عشر سنوات وأكثر نُدين قمع النظام البائد لتحرك الجماعة.. وتزوير الانتخابات.. وكبت ممارساتها البرلمانية.. وسحل كوادرها.. وإهدار موارد الوطن فيها.. وتحويلها إلى أكبر مورد للسجون.
عشر سنوات.. نتواصل مع قادتها.. ونرفض وصمها بـ"المحظورة" سيرًا على درب "طبلجية" النظام.. و"بلطجيته".. لأننا كنَّا نرى أن الجماعة سند للحراك السياسى.. وتصديقًا لكلامهم عن التحوّل وقبول الدولة المدنية وحرية الرأى ومُحاربة التزوير والتسويد والرشوة.
عشر سنوات.. ذهبت إلى الجحيم.. بمجرد أن تمكّن الإخوان من مُمارسة السياسة فى العلن.. خلع الذئب رداء الحمل.. وكشّر عن أنيابه.. وشمّر عن مخالبه.. مع أول احتكاك حقيقى مع الديمقراطية.
لست ضد أن يقول الإخوان "نعم" للترقيعات الدستورية، فالسياسة لا تعترف إلا بانتهاز الفرص.. وربما تلك هى الفرصة الأفضل للحصول على الأغلبية المُريحة وبالتالى تشكيل الحكومة القادمة وحكم البلاد بعد سنوات من الإعداد وصولاً إلى مرحلة التمكين التى يُخططون لها منذ ظهور "حسن البنا وجماعته".
لكن أن يحشد "الإخوان" الناس بالخداع والكذب والتضليل، فهذا بالتأكيد ما يُحوّلهم إلى جماعة انتهازية "بامتياز".. خاصة بعد المهازل التى تم ارتكابها فى عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية الأخيرة، والتى شملت حشد الناس تحت أكاذيب التصويت بـ"نعم" من أجل إبقاء المادة الثانية بـ"الدستور" والحفاظ على هوية الدولة الإسلامية، أو أكذوبة مقاومة الأحزاب المسيحية الجديدة التى تسعى لاقتناص الحكم، رغم أن الحقيقة أن الاستفتاء على تلك الترقيعات الدستورية، لا علاقة له من قريب أو بعيد بالمادة الثانية من الدستور، وأنه لا توجد أحزاب جديدة "أصلاً" تم إنشاؤها وأن تلك ليست انتخابات "برلمانية" ولا "رئاسية"، علاوة على أن الدستور "المرّقع" الذى تم إحياؤه يمنع من الأساس "قيام الأحزاب على أساس دينى".
أفهم أن يسعى الإخوان لمصلحتهم السياسية.. ولكن لا أفهم أنهم يستغلون جهل الناس ويُقدّمون لهم رشاوى "زيت وسكر" لإقناعهم وحشرهم فى سيارات نقل وميكروباصات للتصويت بـ"نعم"، بدلاً من توعيتهم بالفهم الصحيح للأمور، وما هى التعديلات وإقناعهم بوجهة نظرهم السياسية!!.
أفهم أن يلجأ الإخوان إلى الانفراد بأنفسهم والخروج عن تحالف قوى الثورة.. للخلاف فى وجهات النظر.. ولكن لا أفهم استدعاءهم "القوى السلفية" التى خرجت من الجحور فجأة لتتحدث عن ثورة "21 صفر" وليست "25 يناير" بعد أن كانوا يخرجون علينا من كل جُحر مُتحدثين عن حرمة الخروج على الحاكم فى الإسلام.. وتكون النتيجة تحالف قوى الإسلام السياسى، واستخدام أسلحة الترهيب والتخوين والاتهام بالعمالة والانحلال واستغلال منابر المساجد فى ترويج ما لا محل له من حيث الزمان ولا المكان.. فلا التعديلات كانت تتعلق بالإسلام فى مصر، ولا حتى مقاومة النفوذ المسيحى فى مصر.. إن سلَّمنا بأن تلك القوى من حقها اختيار من يحق له ومن لا يحق له "حكم البلاد".
أفهم أن يدعو الإخوان "الكنيسة الأرثوذكسية" للابتعاد عن توجيه رعاياها نحو موقف معين وهو رفض التعديلات.. لفصل الدين عن السياسة وعدم استغلال المنابر "الدينية" لتوجيه الناس فى أمور "دنيوية" تنظيمية لا تُخالف شرعًا هنا ولا قواعد هناك.. ولكننى لا أفهم أن الجماعة تستغل تلك الدعاوى لاستنفار الناس للجهاد فى سبيل الله والموافقة على التعديلات التى سترفع من شأن الإسلام وتحمى الشرع والشريعة والعدل والعدالة.
أفهم أن يتحالف الإخوان مع قوى الثورة.. ولا أفهم أن يسير الإخوان فى ركب الحزب الوطنى.
كشف الإخوان عن وجههم القبيح.. وأصبحوا جماعة "الغاية تُبرر الوسيلة".. وإذا كانت غايتهم هى الاستيلاء على الثورة وحكم البلاد.. فإن وسيلتهم التى تعتمد على الكذب والتضليل والتخوين والتكفير مآلها إلى "مزبلة التاريخ".. والأيام بيننا.. ولا يبقى سوى حكمة أرددها لكل صديق: "إذا صافحت (إخوانى) اليوم.. فعِدّ أصابعك".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق