• أمام ثورتنا .. أسئلة كبيرة .. لا تقف عند السلفيين وضرباتهم .. ومصير المسلمات الجدد .. وملاعيب الإخوان .. ومناورات الثورة المضادة .. وتوهان القوى السياسية .. ولخبطة أولى الأمر .. وأهم سؤال هو مصير هذا الوطن .. مصير مصر بعد 25 يناير الثورة
  • لست ضد النوايا الطيبة للشيخ حسان وتابعه الشيخ صفوت حجازى وجولاتهما المكوكية فى ربوع مصر لحل ما استعصى على الدولة وما صعب على الحكومة وما فشل فيه أولى الأمر، لكن الدولة دولة قانون
  • أعرف جيدا .. أننى حزين الأن .. لإقتران لقب "أبو العيش" بأمور فساد مالى وإدارى .. بعد أن كانت مثالا للإقتصاد الرحيم .. والتنمية التى لا تنقطع .. ونشر الثقافة .. والتوعية بقضايا البيئة .. والأعمال الخيرية .. وأتمنى من الله .. أن تزول تلك الغمة بظهور الحق وبيان الحقيقة التى لا يحتكرها أحد الان
  • وبين الأب الذى "لم يكن ينتوى" .. والإبن الذى "كان ينوى" .. كانت هناك شهورا قليلة فاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية نفسها .. ولكن أيا منهما لم يكن قد أعلن عن تلك النوايا وكأن مصر ستظل أسيرة نواياهما
  • بينما أولئك المُصنفون "فرز تانى وتالت ورابع" من لصوص ومنافقين.. يحاولون تبديل وجوههم وتغيير مبادئهم وسلخ جلودهم القديمة كالثعابين والأفاعى

الجمعة، ٣٠ نوفمبر ٢٠٠٧

المرشد والاستاذ والمشاغب والعنيف والطريد والوصيف والذئب العجوز

7 رجال يكرههم النظام
على الرغم من تباين توجهاتهم وطموحاتهم والخلفيات القادمين منها أو المبادئ التى يعبرون عنها، يجتمع هؤلاء على أمر واحد وهو ان جميعهم لا يحظون بحب النظام ولن نقول أنهم يحصدون كراهيته المطلقة، فهم إما معزولون فى الداخل او معتقلون فى السجون أو مهددون بالمصير المشئوم، وبعضهم مطارد فى الخارج خشية الوقوع فى فخ الحسبة السياسية، ومنهم من يطمح فى السلطة ومنهم من ينتظر.

انهم الرجال الموصومون بالعار السياسى من النظام، الملاحقون دائما .. تحسب عليهم أنفاسهم .. تحركاتهم .. تصريحاتهم .. نقاط الحبر التى تعبر عن أفكارهم .. هتافات الحناجر التى تنادى أسماؤهم .. وذاكرتهم التى تحمل شفرة التاريخ بكل مراحله .. وفى التاريخ عبرة.. وفى العبرة مقارنة .. والمقارنة أحيانا لا تروق للبعض.


محمد حسنين هيكل .. "الاستاذ"

كثيرون الذين تحدثوا عن توريث السلطة من الرئيس مبارك الى نجله جمال.. لكن تصريحات محمد حسنين هيكل وحدها كان تجاهلها أمرا غريبا معيبا من النظام .. لدرجة ان تقارير خرجت تتحدث عن ارتباك فى مؤسسة الرئاسة بسبب ما قاله هيكل عن أن عملية التوريث سوف تتم خلال العام الحالى 2007، وأن الارتباك كان مصدره معرفة من الذى نقل تلك المعلومات لهيكل التى لم تعتبر كلماته مجرد تصريحات ولكنها معلومات يجرى تداولها فى الدائرة الضيقة المحيطة بأروقة السلطة فى مصر.

ولا أعتقد أن تلك التصريحات لو كانت خرجت من غير هيكل لما كان التعامل معها سيخلق ارتباكا وأن يتم التعامل معها كمعلومات مؤكدة، ولكن لأنه هيكل الذى عاصر الزعيم جمال عبد الناصر وساهم فى صنع زعامته وكان الصحفى الاستثنائى فى بلاط الحكم فى تاريخ مصر، ولأنه كان الرجل الذى ساهم فى تشويه صورة السادات بسطوته الاعلامية وخاصة عبر كتابه "خريف الغضب".

لهذه الأسباب تعد ذاكرة هيكل وقدرته على اجترارها، هى مشكلته مع النظام حاليا .. فالمواقف التى تحملها، قابلة للرجوع اليها فى كل وقت، واستدعائها مع كل موقف ومقارنتها بالواقع .. والواقع لا يخفى على احد من حيث الدور المصرى والحال فى عواصم العرب.

لهذا يعانى هيكل عزلة داخلية من الاعلام الرسمى، بل ويلقى الهجوم من الصحف الحكومية، بسبب تصريحاته بل وأسماء المحاصرون فى مؤسسته "مؤسسة هيكل للصحافة العربية"، وكانت أخر الهجمات قد تلت مقال روبرت فيسك بصحيفة الاندبندنت بعنوان "محمد حسنين هيكل.. رجل الشرق الأوسط الحكيم" والذى نقل فيه عن هيكل قوله، أن الرئيس مبارك يعيش عالماً من الخيال فى شرم الشيخ، وانه لم يكن مجهزاً أبداً للسياسة، التى بدأها فى الخامسة والخمسين عندما عينه السادات نائبا له قبل اغتياله.

العلاقة المتوترة بين هيكل والنظام بدأت منذ الافراج عن رجال اعتقالات سبتمبر الشهيرة بقرار رئاسى، ولقاء الرئيس بهم، قبل أن يتحول مكتب هيكل المطل على النيل الى قبلة للمثقفين القلقين على مستقبل مصر، وازداد التوتر بمنع "كتاب خريف الغضب" من دخول مصر عام 1983 فى أعقاب نشره خارج مصر والذى تضمن هجوما على شخص وسياسات السادات، فى وقت كان فيه الرئيس الراحل يلاقى اتهامات بالخيانة من أنظمة عربية معينة.

ظل هيكل يتنقل من هنا الى هناك وتواصلت تصريحاته عن النظام ومنها عام 95 أثناء أزمة قانون الصحافة الشهير حين قال هيكل فى رسالة بعث بها لمجلس نقابة الصحفيين "إن القانون تعبير عن أزمة سلطة شاخت فوق مقاعدها" وانتقل كلمات هيكل بسرعة الصاروخ، وكذلك تصريحاته عن عدد المعتقلين السياسيين التى كمانت الاولى من نوعها، وتأكيده على وجود 150 ألف خط تليفونى تحت المراقبة فى ذروة مباهاة النظام بالحرية التى يمنحها للشعب.

تلقى هيكل الدعوة للظهور فى التليفزيون المصرى أكثر من مرة قبل أن تلغى الدعوة بسبب اصراره على الحديث فى الوضع الحالى وليس التاريخ، فى حين لم يحتمل النظام ظهوره اسبوعيا على قناة دريم الخاصة، فتم ايقاف البرنامج بعد عدة أسابيع، ولم تكرر التجربة، ليجد خيكل موضعا له فى قناة الجزيرة القطرية من خلال اطلالة اسبوعية يضرب من خلالها اسبوعيا ضربات موجعة، رغم أنه كان قد قرر اعتزال الكتابة عندما بلغ الـ 80 فى اعقاب اصابته بمرض عضال.

أيمن نور .. الوصيف

لم يكن أيمن نور فى حالة عداء فطرى مع النظام قبل أن يؤسس عام 2004 حزب الغد ويقف فى صورة استعراضية مع مجموعة من الأسماء السياسية والبرلمانية اللامعة بوشاح برتقالى تيمنا بالثورة البرتقالية فى أوكرانيا الذى تم الاطاحة بنظامها الدكتاتورى من خلال ثورة شعبية وبدعم امريكى.

فأيمن نور كان صحفيا جريئا حينا .. ومتوازنا احيان اخرى .. وكان برلمانيا مشاغبا فى أكثر الأحيان .. ومتفاوضا فى بعض الاوقات .. لكن رسالته فى تأسيس الحزب لم تكن مناسبة للنظام وكانت علامة تحدى لم يكن قادرا على تحمل نتائجها.

كان نور دوما واحد من المحظوظين بلقاء المسئولين الامريكان .. فخرجت الاتهامات تشير الى عمالته لواشنطن وانه يننفذ أجندتها المعلنة من خلال سياسة الفوضى البناءة، وكان ذلك كفيلا باعلان الحرب عليه من وسائل اعلام الدولة .. لكن نور نجح فى فترة وجيزة فى النزول الى الشارع مستغلا ذروة الضغط الامريكى على النظام المصرى للقبول بالديمقراطية وحق المنافسين السياسيين فى التحرك بحرية.

ولكن قبل أن تمر ثلاثة شهور يتهم نور بتزوير توكيلات تأسيس حزبه وترفع عنه الحصانة البرلمانية ليقدم للمحاكمة، فتضغط أمريكا وتطالب بالافراج عنه لخوض الانتخابات، وتؤجل وزيرة الخارجية زيارتها للقاهرة حتى يتم الافراج عنه بكفالة، وفى مارس 2005، وفى مانشيت عملاق فى صدر العدد الأول من جريدة الغد الناطقة باسم الحزب الوليد يعلن نور ترشيح نفسه فى مواجهة الرئيس مبارك على رئاسة الجمهورية وهو على ذمة قضية تزوير التوكيلات، ثم يطوف المدن المصرية منتصبا ومهاجما نظام مبارك بضراوة شديدة وسط مؤيديه لينال مرتبة الوصيف فى تلك الانتخابات، وفى الإعلان صريح بأنه صار يمثل أكبر حزب معارض فى الحياة السياسية المصرية.


لم ينته عام 2005 وفى ديسمبر يقف زعيم حزب الغد فى قفص الاتهام مثل الأسد الجريح بعد أن ضاعت منه حصانته البرلمانية بلا رجعة فى انتخابات مجلس الشعب عام 2005 امام ضابط أمن دولة سابق، لتحكم عليه المحكمة بالسجن خمس سنوات، وهو فى محبسه يحدث انشقاق فى حزب الغد، يقوده وكيل مؤسسى الحزب موسى مصطفى، وتسمح الدولة بحزبين للغد وجريدتين للتعبير عنه فى سابقة لم تحدث من قبل.

وبينما يواجه نور امراضه "السكر والضغط والقلب" داخل السجن دون الامل فى خروج مبكر ليكتب عليه قضاء مدة العقوبة كاملة حتى عام 2010 قبل عام واحد من انتخابات الرئاسة القادمة، سلبت لجنة شئون الأحزاب من تياره فى حزب الغد الشرعية ومنحتها للجبهة التى انشقت عليه بقيادة موسى مصطفى .. ليفقد كل شيء حزبه ومقعده البرلمانى وحريته وحتى الامل فى الخروج لأسباب صحية.

ابراهيم عيسى .. المشاغب

بين ابراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور والنظام مشكلة ظلت عالقة لعدة سنوات .. فبينما كان الصحفى المشاغب فى أوج تألقه هو يصيغ واقعا جديدا يكسر رتابة العمل الصحفى فى مصر فى تجربة الدستور الاولى منتصف التسعينات أخذ النظام قرار ايقافه عند حدوده بإيقاف المطبوعة بعد نشرها لبيان اعتبرته الحكومة مثيرا للفتنة، ومنع تجهيز وطباعة الصحف القبرصية فى مصر.

كان ابراهيم عيسى - الذى عرف عنه جرأة أفكاره الى حد الشطط لدى البعض - نشازا فى تجربته الأولى وهاجم الحكم والحكومة كما لم يكن واردا فى تلك السنوات، ونقل عنه كلمات فى حق السلطة- أو هكذا قيل - وأدت الى توقف المطبوعة.

وعلى طريقة فيلم عنتر ولبلب بين عيسى والامن ظل الصحفى المشاغب يتنقل من مطبوعة الى اخرى محاولة احصول على إصدار .. وعندما فشل .. لجأ الى الكتب التى يهاجم فيها النظام بطرق غير مباشرة مثل "الملك فاروق" ورواية "مقتل الرجل الكبير"، ورواية "أشباح وطنية".

ووصلت ذروة المطاردة الى حد اتمام عملية سطو سلمى "غير معلن" على صحيفة الديمقراطية التى تصدر عن حزب الشعب الديمقراطى الذى كان يرأسه وقتها أنور عفيفى ويرأس تحريرها عبد النبى عبد الستار رئيس تحرير جريدة الغد حاليا، وإصدار عدد تاريخى خاطف تضمن حوار مع الفريق أبو غزالة الذى لم يكن ظاهرا فى تلك الفترة ولا زال، وشمل العدد هجمات غير محدودة على الحكومة والحكم.

لم تتكرر تجربة عيسى مع صحيفة "الديمقراطية" وفشل كل مشاريع اصداراته وامتهن الكتابة فى بعض الصحف الخاصة، حتى عادت الدستور الى الظهور عام 2006 ليخرج عيسى كل ما فى جعبته من معارضة للنظام، ووصل الامر الى حد اتهام الدستور بأنها لسان حال جماعة الاخوان المسلمين التى يعتبرها النظام جماعة محظورة وفقا للقانون، الى حد اتهامه بالسب والقذف والتحريض والإهانة والتطاول على رئيس الجمهورية، وصدر الحكم ضده فى يونيو 2006 بالحبس سنة مع الشغل وكفالة 10 ألاف جنيه، قبل أن تخفف محكمة الاستناف الحكم الى غرامة مالية كبيرة.

وتصل العلاقة بين النظام وعيسى المصر على مهاجمة الرئيس مبارك وعائلته بلا كلل ولا ملل الى ذروتها فى اعقاب نشر الدستور اليومية اخبار عن صحة الرئيس، اعتبرها بعض المحامون كاذبة ومضرة بمصلحة مصر وأمنها ومستقبلها واقتصادها، ليواجه عيسى المحاكمة التى أجلت إلى يوم 14 نوفمبر المقبل بتهمة نشر أخبار كاذبة، ولا يعرف أحد ما هو المصير الذى سيؤل اليه.

عبد الحليم قنديل .. العنيف

قبل الفورة الاعلامية التى صاحبت موجة الديقراطية المفاجئة على بر مصر فى عام 2005، كان الدكتور عبد الحليم قنديل رئيس التحرير التنفيذى لجريدة العربى، هو اعنف الصحفيين هجوما على نظام الرئيس مبارك، واول من هاجمه شخصيا لا بحكم منصبه، وكان الأكثر شراسة فى استخدام الألفاظ ضد المنصب الرفيع، غير معترفا بقدسية ولا تبجيل.

كان قنديل يكتب مقالا اسبوعيا فى الصفحة الاخيرة لجريدة الحزب الناصرى، وكانت مقالته من اعنف ما يمكن كتابته فى تلك الاوقات (2000 - 2005)، وكان اول من هاجم التوريث بشدة وهاجم وزارة الداخلية وكذب رواياتها أكثر من مرة، كما كان أبرز مؤسسى الحركة المصرية من أجل التغير "كفاية"، التى تأسست فى منتصف عام 2004 للتحرك ضد توريث السلطة فى مصر والمطالبة بالإصلاح الشامل وتداول السلطة، الى جانب اعتباره واحد من اكبر معارضى السياسة الامريكية وسياسة مصر تجاه القضايا العربية.

وبقى شهر نوفمبر عام 2004 هاما لدى قنديل نفسه .. ففيه تعرض رئيس التحرير التنفيذى للاختطاف فى ساعة متأخرة يوم الإثنين مطلع نوفمبر 2004 أثناء عودته إلى منزله فى الهرم على يد مجهولين قاموا بضربه وتجريده من ملابسه وإلقائه فى الصحراء، بعد تهديده بالقتل ما لم يتوقف عن شتائم الكبار.

اشعل الاعتداء على قنديل غضب الصحفيين فتجمعوا وعلى رأسهم النقيب، أمام مكتب النائب العام مطالبين بالتحقيق فى الواقعة باعتبارها "عدوانا خطيرا على حرية الرأي"، واعدات للذاكرة واقعة ضرب الكاتب جمال بدوى رئيس تحرير صحيفة "الوفد" المعارضةفى ذلك الوقت، قبل نحو 9 أعوام على طريق صلاح سالم، وكذلك واقعة الاعتداء على مجدى حسين رئيس تحرير صحيفة "الشعب" المجمدة فى ذروة الخلافات بينه وبين وزير الداخلية السابق حسن الألفى فى نهاية التسعينيات، وضرب الصحفى محمد عبد القدوس فى 21 يونيو 1995 خلال أزمة قانون الصحافة رقم 93 لسنة 1995.

وعندما انتقل قنديل الى جريدة الكرامة المعبرة عن حزب الكرامة القومى "تحت التأسيس" هاجم الرئيس وأسرته بضراوة وتسبب فى ازمة كبيرة بسبب مانشيتات الجريدة، حتى اتهم تقرير المجلس الأعلى للصحافة الجريدة بإهانة رئيس الجمهورية، ووصلت الى حد الاطاحة به من رئاسة تحرير الكرامة، حيث أكد قنديل وقتها أن رئاسة الجمهورية ممثلة فى شخص رئيس ديوانها الدكتور زكريا عزمى، ووزير الإعلام أنس الفقى، وجهاز أمن الدولة طالبوا صراحة بإبعاده عن منصبه قبل أن يتقلده منذ عام ونصف العام، وقوبل الطلب بالرفض القاطع، إلا أنه ومع مرور الوقت تآكلت حصانة الرفض لدى الجريدة، وخضعت للضغوط التى مورست عليها.

مهدى عاكف .. المرشد

بين القوى السياسية مجتمعة يظل منصب المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين هو الاكثر كراهية من النظام وخاصة حين يكون رجلا مثل مهدى عاكف، لأكونه صاحب التصريحات التى لا تتمتع بأى دبلوماسية ولا كياسة، فى مواجهة أكثر الملاحقات عنفا للجماعة المحظورة امنيا وسياسيا، وسيطرت عليه طباعه الشخصية التى جاءت متأثرة بتاريخه كقيادى تنظيمى تعرض للاعتقال أكثر من مرة، وباعتباره من الحرس القديم للجماعة.

كانت الجماعة هى الاكثر استفادة من انتخابات 2005 وحصلت على 88 مقعد برلمانى فى مجلس الشعب، وبسبب ذلك شهدت بعض الدوائر تضييق أمنى شديد لمنع باقى مرشيحها من حصد الدوائر.

وظل الصراع بين النظام والجماعة يتصاعد فى ولاية عاكف، ولم تتوقف المطاردات والاعتقالات وتقديم القيادات إلى المحاكمات العسكرية، ومصادرة أموال بعض مليونيراتها واتهامهم بغسل الأموال، حتى وصل الامر الى ذروته بتاكيد الرئيس مبارك على أن الإخوان خطر على أمن مصر.

فمنذ تولى محمد مهدى عاكف منصبه عام 2004، كانت البداية استعراض قوى كبير فى جنازة المرشد السابق مأمون الهضيبى اعلانا بأن السياسة أصبحت هى وقود الجماعة، فأعلن بعد أسابيع من توليه الارشاد عن "مبادرة جماعة الإخوان المسلمين للإصلاح الداخلى بمصر"، التى ركزت على سرعة الاصلاح من المنظور الإسلامى، مع تبنى آراء أكثر انفتاحا تضمنت قبوله بعضوية الأقباط داخل الجماعة وأبدى استعداده للتحالف مع الناصريين والشيوعيين إذا استدعى الأمر.

مارس المرشد ونوابه الـ 88 ضغوط شديدة على الحكومة والنظام، ومارس النواب رفضا ملفتا لانظار العالم للتعديلات الدستورية والتشريعية والاخيرة، ليصبحوا أكبر نقطة ازعاج من المعارضة مجتمعة رغم اعتبارها جماعة محظورة.

وعلى الرغم من الضربات الامنية المتتالية للجماعة المحظورة، بقيت لديها دائما قدرة تنظيمية أكبر من أى قوى سياسية شرعية، وتعتبر كافة الدوائر السياسية ان الجماعة فى عهده اصبحت البديل الوحيد الموجود للنظام الحالى، وهكذا تعامل الغرب مع الموضوع برمته.

سعد الدين ابراهيم .. الطريد

حينما التقى الرئيس الامريكى جورج بوش، بالدكتور سعد الدين إبراهيم استاذ الاجتماع السياسى ورئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية على هامش لقائه بالمعارضين وناشطى الديمقراطية المشاركين فى مؤتمر الديمقراطية والأمن فى العاصمة التشيكية براغ، كتبت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية أن الرئيس مبارك أبدى غضبه الشديد من سعد، بسبب تحركاته ضد النظام المصرى ومشاركته فى مؤتمرى الدوحة وبراغ حول الديمقراطية، ومطالبته الرئيس الأمريكى بالسعى لإلزام الرئيس بالوفاء بوعوده الديمقراطية، وربط المساعدات التى تتلقاها مصر بتنفيذ هذه الوعود والإفراج الفورى عن جميع المعتقلين السياسيين، لدرجة تأكيد الصحيفة الامريكية أن مسئولين اقترحوا على سعد مغادرة البلاد حتى يهدأ الرئيس.
وعلى الرغم من أن سعد عبر شعوره بالإحباط والخيانة من جورج بوش، لأنه لم ينفذ وعوده بعد أن تعرض للخداع، والخوف من تهديد الإسلاميين، الا أن ابراهيم اتهم بالخيانة والعمالة والإضرار بالاقتصاد المصرى بتحريضه الإدارة الأمريكية على وقف الدعم المالى الأمريكى لمصر، ورفعت عليه أربعة قضايا تصل عقوبة كل تهمة فيها الى السجن ثلاث سنوات، وهى القضايا التى رفعها سياسيون ومحامون وينظرها ينظرها القضاء حاليا، ويواجه فيها شبح السجن الذى مر به خلال تجربة مماثلة فى أول مواجهة حقيقية مع النظام، بعد أن قبض عليه فى يونيو 2000 هو 17 من باحثى مركز ابن خلدون، وووجهت له اتهامات ببث معلومات كاذبة من شأنها الإضرار بالمصالح المصرية، والحصول على معونات من جهات أجنبية بدون ترخيص، والنصب على الاتحاد الأوروبى وسلب أمواله دون وجه حق، وحكمت محكمة لأمن الدولة العليا عليه بالسجن مع الأشغال الشاقة.

وقتها .. هوجم سعد بشدة من الصحف التى اتهمته بالعمالة لأمريكا، التى دافعت عن مواطنها الذى يحمل جنسيتها ومتزوج من امراة أمريكية ظلت صامدة بجواره، لدرجة ان إدارة الرئيس الأمريكى جورج بوش قررت تجميد المعونات الاقتصادية الإضافية المقدمة إلى مصر حتى يتم الإفراج عن المواطن الأمريكى السجين، حتى برأت محكمة النقض سعد الدين إبراهيم ورفاقه من كل التهم التى وجهت إليهم.

ونتيجة للمطاردة الحالية .. هذا اختار سعد، النفى الذاتى خارج مصر بالولايات المتحدة الأمريكية مترددا على عدد كبير من الدول الأوربية والعاصمة القطرية الدوحة التى أصبحت قبلة المعارضين فى الشرق الاوسط، محتميا بقدرته على الإتصال بالولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي بسهولة، وهى النقطة الأبرز التى تجعله غير محبوبا من النظام، خاصة انه أكد على انتهاز كل فرصة لانتقاد الرئيس مبارك ونظامه وحزبه وشن حملة تحريض واسعة ضده فى الصحف الامريكية وفى الارساط الأوربية.


عدلى أبادير .. الذئب العجوز

يعد عدلى أبادير الاب الروحى لأقباط المهجر واحد ان أهم منابع الاساءة للنظام السياسي المصري فى الخارج .. فالرجل لا يكل ولا يمل من اتهام النظام بالعمالة للوهابية السعودية والتعاون مع الاخوان المسلمين من اجل احكام الاضطهاد على الاقباط الذى يصر ذئب المهجر العجوز على وجوده.

ويتهم أبادير بأنه يستغل "فترة انتقال السلطة فى مصر حاليا" للضغط على النظام فى إطار متاجرته بالهموم القبطية، فى حين يتولى حملة لمهاجمة النظام بدعوى اضطهاد الاقباط من خلال مؤتمرات عدة عقدها فى سويسرا والولايات المتحدة طال خلالها بدولة مستقلة للأقباط، وحاول النفخ فى المطالب النوبية لتحويلها الى قضية أقلية مضطهدة هى الأخرى، وإنشاء دولة مستقلة ولو باتحاد كونفيدرالى مع النوبيين.

نجح أبادرير رجل الاعمال الثرى فى دعم الجماعاتالقبطية فى المهجر التى كانت تستقبل الرئيس مبارك خلال زياراته الى الولايات المتحدة بهجوم حاد تسبب له فى احراج شديد أكثر من مرة، وكانوا يركزون على كتابة مقالات حول اضطهاد الأقباط قبل الزيارة بفترة طويلة لحشد المظاهرات والمواقف ضده، كما سعت تلك المنظمات اكثر من مرة الى تحفيز نواب الكونجرس الأمريكي على الدعوة لمعاقبة مصر والتدخل لحماية مسيحييها والتهديد بقطع المعونة الامريكية أكثر من مرة.

دعم أبادير مؤتمر شيكاغو الذى يناقش ما يقولون انه خطة المسلمين لـ"اختطاف الفتيات القبطيات" ولم ييأس من انكشاف حقيقة العلاقات العاطفية وراء حالات اسلام الفتيات التى أثارتها منظمته "الأقباط متحدون"، مصرا على ان الدولة هى التى تدعم اختطاف المسيحيات، كما يستغل أى حادث لاظهاره فى شكل اضطهاد يطارد به النظام المصرى فى كل مكان يحط فيه.

ودعى أبادير فى أكثر من مقال الى محاكمة الرئيس مبارك شعبيا محددا قائمة قال أنها مبدئية من 22 اتهاما، دس فيها اتهاما بالاضطهاد والتآمر على الكنيسة الأرثوذكسية ودعم انشقاقها.

الخميس، ٢٢ نوفمبر ٢٠٠٧

نقابة الصحفيين من حمى الانتخابات .. الى ارتكاريا الخلافات


للوهلة الأولى يصعب الاجابة على سؤال كيف ستكون طبيعة العلاقة داخل المجلس الجديد لنقابة الصحفيين بعد أسبوع واحد من تعافيها من حمى الانتخابات، التى حولتها الى مكان أقرب الى سوق الإمام الشافعى الذى يباع فيه كل شئ ويشترى ، وتعرض فيه السلع بكل كيفية ممكنة بدءا من التسويق بدقائق الموبايل المجانية مرورا بإغراء رائحة رغيف الخبز الافرنجى الطازج نهاية بزفة المزمار البلدى، ووجبات المطاعم التى حطت ساخنة على صوان العزاء المنصوب أمام المبنى فى 4 شارع عبد الخالق ثروت، فى سرادق تم نصبه ليغنى فيه كل على ليلاه.

فالوضع الملتهب تارة والهادئ بوجهة نظر أخرى، دفع زميل مثل ابراهيم حجازى الذى قضى عشرون عاما عضوا بالمجلس الى الخوف من مجرد ابداء تصوراته لمستقبل هذا المجلس، الذى شهد تغيرا (6 أعضاء جدد ونقيب) بدعوى أنه قطع علاقته بالنقابة وبمن فيها وأن أى كلام سيتم التعامل معه بحساسية مفرطة، ومثل حجازى أخرون فضلوا الصمت للمبرر ذاته، حفظا لاستقرار منشود أو ابتعادا عن عش الدبابير أو احتراما لحق الزمالة .. خاصة ان الرأى منقسم بوضوح حول رؤية السنوات القادمة.

الأيام الماضية نفسها والتى شهدت اجتماعات وجلسات عمل للتوافق على هيئة المكتب، تم التعامل معها بتباين شديد، بين فريق يرى أنه تعرض للاقصاء المتعمد، وأخر لا يرى ان ما حدث يمثل أى إقصاء يذكر وان ما حدث خلال تلك الأيام هو أمر طبيعى حدث بعد كل انتخابات، فيما ستظل الصورة بهيئتها لعامين على الأقل بينما تجهز المعارضة نفسها بمرشح جديد للنقيب يقلب الطاولة ويعيد تشكيل هيئة المكتب من جديد حينما يحين الوقت للانتخابات الجديدة على المنصب العالى.

جمال فهمى عضو المجلس لم ترق له المقدمات، معتبرا أن البداية كانت مخالفة قانونية بعدم دعوة المجلس حتى يوم الخميس الماضى، ومحاولة خلق كيان موازى لمجلس النقابة من خلال جلسات فى الغرف المغلقة على حد تعبيره لترتيب الامور وفقا لرؤية الحزب الوطنى ولجنة السياسات مشيرا الى عملية اقصاء شملته هو ويحى قلاش وياسر رزق وصلاح عبد المقصور ومحمد عبد القدوس وعبير السعدى، وهو ما يخسى معه ان ينفرد المجتمعون بالعمل النقابى ويفعلوا بالنقابة ما يفعلونه بالبلد بعد أن ركبوا المجلس على حد تعبيره.

واعتبر فهمى الناصرى اتوجه أن ما يحدث يهدد بحرب أهلية داخل النقابة ما لم يدرك هؤلاء المجتمعون فى الغرف المغلقة - فى سابقة قال أنها لم تحدث من قبل - انهم أخطأوا فى أقصاء زملائهم، مستبعدا أن يصل الأمر الى حد فرض الدولة الحراسة على نقابة الصحفيين، قائلا ان الأور لا يمكن ان تصل الى هذا الحد وأن نقابة الصحفيين ليست كغيرها وبها جمعية عمومية واعية ويمكن دعوتها بالاتصالات التليفونية.

وقال فهمى أن بعض الزملاء الجدد مذهولين من الشللية المبكرة التى تهدد بانقسام المجلس، مشيرا الى أنه يتمنى أن تهدأ النفوس ويحدث التوائم المنشود لمصلحة المهنة والصحفيين، ومطالبا النقيب مكرم محمد أحمد بالتدخل لوقف هذه الاجتماعات والدعوة لاجتماع يتم تشكيل هيئة المكتب به بحضور كافة الزملاء بدون أى إقصاء.

فهمى أبدى تخوفا من ان تعقد جماعة الاخوان المسلمين "كجماعة" اتفاقا مع النقيب ورجاله، بعيدا عن الزملاء عبد القدوس وعبد المقصود، اللذان أبدى ثقته فيهما وفى مواقفهما لخبرتهما فى العمل النقابى، دون أن يوضح تبعات هذا الاتفاق وطرق تنفيذه.

من جانبه أكد حاتم زكريا والذى علمنا أن الجلسات التشاورية – على حد وصفه – بين أعضاء المجلس الجديد الذى قال أن بعضها ضم أكثر من سبعة اعضاء، اقترحت إختياره سكرتيرا عاما للنقابة ليحل محل يحي قلاش، أن تلك الجلسات تحدث بعد كل انتخابات جرت فى النقابة، معتبرا أن الكلام عن مؤامرات وشللية نوع من الدعاية التى لا تفيد العمل النقابى، وأن الغرض منها التشاور حول الملفات المستقبلية ومقترحات تشكيل هسئة المكتب، تجنبا للصدام داخل المجلس، نافيا فى الوقت نفسه أن يكون قد حدث إقصاء لأية مجموعات داخل المجلس وان الاجتماعات شملت أغلبية الزملاء او من يعبر عنهم.

وقال أنه تشاور مع الزميل يحي قلاش فى احد المكالمات التليفونية فى إطار ودى، لأن المجلس وحدة واحدة، وأضاف أن النقيب يفضل فى الوقت الحالى أن يتفاعل الحوار بين كل الاطراف فى المجلس وصولا الى أقصى توافق ممكن، وانه حضر احد الجلسات بالصدفة، مبررا عدم الدعوة للمجلس حتى الأن بأن النقيب كان مرهقا من المعركة الانتخابية وأراد بعض الراحة، وخلال ساعات سيحدد موعد انعقاد أولى جلسات المجلس، نافيا أن يكون الحزب الوطنى قد تدخل باى شكل فى الشأن النقابى للصحفيين.

وقال زكريا أن البعض يؤلف القصص ويتفرغ لنسجها وروايتها، بينما يرى هو الأمور ببساطة شديدة وهى أنه قادم للتفرغ للعمل النقابى بعد أن اختارته الجمعية العمومية لذلك، وأن من لا يريد العمل فليحاسبه الصحفيون، بينما نسعى لترتيب الملفات التى سنعمل عليها وفى مقدمتها ملف سجن الصحفيين والقضايا المنظورة امام القضاء، وموضوع الحبس فى قضايا النشر بشكل عام.

من وجهة نظر أخرى يرى الزميل ممدوح الولى عضو المجلس السابق أن الحكومة أحكمت سيطرتها على مجلس النقابة، وهو ما يتوقع معه تراجع الاداء السياسى للنقابة وحصرها فى الخدمات النقابية والرحلات والعلاج حتى ترحم الحكومة نفسها من الصداع والحرج الذى كانت النقابة تمثله له سواء من المظاهرات على سلم النقابة أو اللقاءات داخل قاعاتها.

وأشار الولى الى أن الدولة تدخلت بشكل وصل الى درجة قيل أن صفوت الشريف رئيس المجلس الاعلى للصحافة هدد بإجراء تغيير فى المناصب القيادية بالمؤسسات القومية ما يتم ينجح مكرم محمد أحمد فى منصب النقيب، وهو ما يبرر حصول النقيب وقائمته على أصوات مرتفعة رغم أن بعضهم ليس له اسما واضحا فى العمل النقابى، الى جانب ضعف
النقيب المنافس، وسطوة الـ 200 جنيه التى جلبها مكرم محمد أحمد كزيادة فى بدل التثقيف، فى ظل مرتبات تصل لبعض الصحفيين فى المؤسسات الصغيرة الى 90 جنيها شهريا.

واعتبر الولى أن نتيجة الانتخابات لها دلالات كبيرة، ويمكن اعتبارها تأميما لمهنة الصحافة وتحويلها الى مهنة خدمية والتأثير على الدور الفاعل للنقابة، لتنضم للنقابات الخاملة، وتحويل الصحفيين الى موظفين.

ويرى عضو المجلس الأسبق ان عدم دعوة المجلس للانعقاد حتى الأن لا يرتقى الى حد المخالفة القانونية، ولكنها مخالفة اجرائية، معتبرا أن الجلسات التشاورية التى تجرى بين بعض الأعضاء حضرها من يمثل كل التيارات، وأن بعض المناصب ما زال الخلاف قائم حولها.

واضاف أن عملية عزل لاشخاص بعينهم قد تمت بالفعل، ردا على عمليات عزل مماثلة تمت فى السابق، من الناصريين والاسلاميين "أساتذة العزل على حد وصفه" ولكن فى كل الاحوال سيحصل كل عضو من اعضاء المجلس على منصب فى هيئة المكتب لأنه ببساطة عدد اللجان اكبر من عدد الأعضاء الـ 12.

وطالب الولى الاعضاء بعدم الوقوف أمام الشكليات، متوقعا أن يخفت صوت المعارضين الذين اعتادوا علىالصوت العالى لأن الأغلبية ذهبت من أيديهم، وفى النهاية سيضطرون الى السعى للتوافق مع المجلس الحالى حتى يصبح لهم دورا ولا يتم عزلهم بالكامل داخل المجلس.

حسن الزوام

الاثنين، ١٩ نوفمبر ٢٠٠٧

مصر تستحق


على مصطبة بنيت بعناية فائقة من الطين اللين .. ضمن مدرجات المسرح الرومانى، وبجوارى عمال مصانعه وشباب من قارات العالم المختلفة وعدد كبير من الصحفيين والمسئولين الذين جاءوا يهنئون بالحدث السعيد .. احتفلت مع الدكتور ابراهيم أبو العيش بمرور 30 عاما على حلمه الذى تحقق.

لم تمنعنى سعادتى من ان أحسد الرجل – حسد حميد بالطبع - لنجاح حلمه الذى تحقق بالعمل والجهد والمثابرة والاجتهاد .. فكم من حلم فى مصر لا ينال منه صاحبه أكثر من الرثاء بعد الفشل .. والبكاء بعد الانكسار.

أبو العيش جاء للصحراء المقحلة منذ 30 عاما قادما من أوروبا، و- لنتذكر سويا كيف كانت مصر فى هذا التاريخ، وكيف كانت اوروبا، لندرك خطورة قراره - جاء ليبنى المستقبل ويبيع سلعة ليس لها سوق، طبقا لأسس اقتصادية نتيجتها الحتمية الخسارة القريبة، ووفقا لدراسة جدوى تنظر الى الربع قرن القادم .. وليس الى ربع العام التالى.

جاء أبو العيش الى صحراء بلبيس ليلقى ثمار مشروعه "شركة سيكم" مستمدا اسمها من جذوره الفرعونية والكلمة تعنى الحيوية من الشمس.. كبرت الشركة فصارت مؤسسة، وأصبحت رائدة ما يعرف الأن بالزراعة الحيوية التى أدخلت مصر فى منطقة "الأورجانيك" لتصبح الان دولة رائدة فى العالم، فى زمن عزت فيه الريادة، ثم أصبحت الشركة مبادرة، تعتمد على "اقتصاد المحبة" التى تنظر للربح نظرة اخرى، وتتعامل مع التنمية الاجتماعية بنظرة مختلفة تماما.

فى أول لقاء لى معه قبل 8 سنوات تقريبا .. كنت أظنه - واعترف بجهلى - أنه مجرد عطار "فتح الله عليه ورزقه من حيث لا يحتسب"، لكننى خرجت من المقابلة بانطباع اخر تماما، هو أن ذلك الرجل عالم جليل .. مفكر حقق طموحات فلاسفة العصور الوسطى فى خلق الجمهورية الفاضلة .. وعلى من يظننى مدعيا أن يزور قرية سيكم فى بلبيس .. وليخبرنى بعدها ما هو انطباعه.

لقد غيرت مقابلتى الأولى مع أبو العيش رؤيتى له شخصيا .. فأصبحت من أشد المؤمنين بما يفعله على مستوى التنمية الاجتماعية .. وتعهدت أن أكتب عنه كلما اتيحت لى مساحة لتعرف مصر كلها هذا الرجل، وليغار منه كل صاحب مال فيحاول تقليده .. وأحلم باليوم الذى ينتشر فيه نموذجه التنموي الذى نال عنه جائزة نوبل، فى ربوع مصر ليغطى كل حبة رمال بها .. أدعوه أن يكرر تجربته فمصر تستحق .. وأقول له لو انتظرت عشرات السنين لن يأتى فارس ليفعل ما فعلته أنت .. فلن يأتى .. فلا تنتظر .. وخذ قرارك وتوكل على الله .. وأكرر .. مصر تستحق.

Elzawam3@hotmail.com

الأحد، ١٨ نوفمبر ٢٠٠٧

الجنيه غلب الكارنيه


انتهى المولد .. وانفض السامر .. وصار أمام من نجحوا فى انتخابات مجلس نقابة الصحفيين مهمة أصعب من تسول الأصوات من أبناء صاحبة الجلالة، لتبدأ المرحلة العكسية وهى تسول أبناء المهنة من أعضاء المجلس لينفذوا وعودهم ويحلوا مشاكلهم، خاصة ان المجلس الحالى بتركيبته الجديدة التى حملت من التوازن ما أكد فطنة "الصحفيين" وسعيهم لمسك العصا من المنتصف .. فإختاروا النقيب القادر على التواصل مع الدولة وهو مكرم محمد احمد، وحافظوا على الاستقرار بتجديد الثقة فى النقابى المخضرم يحيى قلاش، واكدوا أن ميكروفون عبد القدوس لا غنى عنه، وأن "غليون" جمال فهمى مطلوب فى مواجهة عصبية النقيب.


بإمكان أى إنسان أن يصنف المجلس الحالى كما يشاء، فمن يريده معارض سيراه معارض وسيضم الى التيارات السياسية (اخوان وناصريين) بعض المحسوبين عليهم، بينما من يريد المجلس حكومى سيراه كذلك، اذا ما اعتبر أن كل من ينتمى الى الصحف الحكومية هو حكومى بالضرورة، واذا ما رغب فريق أخر فى تصنيف المجلس الحالى ضمن الطريق الثالث، فإمكانه رؤية التوازن وقد اطل برأسه من فرط الاستقلالية التى تسيطر على تشكيلته.


بإختصار لا يوجد للنقيب مكرم محمد أحمد أى حجة يتزرع بها للتنصل من وعوده التى تفرق دمها بين القبائل وملأ بها مرشحون أوراقهم، وهى الغاء الحبس فى قضايا النشر ووقف مسلسل الحسبة السياسية الهابط، وتوفير مرتب أدمى للصحفى واجبار اجهزة الدولة على توفير المعلومات أمامه .. وما غير ذلك من وعود تنفذ تباعا.


اما الملف الأكبر امام النقيب والمجلس ان ارادوا اصلاحا، هو شباب الصحفيين، ولا أقصد هنا الصحفيين أعضاء النقابة من الشباب تحت الـ 40 عاما، ولكن هؤلاء الذين تبتزهم الصحف والمؤسسات و"تشفط" ضرعهم، وتتركهم بلا تعيين لسنوات، واحيانا معينين ومعلقين مثل "البيت الوقف" على خطاب بورقة لا قيمة لها توجه للنقابة ليدخلوا "الجنة" من باب عبد الخالق ثروت.


يجب على النقيب أن يوقف تلك المسخرة، وأن يجبر الصحف على اتخاذ قرار بشان الشباب العاملين بها فى غضون عام على الأكثر، فإذا ما أرادت أن يستمر فى العمل لديها فيجب عليها أن تعتمد تعيينه وترسل أوراقه فورا الى النقابة، أما اذا ما رات ان "البعيد مالوش فى الصحافة" فيجب عليها ان تحدد موقفها منه وأن تبلغه رسميا بذلك بدلا من أن تستمر فى ابتزازه بدعوى انه تحت التمرين لمدة تزيد أحيانا عن خمس سنوات، ليأتى دور النقابة لتحقق فى سبب الاستغناء عنه وهل لأنه ضعيف أم لأن الجريدة لا تنوى تعيينه ولا تعيين غيره .. فهؤلاء صحفيون ولا يوجد من يحميهم من ابتزاز وجبروت الصحف سوى النقابة بمجلسها الحالى ونقيبها مكرم محمد أحمد.


وللحق أن قطاع من الصحفيين سعى لانتخاب رجائي الميرغنى وهو يعلم أن النقيب القادم هو مكرم محمد أحمد، ولكن سعيهم كان لغاية فى نفس ابن يعقوب، وهى جرجرة النقيب الى جولة اعادة تثبت له - حتى وان فاز - أن الـ 200 التى جلبها لزيادة بدل التثقيف والتكنولوجيا للصحفى من فم حكومة الغاء الدعم، لم تكن وحدهم سبب نجاحه، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن، وحسم مكرم المعركة بالضربة القاضية "المادية" وغلب الجنيه الكارينه على حد تعبير الميرغنى فى تصريحه لجريدة الميدان .. فهل يحسم النقيب معركته مع الأعوام الأربعة القادمة بمواقف لصالح المهنة وأبناءها على نفس مستوى قفزة بدل التثقيف .. نتمنى.

الأحد، ١١ نوفمبر ٢٠٠٧

لو لم أكن صحفيا لوددت أن أكون صحفيا


لم أصدق نفسي وما زلت، ولم أكن يوما فى غاية السعادة بعملى الصحفى وانتمائى لنقابة الصحفيين، بقدر السعادة التى رفرفت على هذه الأيام بعد المصير الذى ستؤول اليه حياتى لو نفذ زملائي الصحفيون وعودهم التى أحتفظ بها مطبوعة على أوراق يسميها هؤلاء برامج ويتراوح مستوى طباعتها بين الفخامة والفقر البين.

كل شئ يمكن أن يحلم به شخص مثلى يحمل الجنسية المصرية موجود فى هذه الاوراق، فإذا كنت احلم بشقة أوسع أستطيع أن أمدد بها قدمى مرتاحا دون أن تتعثر طفلتى فيها بالصالة، فإن حلمى سيصبح مستطاعا وفى المتناول وبإمكانى الاختيار بين الانتقال للسكن فى مدينة السادس من أكتوبر أو بالتجمع الخامس أو القاهرة الجديدة، واذا "وسعت معايا شوية" وتمنيت و"لا يكتر على الله" أن ابنى بيتى بعيدا عن مرمطة الدولة لشبابها فى مشروع "ابنى بيتك" فإن الحصول على قطعة ارض للبناء فى المدن الجديدة متاحا من واقع برامج الاخوة الزملاء.

لم أصدق نفسى وانا أرى الكاتب الكبير الذى كنت أظنه من أثرياء المهنة يذيل رسالته لى على موبايلى انا العبد الفقير بقوله أخوك فلان الفلانى.

لقد طبع على خدى هذا الذى سيأكله الدود، عشرات من قبلات كبار وصغار الكتاب والاكاديميين والسرّيحة التائهين فى دروب "السبابيب" الصحفية بحثا عن اكل العيش، وحصلت على وعود بحرية بلاسقف وكلمة بلا سجن، ومعلومة متاحة وقتما شئت، وميثاق شرف يراقب انحرافات من يسيئون الى المهنة ويحاسبهم قبل أن تسجنهم السلطة، ومرتب أدمى يرحمنى من البهدلة، وتصدى نقابى حقيقى لتصرفات الادارة - أى إدارة – معى، وتحمينى من الفصل التعسفى، وسأنال تدريبا مستمرا بلا انقطاع يطور مهاراتى ويعدد مواهبي لأننا فى وطن لا يعترف الا بالقدرات والملكات الخاصة ويقدر الموهوبين، وسأحصل أيضا على علاج مجانى فى مستشفى للصحفيين فقط، ودواء مدفع الثمن من النقابة، ومعاش يرحم شيخوختى، وسيارة وشاليهين للتصييف "واحد فى سيناء والتانى فى الساحل الشمالى" ومستشفى أزرع فيها أسنانى وضروسي التى أكلتها القطة وأرمم "سقف بقى" الذى أوشك على الانهيار وأنا فى ريعان شبابي، وكمان فدادين أزرع فيها ما آكله وأصدر ما يفيض الى أوروبا والدول المتقدمة.

وفقط لأنى صحفيا لن أذهب الى السجل المدنى ولا ادارات المرور لأنها ستنتقل الى مبنى النقابة، ولا مكاتب الصحف العربية لأن النقابة ستؤسس وكالة أنباء ترحم الصحفيين من "البهدلة فى البيوت" وصحف بير السلم، وسأحصل على تخفيضات فى اسعار مستلزمات المنزل وجهاز العروسين، وأصرف الزيت والسكر والدقيق والصابون من شارع عبد الخالق ثروت، وسأوفر أكثر من ربع المصروفات التى أدفعها لابنتى عندما تدخل المدرسة، وكذلك الجامعة أذا ما منحنى الله عمرا أطول، وفوق هذا كله سيتجاوز المبلغ الذى أخذه كبدل تدريب وتكنولوجيا من النقابة حدود الـ 400 جنيه.

حقا لو لم أكن صحفيا لوددت أن أكون صحفيا .. وألف مليار شكر للزملاء الذين منحونى أمل فى الحياة.

الخميس، ٨ نوفمبر ٢٠٠٧

مصر تعيش أزهى عصور "التهجير" .. وخلع الفقراء لزرع المنتجعات


من حكر أبو دومة الى القرنة بالأقصر مرورا بروض الفرج وجزيرة الدهب
* لم تعد الحكومة تهتم باعتراضات الناس .. فاستخدام الكرباج لديها أصبح أسهل من إغضاب المستثمرين
* الأراضى التى يتم نزع ملكيتها للمنفعة العامة وطرحها للاستثمار.. دائما ما يسكنها الضعفاء والمقهورين
* انتظر سكان جزر النيل مدرسة ومستشفى طيلة حياتهم فنزعت الدولة ملكية أراضيهم لبناء المنتجعات
* فى الأقصر ثانى أكبر عملية تهجير واعادة بناء فى تاريخ مصر ضمن خطة للوكالة الأمريكية للتنمية




تهجير يلاحقه تهجير أصبح يطارد المصريين فى وطنهم، حتى بات تعريفا الوطن صعبا فى زمن يروج فيه للمواطنة، فمن أقصى الشمال الى أدنى الجنوب يطارد شبح التهجير الناس، يهددهم يالتشريد والتيه فى دواوين الدولة بحثا عن حقوقهم، ولم لا وواقع التجارب المصرية مع التهجير ليس مشرفا فى معظمه، ويكفى الاستشهاد بتجربة تهجير النوبيين من أرضهم فى الستينيات لبناء السد العالى مشروع مصر القومى الأكبر، وهى عملية التهجير التى صنعت قضية تكاد تهدد أمن البلاد من لا قضية، كمن يصنع النار من وهج الشمس، ويغرق أرضه من قطرات المطر

فى مصر الأن تدور عجلة التهجير على أعلى سرعاتها، تهجير فيه رائحة الدولار، حيث يقف المستثمرون خلف كل عملية يتم فيها شحن قوات الامن المركزى بهرواتهم السوداء وحناجرهم المرعبة، لإجبار الناس على ترك بيوتهم .. لم تعد الحكومة تهتم باعتراضات الناس ولا تجمهرهم، فاستخدام الكرباج أصبح أسهل بكثير من عناء البحث عن مناطق أخرى للمستثمرين الذين يريدون المكان الجاهز الصالح من وجهة نظرهم لمشاريعهم وأبراجهم ومنتجعاتهم، والتى يتصادف دوما ان الفقراء يشغلونها

حدث ذلك فى جزر النيل حين انهارت الحياة البسيطة التى يعيشها أهالى جزيرة "القرصاية" التى تبلغ مساحتها 75 فدانا عندما فوجئ السكان، بطرد عدد من سكانها من 6 أفدنة يزرعونها بدعوى استخدامها للمصلحة العامة

تلك المصلحة التى أصبحت عامة لأنها فى أيدي الفقراء والمقهورين، والتى واجهوا فيها مصيرا سمعوا دائما عنه، وهو طردهم من الجزيرة لصالح بعض المستثمرين، وحين رفضوا الخروج من أرضهم، أطلقت أيدى جحافل الامن بالأعيرة النارية فى الهواء لزرع الرعب فى النفوس والضرب بالهراوات والعصى المكهربة والتهم الجاهزة من عينة محاولة قلب نظام الحكم

أنه التعامل بقسوة لا يفهم لها الناس سببا ولا يجدون لها مبررا سوى كونهم ضعفاء، كانوا ينتظرون عطف الحكومة فلم يجدوا سوى الاذلال والتشريد، وكأن مصيرهم المكتوب أن تؤخذ منهم أرض الدولة لتمنح لأخرون يمنحهم المال والسلطة تعريف أخر فوق البشر

وما حدث فى جزيرة "القرصاية" نقل رعب التهجير الى أهالى جزيرة "الدهب" التى تبعد عنها بأقل من 200 متر وتبلغ مساحتها نحو 350 فدانا، ويبلغ عدد سكانها نحو 20 ألف نسمة، خاصة أنهم يسمعون عن نية الحكومة منح بعض الجزر للمستثمرين، وكذلك جزيرة بين البحرين، حيث تم تجاهل الجزيرتين من برنامج الإحصاء السكانى الجديد، بدلا من أن يمنحوهم حلمهم الذى انتظروه نصف قرن وتلوه على كل مرشح فى كل انتخابات وهو مدرسة ومستشفى لخدمة الأهالى، كما انتقل الرعب ذاته الى جزيرة الوراق التى يخشى سكانها (60 ألف نسمة) اليوم الذى سيهجرونهم فيه من أراضيهم وتسليمها لرجال الأعمال والقطاع الخاص لبناء حديقة ترفيهية, وفندق 5 نجوم

الناس الأن لا تحلم بأن تنال من الحكومة شيئا، فقط تحلم بأن تبتعد عنها بمستثمريها ورجالها القادرين على تحويل التراب الى ذهب، وزراعة الابراج الزجاجية مكان النخيل وعيدان الذرة، فى إطار خطة تستهدف تحويل القاهرة إلى منتجع سياحى كبير على غرار إمارة دبي .. مكان لا موضع فيه للفقراء

وكانت قضية جزيرة الدهب قد لا قت اهتماما اعلاميا كبيرا عندما صدر قرار رئيس الوزراء بنزع ملكية الجزيرة للمنفعة العامة بعد أن أعلن المخرج العالمى "يوسف شاهين" عام 2001 ، عن رغبته فى أن يصور فيلما يفضح المسئولين عن مشروع نزع الملكية من آلاف الفلاحين، قائلا أنه لا يرغب فى رؤية ناطحات سحاب ترتفع وسط النيل

والمؤسف أن حكوماتنا لا تجيد حتى تعويض الناس عن تهجيرهم واقتلاعهم من جذورهم، وأسألوا أهل المنطقة الكائنة خلف مبنى التليفزيون بماسبيرو، ممن قامت محافظة القاهرة بإخلاء وهدم بيوتهم بحجة توسيع الحرم الأمنى للتليفزيون وعلى الرغم من قيام الأجهزة المعنية بتسليم السكان والمستأجرين وحدات سكنية مماثلة بمنطقة النهضة إلا أن التعويضات التى طرحتها لم تزد عن 25 جنيها للمتر فى الوقت الذى يقدر فيه الخبراء ثمن المتر بهذه المنطقة بما يتراوح بين 30-50 ألف جنيه للمتر وذلك وفقا لدراسة للمركز المصرى لحقوق السكن

ولا فى حالة سكان منطقة ميت عقبة الذين تم اقتلاعهم فى التسعينيات لمد طريق محور 26 يوليو الهام والحيوى، حيث تم القاء نصفهم فى مساكن بطريق الفيوم والنصف الاخر فى عمارات غير أدمية ببشتيل وبات مطلوب منهم التأقلم، أيضا ما زالت مشكلة أهالى قلعة الكبش الذين تعرضت عششهم العشوائية للحريق، ليفيقوا فى شهر ابريل الماضى على وقع خطوات 6 آلاف جندى 6 بلدوزرات ومائة عامل لهدم ما تبقى من أشباه المنازل التى تأويهم، محتمين خلف القنابل المسيلة للدموع، ثم خداعهم بالنداء على اسمائهم بزعم تسليمهم مسكنهم البديل قبل القائهم فى الصحراء

وفى الأقصر قامت الدولة بثانى أكبر عملية تهجير طوعى فى تاريخها الحديث لـ 3400 أسرة من منطقة القرنة للتنقيب عن الآثار، الى جانب نزع ملكية 550 فداناً من أجود وأخصب الأراضى الزراعية بقرية المريس وهدم 618 منزلاً بها لإقامة مرسى للمراكب السياحية وفنادق ومطاعم وبازارات سياحية، وذلك فى إطار خطة كبرىتمولها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لإعادة بناء الأقصر وتحويلها إلى مدينة "مفتوحة" خالية من السكان بحلول عام 2030، وكانت البداية بتفريغ القرنة من سكانها، فى موجة من المحاولات بدأت باشتباكات بين الاهالى وقوات الأمن فى 17 يناير 1998، وكانت النتيجة قتل أربعة من السكان وجرح 20 آخرين على يد قوات الأمن، وانتهت مؤخرا بانصياع الاهالى لجبروت القوة، والانتقال الى القرية البديلة
من الأقصر للقاهرة يحلق رعب التهجير، فيحاول سكان وتجار وكالة البلح طرد هواجس المصير نفسه، ذلك المصير المحبوك بسيناريو واحد، وهو نزع الأرض التى تبلغ مساحتها 120 فدانا تطل على نيل القاهرة فى مواجهة وجهاء الزمالك، من الفقراء ومنحها للمستثمرين
احتفظت الدولة دائما بسلطان نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة – دون ان تحدد معنى المصلحة العامة وهل هى مصلحة 15 آلف مواطن مثلا أم مصلحة عموم المستثمرين، فحصلت السلطة التنفيذية على حق نزع الملكية، مع إعطاء القضاء سلطة مراقبة مشروعية ذلك، ولكن ما يحدث من الحكومة فى المقابل هو إصدار قرارات الإخلاء والإزالة والعمل على تنفيذها سريعا بالقوة الجبرية وبتواجد أمنى كثيف للقضاء على أية محاولة للاعتراض، حتى بعد صدور حكم ببطلان القرار الإدارى لكى لا يبقى أمام المواطنين سوى الرضا بالتعويض لترسيخ الواقع

احتفظت الدولة بسلطان تدمير المجتمعات الاصلية ونقلها الى مناطق تتناقض تماما مع تلك التى عاشوا فيها، ليعانوا من الاختلاف التام فى أحوال المعيشة وأماكن العمل والتكلفة الإضافية للمواصلات وغيرها

حتى حينما تنزع الملكية للمنفعة العامة لاقامة محطة مياه فإن الدولة تستخدم القوة الغاشمة لتهديد البشر وسحقهم كما حدث مع اهالى كفر العلو بحلوان ممن طرد سكان 37 من منازله، وتجريف الأراضى الزراعية وتدمير المحاصيل، على أيدى قوات الأمن المركزى

ولن تتوقف خطة التهجير فى مصر وصولا للقاهرة 2050 التى تم الاعلان عنها الا وقد تم تغيير معالم العاصمة لتصبح للأغنياء فقط وتهجير الضعفاء منها الى مناطق على الحواف ليأكلوا بعضهم البعض هناك، فوفقاً لتقرير وزارة الاستثمار ستمتد سياسة التهجير إلى منطقتى أثر النبي, وروض الفرج لإنشاء مراكز للأنشطة التجارية, ومبانى سكنية وإدارية وفنادق بالإضافة إلى ميناء نهرى ومنتجعات نهرية نظرا لتمتع روض الفرج بواجهة مائية 4 كم على النيل، كما سيحدث مع منطقة حكر أبو دومة التى سيهجر اهلها لانشاء مشروعات سياحية وترفيهية ليست لها علاقة بالنفع العام بقدر ما لها علاقة بمصالح المستثمرين

لسنا ضد عاصمة جميلة منظمة .. لكننا ضد التهام الفقراء على موائد المستثمرين .. وقهرهم بعصا الامن الغليظة، ونحذر من أن اتساع موجات التهجير يخلق عزلة وكراهية للوطن الذى فقد معناه ومقوماته .. وفقط من يفهمون يعرفون خطورة ذلك
* الصورة من موقع جريدة البديل التى استعنت ببعض المعلومات المنشورة بها فى صياغة المقال


حسن الزوام

الدولار يغرق .. فطسوه !


اللهم لا شماتة .. يارب أوكسهم كمان وكمان .. أللهم غرق دولارهم كما شبع الجنيه المصري غرقا عندما عومته حكومتنا الرشيدة .. أللهم أرزقهم بتجار من عينة تجار بلادشنا يرفعون عليهم أسعار الهامبورجر والسوسيس وأكل الكلاب وكل حاجة من أساسيات حياتهم لأن عملتهم إنهارت فى السوق، وانفضحت فضيحة اللحمة فى السوق

اللهم أنى اعرف أن تجارنا الذين حرقوا دمنا ورفعوا أسعار الفول والعدس والشاى الناشف بحجة ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه حتى وصل الى اكتر من 7 جنيهات، لن يخفضوا أسعار السلع بعد أن تراجع سعر الدولار امام الجنيه بنسبة 25% تقريبا مقارنة بسعره عندما كان عملاقا وذلك للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات

من يصدق بعد حمى الهرولة نحو الدولار .. يتدخل البنك المركزي المصرى لوقف عملية المضاربة على الجنيه المصرى – تخيلوا المصري - بعد تدافع من معهم دولار للتخلص منه وتحويله إلى الجنيه بسبب بهدلة سعر صرف الورقة الخضراء حتى أصبح "الواحد منها بخمسة جنيه ونص"

لكنى زعلت من البنك المركزى لأنه قام بشراء وسحب المعروض من الدولار الأمريكى لوقف انهياره بعد تراجع سعره 16 قرش وسط توقعات ترشحه لمرمطة أكبر تصل بسعره الى خمسة جنيه وربع، وهو التدخل الذى أدى الى ارتفاع سعره قرشين كاملين فى اليوم التالى، ليصل الى 5 جنيه و52 قرش

ورغم أن ما فعله البنك المركزى يأتى لأسباب اقتصادية الا أنى كنت أتمنى - ولا يكتر على الله – أن أرى الدولار ذليلا يتراجع امام الجنيه المصري "قرش ورا قرش" حتى يصبح الدولار "الخمسة منه بجنيه"، وأدعو كل من معه دولار الى استغلال الفرصة، وبيع أمه بالرخيص ومش مهم الخسارة المادية أمام المكسب المعنوى .. فمتى سنرى أى شئ أمريكانى يغرق لنقوم بتفطيسه، كما يفعل بوش ورجاله فينا دون أن يرف لهم جفن او يؤرق لهم ضمير .. أدعو كل مصرى شريف الى خسارة كام جنيه لاجبار البنك المركزى على التوقف عن مداواة الدولار لعلى أرى فى الدولار يوما وقد صار بجنيه واحد فقط لا غير .. وليفعل الدولار بعدها ما يريد .. فصعوده قادم قادم لأنه عملة امريكا المليئة بالديمقراطية والحرية والعلماء والمصانع والجامعات، ولكن بعد أن يمر بموجة بهدلة لأنه عملة أمريكا الظلم والقهر والخسة والندالة والانحطاط والصهينة وجورج بوش .. اللهم أمين

الهروب من مصر


لماذا يدفع شاب فى مقتبل العمر 35 ألف جنيه ليلقى بنفسه الى المجهول والهجرة الى أوربا، سؤال قديم ومؤرق لم يحصل على اجابات فى عصر السرعة الذى نعيشه والذى لا يسمح بالتوقف لدراسة ما يحدث فيه من هول التكرار المفجع للكوارث فى حياتنا

أزعم أن الأسباب المنطقية هى البطالة والفقر بكل تأكيد، ولكن ضخامة المبلغ المدفوع لسماسرة الموت تجعل علامة الاستفهام أكبر من برج الجزيرة، فأنا أستطيع أرشاد أى شاب من المصريين الذى أرادوا الهروب الى ايطاليا فى قوارب الهجرة غير الشرعية الى عشرات المشاريع الصغيرة التى يمكن بدء الحياة من خلالها بهذا المبلغ، وعدد من الأفكار الاخرى التى يمكن من خلالها تنمية المهارات بهذا المبلغ الضخم لصناعة فرصة عمل حقيقية ومحترمة

ولكن المشكلة ليست فى فرص العمل كما هى ليست فى الفقر ولكنها فى مناخ مصر الان، هذا المناخ الذى يقتل الطموح بسكين الظلم، ويخنق الأحلام بجبروت الفساد الذى أصبح واحد من تكاليف أى مشروع يمكن أقامته فى مصر، وأهم عناصر دراسة الجدوى، كم سأدفع لمن حتى أحصل على الترخيص أو أحمى نفسى من الرقابة أو أجنب مشروعى ويلات بعض الفاسدين من مأمورى الضرائب أو عسكر المرور، ومهندسي المحليات، وموظفى الصحة، ومراقبى التموين، وأمناء الشرطة

فى مصر عمليات سطو مسلح من فئة من الفاسدين على أحلام الشباب، وعمليات قهر من أصحاب العمل ترتقى لدرجة اغتصاب طاقاتهم، وابتزاز لا محدود لقدراتهم بأبخس الأسعار، وكأنها مشاع يمكن استخدامها بالمجان

لهذه الأسباب لم يصدق هؤلاء الحالمين بالهروب من مصر الى جنة الاتحاد الأوربى وعددهم يتجاوز الـ 180 شاب، اعلانات "البلد بتتحرك" و"انت لسه قاعد على القهوة" وقصة الشاب الذى ركب القطار فانتقل من وظيفة لأخرى، فاختاروا الطريق الاخر وهو الهروب، ففى الهروب سبع فوائد، وفى الخروج من مصر 70 فائدة بالنسبة لهم، لذلك لا يتوقف هروبهم على الهجرة بل يتعداه الى طلب التخلى عن الجنسية المصرية بعد أيام من حصولهم على جنسية البلد الذى فروا اليه

هؤلاء كفروا بمصر فأعماهم كفرهم عن سبل احتمال قهرها ايمانا بحبها المزروع فينا، وعشقنا لترابها وناسها وحواريها وسواقيها وطين الأرض، ليلقوا بأنفسهم الى الموت فى عملية انتحار جماعى، وكأنهم يصرخون بأعلى صوتهم حتى نلتفت للمراكب التالية، لكننا فقط سنلتفت الى الخبر القادم الذى يزف الينا خبر انتحار جماعى جديد على سواحل أوروبا، ووقتها ستتضخم علامة الاستفهام أكثر، على أمل أن تتحرك الدولة بكل طاقتها لايقاف هذا الابتزاز الجديد للشباب والمؤكد أن ورائه حيتان صغار يحظون بحماية غيلان كبار (وإضرب معايا 35 ألف جنيه فى 185 شاب وأهو كله فى بطن الحوت بشر وفلوس)

وثيقة الوفد .. تجدد طرح برنامجه .. وتمهد لـ"نوبة صحيان"


حالة من النشاط أشبه بـ"إعلان نوبة صحيان" داخل حزب الوفد الجديد، بدأت باصدار الحزب لأول وثيقة فكرية فى تاريخه تحدد المنطلقات والتوجهات التى ستحكم عمله فى الفترة القادمة، وهى الخطوة التى تلت تحديد الحزب لأهم قضاياه خلال العام القادم 2008 وهى العمل على اسقاط القوانين التى وصفتها جريدة الحزب بـ"المشبوهة"

وتعبر الوثيقة عن رؤية الحزب ونتاج مناقشاته، و تأصيل أكثر لفكر الحزب فى هذه فى هذه المرحلة، وفقا لوصف الدكتور وحيد عبد المجيد نائب رئيس الحزب، الذى أكد أنها ستكون الورقة الاساسية خلال المؤتمر العام الذى سيعقد فى 30 نوفمبر الجارى، بحضور حوالى 2000 مشارك سيدلى كل منهم بدلوه فى كيفية خروج مصر من الازمة السياسية التى تمر بها، وستتضمن المداخلات عدة قضايا منها النوبة وسيناء والتعليم، غير أن سعيد عبد الخالق عضو الهيئة العليا للحزب أكد "للمال" أن تلك القضايا ستناقش من خلال أوراق عمل سيتم مناقشتها وسيقدم امين القصاص الورقة الخاصة ببدو سيناء ومشاكلهم مع الأمن، وسيطرح عباس الطرابيلى ورقة "النوبة"، فيما سيقدم عصمت علام ورقة عمل عن التعليم الى جانب أوراق أخرى سيناقشها المؤتمر

عبد الخالق قال أيضا أن الحزب يكثف نشاطه خلال الفترة القادمة لتفعيل دوره فى الشارع المصرى، واعادة جزء من قوته السياسية، وسيعقد عدد من المؤتمرات المتتالية للاحتكاك المباشر بالمواطنين


فى المقابل اعتبر أن الحزب مقدم على مرحلة من العمل المكثف لا ستعادة الدور الذى كان يمارسه بقوة فى الحياة السياسية، متوقعا أن يستغرق ذلك من عام الى عامين، وصولا الى أكبر قدر من التأثير فى الشارع والعمل الشعبي وهو ما سيعود بالضرورة على نتائج الحزب فى أية انتخابات قادمة، مؤكدا أن حزب الوفد الأن أكثر استقرار، رغم اقراره بعدم انتهاء كافة أثار الاحداث التى شهدها الحزب منذ عام 2005، والتى يسعى الحزب الى محاصرتها والحد من تأثيراتها


اما عن الوثيقة التى حصلت المال على نسخة منها، وتنفرد بنشر بعض تفاصيلها واحتوائها على أفكار ضد توجه الحزب مثل الموقف من الخصخصة التى يؤيدها البرنامج التاريخى، وترفضها الوثيقة، قال عبد المجيد أن الوثيقة تطالب بترشيد الخصخصة وهى ترفض الطريقة الحالية التى تتم بها، لكنها لا ترفضها على الاطلاق

وتتضمن الوثيقة الفكرية لجزب الوفد والتى تحمل عنوان "الحرية .. الخبز .. الوطن .. نحو حياة ديمقراطية ولقمة عيش كريمة .. ومن أجل استقلاق الوطن ووحدته الوطنية" تأكديا على كونها نموذجا سياسيا للأداء السياسيى الذى تنشده الامة ومنهج متميز فى معالجة الازمة السياسية الخانقة التى تزداد استفحالا نتيجة فشل النظام السياسيى فى تطوير نفسه" وذلك وفقا لنصها


وتستخدم الوثيقة تعبيرات مستوحاه من الدور التاريخى للحزب فى مرحلة الاحتلال والملكية ومنها "نضال الامة" من أجل "استقلال الوطن"، كما تحذر فى كلماتها الافتتاحية من فقدان الأمل فى تغيير الواقع وفرض احد خيارين الاول هو استمرار التسلط والجمود – والتى تشير الى احتمالية توريث الحكم دون ذكره بشكل واضح – أو المخاطرة بتغيير يصعد فى ظله من قد تكون الديمقراطية وسيلتهم الى حكم تسلطى يعرض الوحدة الوطنية للخطر – فى اشارة لجماعة الاخوان المسلمين دون التصريح أيضا-

وتنقسم الوثيقة الفكرية لحزب الوفد الى ثلاثة أقسام رئيسية أولها "نحو حياة حرة ديمقراطية" والذى يتضمن تعريف الوفد للديمقراطية من وجهة نظره كآلية تضمن مشاركة الامة بشكل متواصل فى إدارة شئونها، ويرفض اختزالها فى وسيلة للصراع السياسى، أقرار "سيادة الأمة" عبر تمكينها من المشاركة وحق الاختيار والمساءلة للحكام وحرية تأسيس الاحزاب ونزع سلطان الجهة التنفيذية بالتدخل فى شئونها وارساء مبدأ التوافق والتراضى واعتبار تفويض السلطة المنتخبة نسبيا وجزئيا وليس مطلقا شاملا، وأخيرا حفظ حقوق الافراد فى قضاء مستقل واعلام حر وممارسة سياسية مكفولة ومصانة


أما القسم الثانى وعنوانه "نحو لقمة عيش كريمة" فيتضمن التأكيد على الحرية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية وترشيد الخصخصة بوصفها أحدى اداوت الاصلاح الاقتصادى وليست هدفا فى حد ذاته ولا سياسة مستقلة معزولة عن السياسة الاقتصادية العامة، وتطالب الوثيقة بوقف الخصخصة العشوائية وتدعو لاعتماد منهج الخصخصة التى ترتبط باصلاح اقتصادي، رافضة بيع المشروعات القائمة للأجانب، ولكن توجيه استثماراتهم الى مشاريع جديدة

ويتضمن القسم الثانى أيضا مواجهة التهميش الاجتماعى الذذى يطرد أعداد تزايدة طوال الوقت الى هامش المجتمع، وعلاج الاختلالات الجتماعية التى تجاوزت الانقسام اطبقى بين الأغنياء والفقراء الى مجتمع مشوه يفضل المهمشين ويطردهم من المجتمع، كما يدعو الى محاربة الفقر وانقاذ من لا تصل أى ثمار لأى اصلاح اقتصادى لديهم، لكونهم خارج سياق نظرية الانسياب التلقائي لهذه الثمار فى أرجاء المجتمع، عبر التوزيع العادل وحماية الفئات التى يحتاج دمجها فى المجتمع وجذبها من الهامش الى وقت

وتطالب الوثيقة بانقاذ الزراعة وعاية العاملين بها محذرة من اختفاء الفلاح والعاملين بالزراعة من مصر كإحتمال غير بعيد وخطرا غير قليل، وذلك عبر عدة آليات تقدمها الوثيقة ومنها مد مظلة الحماية الاجتماعية الى الأسر فى الريف والتى يعيش أكثر من 30% منها بدخل يقل عن 500 جنيها شهريا، بأقل من الحد الادنى لمعيشة الاسرة والمقدر وفقا للجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء بأ 850 جنيها شهريا

اما أخر أقسام الوثيقة فيدور حول استقلاق الوطنة ووحدته الوطنية، ويركز على سيادة الامة عبر صيانة استقلال الوطن واستقلال ارادته من الضغوط الخارجية، ويطرح موقف الوفد الرافض للاستقواء بأى ضغوط خارجية وضرورة الاحتماء بالأمة وليس بغيرها، مركزا على السياسة الخارجية المستقلة التى تستعيد لمصر دورها العربي والاقليمي والدلوى الذى يحمى مصالحها ويحمى الحقوق العربية، بينما استغرقت نقطة الوحدة الوطنية فى الدور التاريخى للوفد على يد مؤسسه سعد زعلول فى صيانة عنصرى الأمة، الا أن الوثسقة شددت على المساواة فى الحقوق والالتزامات بين المسلمين والمسيحيين، والتمييز بين دين الدولة من ناحية ومرجعيتها القانونية والسياسية من ناحية اخرى وعدم الخلط بينهما، وطالبت بحوار وطنى جاد فى العمق حول الاسباب التى تغذى الاحتقان الطائفى وتخلق التوتر الذى يقع من حين الى أخر

حسن الزوام
 
خد عندك © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates