• أمام ثورتنا .. أسئلة كبيرة .. لا تقف عند السلفيين وضرباتهم .. ومصير المسلمات الجدد .. وملاعيب الإخوان .. ومناورات الثورة المضادة .. وتوهان القوى السياسية .. ولخبطة أولى الأمر .. وأهم سؤال هو مصير هذا الوطن .. مصير مصر بعد 25 يناير الثورة
  • لست ضد النوايا الطيبة للشيخ حسان وتابعه الشيخ صفوت حجازى وجولاتهما المكوكية فى ربوع مصر لحل ما استعصى على الدولة وما صعب على الحكومة وما فشل فيه أولى الأمر، لكن الدولة دولة قانون
  • أعرف جيدا .. أننى حزين الأن .. لإقتران لقب "أبو العيش" بأمور فساد مالى وإدارى .. بعد أن كانت مثالا للإقتصاد الرحيم .. والتنمية التى لا تنقطع .. ونشر الثقافة .. والتوعية بقضايا البيئة .. والأعمال الخيرية .. وأتمنى من الله .. أن تزول تلك الغمة بظهور الحق وبيان الحقيقة التى لا يحتكرها أحد الان
  • وبين الأب الذى "لم يكن ينتوى" .. والإبن الذى "كان ينوى" .. كانت هناك شهورا قليلة فاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية نفسها .. ولكن أيا منهما لم يكن قد أعلن عن تلك النوايا وكأن مصر ستظل أسيرة نواياهما
  • بينما أولئك المُصنفون "فرز تانى وتالت ورابع" من لصوص ومنافقين.. يحاولون تبديل وجوههم وتغيير مبادئهم وسلخ جلودهم القديمة كالثعابين والأفاعى

الاثنين، ١٢ يناير ٢٠٠٤

المصريون والقذافى .. الشعب يدفع ثمن غضبة العقيد


المصريون والقذافى .. الشعب يدفع ثمن غضبة العقيد
غضب الأخ العقيد معمر القذافى قائد الثورة الليبية من الصحافة المصرية، فأصابت غضبته الاف المصريين منعوا بشكل مفاجئ من عبور الحدود المصرية الليبية بدون تأشيرة او عقد عمل او اقامة او سداد 500 دينار (ما يوازى 350 دولار) ،بعد أن كان الدخول إلى ليبيا لا يتطلب منهم سوى البطاقة الشخصية، وامتدت غضبة الأخ العقيد قائد الجماهيرية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى كعادتها من الصحافة والساسة لتوجع قلوب المصريين، فهو كلما غضب من توجهات القاهرة، كلما انقلب على المصريين العاملين لديه وطردهم أو ضيق الخناق عليهم، متناسيا ان المصالح وعلاقات المصاهرة والنسب تربط بين الشعبين المصرى والليبى.

وللزعيم الليبى خبرة فى هذا المضمار، وكنت وأنا طفلا شاهدا على واحدة من تلك المرات التى ذاق خلال العاملين المصريين فى طرابلس مر المعايرة والآم الطرد، فوالدى الذى عمل فى ليبيا 14 عام، عاش خلالها فى جو من الود والعشرة الطيبة والحب، خرج من طرابلس عام 1978 هاربا من جحيم المعايرة والتهديد والتطاول على مصريتنا، لمجرد ان القذافى اختلف مع السادات فى أعقاب اتفاقية السلام مع إسرائيل، فجأة ونحن صغار انقلب علينا نسبة لا يستهان بها من الشعب الليبى يصرخون فى المصريين " برة يا فوالة"، أى يا آكلة الفول المدمس، وانقلب علينا بعض سكان شارع سيدى خليفة، وشارع مزران وباب العزيزية، بعد أن منح الأخ العقيد المصريين مهلة للرحيل، وفى السلوم حطم ضابط الجمارك نسبة كبيرة من أمتعتنا، ورفض عبورنا بها مع فاصل من الشماتة.
بالأمس كاد الأمر نفسه أن يتكرر فتتضرر الشعوب، لولا أن قاموسنا العربى مازال يعرف كلمة اسمها الدبلوماسية، استطاعت أن تجتاز أزمة كانت ضحيتها الأولى الجاهزة على مذبح الخلافات السياسية وهى الجالية المصرية فى ليبيا والليبية فى مصر، فالأخ العقيد غضب، ومعه بعض الحق من معالجة بعض الزملاء الصحفيين فى مصر للقنبلة التى ألقاها، بإعلانه الاستغناء عن مشروعه النووى الذى لم يكن أحد يعلم عنه شيئا، واستعداده لقبول تفتيش دولى على منشآته النووية، غضب القذافى وأعلنت سفارة الجماهيرية العظمى فى مصر عن مقاضاتها لقائمة من أربعة عشر صحفى أعلنوا عن رأيهم الرافض مع بعض الحق ضد إجراءات القذافى بحدة لا يعتاد عليها الأخ العقيد فى صحافة بلاده،فرأى الليبيين انهم تطاولوا على ذات قائد الثورة الليبية، رغم ان نصفهم من صحفيى جريدة العربى الناصرى، التى كانت تعتبر القذافى يوما، آخر سند قومى لها.
ولكن .. هناك محطة هامة يجب الوقوف أمامها.. ، فإذا كان من حق العقيد القذافى أن يغضب بسبب نبرة الهجوم العالية ضد سياساته، فإنه يجب أن يعلم ويتأكد أن من حقنا أن نحزن ونحن نراقب التراجع الرهيب فى سياسة الجارة الشقيقة، فى وقت كان القذافى فيه واحد من رجال الشعارات القومية العربية، واعدى أعداء الإمبريالية الاستعمارية، ولكن تحولت الأفكار وتبدلت وكأنهما لشخصين مختلفين تماما، ولسوء الحظ أن تحولات الأخ العقيد جاءت متزامنة مع زمن السقوط الجماعى العربى الذى بدأ بصعود شارون الدموى الى رأس الحكم فى اسرائيل على أشلاء اطفال انتفاضة الاقصى وسط صمت عربى عالمى مطبق، وانتهى بسقوط بغداد وإغارة إسرائيل على سوريا، فكانت صدمت الصحافة المصرية الشعبية غير الحكومية (لائحة الصحفيين المغضوب عليهم تتكون من زملاء بصحف مستقلة وحزبية)، صدمة كبيرة، تجاوزت نقاط الخلاف السياسية التى قال المحللون انها جاءت بسبب أن ليبيا زودت مصر بمعلومات غير صحيحة حول برامج تسليحها، حين كانت تطلب من مصر دعم موقفها فى مواجهة اتهامات أمريكية وإسرائيلية لها بمحاولة تطوير أسلحة دمار شامل، فى الوقت الذى كانت تتفاوض فيه طرابلس سراً ـ بوساطة قطرية ـ مع الأمريكان، للتخلى عن برامجها فى الأسلحة غير التقليدية، وأسلحة الدمار الشامل، مما وضع مصر فى وضع حرج، لكن الحزن الشعبى يلخصه تقرير لصحيفة معاريف الإسرائيلية التى قالت أن طرابلس فى أشد الحاجة الآن لإسرائيل، لاسترضاء واشنطن عن طريق تل أبيب، وأن القذافى هو آخر رمز للوحدة العربية بعد سقوط الرئيس العراقى صدام حسين والضعف الذى يعترى بشار الأسد، والان يتهاوى القذافى أيضاً مع بقية رموز الناصرية والوحدة العربية،حيث لا يمكن لأى دولة عربية أن تقف اليوم فى وجه الولايات المتحدة الأمريكية.
لهذا نحزن أيها الأخ العقيد .. لأنك تحولت ولم تكن كذلك، ولو ان حاكما غيرك من هؤلاء الذين يمارسون السياسة ولغة المصالح قد فعل فعلتك لما هاجمته الصحافة المصرية، ولو انك لم تكن فى الماضى رجلا من الثوار كارهى النفوذ الأمريكى الذى يكرهه العرب من المحيط إلى أجزاء من الخليج، لما أحزننا ما تردده وما تتفاوض عليه، أحزننا الرفض الأمريكى المهين للعرض الليبى وعدم رفع العقوبات عن طرابلس والتعامل مع الأمر على انه انتصار على عدو عربى بدون قطرة دماء، وان عاصمة عربية أخرى قد سقطت دون طلقة رصاص.
أما تقلبات قائد الثورة الليبية على المصريين والتعامل معهم كأنهم اسرى، فقد اعتدنا عليها وبدأ الملل يتسرب إلينا منها، فقد جربناها فى عهد المرحوم الزعيم محمد أنور السادات عندما حولت الإذاعة الليبية انتصار أكتوبر إلى نكسة أخرى، لا لشئ سوى أن السادات لم يخبر القذافى بموعد الحرب، ورفض دخوله غرفة العمليات، وعندما هدد عشرات المرات بطرد المصريين من ليبيا بعد زيارة السادات للقدس، ثم تنفيذه للتهديدات بعد اتفاقية السلام مع إسرائيل، وحتى بعد أن عادت العلاقات فى عام 1987، تعرضت اجراءات دخول المصريين للتعديل اكثر من مرة، لأسباب اخرى غير غضب الأخ العقيد على مصر وصحافتها، واخيرا كانت التعديلات الخاصة برهن دخول المصريين على عدة شروط اولها وجود عقد عمل او اقامة ليبية، او الزواج من مواطنين ليبيين، او سداد تأمين يصل الى 500 دينار ليبى (ما يوازى 350 دولار).
وبغض النظر عن كون هذه الإجراءات المفاجئة قد صدرت بصورة رسمية من الاخ العقيد، أو أنها كانت تطبيق غير سياسى من أحد ضباط الحدود الليبية مع مصر، والذى أكد موقع أخبار ليبيا المعارض أن هذا الضابط سارع بتنفيذ تهديدات غاضبة فضفض بها القذافى فى جلسة مع بعض الضباط بفرض شروط على دخول المصريين، فإننا ندعو قائد الثورة الليبية ألا يدع غضبه يؤثر على الشعوب، فالشعوب لا يجب حشرهم فى خلافات السياسة، لأن ذلك يربى بداخلهم العداء، ويباعد بينهم بالكراهية والحقد.
أما إذا كان الاخوة الليبيين يريدون الخروج من المستنقع العربى المريض وسياساته وإعلامه المزيف، كما رددت وكالة الجماهيرية الرسمية، فى معرض نفيها لما قيل انه شائعة كاذبة ومضللة حول فرض التأشيرات على المصريين، فهم أحرار .. ووفقهم الله لما فيه الصحة والعافية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
خد عندك © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates