• أمام ثورتنا .. أسئلة كبيرة .. لا تقف عند السلفيين وضرباتهم .. ومصير المسلمات الجدد .. وملاعيب الإخوان .. ومناورات الثورة المضادة .. وتوهان القوى السياسية .. ولخبطة أولى الأمر .. وأهم سؤال هو مصير هذا الوطن .. مصير مصر بعد 25 يناير الثورة
  • لست ضد النوايا الطيبة للشيخ حسان وتابعه الشيخ صفوت حجازى وجولاتهما المكوكية فى ربوع مصر لحل ما استعصى على الدولة وما صعب على الحكومة وما فشل فيه أولى الأمر، لكن الدولة دولة قانون
  • أعرف جيدا .. أننى حزين الأن .. لإقتران لقب "أبو العيش" بأمور فساد مالى وإدارى .. بعد أن كانت مثالا للإقتصاد الرحيم .. والتنمية التى لا تنقطع .. ونشر الثقافة .. والتوعية بقضايا البيئة .. والأعمال الخيرية .. وأتمنى من الله .. أن تزول تلك الغمة بظهور الحق وبيان الحقيقة التى لا يحتكرها أحد الان
  • وبين الأب الذى "لم يكن ينتوى" .. والإبن الذى "كان ينوى" .. كانت هناك شهورا قليلة فاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية نفسها .. ولكن أيا منهما لم يكن قد أعلن عن تلك النوايا وكأن مصر ستظل أسيرة نواياهما
  • بينما أولئك المُصنفون "فرز تانى وتالت ورابع" من لصوص ومنافقين.. يحاولون تبديل وجوههم وتغيير مبادئهم وسلخ جلودهم القديمة كالثعابين والأفاعى

الثلاثاء، ٣ نوفمبر ٢٠٠٩

الصقور والحمائم فى مؤتمر الحزب الوطنى



ليس من المنطق أن يهاجم الحزب الذى يملك كل السلطات.. بقايا الاحزاب والجماعات المحظورة الا اذا كان فى الامر إن

لماذا انقسم الحزب الحاكم بين حمائم تتحدث عن أن شرعية الحكم تنبع من وجود المعارضة وصقور تهاجمها بضراوة

تقول المعطيات السياسية لمصر .. أنها وطن لا تعيش فيه السياسة .. ولا تسكنه مبادئ تداول السلطة .. ولا يعرف منذ قيام ثورة يوليو سوى مفهوم القطب الأوحد .. من مجلس قيادة الثورة .. الى الاتحاد الاشتراكى .. الى الحزب الوطنى الديمقراطى .. ورغم أننا بلد يضم 23 حزبا الى جانب الحزب الحاكم .. الا أن ممثلى الأحزاب مجتمعة فى مجلس الشعب لا يتجاوز الـ 10 أعضاء .. من بين 444 عضوا منتخبا .. وهو ما يؤكد أن الاحزاب لا وجود لها بشكل عملى .. وأن المعارضة بلا حول ولا قوة .. اذا ما أخذنا فى الحسبان أن الكتلة المعارضة الاكبر التى هى جماعة الاخوان المسلمين تمثل جماعة يحظرها القانون ويحاربها الأمن .. وتتربص بها "جوقة" من وسائل الاعلام الحكومية المتحدثة بلسان الحزب الوطنى بشكل مباشر وغير مباشر.

لذلك فإن الهجوم الشديد من قيادات الحزب الوطنى فى مؤتمرهم السنوى السادس على المعارضة والاخوان، يبدو فى ظاهره غير مبرر نظريا، فليس من المعتاد أن يهاجم الديناصور مجموعة من كواسر الغابة وقوارضها، كما ليس من المنطق أن يهاجم الحزب الذى يملك كل السلطات ولديه وحده فرصة منح شهادة الحياة والشرعية للأحزاب، ويحتكر كل المناصب، مجموعات من بقايا الاحزاب والجماعات المحظورة الا اذا كان فى الامر إن.

فما هى الحكاية وما هو سر الهجوم العنيف غير المسبوق من قيادات الحزب الوطنى فى مؤتمره السنوى السادس، ولماذا انقسم الحزب الحاكم (فى عملية توزيع أدوار واضحة) الى مجموعة من الحمائم تتحدث عن أن شرعية الحكم تنبع من وجود المعارضة وأن الحياة السياسية فى مصر لا طعم لها بدون وجود الاخر وأن وجود تمثيل قوى لأحزاب المعارضة فى البرلمان القادم يدعم الحياة السياسية والتبشير بأن الانتخابات القادمة ستكون تاريخية فى شفافيتها ونزاهتها .. وبين تيار من الصقور يهاجم المعارضة بضراوة وينذر باكتساح الانتخابات التشريعية القادمة ونهاية زمن الانشقاق بين مرشحى الوطنى وتسلل مرشحى المعارضة أو على الاحرى الاخوان من تلك الشقوق الحزبية، وهو ما لن يقبله الحزب مرة أخرى حسب تصريحات الصقور والحمائم معا .. وبلغة أخرى لماذا حرص الحزب هذه المرة أن يقدم كثيرا من الوعود والوعيد فى نفس الوقت.

الحكاية باختصار ومن خلال اجتهادنا فى رصد الأمور، يمكن تلخيصها فى خمس نقاط :

1. يعتبر المؤتمر السنوى للحزب منذ انطلاقه للمرة الأولى عام 2003 موسما للوعود والشعارات الكرنفالية واستعراض الخطط والعضلات من جانب الحزب الوطنى، ويمثل فى نفس الوقت الموسم المثالى للهجوم على الحزب واستعراض الواقع المرير عادة، وشن الحرب على حكومته ووزرائها واستدعاء كل الاخفاقات التى مرت خلال عام .. بل وخلال 30 عاما من الحكم الحالى فى بعض الاحيان، وعقد مؤتمرات موازية مثل "مؤتمر القلة المندسة .. هنا القاهرة وليس الجابون" الذى ينظمه شباب حركة 6 ابريل، "وهو ما يشوش على "استعراض الحزب" لخططه وانجازاته، ويهدد بانزال الستار على العرض مبكرا، لذلك قررت قيادات الحزب هذا العام منح المعارضة "لعبة" تلهو بها وتتحدث عنها وتنشغل بها وسائل الاعلام لحين انتهاء المؤتمر، بمنطق أن الهجوم خير من الدفاع، وقد تحقق للحزب ما أراد وسيطرت أخبار وتصريحات الهجوم على المعارضة على التقارير الرئيسية فى كافة الصحف الخاصة، وتوارت أخبار المؤتمرات الموازية والمعالجات الصحفية لتقييم أداء الحزب وحكومته.

2. يعلم الحزب الوطنى جيدا أن غالبية أحزاب المعارضة لا وجود لها تقريبا فى الشارع، ولا تعريف لها على خريطته اللهم إلا لاداء دور معين فى الديكور السياسي الديمقراطى، لذلك وسع الهجوم ليطول المعارضين والمشككين، لادراكه أن المعارضين غير المنتمين لأى من الأحزاب منتشرون بشكل أكبر فى وسائل الاعلام المستقلة أو الخاصة "صحف وفضائيات" والتى أصبحت أكثر تأثيرا على النخب المثقفة فى مصر، بل ويسيطرون عليها، وأن الاعلام الحكومى رغم ضخامة مؤسساته وتعدد اصداراته وقنواته يفقد ميزة الحياد والاستقلالية لدى الناس، لذلك فضل الحزب استخدام اللغة "الحارة" فى خطابه، وهى اللغة التى تقبل عليها الصحف الخاصة ويضمن بها الحزب تصدر الصفحات الأولى، بدلا من أن يتصدرها المعارضون المتناثرون هنا وهناك،كما ألقت قيادات الحزب الكرة فى ملعب الفضائيات بالحديث عن أن ما يدور فى المؤتمر لن يراه الناس، لأن الفضائيات تركز على السلبيات وتتجاهل الايجابيات، فى اعتراف ضمنى بقوة الاعلام المستقل، وبالتالى مطالبة الفضائيات برد هذا الهجوم من خلال "نظرة الى الايجابيات" تثبت بها استقلاليتها وحيادها.

3. يستعد الحزب الوطنى للانتخابات التشريعية القادمة "انتخابات مجلس الشورى فى شهر ابريل القادم وانتخابات مجلس الشعب فى شهر اكتوبر" وكحزب سياسي يخوض انتخابات فى مناخ يفترض فيه المنافسة، فإن أدبيات المعارك الانتخابية تقتضى استدعاء بعض الهجوم وإظهار العين الحمراء، واستعداء بعض القوى، والتأكيد على أن الحزب قوي ومتمكن وقادر على الهجوم من المنابر السياسية، وليس عبر الاليات الأمنية فقط، لمنح مرشحيه القوة المطلوبة لخوض المعركة القادمة ومنحهم المفردات اللازمة للخطاب المطلوب لحشد الأصوات ومواجهة الخصوم "معارضة ومستقلين" ورسم خريطة طريق لشكل المنافسة القادمة .. خاصة أن الحزب ركز فى مؤتمره السادس على "الكتلة التصويتية الأكبر" وهى الفئات الفقيرة والمتوسطة، ففتح أماها "أبواب النعيم" بتصريحات لو تم تنفيذها لانتقلت مصر من الدول التى تقهر مواطنيها الى مصاف الدول العادلة، وروج بشكل جيد لشعاره العام "من أجلك أنت" الذى يخاطب المواطن الخائف على قوت يومه، والمرعوب من المستقبل، لأن الحزب يدرك جيدا أهمية الحصول على الاغلبية اللازمة لتمرير أى تعديلات تشريعية أو دستورية قادمة، وإعاقة وجود مرشحين معارضين أمام المرشح القادم للرئاسة وفقا للمادة 76 من الدستور التى تستلزم الحصول على موافقة حوالى 250 عضوا من أعضاء المجالس التشريعية والمحلية والشعبية على ترشيح أى شخص للرئاسة، وبالتالى فإن سيطرة الحزب على كافة المجالس النيابية سيعيق بشكل مباشر وجود مرشحين على المنصب الكبير.

4. لدى الحزب معركة أكبر بكثير من الانتخابات التشريعية وهى الانتخابات الرئاسية عام 2011، بينما فضل الحزب حجب اسم مرشحه للرئاسة تاركا التكهنات "تأكل بعضها البعض" بين ترشيح الرئيس لفترة سادسة أو ترشيح نجله جمال أمين السياسات الامين العام المساعد، او أى شخصية أخرى من قيادات الحزب، الى جانب التعديلات الدستورية المطلوبة وعلى رأسها المادة 77 التى تحدد مدة ولاية الرئيس والتى تعانى من "عوار دستورى"، وحيث أن الحزب ليس لديه أى نوايا لتعديل تلك المادة الملقبة بـ"المادة الحرام"، كان يجب أن يقترن الرفض بلغة حادة وقاطعة وفى سياق هجومى، وعلى لسان أى شخص غير الرئيس، فجاءت على لسان أمين السياسات، كقياس لموقف الرأى العام داخليا وضغوط الخارج من رفض التعديل الدستورى المطلوب، بحيث يتدخل الرئيس اذا ما أقتضى الامر مطالبا مجلس الشعب بتعديل "المادة الحرام" سواء فى دورته البرلمانية الأخيرة، أو حتى فى أولى الدورات البرلمانية للمجلس الجديد.

5. حضر جلسات المؤتمر السنوى السادس للحزب الوطنى عدد كبير من الضيوف يمثلون 19 دولة أجنبية تتصدرهم مارجريت سكوبى سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية بالقاهرة، وإيوانس كاسوليدس مسئول المجموعة الخارجية بالاتحاد الأوروبى، وكان من الطبيعى أن تستعرض قيادات الحزب قوتها أمام ممثلى دول العالم من خلال طرح أفكارهم وبرامجهم، ومن خلال الابهار فى التنظيم، وتغيير الاخراج على المسرح ليسمح بمزيد من الحركة على الطريقة الغربية، ومهاجمة المعارضة "وهو أسلوب مباح فى الأدبيات السياسية الديمقراطية فى الدول المتقدمة"، والاشارة الى قوة الحزب وسيطرته على الأمور ومواجهة المعارضة صاحبة الصوت العالى فى الخارج، وللتأكيد على أن الحكم فى مصر يستند إلى كيان حزبى قوى ومتجذر، قادر على المبادرة بالهجوم وقادر على الحفاظ على استقرار الحكم متى تطلب الامر ذلك.

وبغض النظر عن اللهجة الهجومية العنيفة للحزب فى مواجهة المعارضة "الاحزاب والاخوان وقوى التغيير المستقلة"، قدم الحزب الوطنى وعودا تكفى لصياغة برامج المرشحين، وبقى التنفيذ .. وهى الخطوة التى تتربص لها المعارضة لرد الهجوم فى حينه .. ليس مؤتمرات .. ولكن عبر وقائع تحدث يوميا تحمل فى طياتها كل موبقات الحكم .. فهل استعد الحزب الوطنى من الآن لمواجهة رد فعل تلك القوى فى معركة تشبه أقلام "عنتر ولبلب" السبعة فى الكوميديا الشهيرة .. هذا ما ستظهره الايام القادمة فى عامى الحشد السياسي وتبادل الطعنات عامى 2010 و2011.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
خد عندك © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates