحد المعاهد الأزهرية توبيخها والاستهزاء بها وبأهلها، مجرد مشهد هزلى مكرر وممل، لأن هذا الاشتباك الذى وصل الى حد مطالبة الاخوان بعزل الامام الأكبر من منصبه وهو رجل لا يعزل، ليس الأول من نوعه الذى يصطاد فيه نواب الجماعة فضيلة الأمام الاكبر فى تصرفاته وتصريحاته ولفتاته وهمساته، حتى كاد الامام ينافس وزير الثقافة الفنان فاروق حسن على لقب "الصيد الثمين لنواب الاخوان المسلمين" فى مطلع كل دورة برلمانية .. ولا يبدو أنه سيكون الاخير .. حتى وصل الى فروع الجماعة الدولية فى الاردن والكويت التى استنكرت فعلة شيخ الازهر، وطالبته بألا يضم فتواه هذه إلى رزمة الفتاوى السابقة"، وخاصة فتواه الشهيرة التي لا تعتبر منفذي العمليات الانتحارية ضد إسرائيل "شهداء".
فبين شيخ الازهر والاخوان ميراث طويل من فقدان الثقة يمر بعدد من القضايا مثل قضية الختان، التى رفض نواب الكتلة الاخوانية تجريمه قانونا، فى الوقت الذى أفتى فيه شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوى، بتحريمه، ولجأوا الى فتوى شيخ الأزهر الأسبق الدكتور جاد الحق على جاد الذى أفتى بأن الختان من شعائر الإسلام وخصائصه، ةبالطبع فتوى مفتى الجماعة الشيخ محمد عبد الله الخطيب الذى أيد الختان بدعوى أنهه أنه يصون عفافها ويحافظ على شرفها.
الموقف نفسه تكرر فى فتوى الأمام الأكبر التى ُتجيز فوائد البنوك بينما يعتبرها الاخوان "ربا"، وواقعة التماس الدكتور طنطاوى الحق لفرنسا في تبني القانون المثير للجدل الذى يمنع الفتيات المسلمات من ارتداء الحجاب في المدارس الفرنسية باعتباره شأنًا داخليا، وتصريحه بعد اللقاء الذي جرى بينه وبين سفير الدانمارك في القاهرة لاعتذار السفير عن أي عمل أو تعبير يشوه صورة الأديان، والتى قال فيه أن الرسول الكريم محمد "ميت لا يستطيع الدفاع عن نفسه".
فى قضية الربا .. استدعى نواب الاخوان تضاربا فى الفتوى بخصوص فوائد البنوك .. بين فتواه وهو مفتيا للبلاد .. وفتواه وهو إماما أكبر .. وفى قضية منع الحجاب فى المدارس – باعتباره رمزا دينيا – طالبه الاخوان بأن يوضح للفرنسيين من منصبه أن الحجاب ليس رمزا دينيا .. ولكنه فرضا فى الاسلام .. وفى تصريحاته بعد أزمة الرسوم المسيئة للرسول .. اعتبروا أن كان متخاذلا وضعيفا فى مواجهة سفير الدولة التى خرجت من صحافتها أول إساءة للرسول الكريم.
كل هذه المواقف شهدت المعركة ذاتها والضجة الاعلامية نفسها، حتى أن نواب الاخوان ذهبوا الى أن فتاوى شيخ الأزهر وآراءَه لا تمثل إلا شخصه، متهمين الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء المصرى بتعطيل اجتماعات مجمع البحوث الاسلامية الذي يضم 50 عضوًا بينهم 20 من غير المصريين، ومنح الحرية الكاملة لشيخ الأزهر ليقول ما يريد، وتهميش دور المجمع بسبب فتاوى سابق لعلمائه حرمت فوائد البنوك التجارية لأنها "ربا".
وطالب الاخوان حينها بتفعيل نص قانون 103 لسنة 1961م الخاص بتطوير الأزهر، الذى يقضى بألا تعتمد أي فتوى صادرة باسم المجمع إلا بحضور ربع هؤلاء الأعضاء بنص قانون 103، وهو ما يخضع شيخ الأزهر للتقويم والمراقبة طالما ان شيخ الأزهر – كمنصب - لا يقال ولا يحال إلى المعاش بعد اختياره .. وأنه يبقى فى منصبه مدى الحياة، وفى ظل حماية القانون له من المساءلة والاستجواب داخل مجلس الشعب، الا فى شخص رئيس الوزراء بوصفه وزير شئون الأزهر.
طالب الاخوان شيخ الازهر بالاستقالة .. وتحدثوا عن أنه "لا يمكن ان يبقى فى منصبه، لأنه يسئ الى الازهر في كل مرة يتكلم فيها"، وهم متأكدون من أنه لن يستقيل ولن يقال .. وبالرغم من اقرارهم ضمنا فى تصريحات لنواب الجماعة، بأن النقاب ليس فرضا على المرأة المسلمة وانما "فضيلة"، وتمسكوا بنقد تصرفه وليس فتواه هذه المرة، واستخدامه العنف اللفظى فى حق الطالبة، واصداره قرار بحظر دخول المنقاب بالمعاهد الأزهرية، وهو القرار الذى حاول الشيخ تلطيفه فى أعقاب الثورة الاخوانية بالحديث عن "عدم التعسف" فى تنفيذه.
لم يترك نواب الجماعة صغيرة ولا كبيرة للأمام الاكبر، وفتحوا عليه النار بعد جلوسه على مائدة واحدة مع الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز فى مؤتمر لحوار الأديان عقد بكازاخستان، والتهكم على محاولة الدكتور طنطاوى التبرأ من مصافحة بيريز بقوله "إنه لم ير وجه بيريز ولم يكن يعلم أنه موجود" .. تهكم لم يخلو من عنف فى تقدير الفعل الازهرى واعتباره إهانة للشعب المصري والعربي، و"إهانة لكرسى المشيحة نفسه"، مطالبين الامام الأكبر بالصمت وتعيين متحدث إعلامى بالمشيحة.
لكن الأمام لن يصمت .. ومعاركه مع الاخوان لن تتوقف ..
يدرك نواب الجماعة أنفسهم هذا الامر .. رغم أنهم حسموا قضية كفاءة الإمام الأكبر منذ زمن طويل .. ونجحوا فى بث عدم الثقة فى أكبر مرجعية دينية – أو هكذا يجب أن يكون - للمسلمين السنة فى مصر والعالم الاسلامى .. حتى وصلنا الى محطة الدكتور حمدى حسن أمين الإعلام بالكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين الذى قال فى أزمة النقاب الأخيرة عن الامام الأكبر "في كل خطوة يخطوها وكل تصريح يصرحه يتسبب في أزمة وإهانة للمؤسسة التي ينتمي إليها ونفخر بها وبتاريخها".
نعم حسم الاخوان قضية كفاءة الامام وأهليته للتصدى للفتوى .. وقالوا أنه مجرد موظف يدير شؤون مؤسسة الازهر .. وطالبوا بوقفه عن الافتاء والحديث والحركة.
ولكن بعيدا عن الامام ونواب الجماعة ..
هل حسم مجتمعنا قضية الفوائد البنكية فى البنوك التجارية .. الاجابة هى .. لا
هل حسم مجتمعنا قضية الختان .. رغم تجريم الفعل والفاعل .. الاجابة هى .. لا
هل حسم مجتمعنا قضية شرعية النقاب فى تلك الضجة المثارة .. الاجابة هى .. لا
هل حسم مجتمعنا قضية نقل الأعضاء البشرية والتبرع بها .. الأجابة هى .. لا
الاجابة بالنفى لأننا .. مختلفون فى ايماننا ومرجعيتنا وثقافتنا وغاياتنا وواقعنا .. مشتتون .. لا نثق فى فقيه .. ولا نتوحد خلف زعامة .. ولا نملك قدوة.
أيتام على موائد الأقزام .. نعيش فى فراغ .. وفى الفراغ يشتد رجع الصدى .. أصوات عالية وعابرة تمر مر الكرام .. تصم الأذان .. ثم لا تترك أثرا .. ولا تحسم جدلا.
ولا أحد فى الصورة غير الاخوان .. يلعبون بمفردهم على وتر حماية الأمة .. وحفظ مواردها وأخلاقها وتشريعاتها .. ويحاولون استغلال كل شاردة وواردة .. فالدورة البرلمانية الأخيرة على الابواب .. وهى دورة استعراض العضلات .. والدعاية الانتخابية استعدادا لجولة 2011.
وما أداراك ما هى انتخابات 2011 .. انها الانتخابات التى قد تشهد تغييرات جذرية فى الحكم من قاعدته الى القمة .. فى غياب حصانة الاشراف القضائيى الكامل .. وحظر العمل السياسى على أساس دينى .. انها الانتخابات التى لن يصلح معها شعار الاسلام هو الحل .. فمثله يفتح الطريق الى معتقلات طرة وأبو زعبل وغيرها المنتشرة فى ربوع الوطن.
انها لعبة القط والفأر .. بين سلطة لا تخاف أحد .. وجماعة لا تتوانى عن الزج برجالها داخل السجون بلا توقف ولا هوادة .. وكأنها ترسلهم الى رحلة نيلية.
لعبة يصبح النظر معها فى قضية كفاءة الامام .. حلقة فى سلسلة .. ووسيلة قبل أن تكون غاية.